الدوحة- أكد مؤسس ومدير مؤسسة "العالم للجميع" السفير إبراهيم رسول أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تصاعدت خلال السنوات الأخيرة بعدما زادت هجرة المسلمين كلاجئين من أماكن أُطلقت فيها الحرب على "الإرهاب" مثل العراق وسوريا وأفغانستان.

وقال رسول، في حوار مع الجزيرة نت، إن الإسلاموفوبيا تصاعدت حدتها بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث زادت المراقبة التي يخضع لها المسلمون خاصة خلال التنقل والسفر بين دول العالم، ووضعت المساجد تحت المراقبة، وتعرض كثير من الأئمة للتهديد.

وأشاد بالتنظيم المميز لدولة قطر لبطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم، التي استطاعت من خلالها أن تقدم صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين، ولمسَ الكثير من شعوب العالم بأنفسهم كيف أن المسلمين متسامحون ومحبون للغير، ويمكن التعايش معهم بسلام دون خوف أو تهديد.

وفيما يلي نص الحوار:

في البداية، هل لك أن تحدثنا عن مؤسسة العالم للجميع وفكرة تأسيسها؟

أسست مؤسسة العالم للجميع للاستفادة من الدروس التي عشتها في بلدي جنوب أفريقيا بما شملته من عنصرية وتحيز، وكيف تغلبت عليها، لتكون درسا لدول العالم عامة وللعالم الإسلامي خاصة، ففي جنوب أفريقيا، ورغم أنني مسلم، فقد تم انتخابي حاكما لمقاطعة كيب الغربية من أغلبية سكانية مسيحية، لأنه كانت بيننا ثقة وقدرة على التقبل والتعايش.

من هذا المنطلق، أسست المنظمة لكي تكون بمثابة وصفة أو وسيلة للمسلمين في جميع أنحاء العالم وللأشخاص المهمشين لأخذ تلك الدروس من جنوب أفريقيا، والتي قادها المناضل نيلسون مانديلا، وقمت بمواءمتها مع دروس ديننا الإسلامي، وتقديمها كوسيلة يمكن للناس من خلالها النضال من أجل العدالة.

هل عانيت أنت شخصيا من العنصرية أو التحيز من أي نوع؟

قضيت حوالي عامين في السجن في جنوب أفريقيا، كما تم فرض الحظر علي لمدة 3 إلى 4 سنوات أخرى، وتم تحديد إقامتي في المنزل، ومن ثم فقد عانيت من الأمر كثيرا بشكل شخصي، التقيت بنيلسون مانديلا للمرة الأولى في السجن، وكنا في طليعة النضال السياسي، وكنت هناك مع مسلمين آخرين، ولأن المسلمين كانوا يخوضون النضال في السجن ويموتون في الشوارع، فقد فزنا بثقة مواطني جنوب أفريقيا الآخرين.

من خلال مشاركتك في مؤتمر "التاريخ والممارسات العالمية للإسلاموفوبيا"، ما النقاط الأساسية التي أكدت عليها خلال محاضرتك؟

النقطة الأساسية التي ركّزت عليها هي أن الإسلاموفوبيا مرض يجب على المسلمين مكافحته، لكن أفضل طريقة لمكافحة الإسلاموفوبيا هي أيضا مكافحة العنصرية ومكافحة كراهية الأجانب وكراهية النساء، وغيرها من أشكال التعصب التي يعاني منها الناس.

أعتقد أنه كما هي الحال في جنوب أفريقيا، فإنه يمكننا تشكيل أكبر تحالف ضد التعصب، إذا قمنا جميعًا بتوحيد نضالنا ورأينا أن لدينا مرتكبا واحدا يقود العنصرية وكراهية الإسلام وكراهية الأجانب.

هل تعتقد أن أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة كانت وراء زيادة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

أعتقد أن الإسلاموفوبيا بدأت تتصاعد حدتها بالفعل بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، فلم نكن نرى مثل هذا القدر من المراقبة والفحص اللذين يخضع لهما المسلمون، كما شهدنا غزو دولة إسلامية تلو أخرى، ورأينا أيضا ترحيل مسلمين من الولايات المتحدة، وهو ما لم يكن يحدث.

لقد بدأنا نرى الاختلاف بالفعل خلال السفر، وبدأنا نرى المساجد توضع تحت المراقبة، والأئمة يتعرضون للتهديد، والمسلمون يُسجنون لذلك، كانت أحداث 11 سبتمبر/أيلول بالتأكيد نقطة تحول نحو الأسوأ فيما يتعلق بالإسلاموفوبيا، وما زلنا نتعافى من ذلك.

إلى أي مدى تعتقد أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تزايدت خلال السنوات الأخيرة؟

إن ما زاد في السنوات الأخيرة هو هجرة المسلمين كلاجئين من الأماكن نفسها التي تم فيها إطلاق الحرب على الإرهاب مثل العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها، ومن ثم فإن ما فعله الغرب هو إطلاق العنان للحرب على الإرهاب، وهو الأمر الذي خلق عواقب غير مقصودة، ودفع المسلمين إلى الخروج، وعندما ينتقل المسلمون بعد ذلك إلى أوروبا وأميركا، تتزايد كراهية الإسلام.

ومن هذا المنطلق يتم تحديد المسلمين على أنهم مصدر المشاكل ويتم وضع قوانين الهجرة ثم تبدأ نظرة التحيز أو ما يسمي بالشعبوية أو التطرف السائد الذي يسيطر على الغالبية العظمى من أفراد تلك المجتمعات الذين يرون في المهاجرين أناسا يأخذون من فرصهم المعيشية ويضيقون عليهم حياتهم.

هل تعتقد أن مونديال كرة القدم قطر 2022 كان له تأثير إيجابي في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

أعتقد أن البطولة كان لها تأثير إيجابي واضح في درء الإسلاموفوبيا بشكل كبير، فما فعلته دولة قطر كان مفاجأة للجميع، فقد اعتقد الكثيرون من جمهور كرة القدم حول العالم أنه سيكون من الصعب للغاية العيش من دون كحول، أو العيش في مجتمع مسلم، أو العيش في مكان يؤذن فيه 5 مرات في اليوم، وما إلى ذلك.

ولكن ما حدث كان مفاجأة للجميع، فقد جاء الجميع واستمتعوا بالأجواء ورأوا أن الحياة ليست سيئة بل على العكس، فقد وجدوا مثالا جيدا جدًا على التعايش السلمي، وتعرفوا عن قرب على الثقافة العربية والإسلامية.

بشكل عام، لقد حققت قطر نجاحا غير مسبوق في صد الإسلاموفوبيا لأنها فعلت الشيء الوحيد الذي أراد القرآن أن يفعله، وهو التعرف على بعضنا بعضا والتعارف والتسامح وتقبل الآخر بشكل أثلج صدور الجميع وكان صورة صادقة ومعبرة عن ديننا الحنيف.

هل يمكن أن تحدثنا عن جذور الإسلاموفوبيا ونشأتها؟

جذور الإسلاموفوبيا ترتبط بالإسلام باعتباره غريبا، ففي السابق كان وجود الإسلام يقتصر على مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، ولكن في الفترة الأخيرة بدا أن هناك خوفا في الغرب من الإسلام وكان لدى شعوبه فكرة الخوف من المسلمين، ولكنه لم يكن مجرد خوف، بل كان جهلا مصطنعا.

لقد تعلم الفرنسيون، على سبيل المثال، كراهيتهم للإسلام أثناء احتلالهم للجزائر، عندما وجّهت حرب التحرير الجزائرية ضربة قوية للفرنسيين اضطرتهم إلى التراجع والانسحاب إلى بلدهم، وأدى ذلك إلى ترسيخ فكرة هيمنة أو قدرة المسلمين، فضلا عن صعود الإمبراطورية العثمانية وتوسعها حتى فيينا.

كما كانت الأندلس تجربة عظيمة للمسلمين حتى شعر الغرب -ومن خلال الحروب الصليبية- بالحاجة إلى استعادة الأراضي الأوروبية وإنهاء وجود المسلمين، ففي كل تلك الحالات، لم تولد الإسلاموفوبيا كخوف من المسلمين، بل ككراهية ضدهم ورغبة في طردهم وحصرهم في أوطانهم وصد دينهم.

هل تعتقد أن الإعلام العالمي مسؤول عن تغذية ونشر الإسلاموفوبيا من خلال إظهار المسلمين في أفلام ومسلسلات عالمية بطريقة تنشر الخوف منهم؟

قد يكون هذا الأمر صحيحا، فقد أصبح هناك نوع جديد من الأفلام العالمية، فبعد أن كانت تركز على الحرب العالمية الثانية في فترة من الفترات وتتناول حرب فيتنام على سبيل المثال، أصبح لدينا اليوم نوع من الأفلام يدور حول الحروب في العراق وأفغانستان وبلدان إسلامية أخرى حيث تصوّر المسلمين بوصفهم تهديدا.

دعني اقتبس من شكسبير كلمته التي يقول فيها "عليك ببناء التهديد"، فالغرب يبالغ في التهديد ويحافظ على ذلك حتى يتمكن من إضفاء الشرعية على طريقته الخاصة في القدرة على السيطرة على الضحية وتجريدها من ممتلكاتها، وبالتالي لم يكن بالإمكان غزو العراق إلا إذا كان بإمكانك التهديد باستخدام أسلحة الدمار الشامل في العراق.

لقد أصبحت الإسلاموفوبيا متجذرة في بعض المناطق، على سبيل المثال، نرى أن دولا معتدلة مثل السويد والنرويج والدول الإسكندنافية والمناطق الهولندية أصبحت تعاني من نوبات كراهية الإسلام، بعد أن كانت أكثر تسامحا مع الاختلافات لكن أصبح التطرف يأخذ مكانه بشكل متزايد.

من وجهة نظرك، كيف يمكننا القضاء على الإسلاموفوبيا أو على الأقل كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟

يجب على المسلمين حيث يعيشون، كأقليات خاصة في الغرب، أن يكبحوا غضبهم ويزيدوا من تواصلهم مع الآخرين بتسامح، وأن يحرصوا على تطبيق المبدأ القرآني "لتعارفوا"، فالأمر القرآني هو أن نتعارف وأن نقدم أنفسنا للآخرين بصورة تظهر تعاليم الإسلام السمحة.

كما أنه يجب أن نقدم ديننا بصورته الحقيقية وفي الوقت نفسه مقاومة الظلم الذي يلحق بنا، ولكن الأهم من ذلك هو توحيد القضية والتعاطف مع ضحايا التعصب الآخرين، مثل تعرض السود للتمييز في أوروبا وكذلك تعرض المرأة للعنصرية وغيرهما، فيجب بناء جسور وإقامة تحالفات معهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ظاهرة الإسلاموفوبیا أحداث 11 سبتمبر جنوب أفریقیا تعتقد أن من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية السوداني للجزيرة نت: سنعيد السودان لعمقه العربي والأفريقي

الخرطوم- قال وزير الخارجية السوداني، المعين حديثا، السفير علي يوسف، إنهم يتبنون سياسة خارجية منفتحة ومتوازنة لا غبش فيها، ويسعون لأن يستعيد السودان مكانته وتحسين علاقاته مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.

وأوضح الوزير أن مصر تلعب دورا إيجابيا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي اللذين يواجهان السودان من منطلق العلاقات العميقة بين الشعبين، وكشف عن تواصلهم مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.

وحول العلاقات السودانية الروسية، قال يوسف “نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى”.

ما من شك في أن الجامعة العربية هي المؤشر الأول للمواقف العربية المشتركة، وأي موقف منها تجاه القضايا المطروحة على الساحة العربية يشير إلى إجماع عربي تجاه هذه القضية. لذلك نحن حرصنا حرصا كبيرا على أن نضع الجامعة العربية في الصورة مما يجري في السودان وما يتعرض له الشعب السوداني من تحديات ومؤامرات.

وهناك جهود كبيرة من مختلف منظمات الجامعة العربية الاقتصادية والاجتماعية والمهنية التي لها أدوار وعلاقة بما يجري في السودان. ولذلك كان اللقاء مع معالي الأمين العام أحمد أبو الغيط، فالرجل رحب بنا ترحيبا حارا، وأكد مواقف الجامعة العربية. ونحن شكرنا الجامعة العربية على مواقفها خاصة إدانتها لانتهاكات المليشيا ووصْفها لقوات الدعم السريع بأنها هي مليشيا، وهذا موقف إيجابي ومؤشر مفيد.

وهناك بعض القضايا المتخصصة كذلك بحثناها معه حول مسائل تتعلق بدعم الموسم الزراعي في السودان ومواضيع الأمن الغذائي وانتقال بعض المؤسسات العربية من الخرطوم إلى مناطق أخرى تأكيدا على أنه انتقال مؤقت. ووجدنا درجة عالية جدا من التفهم والتأييد والتجاوب مع مطالبنا، ووجهنا له دعوة لزيارة السودان، ووافق على الزيارة التي ستكون إن شاء الله في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.

هل يشعر السودان بأنه فقد عمقه العربي والأفريقي بسبب ما يمكن اعتباره تجاهلا للأزمة السودانية؟ وإذا كان الأمر كذلك هل لديكم خطة لمعالجة ذلك؟

السودان مؤكد أنه لم يفقد عمقه العربي والأفريقي. وكان هناك خلط وسوء فهم لما جرى في 15 أبريل/نيسان 2023، وطبعا كانت هناك بعض القيادات في دول أفريقية مثل كينيا وإثيوبيا لها علاقات ومصالح مرتبطة بالدعم السريع و”كفيل الدعم السريع”، أي الجهة الممولة له والتي تدعمه، وحدثت مواقف مناوئة جدا للحكومة السودانية.

وبمرور الوقت اتضح أن الصراع ليس بين جنرالين أو مجموعتين، وإنما هو صراع بين مليشيا وجيش وطني لدولة من أوائل الدول المستقلة في القارة الأفريقية والمؤسِّسة لمنظمة الوحدة الأفريقية ومن الدول التي دعمت حركات التحرر الأفريقي ولديها علاقات عريقة جدا مع الدول العربية وواحدة من الدول المهمة في الجامعة العربية. والصورة بدت تتضح رويدا رويدا.

وبالتالي المواقف بدأت تتبدل وما زلنا نعمل على أن يتفهم القادة في الدول العربية والدول الأفريقية خطورة ما يجري وأثره على الشعب السوداني، وعلى علاقات السودان بدول الجوار الأفريقية والعربية. ونسعى لأن يستعيد السودان مكانته، ففي الجامعة العربية يتمتع السودان بعضوية كاملة ويمارس نشاطه واتصالاته.

وبالنسبة للقارة الأفريقية، هناك تعليق لعضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وسنعمل بصورة جادة جدا لاستعادة موقع السودان في الاتحاد الأفريقي وأيضا تحسين علاقات السودان مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.

ما الدور الذي تلعبه مصر بالتحديد في أزمة السودان؟ فهناك اتهامات لها من الدعم السريع بالتدخل العسكري المباشر

مصر مؤكد أنها تعلب دورا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي الذي يواجه السودان. وهذا من منطلق العلاقات العميقة جدا بين شعبي مصر والسودان وأيضا القيادات والمسؤولين في مصر والسودان، والإيمان القاطع بأن أمن السودان من أمن مصر، وأن أمن مصر من أمن السودان، وأن البلدين يواجهان تحديات مشتركة، وأن الشعبين يواجهان تحديات تنموية وحياتية مشتركة.

وهذا ظهر لنا خلال لقائنا مع وزير الخارجية المصري من أن الالتزام فعلا قويٌّ ونابع من قلوب المصريين ومن فهمهم العميق لما يجري في السودان وجهودهم الجادة جدا في لعب دور إيجابي.

وطبعا في المعركة العسكرية فإن لمصر موقفا، وفي المعركة السياسية أيضا لمصر موقف. ومصر هي الدولة الوحيدة التي سعت لجمع الفرقاء السودانيين، وأول اجتماع شاركت فيه كل القوى السياسية السودانية في الساحة عندما قامت الحرب كان في القاهرة.

ونحن نريد أن نبني على هذه المبادرة فيما يتعلق بإحياء الأفق السياسي والسعي لتوافق سياسي بين الأطراف السياسية السودانية لأن هذا هو الطريق الوحيد لتسوية سياسية ولوضع خارطة طريق لما بعد الحرب، لأن الاتجاه هو أن تكون هناك حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب، وهذا يقتضي أن تعمل هذه القوى الوطنية مع بعضها للوصول لهذه الصيغة المقبولة للأطراف والمقبولة كذلك للمجتمع الدولي.

ونحن نثق في موقف مصر ثقة كاملة، ولحسن الحظ فإن أول لقاء إبان وجودي في مصر كان أنْ اتصل بي وزير الخارجية المصري في المرة الأولى للتهنئة، ثم التقينا لقاء مهما جدا بحثنا فيه مختلف المسائل خاصة المسائل المتعلقة بالمواطنين السودانيين الموجودين في جمهورية مصر العربية من أسوان إلى الإسكندرية.

وكان لقاء مثمرا ومتميّزا جدا بحثنا فيه أهم المشاكل واتفقنا على كيفية المعالجات، لأن هناك أشياء مرتبطة بوزارات وجهات أخرى وعد بتذليلها. وبحث اللقاء العديد من القضايا وكيفية معالجتها وإن شاء الله سيكون لهذا اللقاء ما بعده.

ونتمنى أن تتواصل اللقاءات على المستوى الرئاسي، وكان قبلها تم لقاء بين الرئيس البرهان والرئيس السيسي في القاهرة، وستتواصل اللقاءات على مختلف المستويات، فسفير السودان في القاهرة يقوم بمجهود كبير جدا مع مختلف الأطراف، وهناك اتصالات ولقاءات على مستويات مختلفة كوزراء التعليم والتعليم العالي وغير ذلك، فالعلاقة مع مصر متميزة وهي علاقة تاريخية ومصيرية وإن شاء الله تسير دائما للأمام.

هل أنتم متفائلون بفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الخرطوم وواشنطن والضغط على الدعم السريع واعتبارها مليشيا إرهابية في عهد ترامب كما ألمح البعض إلى إمكانية ذلك؟

نحن نهنئ الشعب الأميركي بأنه اتخذ قرارا في ظل انتخابات حرة ونزيهة بانتخاب الرئيس ترامب مرة أخرى، وهذا خيار ديمقراطي للشعب الأميركي نهنئه عليه. وتمت تهنئة الرئيس الأميركي بواسطة رئيس مجلس السيادة. ومؤكد أن الرئيس ترامب سيكون مشغولا بتشكيل إدارته وانتقال السلطة في يناير/كانون الثاني من الحزب الديمقراطي للحزب الجمهوري.

ونتواصل مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل سواء أكان عن طريق مبعوثين أم سفراء أم غيره بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.

وهناك مؤشرات مهمة على تحسن فهم الموقف الأميركي للمشكلة وإدانة الانتهاكات التي تقوم بها المليشيا تجاه الشعب السوداني خاصة في منطقة الجزيرة.

وطبعا الولايات المتحدة الأميركية دولة مهمة وقوة رئيسية في العالم، ونحن حريصون على أن تكون لنا علاقات طيبة معها قائمة على الفهم المشترك للقضايا والتعاون المثمر والوقوف مع قضايا الحق والعدل.

كيف تنظر لوضع علاقات السودان الخارجية حاليا خاصة الموقف الروسي الذي يبدو ضبابيا للسودانيين؟

الآن المحور الرئيسي لعلاقتنا الخارجية هو معركة الكرامة والحرب التي يخوضها السودان للقضاء على التمرد الذي قامت به مليشيا الدعم السريع وإعادة الأوضاع الأمنية والعسكرية إلى حالتها الطبيعية، وإعادة إعمار السودان بعد هذه الحرب التي دمرت المقدرات السودانية في العاصمة ومدن أخرى وقعت تحت سيطرة المليشيا الإرهابية تدميرا ممنهجا.

وسنسعى بصورة جادة جدا لاستكمال مهام مرحلة حرب التحرير سواء أكان ذلك بدعم الجيش أم بدعم جهود مفاوضات السلام وصولا لإنهاء هذه الظاهرة “الكريهة” في تاريخ السودان. وسياستنا منفتحة ومتوازنة وقائمة على الاحترام المتبادل وقياس تطور العلاقات ومدى الدعم والوقوف مع الحق السوداني، ولا يوجد أي غبش.

وعلاقتنا مع روسيا الاتحادية جيدة وطيبة جدا وهي ليست بالجديدة وظلت مستمرة لفترة طويلة جدا. ونحن نعرف أن هناك بعض المخاوف من تطور العلاقات بين السودان وروسيا خاصة بعد ما أبدته روسيا من رغبة في أن تكون لها تسهيلات بحرية أو قاعدة على البحر الأحمر وهذا أمر قيد البحث والاتفاق لكن ينبغي أن لا يقود لأي نوع من المخاوف.

وأنا لم أقترب من هذا الملف بعد، لكن نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى. فنحن نسعى لعلاقات متوازنة فيها فائدة لبلدنا وشعبنا مع البلاد والشعوب الأخرى.

هناك تخوف سوداني من احتمال نشر قوات أممية على الأرض، هل هو تخوّف مشروع؟ وهل لا يزال هذا الاحتمال قائما مما يستوجب العمل من جانبكم لإجهاضه؟

ليس هناك مخاوف، هنالك عمل حقيقي يجري على الأرض بين أطراف دولية وأطراف إقليمية وأطراف محلية لاستدعاء قوات أممية للتدخل في السودان لتوصيل المساعدات وغير ذلك. وهذا انبنت عليه مخططات بالحديث عن مجاعة في السودان وأن السلطات السودانية ترفض السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وأن توصيل المساعدات غير آمن وأن المنافذ لم تفتح، لكن كل هذا هو مجرد محاولات لتهيئة المناخ لهذا التدخل.

ونحن نعارض مثل هذا الأمر لأن السودان تجاوب تجاوبا كاملا مع جهود إيصال الإغاثة، ووافق على فتح المعابر. حتى ما يثار الآن حول معبر أدري على الحدود السودانية التشادية نحن من حيث المبدأ وافقنا وهناك طلب واحد أن يكون هناك حضور للجهات السودانية في الحدود حتى لا يكون المعبر مدخلا لتهريب الأسلحة.

فنحن لا نريد أن يستمر الصراع في السودان لفترة أطول ويكون هناك ضحايا وخسائر أكبر. فنحن نريد أن تقدّم المساعدات وأن تكون هناك جهود لإنهاء الحرب والتمرد وحل المشاكل بطرق سلمية. ويهمنا جدا الإنسان السوداني في أي بقعة من بقاع السودان. والحكومة تقدم بنفسها مساعدات ضخمة، وهناك العديد من المساعدات تأتي من الدول العربية الشقيقة ودول أخرى صديقة تصل بصورة منتظمة وتحوّل بصورة سريعة جدا إلى المحتاجين.

وذريعة أن هناك مجاعة وأن هناك أمرا يستدعي التدخل أمر سخيف، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة قال إنه لا حاجة للتدخل في هذه المرحلة بحجة إيصال المساعدات الإنسانية. وعلى مستوى مجلس الأمن، مؤكد هنالك بعض الأصدقاء المتفهمين للقضايا السودانية ولما يجري في السودان وللأطماع الخارجية وسيوقفون هذه المحاولة عند حدها باستخدام حق النقض وليس لدينا شك في ذلك.

كيف تنظر لاتهام الدبلوماسية السودانية بالتقصير في التصدي للأزمة؟ وما أهم ملامح خطتكم للعمل الدبلوماسي خلال المرحلة المقبلة؟

أول همومنا عندما نعود لبورتسودان هو ترتيب البيت من الداخل بإعادة تنظيم وزارة الخارجية بصورة أكبر وإشراك أكبر عدد ممكن من السفراء والدبلوماسيين في العمل لأن هناك مجموعة بسيطة لا تتعدى 10 أشخاص هي هيكل وزارة الخارجية في السودان.

وطبعا هناك تفعيل السفارات وإكمال الهياكل البشرية والإدارية لها ودعمها، وهذا يتساوى مع جهود الحرب، ومع تزويد الجيش باحتياجاته، فلا بد من تزويد وزارة الخارجية باحتياجاتها.

ثم بعد ذلك نحن لدينا أولويات واضحة مرتبطة بدعم القوات المسلحة ودعم جهود السلام، وسنسعى في كل ذلك بصورة إيجابية جدا، وسنظل -إن شاء الله- على اتصال لإحاطتكم بما نقوم به من أجل السودان وشعب السودان.

الجزيرة نت

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوداني للجزيرة نت: سنعيد السودان لعمقه العربي والأفريقي
  • التضخم في الولايات المتحدة يتسارع إلى 2.6% أكتوبر الماضي
  • صحفي فرنسي للجزيرة نت: سأرسل رصاصة لإسرائيل
  • وزير الخارجية: نسعى لوقف عمليات القتل الممنهجة التي تتم بصمت دولي مخجل| فيديو
  • خبير: مصر تغلبت على التحديات التي واجهت السياحة وفتحت أسواق كثيرة عالميا
  • رئيس طاجكستان يثمن دور الأزهر في تعليم أبناء المسلمين حول العالم
  • شوبير يكشف أسباب خسارة منتخب مصر الثقيلة أمام المغرب
  • نائب في الكنيست الصهيوني يوقع على عريضة الإبادة الجماعية التي قدمتها جنوب أفريقيا
  • الإعلان عن معدل العمالة والبطالة خلال سبتمبر في تركيا
  • خبير دولي: نتنياهو يرتكب أعمالا تهدد مستقبل السلام للأجيال القادمة