الدوحة- أكد مؤسس ومدير مؤسسة "العالم للجميع" السفير إبراهيم رسول أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تصاعدت خلال السنوات الأخيرة بعدما زادت هجرة المسلمين كلاجئين من أماكن أُطلقت فيها الحرب على "الإرهاب" مثل العراق وسوريا وأفغانستان.

وقال رسول، في حوار مع الجزيرة نت، إن الإسلاموفوبيا تصاعدت حدتها بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث زادت المراقبة التي يخضع لها المسلمون خاصة خلال التنقل والسفر بين دول العالم، ووضعت المساجد تحت المراقبة، وتعرض كثير من الأئمة للتهديد.

وأشاد بالتنظيم المميز لدولة قطر لبطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم، التي استطاعت من خلالها أن تقدم صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين، ولمسَ الكثير من شعوب العالم بأنفسهم كيف أن المسلمين متسامحون ومحبون للغير، ويمكن التعايش معهم بسلام دون خوف أو تهديد.

وفيما يلي نص الحوار:

في البداية، هل لك أن تحدثنا عن مؤسسة العالم للجميع وفكرة تأسيسها؟

أسست مؤسسة العالم للجميع للاستفادة من الدروس التي عشتها في بلدي جنوب أفريقيا بما شملته من عنصرية وتحيز، وكيف تغلبت عليها، لتكون درسا لدول العالم عامة وللعالم الإسلامي خاصة، ففي جنوب أفريقيا، ورغم أنني مسلم، فقد تم انتخابي حاكما لمقاطعة كيب الغربية من أغلبية سكانية مسيحية، لأنه كانت بيننا ثقة وقدرة على التقبل والتعايش.

من هذا المنطلق، أسست المنظمة لكي تكون بمثابة وصفة أو وسيلة للمسلمين في جميع أنحاء العالم وللأشخاص المهمشين لأخذ تلك الدروس من جنوب أفريقيا، والتي قادها المناضل نيلسون مانديلا، وقمت بمواءمتها مع دروس ديننا الإسلامي، وتقديمها كوسيلة يمكن للناس من خلالها النضال من أجل العدالة.

هل عانيت أنت شخصيا من العنصرية أو التحيز من أي نوع؟

قضيت حوالي عامين في السجن في جنوب أفريقيا، كما تم فرض الحظر علي لمدة 3 إلى 4 سنوات أخرى، وتم تحديد إقامتي في المنزل، ومن ثم فقد عانيت من الأمر كثيرا بشكل شخصي، التقيت بنيلسون مانديلا للمرة الأولى في السجن، وكنا في طليعة النضال السياسي، وكنت هناك مع مسلمين آخرين، ولأن المسلمين كانوا يخوضون النضال في السجن ويموتون في الشوارع، فقد فزنا بثقة مواطني جنوب أفريقيا الآخرين.

من خلال مشاركتك في مؤتمر "التاريخ والممارسات العالمية للإسلاموفوبيا"، ما النقاط الأساسية التي أكدت عليها خلال محاضرتك؟

النقطة الأساسية التي ركّزت عليها هي أن الإسلاموفوبيا مرض يجب على المسلمين مكافحته، لكن أفضل طريقة لمكافحة الإسلاموفوبيا هي أيضا مكافحة العنصرية ومكافحة كراهية الأجانب وكراهية النساء، وغيرها من أشكال التعصب التي يعاني منها الناس.

أعتقد أنه كما هي الحال في جنوب أفريقيا، فإنه يمكننا تشكيل أكبر تحالف ضد التعصب، إذا قمنا جميعًا بتوحيد نضالنا ورأينا أن لدينا مرتكبا واحدا يقود العنصرية وكراهية الإسلام وكراهية الأجانب.

هل تعتقد أن أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة كانت وراء زيادة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

أعتقد أن الإسلاموفوبيا بدأت تتصاعد حدتها بالفعل بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، فلم نكن نرى مثل هذا القدر من المراقبة والفحص اللذين يخضع لهما المسلمون، كما شهدنا غزو دولة إسلامية تلو أخرى، ورأينا أيضا ترحيل مسلمين من الولايات المتحدة، وهو ما لم يكن يحدث.

لقد بدأنا نرى الاختلاف بالفعل خلال السفر، وبدأنا نرى المساجد توضع تحت المراقبة، والأئمة يتعرضون للتهديد، والمسلمون يُسجنون لذلك، كانت أحداث 11 سبتمبر/أيلول بالتأكيد نقطة تحول نحو الأسوأ فيما يتعلق بالإسلاموفوبيا، وما زلنا نتعافى من ذلك.

إلى أي مدى تعتقد أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تزايدت خلال السنوات الأخيرة؟

إن ما زاد في السنوات الأخيرة هو هجرة المسلمين كلاجئين من الأماكن نفسها التي تم فيها إطلاق الحرب على الإرهاب مثل العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها، ومن ثم فإن ما فعله الغرب هو إطلاق العنان للحرب على الإرهاب، وهو الأمر الذي خلق عواقب غير مقصودة، ودفع المسلمين إلى الخروج، وعندما ينتقل المسلمون بعد ذلك إلى أوروبا وأميركا، تتزايد كراهية الإسلام.

ومن هذا المنطلق يتم تحديد المسلمين على أنهم مصدر المشاكل ويتم وضع قوانين الهجرة ثم تبدأ نظرة التحيز أو ما يسمي بالشعبوية أو التطرف السائد الذي يسيطر على الغالبية العظمى من أفراد تلك المجتمعات الذين يرون في المهاجرين أناسا يأخذون من فرصهم المعيشية ويضيقون عليهم حياتهم.

هل تعتقد أن مونديال كرة القدم قطر 2022 كان له تأثير إيجابي في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

أعتقد أن البطولة كان لها تأثير إيجابي واضح في درء الإسلاموفوبيا بشكل كبير، فما فعلته دولة قطر كان مفاجأة للجميع، فقد اعتقد الكثيرون من جمهور كرة القدم حول العالم أنه سيكون من الصعب للغاية العيش من دون كحول، أو العيش في مجتمع مسلم، أو العيش في مكان يؤذن فيه 5 مرات في اليوم، وما إلى ذلك.

ولكن ما حدث كان مفاجأة للجميع، فقد جاء الجميع واستمتعوا بالأجواء ورأوا أن الحياة ليست سيئة بل على العكس، فقد وجدوا مثالا جيدا جدًا على التعايش السلمي، وتعرفوا عن قرب على الثقافة العربية والإسلامية.

بشكل عام، لقد حققت قطر نجاحا غير مسبوق في صد الإسلاموفوبيا لأنها فعلت الشيء الوحيد الذي أراد القرآن أن يفعله، وهو التعرف على بعضنا بعضا والتعارف والتسامح وتقبل الآخر بشكل أثلج صدور الجميع وكان صورة صادقة ومعبرة عن ديننا الحنيف.

هل يمكن أن تحدثنا عن جذور الإسلاموفوبيا ونشأتها؟

جذور الإسلاموفوبيا ترتبط بالإسلام باعتباره غريبا، ففي السابق كان وجود الإسلام يقتصر على مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، ولكن في الفترة الأخيرة بدا أن هناك خوفا في الغرب من الإسلام وكان لدى شعوبه فكرة الخوف من المسلمين، ولكنه لم يكن مجرد خوف، بل كان جهلا مصطنعا.

لقد تعلم الفرنسيون، على سبيل المثال، كراهيتهم للإسلام أثناء احتلالهم للجزائر، عندما وجّهت حرب التحرير الجزائرية ضربة قوية للفرنسيين اضطرتهم إلى التراجع والانسحاب إلى بلدهم، وأدى ذلك إلى ترسيخ فكرة هيمنة أو قدرة المسلمين، فضلا عن صعود الإمبراطورية العثمانية وتوسعها حتى فيينا.

كما كانت الأندلس تجربة عظيمة للمسلمين حتى شعر الغرب -ومن خلال الحروب الصليبية- بالحاجة إلى استعادة الأراضي الأوروبية وإنهاء وجود المسلمين، ففي كل تلك الحالات، لم تولد الإسلاموفوبيا كخوف من المسلمين، بل ككراهية ضدهم ورغبة في طردهم وحصرهم في أوطانهم وصد دينهم.

هل تعتقد أن الإعلام العالمي مسؤول عن تغذية ونشر الإسلاموفوبيا من خلال إظهار المسلمين في أفلام ومسلسلات عالمية بطريقة تنشر الخوف منهم؟

قد يكون هذا الأمر صحيحا، فقد أصبح هناك نوع جديد من الأفلام العالمية، فبعد أن كانت تركز على الحرب العالمية الثانية في فترة من الفترات وتتناول حرب فيتنام على سبيل المثال، أصبح لدينا اليوم نوع من الأفلام يدور حول الحروب في العراق وأفغانستان وبلدان إسلامية أخرى حيث تصوّر المسلمين بوصفهم تهديدا.

دعني اقتبس من شكسبير كلمته التي يقول فيها "عليك ببناء التهديد"، فالغرب يبالغ في التهديد ويحافظ على ذلك حتى يتمكن من إضفاء الشرعية على طريقته الخاصة في القدرة على السيطرة على الضحية وتجريدها من ممتلكاتها، وبالتالي لم يكن بالإمكان غزو العراق إلا إذا كان بإمكانك التهديد باستخدام أسلحة الدمار الشامل في العراق.

لقد أصبحت الإسلاموفوبيا متجذرة في بعض المناطق، على سبيل المثال، نرى أن دولا معتدلة مثل السويد والنرويج والدول الإسكندنافية والمناطق الهولندية أصبحت تعاني من نوبات كراهية الإسلام، بعد أن كانت أكثر تسامحا مع الاختلافات لكن أصبح التطرف يأخذ مكانه بشكل متزايد.

من وجهة نظرك، كيف يمكننا القضاء على الإسلاموفوبيا أو على الأقل كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟

يجب على المسلمين حيث يعيشون، كأقليات خاصة في الغرب، أن يكبحوا غضبهم ويزيدوا من تواصلهم مع الآخرين بتسامح، وأن يحرصوا على تطبيق المبدأ القرآني "لتعارفوا"، فالأمر القرآني هو أن نتعارف وأن نقدم أنفسنا للآخرين بصورة تظهر تعاليم الإسلام السمحة.

كما أنه يجب أن نقدم ديننا بصورته الحقيقية وفي الوقت نفسه مقاومة الظلم الذي يلحق بنا، ولكن الأهم من ذلك هو توحيد القضية والتعاطف مع ضحايا التعصب الآخرين، مثل تعرض السود للتمييز في أوروبا وكذلك تعرض المرأة للعنصرية وغيرهما، فيجب بناء جسور وإقامة تحالفات معهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ظاهرة الإسلاموفوبیا أحداث 11 سبتمبر جنوب أفریقیا تعتقد أن من خلال

إقرأ أيضاً:

تحقيق للجزيرة نت يكشف ارتفاع التشوهات الخلقية لدى المواليد في غزة

غزة – داخل حضانة مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يرقد الطفل محمد أبو عواد ليتلقى العلاج بعد ثلاثة أيام من ولادته وإصابته بتشوهات خلقية بالقلب والقدمين والدماغ، اكتشفها الأطباء بعد الولادة.

يكافح الفريق الطبي للحضانة داخل المجمع من أجل إنفاذ حياة محمد أبو عواد، الذي ولد يوم 21 سبتمبر/أيلول 2024 بوزن 2.8 كيلوغرام ولكن الحالات المماثلة له تنتهي بالوفاة، وفقًا للطبيب المعالج.

لم تحصل ياسمين والدة الطفل محمد خلال فترة حملها على الرعاية الصحية المطلوبة من متابعة شهور الحمل داخل عيادات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كما كان حالها مع كل حمل، كما لم تحصل على المثبتات والمكملات الغذائية.

وفي شهور الحمل الأولى لوالدة محمد أبو عواد، تعرض منزلها بشرق خان يونس إلى قصف إسرائيلي بصاروخ، مما أدى إلى استنشاقها دخانا أسود ناتجا عن هذا القصف.

يكافح الفريق الطبي للحضانة داخل المجمع من أجل إنفاذ حياة محمد أبو عواد (الجزيرة)

تعرضت ياسمين أيضا، كما تقول للجزيرة نت، إلى سوء تغذية كحال سكان قطاع غزة بسبب الحصار الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومنعه دخول اللحوم الحمراء والبيضاء الطازجة والخضروات والفواكه إلى أسواق القطاع، وكان طعامها من المعلبات التي كانت تحصل عليها عائلتها من المؤسسات الدولية.

وإلى جانب الطفل محمد أبو عواد، ولدت الطفلة نورة أبو معروف من رحم أمها ميتة نتيجة إصابتها بتشوهات خلقية بالدماغ وثقب بالقلب.

يشير تقييم الحالة الطبية للطفلة نورة أبو معروف، حسب الأطباء داخل مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، إلى عدم اكتمال جمجمتها وثقب في القلب، مما أدى إلى وفاتها بعد ساعات من ولادتها.

عاشت هناء والدة الطفلة نورة خلال حملها أياما صعبة تتمثل في قصف مجاور لمنزلها في مايو/أيار الماضي بدير البلح وسط قطاع غزة، ودخول دخان كثيف إلى غرف نومهم.

ونزحت والدة نورة أبو معروف إلى منطقة المواصي مع عائلتها لأكثر من 7 مرات، بعضها مشيًا على الأقدام، خلال الشهر السادس من حملها بطفلتها.

ولم تكن تعلم هناء أن طفلتها مصابة بتشوهات خلقية إلا بعد ولادتها بعملية قيصرية، إذ أخبرها الأطباء أن سبب وفات طفلتها هو عدم اكتمال جمجمها.

 

 

زيادة ملحوظة

شهد قطاع غزة خلال شهور الحرب الإسرائيلية المستمرة عليه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، زيادة ملحوظة في أعداد الأطفال المصابين بتشوهات خلقية، وفقا لإحصائية رسمية حصلنا عليها، وإفادات طبية.

وأفادت الإحصائية الرسمية بتسجيل 172 إصابة لأطفال حديثي الولادة بتشوهات واضطرابات خلقية خلال أشهر يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب 2024 في مجمع ناصر الطبي وحده، توفي 20% منهم، إضافة إلى زيادة ملحوظة لهذه الإصابات بشمالي قطاع غزة، وعدم وجود أرقام دقيقة بسبب تدمير مستشفى الشفاء وانهيار المنظومة الصحية والإدارية هناك، وتوزع الحالات على العيادات الخاصة.

رئيس قسم الحضانة داخل مستشفى التحرير للنساء والولادة بمجمع ناصر الطبي الطبيب حاتم ظهير أكد وجود زيادة طردية في عدد الأطفال الحديثي الولادة المصابين بالتشوهات الخلقية خاصة أمراض القلب والأعضاء التناسلية والأطراف السفلية.

وأرجع حاتم ظهير الزيادة في حالات التشوهات الخلقية بين المواليد، وفق حديثه للجزيرة نت، إلى المواد المتفجرة التي سقطت على قطاع غزة والتي تحمل سميات كثيرة، إضافة إلى الفيروسات المنتشرة بالقطاع وغياب النظافة وسوء التغذية عند الأمهات.

وأوضح حاتم أن الزيادة المستمرة في حالات تشوهات خلقية بين الأطفال المواليد هي مستجد يستدعي الدراسة من قبل المختصين، وإجراء الفحوصات للوصول إلى الأسباب الرئيسية لزيادة حالات التشوهات.

وبيّن أن معظم حالات الأطفال المصابين بالتشوهات الخلقية يكون مصيرهم الوفاة، خاصة أن غالبية الحالات هي لتشوهات بالقلب ويحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية في الأسبوع الأول بعد الولادة، وهذا الأمر غير متوفر في مستشفيات قطاع غزة.

وقال "فقدنا أطفالًا مصابين بتشوهات خلقية كان يمكن إنقاذهم لو تم تحويلهم إلى خارج قطاع غزة".

المواد السمية

طبيب النساء والولادة بمجمع ناصر الطبي ماهر كوارع أكد تسجيل زيادة ملحوظة في عدد حالات تشوهات الأطفال الذين ولدوا في المجمع الرئيسي جنوبي قطاع غزة.

وقال ماهر، في حديثه للجزيرة نت، "هناك أسباب عديدة لتسجيل تشوهات خلقية بين الأطفال الحديثي الولادة، أبرزها المتفجرات التي ألقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والمواد السمية الناتجة عنها".

وأوضح أن النساء الحوامل بقطاع غزة عانين من سوء تغذية وعدم حصولهن على الطعام اللازم خلال فترة الحمل، مما أدى إلى حدوث تشوهات لدى أطفالهن، إضافة إلى حالات النزوح المتكررة، والعيش داخل الخيام.

واعتبر أن عدم حصول الحامل على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وانتشار الأمراض والفيروسات بين النازحين، من أسباب ارتفاع حالات التشوهات الخلقية بين المواليد.

ويعد غياب الرعاية الصحية، وفق ماهر، وعدم حصول الحوامل على المثبتات والفيتامينات خلال فترة الحمل من الأسباب في إصابة الأطفال في أرحام أمهاتهم بتشوهات خلقية.

وتعامل الطبيب ماهر كوارع مع تشوهات في الدماغ والقلب والأطراف السفلية لأطفال داخل مجمع ناصر الطبي.

وفي شمال قطاع غزة، تسجل زيادة لأطفال غير مكتملي النمو مع وجود حالات تشوهات خلقية، وفقًا لمدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع أبو صفية الأسباب وراء تلك الحالات إلى عدم توفر الرعاية الصحية لدى الحوامل التي تعد مهمة جدًا لهن، إضافة إلى غياب أصناف الطعام الغنية بالفيتامينات وسوء التغذية.

ويوضح أن بعض الأطفال المواليد يكونون غير مكتملي الرئتين، لذلك يتم وضعهم في الحضانات من أجل المساهمة في علاجهم واكتمال نموهم.

ويبيّن أن هناك حالات إجهاض مرتفعة بين النساء الحوامل بسبب الانفجارات والخوف والنزوح، إضافة إلى حدوث إجهاض ناتج عن التشوهات.

سوء التغذية

وعانى سكان قطاع غزة عامة، والنساء الحوامل خاصة، من سوء التغذية خلال أيام الحرب المستمرة.

صندوق الأمم المتحدة للسكان أكد أن سوء التغذية بغزة يشكل خطرًا كبيرا على الحوامل وحديثي الولادة وسط تزايد ولادة أجنة ميتين وأطفال منخفضي الوزن ويعانون الهزال وتأخر النمو.

وأوضح الصندوق الأممي للسكان في منشور عبر منصة "إكس" في يوليو/تموز الماضي، أنه من الشائع ولادة أطفال منخفضي الوزن بشكل متزايد في غزة.

وأكدت تيد شيبان نائبة المديرة التنفيذية لليونيسف في المجال الإنساني وعمليات الإمداد، أن قطاع غزة على وشك أن يشهد انفجارًا في حالات الوفاة للأطفال التي يمكن تجنبها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم وفيات الأطفال التي يصعب تحملها بالفعل في غزة.

وقالت شيبان "لقد حذرنا من أن قطاع غزة على شفا أزمة تغذية، إذا لم ينته النزاع فإن تغذية الأطفال ستواصل الانخفاض، مما سيؤدي إلى حدوث حالات وفاة يمكن الوقاية منها، أو مشاكل صحية ستؤثر على أطفال غزة لبقية حياتهم وستكون لها عواقب محتملة على الأجيال".

كثافة القصف

استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنواعا مختلفة من الصواريخ والقنابل في قصفه قطاع غزة، ومنها الفسفور الأبيض، وفقا لتأكيدات منظمات حقوقية أبرزها هيومن رايتس ووتش.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أنها تحققت من مقاطع فيديو التقطت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تظهر "انفجارات جوية متعددة للفسفور الأبيض الذي أطلقته المدفعية فوق ميناء مدينة غزة".

وراجعت المنظمة الفيديوهات وتحققت من أنها صوّرت في ميناء مدينة غزة، وحددت الذخائر المستخدمة في الغارة على أنها قذائف فسفور أبيض مدفعية من عيار 155 ملم وتنفجر جوا، وصدر عنها الدخان الأبيض الكثيف ورائحة الثوم، وهما من خصائص الفسفور الأبيض.

دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام قالت إن مخلفات الحرب في قطاع غزة تضم مواد مشعة والفوسفور الأبيض والهالوجينات والمعادن الثقيلة، وإنه يمكن لهذه الحرب أن تترك أثرا بيئيا ساما وتتسبب في "أضرار لا توصف" لصحة الإنسان.

والفوسفور الأبيض مادة كيميائية شديدة السمية، وتحترق في الهواء، وتسبب حروقا شديدة في الجلد والعينين، ويمكن أن يتسبب الدخان أيضا في التهابات العين والجهاز التنفسي، فضلا عن تهيج المعدة. وفي الحالات القصوى يمكن أن تشوه وتقتل بحرق العظام.

ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أسقط على قطاع غزة 70 ألف طن من المتفجرات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال عبده، في حديثه للجزيرة نت، "قد يكون هناك ارتباط بزيادة عدد حالات التشوهات الخلقية للأطفال الحديثي الولادة بقطاع غزة، والقنابل التي ألقاها الاحتلال على القطاع، ولكن ذلك يحتاج إلى مختصين لإثباته، ويعمل الاحتلال على منعهم من الدخول للقطاع".

أكثر من هيروشيما

وأوضح أن القوة التدميرية للمتفجرات التي ألقيت على غزة تزيد على ما ألقي على هيروشيما، مع ملاحظة أن مساحة المدينة اليابانية 900 كيلومتر مربع في حين أن مساحة قطاع غزة لا تزيد على 360 كيلومترا.

وبيّن أن إسرائيل تستخدم قنابل ذات قوة تدميرية ضخمة، بعضها يبدأ من 150 كيلوغراما إلى ألف كيلوغرام، لافتا إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بإسقاط أكثر من 10 آلاف قنبلة على مدينة غزة وحدها (تبلغ مساحتها 56 كيلومترا).

وذكر أنه تم توثيق استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دوليا في هجماتها على قطاع غزة، ولا سيما القنابل العنقودية والفسفورية التي هي عبارة عن مادة سامة شمعية تتفاعل مع الأكسجين بسرعة وتتسبب في حروق بالغة من الدرجة الثانية والثالثة.

وأشار إلى أن جيش الاحتلال استخدم قنابل متفجرة ذات آثار تدميرية ضخمة في المناطق المأهولة بالسكان مما يمثل أخطر التهديدات للمدنيين في النزاعات المسلحة المعاصرة، ويفسر ذلك حجم الدمار الهائل في قطاع غزة وتسوية أحياء سكنية بكاملها وتحويلها إلى أنقاض وخراب.

مقالات مشابهة

  • خبير دولي: إصلاحات دول الخليج في مجال الرعاية الاجتماعية قيّمة
  • خبير قانون دولي: حماية البعثات الدبلوماسية تستند لقواعد القانون الدولي
  • وزير الأوقاف: تنسيق كامل بين المسلمين والمسيحيين وكل يهودي معارض لإسرائيل
  • خبير نفطي يحدد 3 أسباب لارتفاع أسعار النفط مجددا
  • منتخب الميني فوتبول يفوز ببرونزية أمم أفريقيا و"الشناوي" أفضل لاعبي بالبطولة
  • ظاهرة الإسلاموفوبيا.. عقود من معاناة المسلمين في بلاد الغرب
  • تحقيق للجزيرة نت يكشف ارتفاع التشوهات الخلقية لدى المواليد في غزة
  • خبير: مشاهدة فيديوهات بجودة عالية تؤدي لزيادة استهلاك باقة الإنترنت
  • خبير دولي: نتنياهو يشعل جبهة لبنان لصرف الأنظار عن جرائم الإبادة في غزة
  • خبير تربوي يكشف لـ«الأسبوع» أسباب التنمر وطرق تعديل سلوكيات الأطفال