تواجه أدوات الدين المصرية مأزقا جديدا بعد وضع مؤشر "جي بي مورغان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، السندات المصرية المقومة بالجنيه على قائمة المراجعة السلبية على إثر الأزمات الكبيرة التي تحيط بسوق الدين لتوفير التمويلات الضرورية.

وحاقت المخاطر بالعديد من قنوات الاستثمار في الأوراق المالية المصرية بالتزامن مع غموض المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي بعد تراجعها عن تنفيذ التعهدات الخاصة ببرنامج الإنقاذ المالي بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا.



وحذر البنك من شطب مصر من مؤشرها بعد وضعها تحت رحمة المراجعة ما بين 3 إلى 6 أشهر، بسبب وجود عراقيل أمام الحصول على عملات أجنبية، وتراجع الوزن النسبى لها من 1.85 بالمئة إلى 1 بالمئة فقط، حيث كافحت البلاد طويلا للوصول إلى المؤشر الذي يتيح لها الوصول إلى أكبر عدد من المستثمرين الأجانب في أدوات الدين.

ونجحت القاهرة مطلع شباط/ فبراير من العام الماضي في الانضمام إلى مؤشر "جي بي مورغان"، وأصبحت واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط وأفريقيا، ومنحتها بحسب وزير المالية المصري "شهادة ثقة جديدة من المستثمرين الأجانب على صلابة الاقتصاد المصري".

نتيجة تذبذب وضع مصر على مؤشرات الاقتصاد العالمية التي تعد بوصلة المستثمرين الأجانب الرئيسية ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية للبلاد أجل 5 سنوات، وتراوح سعر الجنيه فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم أجل عام ما بين 39.85 جنيه و40.04 جنيه.


آخر تلك المؤشرات كان من قبل شركة "فوتسي راسل" لمؤشرات الأسهم العالمية، التي أشارت إلى احتمال خفض درجتها في مجموعات مؤشرات الأسهم الخاصة بها في الأسواق الناشئة الثانوية، لافتة إلى إنها ستضيف مصر إلى قوائم المراقبة حتى آذار/ مارس من العام القادم.

وخفض درجة مصر يعني جعلها غير مصنفة أو خارج التصنيف وبالتالي حذف الأسهم من سوق "فوتسي" بسبب المشاكل التي يواجهها المستثمرون في تحويل أموالهم وأرواحهم إلى بلادهم نتيجة شح الدولار وعدم قدرة البنوك المحلية على تدبيرها لهم.

في حزيران/ يونيو الماضي أعلنت مؤسسة مورغان ستانلي احتمال اتجاهها لإعادة تصنيف السوق المصرية (البورصة) من "ناشئة" إلى "مبتدئة" أو "مستقلة" ووضعها قيد المراجعة، بسبب شح العملة الأجنبية الذي يؤثر على قدرة المستثمرين الأجانب على تحويل أموالهم فى الوقت المناسب.

وتبدو جميع الخيارات لإعادة تصنيف البورصة المصرية سلبية للغاية، ففي حال إنشاء مؤشرا منفصلا للسوق المصرية يعني خروجها من مجموعة الأسواق التي يستثمر فيها مستثمرو الأسواق الناشئة أو المبتدئة، وتراجعها يعني تخارج المزيد من صناديق الاستثمار من سوق الأسهم.

تلقت مصر ضربة قوية عندما خفضت وكالة "موديز" (Moody’s) للتصنيف الائتماني تصنيفها السيادي في شباط/ فبراير 2023 درجة واحدة من "بي 2" إلى "بي 3" نتيجة تراجع احتياطات البنك المركزي المصري من النقد الأجنبي وانخفاض القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية.

في آب/ أغسطس الماضي مددت الوكالة الدولية الأمد لمدة 3 أشهر حيث كان من المحتمل خفض تصنيف مصر مجددا إلى التصنيف من فئة (C) "سي" ما يعني دخولها رسميا خانة الجدارة الائتمانية عالية المخاطر وهي درجة سيئة تعني زيادة مخاطر عدم السداد.

في الشهر ذاته، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف مصر إلى درجة "بي" في الشهر نفسه، كما أعادت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" النظر في تقديراتها المستقبلية من "مستقر" إلى "سلبي" مع الحفاظ على تصنيف "بي".

ترتفع بالتالي نسبة الفائدة على السندات كما تزيد كلفة التأمين عليها، ومن ثم يزيد حجم الدين الخارجي الذي بلغ 165.4 مليار دولار مقارنة بأقل من 44 مليار دولار في عام 2013.

يتعين على مصر سداد 55.2 مليار دولار بين ودائع وأقساط ديون، في الفترة من آذار/ مارس 2023 إلى آذار/ مارس 2024، وفقا لبيانات حديثة صادرة عن البنك الدولي.


أزمة الثقة في الاقتصاد المصري كهيئة كرة الثلج
يقول الخبير في الإدارة الاستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، إن "مصر تعاني من أزمة عدم ثقة في الاقتصاد المصري وتكبر مثل كرة الثلج وتداعياتها خطيرة وإصرار الحكومة المصرية على عدم اتخاذ قرارات لإصلاح المسار الاقتصادي الخاطئ المعتمد على الاقتراض، وإصرارها على وضع اقتصادها بيد مؤسسة الجيش يفقد المستثمرين الأجانب والمحليين في الاقتصاد المصري".

يضيف لـ"عربي21": "رأينا تأجيل مراجعات صندوق النقد الدولي لبرنامجه مع مصر عدة مرات وهي رسائل سلبية لا شك للمستثمرين من أي نوع، واستمرار الفجوة الكبيرة لسعر صرف الجنيه المصري  ما بين السعر الرسمي والسوق الموازي، كل ذلك يزيد من قلق المستثمرين وهو ما انعكس على البورصة المصرية حيث توجد عقبات وصعوبات أمام المستثمرين في البورصة لتحويل أرباحهم بالعملة الصعبة بسبب عدم توفرها في البنوك الرسمية ما يعني شراء الأسهم المصرية بسعرها غير الحقيقي".

وتابع مراد: "إلى جانب إتمام عمليات بيع الأصول بشكل غير شفاف حيث نتفاجأ ببيع الكثير من الأصول لبعض المستثمرين كما حدث مؤخرا في شركة الشرقية للدخان أكبر شركة من نوعها في مصر دون مفاوضات معلنة أو أسس واضحة لعملية التقييم كل ذلك يجعل المستثمرين غير قادرين على الثقة في الاقتصاد المصري، وبالتالي جاذبية سوق الأسهم تقل بشكل كبير".

بشأن تداعيات حذف مصر من مؤشر جي بي مورغان للسندات، بحسب خبير إدارة الأزمات سوف يقيد قدرة مصر من الحصول على التمويل من الخارج، ويرفع تكلفته بشكل كبير ويزيد من احتمالية تعرضها للتخلف عن سداد الديون، والكثير من المؤسسات انتهجت هذا النهج بخفض تصنيف مصر أو وضعها تحت المراجعة لخفضها أيضا بانتظار القرارات التي سوف تتخذها الدولة بعد الانتخابات والتي نشك في جدواها لحل الأزمة.

التدحرج من قائمة المؤشرات
اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي، ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية، مصطفى يوسف، أن "وضع مصر على المراجعات في العديد من المؤشرات الاقتصادية الدولية المهمة مثل جي بي مورغان، ومورغان ستانلي وموديز للتصنيف الائتماني وغيرها يقلل بشكل كبير من قدرتها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية".

وأضح في حديثه لـ"عربي21" أن "من شأن تلك التخفيضات المستمرة أن تزيد تكلفة التأمين على ديون مصر التي ارتفعت إلى مستوى قياسي، ويجعل السندات السيادية غير جذابة للأسواق نظرا إلى ارتفاع المخاطر في حال حيازتها، وبالتالي فإن خفض التصنيف وعدم القدرة على إصدار السندات يدفع الدولة إلى استنفاد احتياطياتها النقدية، أو الاقتراض بشكل مباشر".

وأشار إلى أن "إصدارات ديون مصر الدولارية خسرت نحو 9% من قيمتها هذا العام، بحسب مؤشرات بلومبيرغ، وتعد الأسوأ أداء بين الأسواق الناشئة بعد دول في أمريكا اللاتينية مثل بوليفيا والإكوادور، وبات العديد من سنداتها في منطقة التعثر وهو وضع مقلق، إلى جانب ارتفاع العائد الإضافي الذي يطلبه أي مستثمر لشراء سندات مصر الدولارية خوفا من تهاويها".


أزمة تمويل وتضخم ونقص عملة
أجبرت الأزمة المالية مصر - ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين- إلى عرض أكثر أصولها ربحية للبيع لمستثمرين رئيسيين وطرحها في البورصة، وباعت ما قيمته حتى الآن 1.9 مليار دولار إضافة إلى 30% من أكبر شركة سجائر في مصر إلى مستثمر إماراتي مقابل 625 مليون دولار.

وخفضت مصر عملتها المحلية 3 مرات في هبوط درامي أمام الدولار وفقدت نصف قيمتها منذ مارس/ آذار عام 2022، ما أدى إلى ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى مستوى قياسي عند 41% في وقت سابق.

كما يتم تداول الجنيه المصري في السوق السوداء عند 40.50 جنيه للدولار وفق متعاملين في السوق، مقابل نحو 30.9 جنيه في البنوك المحلية دون تغيير على عكس ما التزمت به الحكومة المصرية من اتباع سعر صرف مرن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي المصرية جي بي مورغان الاقتصاد الديون مصر اقتصاد الديون جي بي مورغان اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد تغطيات سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المستثمرین الأجانب فی الاقتصاد المصری الأسواق الناشئة جی بی مورغان ملیار دولار مصر من

إقرأ أيضاً:

في ذكرى وفاتها.. نادية لطفي أيقونة السينما المصرية التي لا تغيب (بروفايل)

 


يوافق اليوم الثلاثاء 4 فبراير ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة نادية لطفي، إحدى أبرز نجمات العصر الذهبي للسينما المصرية، التي حفرت اسمها بأحرف من نور في تاريخ الفن. ولدت عام 1937 بحي عابدين في القاهرة، واسمها الحقيقي بولا محمد مصطفى شفيق، درست في المدرسة الألمانية، وحصلت على الدبلوم عام 1955، وكان والدها يعمل محاسبًا ومحبًا للفن، ما ساعدها على صقل شغفها بالتمثيل منذ الطفولة.

الفنانة نادية لطفي
6 أفلام خالدة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري

قدمت نادية لطفي عشرات الأعمال السينمائية التي شكلت بصمة في تاريخ السينما، ونجحت ستة من أفلامها في دخول قائمة أفضل 100 فيلم مصري، وهي:
• الناصر صلاح الدين (1963) – جسدت فيه دور “لويز” الفتاة الصليبية، في أحد أعظم أفلام التاريخ الحربي.
• المستحيل (1965) – دراما رومانسية مأخوذة عن رواية مصطفى محمود، حيث قدمت شخصية مركبة ببراعة.
• أبي فوق الشجرة (1969) – شاركت العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في آخر أفلامه، وحقق نجاحًا استثنائيًا.
• الخطايا (1962) – أحد أبرز الأفلام الاجتماعية التي ناقشت فكرة الأبوة والذنب، بجانب عبد الحليم حافظ.
• السمان والخريف (1967) – مأخوذ عن رواية نجيب محفوظ، حيث أدت دور “ريري” ببراعة.
• المومياء (1969) – شاركت كضيفة شرف في تحفة شادي عبد السلام السينمائية.

 

تكريم مستمر رغم الرحيل

لم يقتصر إرث نادية لطفي على السينما فقط، بل امتد تأثيرها ليشمل مواقف وطنية وإنسانية لا تُنسى، فقد لعبت دورًا بارزًا في دعم القضية الفلسطينية وزيارة الجرحى خلال حرب أكتوبر. وفي بداية 2025، كرمها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بإدراج اسمها في مشروع “عاش هنا”، حيث تم وضع لافتة تحمل اسمها وعنوان منزلها في جاردن سيتي، تخليدًا لذكراها وإسهاماتها الفنية والوطنية.

 

رحلت نادية لطفي عن عالمنا في 4 فبراير 2020، لكنها بقيت خالدة في وجدان عشاق السينما، كرمز للأناقة والموهبة والوعي الفني الذي جعلها إحدى أيقونات الفن العربي.

مقالات مشابهة

  • نيرمين سنجر تتصدر تصنيف AD العلمي في دراسات الإعلام بجامعة عين شمس
  • البورصة المصرية تحقق مكاسب جماعية وتربح 15 مليار جنيه
  • ختام أخضر.. البورصة المصرية تنهي تداولات نهاية جلسات الأسبوع على ارتفاع
  • البورصة المصرية تسجل ارتفاعا جماعيا في مستهل تعاملات جلسة الخميس
  • صعود مؤشرات البورصة المصرية بمستهل تعاملات نهاية الأسبوع
  • الكنيسة القبطية الكاثوليكية تشارك في مؤتمر الأسرة المصرية وأهدافها وصعوباتها
  • ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية بنهاية تعاملات اليوم الأربعاء
  • ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • في ذكرى وفاتها.. نادية لطفي أيقونة السينما المصرية التي لا تغيب (بروفايل)