هل توقف إجراءات بنك السودان انهيار الجنيه؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الخرطوم- يحاول بنك السودان المركزي السيطرة على التراجع الكبير لسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية عبر حزمة إجراءات لا تبدو -حسب خبراء- أنها ناجعة لمحاصرة التدهور بالعملة المحلية.
فبعد أشهر من الاستقرار، واصل الجنيه رحلة صموده رغم المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم وعدد من المدن غربي البلاد.
بل سجل الجنيه صعودا مقابل الدولار خلال التداول في السوق الموازية فور نشوب المواجهات منتصف أبريل/نيسان الماضي، منتقلا من 610 جنيهات إلى نحو 580 جنيها مقابل الدولار الواحد.
واستمر الجنيه في تسجيل حالة من الاستقرار خلال شهري يونيو/حزيران، ويوليو/تموز عند 580 جنيها، لكنه عاود النزول خلال أغسطس/آب الماضي ليبلغ الدولار الواحد 630 جنيها بسبب ارتفاع حجم الاستيراد من الخارج، على خلفية تعطل دائرة الإنتاج ونهب وإحراق العديد من المصانع والبنوك، في وقت تتركز حوالي 80% من هذه المصانع بالعاصمة الخرطوم.
ومع حلول سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت العملة المحلية رحلة جديدة من الهبوط القوي، حيث قارب سعر الدولار الواحد حاجز الـ900 جنيه، سبقتها سلسلة ارتفاعات متوالية في السوق السوداء، بينما كان يتم تداول العملة المحلية عند نحو 700 جنيه في بعض المصارف، ما أحدث فارقا كبيرا بين السعرين الرسمي والموازي.
ويعزو مراقبون نزيف العملة المحلية في السودان إلى عدة عوامل، أهمها نقص المعروض من النقد الأجنبي مقابل ارتفاع الطلب على العملة الصعبة من المستوردين والمضاربين، وتفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب المواجهات التي انعكست على تراجع إيرادات الحكومة بشكل كبير.
وتقول الأمم المتحدة إن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42% جراء المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع التي اقتربت من شهرها السادس.
إجراءات البنك المركزيوالثلاثاء الماضي خفّض بنك السودان المركزي، سقف التحويلات عبر بنك الخرطوم، للحد من نزيف العملة المحلية أمام العملات الصعبة ومحاصرة المضاربين في العملات الذين يجرون تحويلات عبر التطبيق المصرفي لبنك الخرطوم، أحد أكبر المصارف السودانية.
ونشر بنك الخرطوم إعلانا لعملائه على صفحاته الرسمية، أوضح فيه أن سقف التحويل الاعتيادي في اليوم سيتم تخفيضه إلى 6 ملايين جنيه بدلا عن 25 مليونا على ألا يتجاوز التحويل في الشهر 100 مليون جنيه، مستندا في ذلك على ما قال إنها ضوابط صادرة من البنك المركزي.
ونوه البنك إلى أن الحد الأقصى لتحويل للعملاء المميزين سيكون 10 ملايين جنيه في اليوم، على ألا تزيد التحويلات شهريا على الـ200 مليون جنيه.
والسبت الماضي أعلن بنك السودان مواصلة مساعيه لتلافي ومعالجة آثار الأزمة الناجمة عن المواجهات بما يضمن تعافي البنوك واستقرار العمل المصرفي، معلنا في بيان صحفي متابعة ورصد ما تتعرض له المصارف من عمليات نهب وتخريب وسرقة للأموال والممتلكات بشكل ممنهج منذ بداية الحرب.
وتحدث البنك المركزي عن الاستمرار في المساعي -وسط الأزمة الحالية- لتسيير وإدارة العمل المصرفي حتى يتمكن القطاع من الخروج بأقل الأضرار والخسائر، عبر معالجة الانخفاض في قيمة الجنيه وضمان استقرار سعر الصرف، ومن ذلك أيضا تخفيض سقف التحويل عبر التطبيقات المصرفية.
كما أشار إلى تمكن عدد من فروع المصارف من استعادة عملها بصورة طبيعية في المناطق الآمنة -حيث بلغ عدد الفروع العاملة 427 فرعًا- مع استعادة التطبيقات المصرفية الإلكترونية الخاصة بـ8 مصارف.
وسينظر بنك السودان المركزي -بالتنسيق مع الإدارات التنفيذية للمصارف والجهات الأخرى ذات الصلة- في تبني كافة البدائل والحلول التي من شأنها تمكين المصارف من التعامل مع الآثار والخسائر المترتبة على الأزمة بما يحفظ حقوق المودعين والمتعاملين مع المصارف ويحقق سلامة واستقرار الجهاز المصرفي.
أثر محدوديعتبر المحلل المصرفي عثمان التوم أن الإجراءات التي اتخذها بنك السودان بوضع سقف للتحويلات عن طريق التطبيقات قد تكون محدودة الأثر لوقف تدهور الجنيه.
ويشرح للجزيرة نت: "إذا كان هناك من يريد شراء كمية من الدولارات بقيمة تصل إلى 50 مليون جنيه سوداني فلا يمكنه ذلك خلال يوم واحد بسبب وجود سقف للتحويل، كما أن من يحتاج مليون دولار لا يمكنه الحصول عليه في وقت وجيز.. وهذا يعني أن لهذه الإجراءات أثرا وقتيا".
ويرى التوم أن الحل الجذري يكمن في معرفة حجم الطلب ولماذا يزداد فجأة ومَن هم طالبو الأموال؟ وذلك وفقا لمبدأ مصرفي يشدد البنك المركزي على الالتزام به وهو مبدأ "اعرف عميلك" يحدد بموجبه العميل ومقدراته المالية وفيما يستخدم هذه الأموال.
ويشير التوم إلى أن بنك السودان عليه معرفة حجم الطلب الحقيقي ووضع ضوابط أكثر صرامة توقف المضاربات في العملة وتحد من استمرار تدني قيمة الجنيه خاصة وتأثير ذلك على معيشة المواطنين.
ارتفاع التضخموبحسب آخر إعلان عن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان والصادر في مارس/آذار الماضي، فإن معدل التضخم لشهر فبراير/شباط الماضي، تراجع إلى 63.3% مقارنة بـ83% لشهر يناير/كانون الثاني.
ويتخوف مراقبون من ارتفاع حجم استدانة الحكومة من الجهاز المصرفي خاصة مع ضعف الإيرادات مما يؤدي إلى تصاعد مستويات التضخم.
من جهته، يعتبر المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي أن ارتفاع التضخم من الأسباب الرئيسية لتراجع الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، بجانب تراجع الصادرات مقابل زيادة الواردات، وتزايد مغادرة رأس المال الأجنبي والمحلي نحو الخارج.
ويرى في حديثه للجزيرة نت أن هناك حاجة لخفض الواردات من خلال حل المشكلات التي تواجه بعض الصناعات المحلية بالبلاد وتسهيل عمليات التصدير.
ويعتقد فتحي أن هناك أسبابا أخرى غير اقتصادية أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه تتعلق بالمناخ السياسي وحالة عدم الاستقرار الأمني في البلاد، مؤكدا أن تدني قيمة العملة ناجم عن المضاربات.
ولفت إلى أن تحويلات السودانيين المهاجرين بالخارج أصبحت المصدر الرئيس للعملة في البلاد، مما أحدث فجوة كبيرة في السوق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العملة المحلیة البنک المرکزی بنک السودان
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار الذهب 90 جنيهًا خلال الأسبوع الماضي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية المصرية ارتفاع بنسبة 2.1% خلال الأسبوع المنتهي مساء السبت، مع زيادة سعر الأوقية عالميا بنسبة 2.6%، نتيجة ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن وتوقعات خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، بالإضافة إلى مخاوف الحرب التجارية.
وأوضح سعيد إمبابي، عضو شعبة الذهب والمجوهرات، أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفعت بنحو 90 جنيها خلال الأسبوع الماضي. افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4120 جنيها، ولامس مستوى 4225 جنيها، واختتم التعاملات عند 4210 جنيهات. في الوقت نفسه، ارتفعت الأوقية في البورصة العالمية بقيمة 75 دولار، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 2910 دولارات، ولامست مستوى 3004 دولارات يوم الجمعة 14 مارس كأعلى مستوى في تاريخها، واختتمت التعاملات عند 2985 دولار.
أسعار الذهب المحلية
عيار 24: 4811 جنيها للجرام.
عيار 21: 4210 جنيهات للجرام.
عيار 18: 3609 جنيهات للجرام.
عيار 14: 2807 جنيهات للجرام.
الجنيه الذهب: 33680 جنيها.
وأشار إمبابي إلى أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفعت بنسبة 13%، وبقيمة 470 جنيها خلال شهرين ونصف، رغم التراجع الحاد في الطلب. افتتح جرام الذهب عيار 21 تعاملات العام عند مستوى 3740 جنيها، وكانت أسعار الذهب في الأسواق المحلية قد ارتفعت بنحو 565 جنيها خلال 2024.
وأضاف إمبابي أن الأسواق شهدت حالة من التراجع الحاد في المبيعات خلال الفترات الماضية، لاسيما مع تنامي إعادة البيع، وذلك بفعل بحث المواطنين عن السيولة بعد تحويل قطاع كبير مدخراتهم وأموالهم إلى الذهب للتحوط من تراجع العملة. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية أثر على عمليات البيع، كما دفع المواطنين لبيع ما في حيازتهم للاستفادة من الأسعار، مع مخاوف التراجع مرة أخرى مثلما حدث العام الماضي.
وأشار إمبابي إلى أن حالة عدم اليقين الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرار ضعف ثقة المستهلك وارتفاع توقعات التضخم، يبرز التهديد المتزايد لبيئة ركود تضخمي. فارتفاع مستوى عدم اليقين بشأن السياسات والأوضاع الاقتصادية، والتقلبات المتكررة في السياسات الاقتصادية، تصعب على المستهلكين التخطيط للمستقبل.
و أضاف أن الذهب ارتفع لمستويات قياسية جديدة حيث كسرت الأوقية حاجز 3000 دولار، وذلك مع مخاوف الركود الاقتصادي، وتزايد التوقعات بخفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وافتتح الذهب تعاملات الأسبوع عند 2910 دولارات للأوقية، وحافظ على استقراره فوق مستوى 2900 دولار حتى انخفاضه بعد ظهر يوم الاثنين، ليلامس أدنى مستوياته عند 2880 دولار. وعادت أسعار الذهب لتتجاوز 2900 دولار في وقت مبكر من تعاملات الثلاثاء، وعقب صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك يوم الأربعاء، والتي جاءت أضعف من المتوقع، صعد الذهب فوق مستوى 2910 دولارات، ثم استمر في الارتفاع إلى 2940 دولار، ثم تراجع ليسجل 2933 دولار.
وعقب صدور تقرير تضخم مؤشر أسعار المنتجين، ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى تاريخي سابق لتسجل 2985 دولار للأوقية ثم إلى 3000 دولار، وبعد تراجع قصير ارتفعت أسعار الذهب لتلامس أعلى مستوى في تاريخها عند 3004 دولارات في تعاملات يوم الجمعة، قبل أن تتراجع وتختم التعاملات عند 2985 دولار.
ولفت إلى أن انخفاض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر، جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين. وارتفعت أسعار الذهب في البورصة العالمية بنسبة 14%، وبقيمة 361 دولارًا، منذ بداية العام، حيث افتتحت الأوقية التعاملات عند مستوى 2624 دولار.
وأشار إلى أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأمريكي التجارية، أثارت مخاوف قيام حرب تجارية عالمية، قد تؤدي إلى زيادة التضخم وتباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة وخارجها، مما تسبب في تراجع الدولار والأسهم الأمريكية، وعزز جاذبية الذهب.
ولعبت التوترات التجارية دور رئيسي في موجات الارتفاعات الأخيرة للذهب، حيث فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا تعريفات جمركية جديدة بنسبة 25٪ على الواردات من المكسيك وكندا، إلى جانب زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية.
وارتفعت أسعار الذهب خلال الأزمة المالية، عندما تجاوزت الأوقية مستوى 1000 دولار في مارس 2008، وخلال جائحة كوفيد-19، وصلت الأسعار إلى 2000 دولار في أغسطس 2020، وفقًا لتقرير بلومبيرج.
و أضاف إمبابي أن المخاوف من احتمال فرض ترامب رسوم جمركية على المعادن الثمينة، دفعت المستثمرين الأمريكيين لسحب كميات كبيرة من أسواق الذهب الدولية، حيث وصلت المخزونات في بورصة كومكس إلى مستويات قياسية.
في حين دفعت الارتفاعات غير المتوقعة في أسعار الذهب هذا العام البنوك الاستثمارية إلى مراجعة توقعاتها لأسعار الذهب، حيث رفعت أربعة بنوك على الأقل - سيتي بنك، وجولدمان ساكس، وماكواري، وآر بي سي - توقعاتها في الأسابيع الأخيرة.
وعزز الطلب من البنوك المركزية، التي تعمل على تنويع استثماراتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، حيث اشترت البنوك المركزية، وخاصة في الأسواق الناشئة، أكثر من 1000 طن من الذهب سنويا على مدار السنوات الثلاث