المشهد اليمني:
2025-02-08@23:37:27 GMT

مشرب الزحف العربي

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

مشرب الزحف العربي

هكذا كان اسمه حين عرفته طفلا في عدن ، و مايزال حتى اليوم يحمل الاسم نفسه، و بنفس رسم الخط الذي كان عليه حين رأيته طفلا أول مرة.

مشرب الزحف العربي محل يقدم عصير الليمون و الثريب مع بعض الوجبات الخفيفة ، في حي الشيخ عثمان بعدن، ضمن المحال التي تقع في الدور الأرضي لمسجد النور، و على الجانب الأيسر من قبلة المسجد.

منذ أيام خلت، زرت عدن الجميلة العاصمة المؤقتة و كلما زرتها تستهوي نفسي أن أزور مسجد النور و حواليه؛ فحي الشيخ عثمان كان أول مكان وطئته قدماي حين قدمت إلى عدن، و لأيام الطفولة مخزون من الذكريات لدى كل إنسان. إلا أن الزمن الذي يقف بك وجها لوجه أمام ذكريات الطفولة فكأنما يقف بك أمام قريب حبيب كلما تكرر اللقاء بين حين و آخر !

أذكر تماما أنني عندما غادرت قريتي في الشمايتين تعز، أول مرة إلى عدن للدراسة، وصلت بنا السيارة إلى الشيخ عثمان بعد صلاة العشاء،و بعد سفر نصفه على ظهر الحمار، و النصف الآخر على السيارة.

كان ذلك اليوم هو أول مرة أرى فيها سيارة ! صحيح أن ثورة 26 سبتمبر كانت قد اندلعت؛ لكن بؤس الإمامة كان أكبر من أن تنهي الثورة كل المخلفات الإمامية البائسة التي حرّمت على اليمنيين التعليم فلا مدارس، ولا طرق، و بالتالي فلا سيارات... و كذا كان غياب سائر الخدمات، و فوق ذلك وقفت الفلول الإمامية مدعومة من الاستعمار و أدواته تحارب الثورة، التي كان عليها أن تدافع عن النظام الجمهوري بيد، و تقدم ما استطاعت إليه سبيلا من خدمات باليد الأخرى.

و لذا بدأ التعليم من نقطة الصفر في المدن ناهيك عن الأرياف التي لم تصلها المدارس إلا بعد سنوات. من هنا كانت وجهتنا عدن لنيل التعليم ، حيث عمي عبد الله شقيق أبي الذي تولى تربيتي و تعليمي؛ لأن أبي كان قد قضى في المهجر و أنا في العام الأول من عمري.

يلذ لي الحديث عن عمي عبدالله محمد عقلان، وفاء له أولا،و كنموذج لكل عم يجد ابن أخيه، أو بنت أخيه، قد أدركهما اليتم، أحدهما أو كلاهما.

عشت في كنف عمي، فبحنانه و إشفاقه و رعايته لم أشعر معه بيُتْمٍ أبدا، و لم تكن عمتي التي هي زوجته أقل منه عطفا و حدَبا و رعاية، و كان تعلقي بها شديدا.

اتحدث عنهما لأنني أريد أن أقدم نموذجين فريدين، عَمٌٌ - برغم فقره - احتضن ابن أخيه تربية و تعليما، و تزويجا، و كان كأحد أولاده بل أحب.، و كذلك كانت عمتي بالدرجة ذاتها ، رحمهما الله جميعا.. مرة أخرى أكتب هذا تحفيزا لكل عَم أو جدّ، أو أخ كبير.

نزلت عدن طفلا لعدم وجود المدارس في بلاد ما كان يعرف بالشمال، إذ ضرب الحكم الإمامي المتخلف أسوار الحرمان على البلاد.

و اليوم يعمل الإماميّون الجدد بكل وسيلة لاستعادة ذلك الحرمان، فها هم اليوم يحاربون العلم و التعليم، و بكل شراسة و خبث. و ها نحن نرى حرمان المعلمين من مرتباتهم منذ أكثر من ثماني سنوات، و كذا أساتذة الجامعات.. و غيرهم من الموظفين، و ماتزال النزعة الاستعمارية و أدواتها تمدان أعداء الحياة الحوثيين بكل سبل الإبقاء على الظلم و التجهيل والمرض،و الدمار ..!!

وصلنا عدن بعد سفر مُضْنٍ، و ما أن رأيت أضواء المدينة و انتشار السيارات حتى أبهرني المنظر، و أدهشني ما أرى؛ لذلك استجبت مسرعا لرغبة زميل لي من القرية كان قد سبقني إلى عدن، في أن أخرج معه في تلك الساعة، و مشى بي إلى أحد المحال التي تقع تحت مسجد النور، و كان على مسافة قصيرة من المنزل الذي وصلنا إليه، فقدم لي أحد الأقارب ممن كان يعمل في محل للملابس سروالا و قميصا مستبدلا بهما الثوب الذي كنت أرتديه.

على بضعة أمتار من هذا المحل كان مشرب الزحف العربي، الذي كانت أناشيد الثورة تصدح منه: أنا الشعب زلزلة عاتية.. جمهورية و من قرح يقرح.. وغيرها من الأناشيد.

كل ما مضى من حديث دار في ذهني، و أنا أتناول عصير الليمون في مشرب الزحف العربي، الذي هو اسم المحل، و الذي مايزال الخط برسمه يوم رأيتهما طفلا، إلا ما يتجدد به من طلاء، كنت قد قرأت في المعلامة في القرية ثمانية عشر جزءا.

ما شدني إلى الوقوف متذكرا،هو أن المحل مايزال كل ما فيه،كما كان؛ بكراسيه، و بلاطه، و صور السلال و جمال، و قرون وعل، بل و مايزال أبناء صاحب المحل،و أحفاده يمتلكون المحل، و قطعا مايزالون ينتظرون ما كان ينتظره أبوهم، و جدهم من زحف عربي !

و لئن عجز النظام العربي اليوم عن الزحف، فلابد أن تزحف الشعوب يوما نحو مجدها و حريتها، و تنتصر على مخططات الاستعمار و أدواته ، فالشعوب قدر الله في أرضه كما يقال،و كما قال أبو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

⇧ موضوعات متعلقة موضوعات متعلقة مقالاتالأعلى قراءةآخر موضوعات آخر الأخبار مشرب الزحف العربي أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم... صفقة خطيرة بين الحوثي والقاعدة تفضي إلى إطلاق... مقتل مواطن في الضالع عقب استجابته لمجهول طرق... مقالات مشرب الزحف العربي رجل مر بيننا بسلام! ”الجمهورية” تنطلق من المخا فرصة سانحة لتحرير صعدة والحديدة اخترنا لك بدأ العد التنازلي.. صراع الأجنحة يشتعل في صنعاء... انتهت إجازة هذا المغترب اليمني وحينما قام بتوديع... صحيفة إماراتية: الأمور تتجه نحو التصعيد العسكري والحوثيون... ما حقيقة قرار ”كريم بنزيما” بالرحيل عن نادي... الأكثر قراءةً بدأ العد التنازلي.. صراع الأجنحة يشتعل في صنعاء... انتهت إجازة هذا المغترب اليمني وحينما قام بتوديع... صحيفة إماراتية: الأمور تتجه نحو التصعيد العسكري والحوثيون... ما حقيقة قرار ”كريم بنزيما” بالرحيل عن نادي... شاهد آخر فيديو قام بتصويره المصور ”حذيفة ”... الفيس بوك ajelalmashhad تويتر Tweets by mashhadyemeni elzmannews الأقسام المشهد اليمني المشهد المحلي المشهد الدولي المشهد الرياضي المشهد الثقافي المشهد الاقتصادي المشهد الديني الصحف علوم وصحة مقالات حوارات وتقارير منوعات المشهد اليمني الرئيسية من نحن رئيس التحرير هيئة التحرير الخصوصية الشروط اعلن معنا اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2023
⇡ ×Header×Footer

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

حراك انتخابي مبكر.. السياسيون يعودون إلى الشارع .. والناخبون بلا ثقة

7 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: في أزقة بغداد المكتظة، حيث المقاهي السياسية تزدهر مع اقتراب كل موسم انتخابي، يتردد سؤال واحد بين روّادها: “من سيكون الرابح الأكبر هذه المرة؟”. ففي ظلّ الغموض الذي يكتنف شكل التحالفات السياسية، يزداد المشهد تعقيداً، وسط تسريبات عن مفاوضات سرّية ومحاولات لاستقطاب شخصيات مؤثرة، مع بقاء موقف التيار الصدري معلقاً دون حسم.

وقالت تغريدة تداولها ناشطون على منصة “إكس”: “الصدر يشاهد الجميع يتسابقون نحو الانتخابات.. ويتركهم في حالة ترقّب، خطوة ذكية أم انسحاب تكتيكي؟”. هذا الموقف الذي يثير قلق الإطار التنسيقي، جعل بعض أقطابه يلمّحون إلى ضرورة إعادة النظر في تحالفاتهم تحسّباً لمفاجآت اللحظة الأخيرة.

ووفق معلومات، فإن قيادات بارزة في الإطار التنسيقي عقدت سلسلة اجتماعات غير معلنة خلال الأسابيع الماضية، بهدف رسم استراتيجية موحدة لمواجهة أي سيناريو، بما في ذلك احتمال دخول التيار الصدري بقوة في اللحظات الأخيرة.

وقال مصدر سياسي مطّلع: “الإطار يعاني من انقسامات داخلية، وهناك من يفضّل خوض الانتخابات منفرداً لضمان استقلالية القرار السياسي، بينما يرى آخرون أن التحالف هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المقبلة”.

وتحدث المواطن أحمد الربيعي، وهو سائق تاكسي في بغداد، عن رأيه في التحضيرات الانتخابية قائلاً: “كل أربع سنوات نفس المشهد.. السياسيون يعودون إلى الشارع، يعدون بالإصلاح والتغيير، لكن بعد الانتخابات يختفون وكأنهم لم يكونوا هنا”.

حديث الربيعي يعكس مشاعر الإحباط التي تتزايد بين المواطنين، خصوصاً مع تصاعد أزمة البطالة وسوء الخدمات، وهو ما يدفع بعض الأحزاب إلى محاولة استقطاب شخصيات مستقلة لها قاعدة جماهيرية واسعة، من أساتذة الجامعات وزعماء العشائر وحتى المؤثرين على مواقع التواصل.

وقالت مواطنة تُدعى سعاد الطائي، في تعليق على “فيسبوك”: “منذ عام 2003 ونحن نسمع عن تغييرات جذرية في المشهد السياسي، لكننا لا نرى إلا تغييرات في الوجوه، بينما تبقى السياسات نفسها”.

وبحسب تحليلات، فإن الأحزاب التقليدية تواجه تحدياً غير مسبوق في هذه الانتخابات، حيث يزداد الضغط عليها لإقناع الناخبين بجدوى استمرارها في المشهد السياسي.

واعتبر الباحث الاجتماعي علي الكناني أن “العزوف الانتخابي قد يكون أكبر تحدٍّ أمام القوى السياسية، فهناك حالة إحباط عامة لدى الناخبين، والشباب على وجه الخصوص، الذين يرون أن التغيير الحقيقي لم يحدث رغم الوعود المتكررة”.

وفي المحافظات الجنوبية، حيث النفوذ التقليدي للأحزاب الإسلامية، يبدو أن بعض القوى بدأت تفقد شعبيتها لصالح تيارات جديدة تحاول استغلال السخط الشعبي.

وقال تحليل سياسي نشره موقع محلي: “الانتخابات المقبلة لن تكون معركة بين الكتل الكبيرة فحسب، بل قد نشهد مفاجآت بظهور تحالفات صغيرة لكنها مؤثرة، قد تخلط الأوراق وتقلب التوقعات”.

أما في المشهد السني، فإن التحالفات الانتخابية لا تزال غير محسومة، حيث تحاول قوى تقليدية الحفاظ على مواقعها في ظلّ صعود وجوه جديدة. وقال عزام الحمداني، القيادي في تحالف “العزم”: “هناك محاولات لتشكيل تحالفات عابرة للطائفية، لكن العقبة الأساسية تكمن في المصالح الحزبية، التي تجعل من الصعب تحقيق هذا الطموح على أرض الواقع”.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى التساؤل الأكبر: هل ستتمكن القوى السياسية من استعادة ثقة الناخبين، أم أن العراق يتجه نحو مرحلة جديدة من التغيير المفاجئ؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الإجابة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • أستاذ علاقات دولية: المشهد الحالي لتبادل الأسرى هو انعكاس لالتزام الطرفين باتفاق الهدنة
  • عدنان الروسان يكتب .. المشهد برد الروح
  • أبرز الأسماء التي ستفرج عنها إسرائيل اليوم ضمن صفقة التبادل مع حماس
  • أهلي جدة يواصل الزحف نحو المربع الذهبي في الدوري السعودي
  • المشهداني ورؤساء سابقين لمجلس النواب يناقشون تطورات المشهد السياسي والاستحقاقات الدستورية المقبلة
  • 3 عقبات تعرقل عودة سعد الحريري إلى المشهد السياسي في لبنان
  • حراك انتخابي مبكر.. السياسيون يعودون إلى الشارع .. والناخبون بلا ثقة
  • ولي عهد الفجيرة يلتقي محمد المر ويطّلع على مُستجدّات المشهد الثقافي في الدولة
  • الاتحاد البرلماني العربي يستنكر “التصريحات العنصرية” التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة
  • هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني .. وصول سفينة المساعدات الإماراتية السادسة لميناء العريش وصلت اليوم سفينة المساعدات الإماراتية السادسة إلى مدينة العريش المصرية تحمل على متنها هدية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”