لماذا يصاب العلماء اللامعون "بالجنون" بعد جائزة نوبل؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
يبدأ في 2 أكتوبر أسبوع نوبل العالمي وستعلم البشرية أسماء العلماء الذين حققوا اكتشافات أساسية غيّرت أفكارا علمية من حولنا.
ليست جائزة "نوبل" جائزة نقدية تبلغ قيمتها حوالي مليون دولار فحسب، بل وأعلى درجة من التقدير حيث يصبح الحائز على الجائزة فخرا للأمة وسلطة أخلاقية لا جدال فيها. لكن كل ميدالية لها جانب آخر، وللجائزة الفكرية الرئيسية كذلك.
وليس من المعتاد الحديث عن هذا الأمر، ولكن المجتمع العلمي غالبا ما يطلق على جائزة "نوبل" اسم "قاتل العلماء". هذا، بالطبع، لا يتعلق بالقضاء الجسدي على عمالقة الفكر، وعلى العكس من ذلك، يعيش الحائزون على جائزة "نوبل" في المتوسط أطول لمدة عاميْن من زملائهم في المهنة. بينما يصاب العباقرة بمرض خطير يسمى بـ "مرض نوبل". ويتجلى هذا الفيروس على شكله الخفيف في انخفاض حاد للإنتاجية، ونتيجة لذلك يفقد المفكرون المتميزون قيمتهم للعلم. وفي بعض الحالات ينتقل هؤلاء إلى جانب المشعوذين، إي إنهم يتحدثون عن هراء مطلق ويقومون بترويج نظريات مناهضة للعلم.
إقرأ المزيدوأصاب هذا المرض حتى ألبرت أينشتاين العظيم، الذي كان تاريخه في جائزة "نوبل" مثيرا للغاية. وتم إدراج اسمه لأول مرة في القائمة المختصرة للجائزة عام 1910. وبعد ذلك في كل عام (ما عدا عامي 1911 و1915) كان أينشتاين من بين المرشحين، حتى وجدت الجائزة أخيرا بطلها عام 1921. وكانت لجنة "نوبل" تؤجل منحها لسبب واحد بسيط: فقد تبيّن أن الفيزيائي الألماني كان بارعا إلى درجة أن الأكاديميين لم يكونوا أذكياء بالدرجة الكافية لفهم الأهمية الثورية لبحثه العلمي.
وكان لدى أينشتاين ثلاثة أعمال على الأقل من عيار نوبل. ومن أحدها بدأت النظرية النسبية، والآخر وضع أسس نظرية الكم، والثالث أوضح مفهوم الحركة البراونية. ونتيجة لذلك، فعندما أصبح من غير اللائق تماما تجاهل أينشتاين، نال جائزة "نوبل" لقاء اكتشافه لنظرية التأثير الكهروضوئي (أدى هذا الاكتشاف إلى ظهور المعالجات الدقيقة وثورة الكمبيوتر). ولم يكن الأمر ثوريا جدا، لكن أعضاء اللجنة استطاعوا فهمه.
وفي عام 2021 بلغ ينشتاين من عمره 42 عاما، وهو شاب مملوء بالقوة ومستقل ماليا.. لكن آلية طباعة الأعمال الرائعة توقفت. وبعد انتصاره، قرر أينشتاين ألا يضيع وقته في تفاهات وأمضى آخر 30 عاما من حياته في خلق "نظرية كل شيء". وأطلق عليها ألبرت اسم "نظرية المجال الموحد"، وأوضح أن معناها هو "الزواج" بين الكهرباء والجاذبية. لقد بذل أينشتاين جهودا جبارة، حتى عندما وجد نفسه في المستشفى في نهاية أيامه، طلب إحضار آخر حساباته. وتم العثور على هذه الأوراق على طاولة بجانب السرير عندما توفي الفيزيائي العظيم ليلة 18 أبريل 1955. وفي السنوات الأخيرة، عاش مع شعور باليأس لأنه ضاع 30 عاما من حياته عبثا.
مُنحت جائزة "نوبل" في الفيزياء للإنجليزي بريان جوزيفسون عام 1973 لقاء العمل الذي أنجزه عندما كان عمره 22 عاما. وكان أمامه عدة عقود من النشاط المثمر، وكان يتوقع من العبقري الشاب أن يطرح أفكارا جديدة مذهلة. وبدلا من ذلك، أمضى جوزيفسون الأربعين سنة المتبقية في إهانة العلم البريطاني بلا هوادة. وبدأ بترويج أفكار التأمل التجاوزي، ثم أطلق في جامعة "كامبريدج" برنامجا بحثيا حول "الروابط بين ميكانيكا الكم والعقل". وأعلن أنه لن يدخر أي جهد لضمان "بقاء بريطانيا العظمى في طليعة الأبحاث في مجال التخاطر".
لكن الفضيحة الرئيسية ارتبطت بشغف بريان بنظرية "ذاكرة الماء". وهذا المفهوم يكمن وراء المعالجة المثلية، وهو فرع من الطب البديل لم يتم إثباته علميا. ومعنى النظرية هو أنه من المفترض أن يتذكر الماء الخواص الكيميائية للمواد الذائبة فيه. وأعلن جوزيفسون أنه مستعد لإثبات قضيته تجريبيا.
وقال العالم إن "ذاكرة" الماء في محلول المعالجة المثلية لها "توقيع" كهرومغناطيسي، وأضاف أنه يمكن التقاط هذا التوقيع على ملف نحاسي، ورقمنته ونقله عبر سلك أو عبر الإنترنت إلى وعاء به ماء عادي، وتحويله إلى محلول المعالجة المثلية.
والخلاصة تنحصر في أن العبقرية والإسراف غالبا ما يسيران جنبا إلى جنب. وفي البداية، يأتي إلينا العديد من الأفكار الرائعة على شكل هذيان. ولتمييز القمح عن التبن، يحتاج العلماء إلى تفكير نقدي متطور. ويؤدي نجاح جائزة "نوبل" إلى إضعاف قدرة العباقرة على إدراك أنفسهم بشكل نقدي، وهم يعتقدون أن الحائز على جائزة نوبل غير قادر على قول شيء غبي. ولحظة يبدأ فيها العالم بالاعتقاد أنه المسيح يقع على الفور في فخ أوهامه.
المصدر: كومسومولسكايا برافدا
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا جائزة نوبل
إقرأ أيضاً:
مفاجأة .. هل توجد كائنات فضائية على الكواكب الأخرى؟
تحت سماء الليل المليئة بالنجوم، يطرح الإنسان سؤالا قديما متجددا هل نحن وحدنا في هذا الكون الواسع؟، الإجابة الأقرب إلى الواقع وفقا لعدد من العلماء هي ربما لا فالأرض ليست سوى نقطة صغيرة في بحر من مليارات الكواكب والمجرات، مما يجعل فكرة انفرادها بالحياة أمراً غير منطقي تماماً.
تشير التقديرات إلى أن مجرة درب التبانة وحدها تضم نحو 300 مليار نجم، وهي واحدة فقط من نحو 200 مليار مجرة في الكون المرئي.
ومع كل اكتشاف جديد لكواكب تدور حول نجوم أخرى تُعرف باسم الكواكب الخارجية تتزايد احتمالية وجود بيئات قادرة على احتضان الحياة.
وتوضح عالمة الفضاء البريطانية الدكتورة ماغي أديرين-بوكوك وفق بي بي سي أن الأمر أشبه بـ"لعبة أرقام"، مضيفة: "نحن على يقين تام بوجود كواكب خارج المجموعة الشمسية، واحتمالات وجود حياة عليها مرتفعة للغاية."
تكنولوجيا متقدمة ترصد إشارات الحياةتمكننا التكنولوجيا الحديثة اليوم من دراسة الكواكب البعيدة باستخدام تقنيات التحليل الطيفي، التي تسمح للعلماء بفحص التركيب الكيميائي للغلاف الجوي لتلك العوالم عبر تحليل الضوء الصادر عن نجومها.
ويأمل الباحثون في العثور على كواكب تشبه الأرض في مكوناتها، ما قد يشير إلى إمكانية وجود حياة مماثلة.
ويقول تيم أوبراين، أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة مانشستر "نحن نعلم بوجود مئات الكواكب القابلة للحياة، ومن شبه المؤكد أننا خلال العقد القادم سنكتشف كوكباً يحمل أدلة محتملة على وجود حياة."
الحياة تتحدى المستحيل على الأرضالمثير أن بعض الأدلة على قدرة الحياة على الازدهار في بيئات قاسية تأتي من كوكبنا ذاته فقد وجدت كائنات دقيقة في أعماق المحيطات، حيث لا ضوء ولا حرارة، وفي بيئات كانت تعتبر سابقا "ميتة تماما".
هذا الاكتشاف غير نظرة العلماء، فالحياة لا تتطلب بالضرورة نفس الظروف الأرضية حتى الأقمار التي تدور حول الكواكب العملاقة قد تكون قادرة على دعم أشكال من الحياة تحت طبقات الجليد أو الصخور.
ذكاء خارج الأرض؟.. سؤال مؤجلرغم ازدياد الأدلة على احتمال وجود حياة في أماكن أخرى، فإن العلماء يشككون في أن تكون تلك الحياة ذكية أو متقدمة تكنولوجياً بما يكفي للتواصل معنا.
يقول البروفيسور أوبراين "معظم تاريخ الحياة على الأرض كان بسيطا للغاية، حياة بكتيرية استمرت لمليارات السنين قبل ظهور الكائنات متعددة الخلايا."
وبالتالي، فإن ظهور حضارة قادرة على السفر بين النجوم يتطلب سلسلة طويلة من المصادفات التطورية التي قد تكون نادرة للغاية.
لماذا لم يزورونا بعد؟إذا كان هناك بالفعل حياة أخرى في الكون، فلماذا لم نرَ دليلاً عليها بعد؟ السؤال الذي حير العلماء طويلاً يُعرف باسم مفارقة فيرمي، أي: “أين الجميع؟” حيث تقول الدكتورة أديرين-بوكوك إن المشكلة تكمن في محدودية تجربتنا: "ليس لدينا سوى مثال واحد على الحياة، وهو الحياة على الأرض، ولا يمكننا افتراض أن باقي الكون يتبع نفس النموذج."
وتضيف أن الكائنات الفضائية إن وُجدت قد تكون مضطرة للعيش تحت سطح كواكبها لحمايتها من الإشعاعات الصادرة عن نجوم نشطة، ما يجعل التواصل أو السفر بين النجوم مهمة شبه مستحيلة.