(عدن الغد)خاص:
تقرير/ ناصر الزيدي:
بعد إصرارٍ وعزيمة وشغفٍ كبيرٍ لمواصلة العملية التعليمية، شدَّ أسامة العولقي، البالغ من العمر 18 عامًا، الرحيل إلى مدينة عدن قادمًا من محافظة شبوة، بهدف الالتحاق بكلية الهندسة عقب تخرجه من الثانوية العامة وحصوله على معدل 97 %، إلا أنه انصدم عند وصوله بالواقع الذي حوّل حياته إلى جحيم.
بعد مرور بضعة أيام على إقامته في أحد الأحياء السكنية بمديرية خورمكسر، تعرف أسامة على مجموعة من الأصدقاء الذين ظلوا يرافقونه في تنقلاته من مكان إلى آخر، حتى افتتحت كلية الهندسة الكائنة في بئر أحمد بمدينة الشعب، التي يُريد التسجيل فيها لتحقيق حلم طفولته، المتمثل بأن يكون مهندسًا معماريًّا مشهورًا على الصعيدين المحلي والخارجي.
وفي إحدى الأيام، استيقظ أسامة مُبكرًا على غير عادته، وأمضى ساعاتٍ في التأمل في الكون وفي سر الوجود، بعدها اتجه مُباشرةً نحو منزل أحد أصدقائه لمرافقته إلى كلية الهندسة بعد استكمال كافة إجراءاته لبدء التسجيل فيها، وعند وصولهِ فوجئ بعدم قبول ملفه، كونه يريد التسجيل عن طريق العام دون معرفته بأن هذا العام لا يُقبل إلا الموازي فقط، حسبما أخبرته إدارة الكلية، ليعود إلى منزله، وقد اعتلى وجهه الحزن والأسى لما حدث له.
عندها عمل أسامة جاهدًا، رغُم صغر سنه، على إيجاد عمل لتوفير المال والاستقرار لكي يتمكن من التسجيل في الكلية رِفقة زملائه المتقدمين لهذا العام 2023، إلا أنه لم يعثر على أي عمل، بينما أخبر زميلًا له بما يمُر به بعد عدم قبوله في الكلية، حيث أبلغه بأنه يعمل كجندي في أحد المعسكرات بعدن ولديه علاقة جيدة بقيادة هذا المعسكر، مؤكدًا أنه سيسعى بكل جهد لتسجيل أسامة واستخراج رقم عسكري له.
النقطة والسلاح
مرت الأيام والليالي ليعود زميل أسامة مجددًا ويخبره بأنه سيسجله في المعسكر ولكن لا بد من توفير سلاح آلي لكي تتسنى له الفرصة للالتحاق بالجانب العسكري، بدوره أبلغ أسامة أسرته في شبوة بالقصة وطلب منهم إرسال سلاح له، فأعربوا عن موافقتهم وقاموا بإرسال السلاح له.
عند وصول سائق الباص إلى نقطة العلم بعد مرور ساعات عدة من مغادرة محافظة شبوة (جنوب شرقي اليمن)، ليتم إيقافه ومصادرة السلاح منه لعدم وجود ترخيص، بينما أبلغ سائق السيارة أسامة بما جرى، ليذهب مسرعًا إلى زميله لإخباره، والذي بدوره عمل على استخراج ترخيص من المعسكر الذي يريد تسجيل أسامة فيه، ليذهبا سويًّا وبرفقة شخص آخر على متن دراجة نارية إلى نقطة العلم (نقطة عسكرية على مدخل عدن من الجهة الجنوبية الشرقية) لاستلام السلاح.
يقول أسامة لـ "عدن الغد": "عند وصولنا إلى نقطة العلم الواقعة شرق عدن، عرضنا على القائمين عليها الترخيص بدخول السلاح، وقاموا بتسليمه إلينا، والسماح لنا بإدخاله، وبعد مرور النقطة بنحو كيلو متر واحد تقريبًا، تعرضنا لحادث مروري عقب اصطدام سيارة نوع سوزوكي بالدراجة النارية التي كانت تقلّنا، فيما مر بجانبنا باص أجرة على متنه "ركاب" مسافرون، حيث نزل منه أحد الأشخاص واتجه إلينا مسرعًا ليرى ما حدث لنا".
يتابع: "قام هذا الشخص بإسعافنا إلى مستشفى الجمهورية في منطقة خورمكسر بعدن، لتلقي العلاج اللازم عقب تعرضي لكسر في الرجل اليمنى وزملائي لإصابات بليغة في أماكن مختلفة".
الوسيلة الوحيدة
يضيف أسامة: "عند وصولي وزملائي إلى المستشفى وتلقينا العلاج اللازم تفاجأنا بعدم وجود الشخص الذي قام بإسعافنا بعد الحادث الذي تعرضنا له بعد مرور نقطة العلم، ليتضح مؤخرًا، استنادًا إلى كاميرات المستشفى، أنه قام بأخذ سلاحي الذي كان الوسيلة الوحيدة لأؤمن بها وضعي وألتحق بكلية الهندسة ("حلم طفولتي)" إلا أن كل ذلك تبخر، ولم يعد بين يدي سوى عكاز أتوكأ عليه لكي أستطيع المشي على قدمي".
وبملامح يملؤها الحزن والأسى وكلمات متلعثمة، يختتم أسامة حديثه، قائلًا: "أصبحتُ غير قادر على عمل أي شيء بعد أن خسرت كلَّ ما جمعته لتحقيق حلم طفولتي الذي لم يتحقق، وبات من المستحيل تحقيقه لعدم قدرتي على سداد ما أنفقته في العملية الجراحية التي كلفتني أموالًا طائلة استخرجتها دينًا على ذمتي وليس باستطاعتي سدادها في الوقت الحالي نظرًا للوضع المادي الصعب الذي أمُرُ به".
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: بعد مرور
إقرأ أيضاً:
الجيش إلى المخيمات الفلسطينية درّ
ما يقوم به الجيش من مهمات أمنية على كل شبر من الأراضي اللبنانية ليس سوى تنفيذ مقررات مجلس الوزراء، الذي وافق على تفاهم وقف إطلاق النار بالإجماع، بمن فيهم وزراء "حزب الله". وهذه المهمات غير محصورة بمنطقة دون أخرى كما يحاول البعض تفسير ما هو مفسّر أساسًا، ولا يحتاج بالتالي إلى أي اجتهاد لغوي. وقد جاءت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرافقه قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى العمق الجنوبي لتؤكد الإصرار على الدور المعطى للجيش ليس في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني فحسب، بل في كل بقعة جغرافية من أقاصي الجنوب إلى أقاصي الشمال، ومن السهل حتى الساحل. فالبنود الواردة في هذا الاتفاق الذي وافق عليه "الحزب" تعطي الجيش صلاحية مطلقة في التصرّف لتنفيذ ما ورد فيه من دون زيادة أو نقصان، وصولًا إلى حصر السلاح بأيدي القوى الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وجمارك وعناصر الشرطة التابعين للبلديات.وتطبيقًا لهذا الاتفاق، وعلى وقع سقوط نظام حزب البعث في سوريا، استكمل الجيش تسلم المراكز العسكرية التي كانت تشغلها تنظيمات فلسطينية خارج المخيمات الفلسطينية. ومن بين هذه المراكز مركزا قوسايا – قضاء زحلة التابع لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة"، وأنفاق الناعمة، وصادرت كمية من الأسلحة والذخائر بالإضافة إلى أعتدة عسكرية. كما عملت الوحدات المختصة على تفجير الألغام المزروعة في جوار المركز وتفكيك الذخائر الخطرة غير المنفجرة ومعالجتها.
فهذا التطور الجديد أتي في سياق مرحلة تاريخية بدأت لبنانياً وسورياً ما يؤشر إلى أن إمساك الجيش بزمام السلاح الفلسطيني غير الشرعي هو خطوة إضافية في مسار تعزيز الأمن الشرعي وحصر السلاح بأيدي القوى اللبنانية الشرعية، كمقدمة لا بدّ منها لخطوات أخرى تطبيقًا للقرار 1701 وما له صلة بالقرارين 1559 و1680. وهذا يعني بالتأكيد اتجاه الأنظار نحو تفكيك البنية العسكرية لـ "حزب الله"، على أن يأتي دور المخيمات الفلسطينية في مرحلة لاحقة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية بما يحفظ أمن اللبنانيين وأمن الفلسطينيين على حدّ سواء. وهذه الخطوة من شأنها أن تنهي ما يُعرف بالمربعات الأمنية أو الجزر الأمنية، التي كانت تحتضن جميع الفارين من وجه العدالة، وذلك لأن الأجهزة الأمنية اللبنانية كان محرّم عليها الدخول إليها. وكان الأمر يقتصر على تولي الجيش مراقبة الداخلين إلى هذه المخيمات والخارجين منها، الذين كانوا يخضعون لعملية تفتيش روتينية.
إلا أن دون الوصول إلى هذه المرحلة من التعامل مع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات صعوبات وعوائق تحتاج إلى الكثير من الحكمة والتعقّل لمعالجة مشكلة عمرها سنوات طويلة، خصوصًا أن أحداث مخيم نهر البارد وما نتج عنها كانت مغطاة سياسيًا من قِبل المجتمع الدولي أولًا، ومن توافق لبناني – لبناني ثانيًا بعدما تمادى بعض الخارجين عن القانون في اعتداءاتهم على عناصر الجيش والقوى الأمنية. وهذا الغطاء غير متوافر اليوم في ظل الظروف، التي يعيشها لبنان وفي ظل مواصلة إسرائيل اعتداءاتها في قرى الشريط الحدودي، وفي ظل عدم توافق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية يُعتبر المدخل الطبيعي لكثير من الحلول، التي لا تزال مستعصية.
لكن ما هو أكيد أن المجتمع الدولي يضغط في اتجاه جعل المخيمات الفلسطينية، وبالأخص مخيم عين الحلوة، خاليًا من السلاح كخطوة مكّملة لما يمكن للمهمات التي ستوكل إلى الجيش بعد أن ينسحب الجيش الإسرائيلي كليًا من القرى التي لا تزال خاضعة لسيطرته حتى الساعة.
المصدر: خاص لبنان24