خمس سنوات على مقتل خاشقجي.. لماذا تضاءل اهتمام العالم بقضيته؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
لا يزال نشطأ ومنظمات دولية يطالبون يتحقق العدالة لخاشقجي (أرشيف)
يرغب النشطاء الحقوقيون السعوديون المنخرطون في قضية تحقيق العدالة لجريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في أن يُقدم المجتمع الدولي على تحجيم التعامل مع حكام المملكة.
وفي ذلك، قال عبد الله العودة، المدير السعودي لمؤسسة "مبادرة الحرية" التي تتخذ من واشنطن مقرا، إننا ندرك "أننا نعيش في عالم حقيقي وأن الحكومات يجب أن تتعامل مع السعودية، لكن تجاهل حقوق الإنسان وتجاهل القيم الديمقراطية الأساسية عند التعامل مع النظم الديكتاتورية والاستبدادية لا يخدم المصالح الاستراتيجية لأي بلد أو يعزز من قيم حقوق الإنسان".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "عندما تكون المقايضة بين الحرية والأمن، فلن يحصل المرء على أي منهما".
بدورها، قالت لينا الهذلول، شقيقة الناشطة لجين الهذلول ورئيسة قسم الاتصالات والمراقبة في منظمة القسط لحقوق الإنسان ومقرها لندن، "عند التعامل مع السعودية، نعتقد أن هناك طريقة للمناورة في السياسة الحالية دون أن نكون ساذجين حيث يمكن شراء النفط السعودي وانتقاد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السعودية في نفس الوقت".
وأضافت في مقابلة مع DW "تمتلك السعودية نفوذا، لكن دول العالم، وخاصة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، تمتلك نفوذا أيضا على السعودية ويجب عليها استغلال ذلك".
الجدير بالذكر أن لينا كانت تناضل لسنوات ماضية من أجل تحقيق العدالة في قضية شقيقتها الناشطة البارز في حقوق المرأة السعودية لجين الهذلول التي أفرجت عنها السلطات السعودية في فبراير / شباط عام 2021.
واعتقلت الهذلول (31 عاما) مع ناشطات حقوقيات أخريات ضمن حملة اعتقالات في أيار/مايو 2018، قبل أسابيع قليلة من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية، الأمر الذي كانت تطالب به الناشطة بإلحاح، ما أثار ردود فعل دولية منددة.
وقفة في الولايات المتحدة لإحياء ذكرى مقتل خاشقجي
وحكمت محكمة في الرياض في ديسمبر/كانون الأول عام 2020 بسجن الهذلول خمس سنوات وثمانية أشهر بعدما ادانتها بالتحريض علىتغيير النظام و"خدمة أطراف خارجية"، لكن المحكمة أرفقت الحكم بوقف تنفيذه لمدة سنتين وعشرة أشهر، وهو ما يعني أنها كانت قد قضت ثلاث سنوات تقريبا في الحبس الاحتياطي، الأمر الذي عجل بخروجها.
ورغم الإفراج عنها، إلا أن المحكمة قررت منع لجين من السفر لمدة خمس سنوات.
وفيما يتعلق بالداعية سلمان العودة فقد كان من بين شخصيات تم توقيفهم في منتصف أيلول/سبتمبر 2017، بينهم كتّاب وصحافيون، في سياق حملة قمع استهدفت معارضين في المملكة فيما ذكر مقرّبون منه أنّ السعودية طلبت من رجل الدين وآخرين دعم الرياض علنا في خلافها مع قطر المجاورة، لكنه رفض.
يشار إلى أن الداعية سلمان العودة كان قد أوقف بعدما نشر تغريدة في أيلول/سبتمبر 2017 رحّب فيها بطريقة غير مباشرة بإمكانية التوصل الى حل للأزمة مع قطر.
وفيما يتعلق بقضية خاشقجي، قالت لينا الهذلول وعبد الله العودة إنه على الرغم من أن جريمة مقتل خاشقجي مازالت واحدة من أبرز الانتهاكات السعودية، لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، يبدو أن اهتمام العالم قد تضاءل.
فمنذ مقتل خاشقجي، أعادت الصحافة والإعلام الدولي التركيز مجددا على سجل السعودية السيء في حقوق الإنسان وكذلك الممارسات الاستبدادية في حكم البلاد. فعلى الصعيد الدبلوماسي، كانت السعودية دولة منبوذة بشكل ضمني على مدار السنوات الثلاث الماضية. وكان أبرز معالم ذلك ما ذكره الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال حملته الرئاسية قبل أن يصل إلى البيت الأبيض عندما قال إن هناك "قيمة استرداد اجتماعية ضئيلة للغاية في الحكومة الحالية في السعودية".
بيد أنه خلال الشهر الماضي، تركز اهتمام وسائل الإعلام الدولية في تغطيته للوضع في أكبر منتج للنفط في العالم على قضايا مثل مسار التطبيع المحتمل مع إسرائيل والاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة وأيضا إعلان شركة لوسيد لصناعة السيارات الكهربائية عن تدشين أول مصنع عالمي لها في مدينة جدة.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول زعيم غربي يزور السعودية منذ مقتل خاشقجي.
لكن هذا لم يكن الحال قبل خمس سنوات حيث كان تركيز عناوين الصحف الرئيسية منصبا على قضية مقتل خاشقجي في تغطيتها القضايا المرتبطة بالسعودية فعلى سبيل المثال عنونت صحيفة الغارديان تقريرا عن السعودية قائلة: "جمال خاشقجي.. جريمة قتل في القنصلية".
كيف قُتل خاشقجي؟
كان خاشقجي في السابق شخصية بارزة في السعودية حيث كانت عائلته مقربة من العائلة الملكية منذ فترة طويلة، لكن مع صعود الأمير محمد بن سلمان، إلى السلطة، لم يعد خاشقجي من الكُتاب والإعلاميين المقربين والمفضلين لولي العهد السعودي.
وعقب انتقاله لمنفاه الاختياري بالولايات المتحدة عام 2017، شرع خاشقجي في توجيه انتقادات لسياسة ولي العهد ولتدخل السعودية في النزاع اليمني فيما يكتب عموداً صحفياً بشكل منتظم في صحيفة "واشنطن بوست"، ينتقد من خلاله توجهات المملكة.
كان يوم الثلاثاء 2 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، يوما فاصلا في حياة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي دخل قنصلية بلاده في إسطنبول ثم اختفى. كان خاشقجي يستعد للزواج من التركية خديجة جنكيز، ولإتمام ذلك لابد له من الحصول على وثيقة طلاق من زوجته الأول، وفق ما ذكرته خديجة.
"سيناريو قتل مرعب"، تحدثت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلا عن مسؤول تركي رفيع المستوى، مفاده أن الصحفي خاشقجي قتل بعد ساعتين من وصوله قنصلية بلاده في إسطنبول وتم "تقطيع جسده بمنشار".
ومع الكشف عن تفاصيل مروعة عن ملابسات مقتل خاشقجي، قال مسؤولون سعوديون إن الصحافي قتل في "عملية مارقة" قام بها فريق من العملاء أرسل لإقناعه بالعودة إلى المملكة، لكن العناصر المارقة نفذت العملية دون علم القيادة السعودية وولي العهد الذي نفى أي تورط شخصي في جريمة القتل.
وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2019، أصدر القضاء السعودي أحكاما بإعدام خمسة متهمين في قضية مقتل خاشقجي فيما حكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدة 24 عاما بتهمة "التستر على الجريمة ومخالفة القانون".
لكن في سبتمبر / أيلول عام 2020، خففت محكمة سعودية أحكام الإعدام الصادرة حيث حُكم عليهم بالسجن 20 عاما بعد أن قررت أسرة خاشقجي العفو عنهم فيما أعلنت السلطات السعودية إغلاق القضية.
"من غير المحتمل" حدوثها دون إذن محمد بن سلمان
وتعرضت السردية الرسمية السعودية عن مقتل خاشقجي لانتقادات وتناقضت مع ما خلصت إليه الاستخبارات الأمريكية والتركية والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بعمليات القتل خارج نطاق القانون.
ففي فبراير / شباط عام 2021، قال تقرير للمخابرات الأمريكية إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية للقبض على خاشقجي أو قتله في عام 2018.
وقال مكتب مدير المخابرات في التقرير "نحن نرى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في اسطنبول بتركيا للقبض على الصحفي جمال خاشقجي أو قتله. نحن نبني هذا التقييم على سيطرة ولي العهد على عملية صنع القرار في المملكة والضلوع المباشر لمستشار رئيسي وأفراد من فريق حماية محمد بن سلمان في العملية ودعم ولي العهد لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج ومنهم خاشقجي".
وقال التقرير "يملك ولي العهد منذ 2017 سيطرة مطلقة على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في المملكة مما يجعل من المستبعد للغاية أن ينفذ مسؤولون سعوديون عملية بهذه الطبيعة دون موافقته".
ورغم الاهتمام الإعلامي الكبير بما كشفت عنه الاستخبارات الأمريكية، إلا أن الأمر لقي استهانة من داخل السعودية. في المقابل، كانت هناك محاولات أخرى لتحقيق بعض العدالة في جريمة مقتل خاشقجي.
ففي عام 2020، بدأت محكمة في اسطنبول محاكمة 26 مسؤولا سعوديا غيابيا، بتهم القتل مع سبق الإصرار أو إتلاف أدلة فيما رفضت السعودية تسليمهم إلى السلطات التركية.
قررت السلطات في واشنطن إطلاق اسم "جمال خاشقجي" على شارع يقع أمام مبنى السفارة السعودية في العاصمة الأمريكية
لكن في أبريل / نيسان عام 2022، أوقفت السلطات التركية المحاكمة حيث قال قاض تركي إن القضية ستنقل الآن إلى السعودية بعد أن وافق وزير العدل التركي على طلب المدعي العام وقف المحاكمة، على أساس أن غياب المتهمين أعاقها.
وانتقد منظمات حقوقية القرار باعتباره مسيسا وجاء على وقع المصالحة بين تركيا والسعودية.
ويُضاف إلى مساعي تحقيق العدالة في جريمة مقتل خاشقجي، إقامة دعوى قضائية في الولايات المتحدة من قبل جنكيز ومنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" أو "DAWN" التي أسسها خاشقجي قبل مقتله.
بيد أن القضية رُفضت في نهاية عام 2022، عندما قضت الحكومة الأمريكية بأن محمد بن سلمان يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية لأنه زعيم دولة.
كذلك تصدرت حنان العتر، أرملة خاشقجي، عناوين الصحف بعد أن رفعت دعوى قضائية ضد مجموعة "إن إس أو" وهي الشركة المُنتجة لبرنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، في وقت سابق من العام الجاري حيث زعمت أن الشركة سمحت للسلطات السعودية بقرصنة هاتفها وهاتف زوجها.
وبالعودة إلى السعودية، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ أبناء خاشقجي تسلّموا منازل بملايين الدولارات كتعويضات ويتقاضون شهريًا آلاف الدولارات من السلطات السعودية في إطار ما يُعرف بنظام "الدية".
ورغم بعض الإجراءات القانونية الجارية لتحقيق العدالة في قضية خاشقجي، إلا أن يبدو أن المجتمع الدولي قد تغاضى عن الأمر ضمنيا.
فبعد أن تعهد بايدن بتحويل السعودية إلى "دولة منبوذة " خلال حملته الرئاسية عام 2019، قدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تهانيه للسعودية بمناسبة يومها الوطني، قائلا: "الولايات المتحدة تقدر بشدة العلاقات المتينة التي جمعتنا بالسعودية خلال العقود الثمانية الماضية."
عبد العودة (وسط)، نجل الداعية السعودية المعتقل سلمان العودة، خلال مظاهرة في ذكرى مقتل خاشقجي
ويقول مراقبون إن حكومات الدول الغربية تتجاهل بشكل متعمد انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية إعلاءً لمصالح مع أكبر منتج للنفط في العالم.
" الطغاة لا يجلبون الاستقرار"
ورغم ذلك، يستمر النشطاء السعوديون في نضالهم لتحقيق العدالة وتسليط الضوء على الانتهاكات الحقوقية في المملكة، وهو ما شددت عليه لينا الهذلول.
وفي ذلك، قالت "نواصل النضال على أي حال. وباعتباري مواطنة سعودية، أعتقد أن النضال من أجل جمال سيحقق العدالة له ولأسرته وإرثه على المدى الطويل. لكن على المدى القصير، نحذر الناس بأن هذه الجريمة قد تُرتكب مرة أخرى".
أما عبد الله العودة، فيحاول من خلال إقامته في واشنطن إقناع مسؤولي السياسة الخارجية الأمريكية بإعادة تقييم ما يعتبره "تفرع زائف" بين الواقع السياسي وحقوق الإنسان مع ضرورة التخلي عن فكرة أن "الطغاة يجلبون الاستقرار".
وأضاف "(الولايات المتحدة) لا تخسر الشعب السعودي بهذا النوع من التفكير فحسب وإنما تخسر الجميع بإرسالها رسالة خاطئة إلى العالم وإلى كل دكتاتور مفادها أنه طالما أنك تتربع على بئر نفط، فيمكنك حرفيا أن تفلت من جريمة قتل".
كاثرين شاير / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: مقتل جمال خاشقجي السعودية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان القنصلية السعودية في إسطنبول تركيا واشنطن مقتل جمال خاشقجي السعودية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان القنصلية السعودية في إسطنبول تركيا واشنطن الولایات المتحدة محمد بن سلمان حقوق الإنسان مقتل خاشقجی فی السعودیة جمال خاشقجی السعودیة فی فی المملکة جریمة مقتل العدالة فی خمس سنوات خاشقجی فی ولی العهد فی قضیة بعد أن
إقرأ أيضاً:
هكذا تعاملت الصحافة السعودية مع تصريحات ترامب ورد الرياض عليها
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثيرة للجدل، بشأن تهجير الفلسطينيين ومساعي الولايات المتحدة للاستيلاء على قطاع غزة، اهتماما واسعا في الصحف الدولية والعربية، وسط رفض فلسطيني لكافة مخططات التهجير.
وترصد "عربي21" أبرز ما تناولته الصحافة السعودية حول هذا الموضوع، وكيفية تعاملها مع تصريحات ترامب، ورد الرياض عليها.
وصدّرت صحيفة "البلاد" عبر الصفحة الأولى في نسختها الورقية، عنونا رئيسيا: "الخارجية: موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية ثابت ولا يتزعزع"، وكتبت عنوانا إشاريا: "رفض قاطع للتهجير وضم الأراضي".
وتضمنت تغطية الصحيفة الموقف المصري المطالب بتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، واستعرضت بيان الخارجية السعودية والذي أكد أن "موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت ولا يتزعزع وليس محل تفاوض أو مزايدات".
وأبرزت في متن خبرها الرئيسي، عناوين فرعية: "محمود عباس: مواقف السعودية شجاعة ومشرفة"، و"ملك الأردن: نرفض المساس بحقوق الشعب الفلسطيني".
صحيفة "سبق" السعودية كتبت: "بيان الفجر لمن يهمه الأمر.. حزم المملكة لا يلين أمام كل من يمس قضية فلسطين"، مشيرة إلى أنه "لدى المملكة تاريخ كبير في دعم القضية الفلسطينية، بدأ هذا التاريخ مع نكبة عام 1948، وهو مستمر إلى اليوم، ويتضمن مواقف كثيرة ومشرفة".
ثوابت السعودية تجاه قضية فلسطين
وأضافت الصحيفة أنّه "مع تعاقب الحكومات السعودية، لم تغيّر المملكة من ثوابتها تجاه قضية فلسطين، وهو ما ظهر جلياً خلال العقود الماضية، وصولاً إلى الحرب الأخيرة التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة، واستمرت قرابة 15 شهراً".
ولفتت إلى أنه فجر الثلاثاء الماضي، "أصدرت السعودية بيانا كررت فيه، ما سبق أن أكدته من قبل مرات عدة، بأن موقفها تجاه القضية الفلسطينية، ثابتٌ وراسخٌ ولا يتغيّر، ولا يحتمل المزايدات".
وبحسب "سبق"، فإن المملكة زادت في بيانها الأخير، بأنها ستقف بحزم لا يلين أمام أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وتابعت: "في إشارة واضحة وجلية، لمَن يهمه الأمر، بأن السعودية قيادة وشعباً، سترفض أيَّ محاولاتٍ من هنا أو هناك، لفرض واقعٍ جديدٍ، يعمل على تصفية القضية الفلسطينية، أو يقلّل من أهميتها في وجدان كل العرب والمسلمين، وفي مقدمتهم القيادة والمواطن السعوديان، ويريان أن عدم دعم هذه القضية، خيانة صريحة، وتآمراً علنياً لا مبرر له، ولن يتسامح معه التاريخ".
أما صحيفة "عكاظ" السعودية، فقد نشرت تقريرا عن الرفض العربي والدولي لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على غزة، وتضمن التقرير مواقف رافضة من روسيا وتركيا ومصر، وسط تأكيد على ضرورة السعي نحو التوصل إلى حل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
واقتصر التقرير على الردود الفلسطينية الرفضة مطلقا للتهجير، بما فيها موقف حركة حماس الذي وصف هذه التصريحات بـ"العبثية".
قليلا من العقل يا فخامة الرئيس
ونشرت "عكاظ" أيضا مقالا للكاتب حمود أبو طالب بعنوان: "قليلا من العقل يا فخامة الرئيس"، وقال فيه: "لم يكذب أو يبالغ بنيامين نتنياهو عندما وصف الرئيس دونالد ترامب بأنه أعظم صديق لإسرائيل في تاريخ البيت الأبيض، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعهما على هامش زيارته لواشنطن".
وأضاف أن "ترامب يعد بأن يقدم لدولة الاحتلال ما لم يجرؤ على التفكير فيه رئيس سابق منذ قيامها، إنها الوصفة الترمبية السحرية: سيادة إسرائيل على الضفة الغربية واستيلاء أمريكا على قطاع غزة كملكية أمريكية طويلة الأمد، وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط. ولكن من سيعيش فيها يا فخامة الرئيس؟ يجيب بكل بساطة: ستكون موطناً لشعوب العالم".
وأردف قائلا: "يبدو بشكل مقلق جداً أننا إزاء نسخة ثانية متحورة من دونالد ترامب تتصف بالخطورة الشديدة. فكرة الاستيلاء والغزو تعيدنا إلى ما قبل قيام العالم الجديد والنظام العالمي الذي نشأ بإنهاء الاستعمار وتكوين الأمم المتحدة والقانون الدولي. الرئيس ترامب يعتقد أن الدول لا تختلف عن منتجع مارا لاغو يمكن الاستيلاء عليها ضمن صفقات، وإذا لزم الأمر بالقوة. هذه العقلية تشكل خطراً على العالم بأسره عندما تعشش في جمجمة رئيس أقوى دولة في العالم، بل إنها تشكل خطراً حتى على الدولة التي يقودها، لأن العالم لن يستسلم للتهديد وممارسات الفوقية والإملاءات المتعسفة".
صحيفة "الوطن" السعودية صدّرت خبرا رئيسيا بعنوان: "السعودية: الدولة الفلسطينية ليست محل تفاوض ولا تنازلات"، وأوردت فيه تفاصيل البيان السعودي الرافض لتصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين وعدم إقامة دولة فلسطينية.
ونشرت الصحيفة ملخصا لما وصفته "الموقف السعودي الثابت"، وذكر على شكل نقاط، أن مواقف السعودية ثابتة ولا تقبل المساومة أو المزايدات، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة شرط لأي علاقات دبلوماسية مُحتملة مع إسرائيل، ووقوف المملكة مع الحق الفلسطيني ضد أي محاولات تسعى لتصفيته، والسلام لن يتحقق دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه.
أما صحف "الرياض" و"المدينة" و"الجزيرة" فقد تجاهلت تصريحات ترامب، والبيان السعودي الذي رد على مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وفق ما رصدته "عربي21" على الموقع الإلكتروني الخاص بهذه الصحف.