الجزيرة:
2025-02-07@04:55:44 GMT

الأرمن يواصلون الفرار من قره باغ.. خوف أم تخويف؟

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

الأرمن يواصلون الفرار من قره باغ.. خوف أم تخويف؟

ناغورني قره باغ – بوتيرة متسارعة تتواصل عملية مغادرة السكان الأرمن إقليم ناغورني قره باغ، في حلقة لا يزال من غير المعروف هل تكون الأخيرة وتسدل الستار على مسلسل النزاع الذي استمر لعقود بين باكو ويريفان؟ أم لا؟.

وبنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، فاق عدد الأرمن الذين فروا من الإقليم  إلى أرمينيا 100 ألف شخص، حسب إفادة نازلي باغداراسيان، السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء الأرميني، الذي أشار أن هذا الرقم سيواصل الارتفاع.

أما أرتاك بيغلاريان، المسؤول السابق في سلطات ناغورني قره باغ غير المعترف بها والتي أعلنت رسميا حل نفسها، فأكد أنه لم يبق في المنطقة أكثر من بضع مئات من الأشخاص، مضيفا أن من بين الذين لم يغادروا الإقليم مسؤولون وعمال طوارئ ومتطوعون.

ومع تأكيد الحكومة الأرمينية أنها تعمل على تطوير آليات دولية لضمان أمن الأرمن العرقيين في قره باغ، وأنها تستقبل جميع اللاجئين من المنطقة، فإن السكان الذين غادروا منازلهم وتوجهوا إلى نقاط الاستقبال الأرمنية، يتحدثون عن مشاكل وهواجس يواجهونها، خصوصا مع التدفق الكبير لهم. وتمتد طوابير الانتظار لعدة كيلومترات، لدرجة أن ازدحام السيارات في ممر "لاتشين" يظهر في صور الأقمار الصناعية!

وبعد حوالي 30 عامًا تقريبًا من آخر زيارة لها إلى الجمهورية التي لم يعد لها وجود رسمي، وصلت بعثة أممية تضم مختلف مؤسسات الأمم المتحدة إلى الإقليم للتعرف على الوضع على الأرض وتحديد الاحتياجات الإنسانية للسكان، وتوجهت على الفور إلى منطقة خانكيندي (ستيبانكيرت، حسب التسمية الأرمينية).


رحلة شاقة نحو المجهول

كان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، قد أكد ضمان حقوق السكان الأرمن وتنفيذ التكامل الاجتماعي والاقتصادي للسكان المحليين في المنطقة، لكن تلك التصريحات السابقة لم تخفف من استعجال السكان بمغادرة قره باغ والتقليل من حالات الفوضى والتخبط التي واجهت بعض جوانب هذه العملية، فضلًا عن المخاوف من المستقبل التي تخيم على المغادرين بعد تركهم لمنازلهم.

في هذا السياق، يقول أرمين أرتونيان، الذي غادر الإقليم قبل أيام قليلة مع أسرته المكونة من 7 أشخاص، إنه قرر استعجال الرحيل من ستيبانكيرت بعد انتشار شائعات مفادها أن الأذربيجانيين قد يغلقون الطريق تمامًا، مما جعل المدينة تخرج بأكملها تقريبا إلى الطريق السريع في طابور ضخم بمجرد فتح ممر لاتشين، وهو الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا، وكان مغلقًا جزئيًا منذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ومغلقًا بالكامل منذ أبريل/نيسان العام الحالي.

وفي حديث لا يخلو من مشاعر التأثر، أوضح أرتونيان أن حالة ازدحام سريعة امتدت تقريبًا إلى منطقة غوريس، قبل أن تزداد الحالة ترديًا ويمتد طابور السيارات المتوقفة إلى حوالي 40 كيلومترا، حيث بقي الناس في حالة انتظار لمدة 3 أيام، علما أن أقصى مدة للوصول من ستيباناكيرت إلى نقطة التفتيش لا تتجاوز ساعة ونصفا في الحالات العادية. وأضاف "ببساطة لم نكن مستعدين لمثل هذه الرحلة الطويلة والشاقة".


قلق من المستقبل

تؤرق مشكلة المستقبل بعد العودة إلى أرمينيا كثيرين من أرمن قره باغ، ومن بينهم أرتاك سوفانيان، الذي يتساءل حول الضمانات الحقيقية التي يمكن أن يحصل عليها من غادر الإقليم، وفيما إذا كانت ستقتصر على مجرد توفير أماكن لجوء مؤقته لهم في فنادق يريفان، أم سيتم تأمين مساكن دائمة وفرص عمل.

ويقول إنه في الوقت الذي يشعر فيه بالإرتياح لمغادرة قره باغ، لديه قلق كبير تجاه المستقبل، وخاصة مع الأوضاع السياسية غير المستقرة في أرمينيا، والأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.

من جهته، يقول المحلل السياسي الأرميني فاغي أرتوريسيان، إن حالة القلق موجودة لدى من استطاع مغادرة الإقليم ومن لا يزال عالقًا فيه على حد سواء.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال أرتوريسيان  إنه بالنسبة لمن ما يزالون في الإقليم، هناك مخاوف من أنهم أصبحوا ضمن القائمة التي تطالب باكو بتسليمها، وهي التي تضم سياسيين وعسكريين تعتبر الجهات الأذربيجانية أنهم "حققوا نجاحًا كبيرًا في إقامة الجمهورية الانفصالية"، فضًلا عن الشعور بالقلق إزاء احتمال إغلاق الممر الذي لم يكن مفتوحا إلا بالكاد، حسب وصفه.


سياسة دعائية

هذه الهواجس لا تبدو كذلك لدى مراقبين أذربيجانيين، ومنهم الباحث في شؤون جنوب القوقاز أحمد عليلي، الذي يشدد على أن الجانب الرسمي الأرميني يدير حملة إعلامية وحربا نفسية تضر في المحصلة بالسكان الأرمن أنفسهم والرأي العام في أرمينيا.

وحسب رأيه، فإن يريفان "مرتاحة ضمنيًا" لهذا التطور لأنه أغلق ملفًا لم يعد من الوارد أن تشن حروبًا إضافية من أجله، لا سيما بعد اعترافها النهائي وبشكل رسمي بأن الإقليم هو أراضٍ أذربيجانية.

بالإضافة إلى ذلك، يشير عليلي إلى أن ما يصفها بالسياسة الدعائية التي تمارسها يريفان ستؤدي -خلال الأيام المقبلة- إلى عدم بقاء كل الأرمن في الإقليم، ممن وقعوا تحت تأثير التخويف من الخضوع للسطات الأذربيجانية، متابعًا أن الحكومة الأرمينية تلعب على ترهيب السكان بشكل غير مباشر، وفي الوقت ذاته تصور خروجهم بأنه هروب من أعمال التطهير العرقي والترحيل.

واختتم بالقول إنه إذا كان جزء من السكان الأرمن في قره باغ  لا يريد العيش والامتثال للقوانين الأذربيجانية، فلا يمكننا إجبارهم على القيام بذلك. وعلى العكس من ذلك، يعتبر تصريح الرئيس علييف بخصوص الضمانات، خطوة في سياق حث السكان الأرمن على عدم مغادرة أماكن إقامتهم والانضمام إلى المجتمع الأذربيجاني متعدد الجنسيات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: السکان الأرمن قره باغ

إقرأ أيضاً:

هندسة الديمغرافيا الفلسطينية: مخطط التهجير ومخاطر الإقليم

#هندسة_الديمغرافيا_الفلسطينية: #مخطط_التهجير و #مخاطر_الإقليم

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، يتجدد الحديث عن واحدة من أخطر المؤامرات التي تواجه القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها: مخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى دول الجوار، وعلى رأسها مصر والأردن. هذا المخطط ليس مجرد طرح إعلامي عابر، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل الخارطة الديمغرافية والسياسية في المنطقة، بما يخدم المصالح الإسرائيلية ويُجنب الاحتلال أي استحقاقات قانونية أو سياسية تتعلق بحل الدولتين أو بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

إن محاولة ترحيل الأزمة الإسرائيلية إلى الأراضي العربية لا تعني فقط التخلص من عبء غزة والضفة، بل تعكس رغبة إسرائيلية أمريكية في فرض واقع جديد، يكون فيه الفلسطينيون مجرد لاجئين يبحثون عن مواطنة بديلة، بينما يتم تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية يتم التعامل معها بمنطق الإغاثة وليس الحقوق السياسية والسيادية.

مقالات ذات صلة الكشف عن تفاصيل عملية حاجز “تياسير” بالضفة الغربية 2025/02/04

هذا المشروع الخطير يفرض تحديًا وجوديًا على الأردن ومصر، اللتين تمثلان ركيزتين أساسيتين في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي. فالأردن، الذي يحمل عبء القضية الفلسطينية منذ عقود، يجد نفسه أمام محاولة جديدة لفرض حلول على حساب أمنه القومي واستقراره الداخلي، بينما تواجه مصر ضغوطًا لتقديم تنازلات استراتيجية في سيناء، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لوحدتها وسيادتها.

من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل أن الثقة بين إسرائيل والدول الغربية تتآكل تدريجيًا، فإسرائيل لم تعد قادرة على تسويق سياساتها العنيفة كما كان الحال في الماضي، كما أن الدول العربية لم تجنِ شيئًا من اتفاقيات السلام الموقعة معها، بل على العكس، وجدت نفسها أمام مزيد من الضغوط والتنازلات دون أي مقابل حقيقي. إن استمرار هذه المخططات سيؤدي إلى تفاقم أزمات اللاجئين في الأردن ومصر، وإعادة إنتاج مشاهد الفوضى وعدم الاستقرار، ما قد يدفع بالمنطقة إلى حافة الانفجار الأمني والسياسي، مع تداعيات تمتد إلى أوروبا والولايات المتحدة نفسها، التي ستجد مصالحها الإقليمية في مهب الريح.

إن الرد العربي على هذه المخططات يجب أن يكون أكثر من مجرد بيانات شجب واستنكار، بل لا بدّ من تحركات دبلوماسية فعالة تعيد صياغة التحالفات الإقليمية والدولية لمواجهة هذا التهديد الوجودي. فالأردن ومصر بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقهما وبناء علاقات أوسع مع قوى دولية مثل الصين وروسيا وأوروبا، وحتى دول أمريكا اللاتينية وكندا، لتشكيل جبهة سياسية واقتصادية قادرة على كبح الغطرسة الإسرائيلية والأمريكية وإحباط أي محاولة لفرض هندسة ديمغرافية جديدة على حساب الأمن القومي العربي.

وفي هذا السياق، من الضروري أيضًا تعزيز العلاقات مع سوريا، وقطر، وتركيا، والدول التي تتبنى مواقف أكثر استقلالية تجاه قضايا المنطقة، لأن تشكيل تحالف عربي-إقليمي موسع من شأنه تقوية الموقف التفاوضي للأردن ومصر، ويمنحهم أوراق ضغط حقيقية في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.

لقد أثبتت التجارب السابقة، لا سيما مع إفشال “صفقة القرن”، أن السياسات الأمريكية ليست ثابتة، وأن قدرتها على فرض حلول على المنطقة تتراجع مع مرور الوقت. لذلك، فإن سياسة المماطلة وكسب الوقت يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأردنية والمصرية، إلى حين تبدّل الأوضاع السياسية في واشنطن، أو ضعف قدرة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها.

إضافة إلى ذلك، فإن إدارة ترامب، أو أي إدارة أمريكية تتبنى سياسات مشابهة، ستجد نفسها غارقة في أزماتها الداخلية، حيث تعاني من انقسامات داخلية حادة، وصراع دائم بين ترامب و”الدولة العميقة”، إلى جانب خلافاته مع حلفائه التقليديين في أوروبا واسيا، وخصوماته مع دول الجوار مثل المكسيك وكندا وبنما ودول امريكا اللاتينية . هذه الصراعات توفر مساحة إضافية للمناورة أمام الدول العربية، إذ يمكن استغلال هذه الثغرات لإضعاف تركيز الإدارة الأمريكية على تنفيذ المخطط، وتعطيله حتى يصبح غير ذي جدوى أو تتغير الظروف السياسية بشكل يفرض واقعًا مختلفًا.

إن محاولة إعادة رسم الخارطة الديمغرافية لفلسطين بالقوة لن تكون مجرد أزمة فلسطينية، بل ستتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن القومي العربي ككل. فترحيل الفلسطينيين ليس فقط جريمة أخلاقية وقانونية، بل هو وصفة أكيدة لانفجار إقليمي لن يكون أحد بمنأى عنه، سواء في الشرق الأوسط أو حتى في الغرب، الذي بدأ يدرك تدريجيًا خطورة السياسات الإسرائيلية على الاستقرار العالمي.

لذلك، فإن الموقف الأردني والمصري يجب أن يكون حاسمًا وواضحًا: لا لهندسة ديمغرافية جديدة، لا لتمرير الأزمات الإسرائيلية إلى الدول العربية، ولا لأي تسويات على حساب الأمن القومي للمنطقة. يجب أن يدرك الجميع أن أي قبول بهذه المخططات، مهما كان تحت غطاء دبلوماسي أو إنساني، لن يكون إلا مقدمة لمزيد من التنازلات التي لن تتوقف عند حدود فلسطين، بل ستمتد إلى كل الدول العربية دون استثناء.

ختامًا، إفشال هذا المخطط لا يتطلب فقط الرفض اللفظي، بل يحتاج إلى تحركات دبلوماسية حقيقية، وتحالفات استراتيجية، وسياسات ذكية قادرة على تعطيل المشروع الأمريكي-الإسرائيلي، تمامًا كما حدث مع “صفقة القرن”. إن العالم لا يتحرك إلا بلغة المصالح، ومن هنا، فإن الكرة الآن في ملعب الدول العربية، فإما أن تتحرك بوعي ومسؤولية، أو أن تجد نفسها أمام واقع مفروض لا رجعة فيه.

إن التاريخ لا يرحم من يتخاذل، والقرارات المصيرية لا تحتمل التردد. اليوم هو الوقت المناسب لإعادة رسم المشهد السياسي، وإثبات أن العرب قادرون على الدفاع عن قضاياهم، ليس فقط بالكلمات، ولكن بالفعل والتخطيط والاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • رغم الظروف الجوية القاسية.. عناصر شرطة المرور يواصلون تنفيذ مهامهم لتخفيف الازدحام المروري الذي تشهده محافظة إدلب
  • المالية النيابية تطالب الإقليم بدفع المستحقات المالية التي بذمته والالتزام بقانون الموازنة
  • بدء تفريغ غزة من السكان.. قصة مانشيت قبل 55 عاما
  • زيلينسكي يزعم فقدان 45 ألف جندي من قواته.. خلال الحرب مع روسيا
  • أربيل تناقش استراتيجية داخلية الإقليم لسلامة الطرق
  • مالية كردستان: رواتب موظفي الإقليم ستوزع يوم غد الأربعاء
  • المطران بانوسيان في جنازة نائبه كوجانيان في عنجر: لمعاقبة المجرمين
  • اعتقال شرطي مزيّف أرهب السكان في بريطانيا
  • هندسة الديمغرافيا الفلسطينية: مخطط التهجير ومخاطر الإقليم
  • أربيل.. ندوة بشأن المستجدات الطبية للسرطان والاحصائيات تشير لتراجع المرض العضال في الإقليم