موقع 24:
2024-12-18@13:20:15 GMT

فقرة في حوار الأمير محمد بن سلمان

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

فقرة في حوار الأمير محمد بن سلمان

اعتمد الخطاب الموجه إلى عوام الناس في أوروبا المسيحية ذم الثراء، أو الارتياب فيه.

السبب واضح حين تنظر إلى الخريطة الاجتماعية الاقتصادية. طبقة من النبلاء الأثرياء، ثم فجوة شاسعة، فطبقة من الأيدي العاملة. النشاطات الإنتاجية البينية شبه منعدمة. ومصير الإنسان من الرخاء والشقاء مكتوب بالميلاد، يعيش في الطبقة التي ولد فيها، وفيها يموت.

ومن الأفضل أن يستمع إلى ما يواسيه في الحياة الحاضرة، ويعده بالتعويض في الحياة الآخرة.
ثم أدى توسع التجارة وحركة الكشوف والرحلات إلى تغيرات اقتصادية كبرى، ووفّر أنشطة اقتصادية بينية منحت المغامرين والنابهين من أبناء الطبقات الفقيرة الفرصة للترقي وتكوين الطبقة الوسطى. كان هذا عاملاً أكبر في تغير الخريطة الاجتماعية لأوروبا، وجَسر فجوات البناء الطبقي، وأفرز ما عرف بعصر الميلاد الجديد «Renaissance» وما بعده من تنوير ونهضة.
في أوروبا القرن السادس عشر لم تعد طريق الأثرياء إلى رضا الله ضيقة مثل ثقب إبرة الخيَّاط. على النقيض، جادل التجديد الديني البروتستانتي بأن تحسن الحال الاقتصادية للفرد، بالعمل والاجتهاد وحس المسؤولية، طريق إلى الرضا الإلهي ودليل عليه. هذا على مستوى الخطاب الديني. يوازيه على الجانب الفكري خطوات على طريق فصل الغيبيات عن إدارة السياسة والاقتصاد. لا أقصد بالغيبيات هنا الدينية السماوية فقط، فبعض ما يطرحه البشر يضعونه أيضاً في مكانة أسمى من النقاش، وكأنه قيمة غيبية. فلا يعود النقاش الاقتصادي السياسي براغماتياً واقعياً إجرائياً، بل إنه نقاش حول صياغات لغوية أخلاقية. يرفع أحدهم شعاراً مثل العدالة الاجتماعية، لكنه يحصن به إجراءات لا تقود سوى إلى مزيد من الفقر للجميع.
كتاب «الأمير» لماكيافيللي كان نموذجاً في النظر إلى السياسة مثل فن قائم بذاته، له قيمه الخاصة، وأحكامه الخاصة. في خط مواز سارت العلوم الرقمية، من حرفة المحاسبة إلى علم الاقتصاد، من لوكا باتشيولي والمدخلات الثنائية إلى آدم سميث وثروة الأمم. يثرى المرء بفن التقاط الفرصة ودقة الحساب وكفاءة الإدارة، لا بجودة قيمية غيبية لنشاطه الاقتصادي. قد يثرى تاجر ببيع التيوليب في هولندا أكثر مما يثرى نظيره بمشروع إنتاجي في بريطانيا. وقد تدور الدورة ويفقر الأول وتتحسن حظوظ الثاني. المعيار ما أشرت إليه من مهارات الاستثمار، وإدراك الفرصة السانحة، وقراءة السوق، وكفاءة إدارة الموارد. وكلها عوامل واقعية يمكن قياسها وفهمها، ويمكن مراجعتها ونقدها والاستفادة منها في التجارب اللاحقة. يمكن تحويلها إلى قيم رقمية. هذا جوهر التغير. بل هذا جوهر الصراع الآيديولوجي الاقتصادي اللاحق بين الرأسمالية التجارية من جهة، والاشتراكية الزراعية السوفياتية وذريتها على الجهة المقابلة.
في حوار الأمير محمد بن سلمان مع قناة «فوكس» الأميركية عناوين كثيرة. لكن استدعى انتباهي ردُّه على سؤال «غسل السمعة» من خلال الرياضة. قال حرفياً، وفق ترجمة «سي إن إن»: «أنا لا أهتم. الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة واحد في المائة من الرياضة، وأهدف إلى أن يكون 1.5 في المائة. سمها ما شئت. سنحصل على 1.5 في المائة».
الرقم هنا هو البطل، العنصر الموضوعي في التقييم. الثراء من القوة الناعمة لا يقل أهمية عن الثراء من القوة الصلبة. ولا يناقضه. ويحتاج إلى عين ترى الفرصة، وخيال استثماري وكفاءة إدارية، وفهم للسوق. ميزة الثراء من القوة الناعمة أن عائده أسرع، ويوفر الرخاء اللازم لتدعيم القوة الصلبة.
كتبت عبر السنين مشجعاً دول المنطقة على اغتنام فرص الاقتصاد الخفيف، بالتركيز بقوة على الاستثمار في قطاعات مثل السياحة والإنتاج السينمائي والفني والرياضة، وعلى تقوية ثقافة السلم بالمشاريع الاقتصادية، وعدم الانجرار خلف التقييم الغيبي المتعالي لقطاعات الاقتصاد، أو لقرارات السياسة. ليست هناك سلعة استفزازية وأخرى مباركة. السلع مجرد أرقام في الاقتصاد نسعى خلفها، ووجودها مرتبط بوجود طالبيها، لا أكثر ولا أقل. هذا سبب أعرف به لماذا توقفت بالذات عند هذه الإجابة لولي العهد السعودي.
السبب الآخر أن اللغة، اللفظية والجسدية، في طرح الإجابة تعكس تحرر الثراء من الشعور بالذنب. وهو شعور سعت إلى فرضه الدعاية الستينية الاشتراكية، ثم الثمانينية الإسلامجية. ونجحت إلى حد بعيد. فضربت دول نفسها بالسياط حتى انهارت، وتعطلت أخرى عن اقتناص فرص لمزيد من الثراء. هذا تحرر نفسي لا بد منه لبناء رؤية اقتصادية واقعية عملية معاصرة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة محمد بن سلمان

إقرأ أيضاً:

التعاون الدولي واستدامة الفضاء والحوكمة تتصدر نقاشات «حوار أبوظبي»

أبوظبي: «الخليج»
برعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اختُتمت الدورة الثانية من «حوار أبوظبي للفضاء»، الذي نُظم يومي 10 و11 ديسمبر 2024، بعد يومين من المناقشات والتعاون بين خبراء الصناعة لمعالجة أهم التحديات واستكشاف الفرص المستقبلية لقطاع الفضاء، وتصدر نقاشات الحوار التعاون الدولي واستدامة الفضاء والحوكمة.
وشارك في الحوار نحو 1000 من السياسيين، وممثلي الحكومات، والصناعة، والأكاديميين، والناشئين في الفضاء من القطاعين العام والخاص، وممثلين عن وكالات الفضاء الحكومية ومندوبين من 53 دولة.
وقدم 20 متحدثاً بارزاً من المشاركين أفكارهم الرائدة في كثير من الجلسات الحوارية، ومن بينهم الدكتور جوزيف أشباخر، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية، والبروفيسور براين كوكس، الفيزيائي في مختبر العالم في فيزياء الجسيمات، وهيرفي ديري، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «تاليس ألينيا سبيس»، وآرتي هولا مايني، مديرة مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي.
ومن الإمارات، الدكتور أحمد بلهول الفلاسي، وزير الرياضة، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، وسالم القبيسي، المدير العام للوكالة، وعمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وسالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، والدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي، مستشار أول للتقنيات الفضائية والسيبرانية في مجموعة «إيدج».
وتضمنت الفعاليات، تنظيم طاولة مستديرة مغلقة بمشاركة أبرز الشخصيات، وورش ركزت على موضوعات الأمن والاستدامة وإمكانية الوصول إلى الفضاء. وقاد هذه الورش أكاديميون، من بينهم الدكتور إيفريت كارل، أستاذ زائر في استراتيجيات الفضاء بجامعة جونز هوبكينز.
وأكد سالم القبيسي، أهمية التعاون الدولي في حماية الأمن العالمي عبر تقنيات الفضاء، لأن التحديات التي نواجهها في الفضاء تتطلب جهوداً جماعية مع موازنة المصالح الوطنية. وشدد الدكتور جوزيف أشباخر، على الحاجة الملحة إلى إزالة الحطام الفضائي بفاعلية.
وأكدت المناقشات، ضرورة أن يكون الفضاء متاحاً لخدمة البشرية جمعاء. وشارك تيودورو فالنتي، رئيس وكالة الفضاء الإيطالية، وعمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، أفكارهما في التطور المستمر لتطبيقات الفضاء. وكانت حوكمة الفضاء والأمن القومي من المواضيع الأساسية للجلسات. وأكد الدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي، أهمية تعزيز الوعي بالوضع الفضائي للتخفيف من المخاطر وضمان سلامة الأنشطة الفضائية. وركز سالم المري، على دور الأسواق الناشئة.
وقال سالم القبيسي: «كان من الواضح وجود فهم عالمي ورغبة حقيقة في التعاون حتى تستفيد جميع الدول من الفرص المتاحة في الفضاء، إلى جانب الإضاءة على ضرورة وجود مناقشات وحوارات هادفة للوصول إلى التزامات قابلة للتنفيذ».
وأضافت فاطمة الشامسي، مديرة إدارة السياسات والعلاقات الدولية، في وكالة الإمارات للفضاء: «نحن واثقون بأن منصة الحوار ستواصل لعب دور محوري في الحوارات المستقبلية وستؤدي إلى المزيد من الالتزامات في المستقبل القريب».

مقالات مشابهة

  • حلم الثراء السريع.. قرار قضائي ضد عصابة التنقيب عن الآثار بالزيتون
  • مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن يقيم برنامجًا طبيًا تطوعيًا بعدة تخصصات طبية
  • الاقتصاد الرقمي والعملات المشفرة.. مستقبل المال والتحول الاقتصادي العالمي
  • التعاون الدولي واستدامة الفضاء والحوكمة تتصدر نقاشات «حوار أبوظبي»
  • القوة الناعمة والقوة الذكية
  • ابن طوق يناقش مع “صناع المحتوى الاقتصادي” سبل التميز في التناول الإعلامي الاحترافي
  • ارتفاع وتيرة نمو النشاط الاقتصادي في الهند
  • وزير الاقتصاد الألماني: نموذجنا الاقتصادي حشر في الزاوية
  • نقل مباراة السلط والوحدات إلى ستاد الأمير محمد بالزرقاء
  • محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف خمس فصائل نباتية وحيوانية جديدة على العلم دوليًا