موقع 24:
2024-10-03@18:36:21 GMT

الاستقطاب السياسي في أمريكا

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

الاستقطاب السياسي في أمريكا

إذا أردت الوقوف على حقيقة الوضع في أمريكا فعليك أن تتابع حالة الغياب المنظم للسياسة فيها، فهي من أهم مؤشرات التراجع، والحقيقة أن خصائص المجتمع والسياسة بأمريكا مكنت الإمبراطورية من احتواء مواطن الضعف، فحافظت على وجودها وأمدت في عمرها.



فعلى سبيل المثال، نجحت أمريكا في معالجة الكساد الذي حل بالبلاد في ثلاثينيات القرن العشرين، عبر برامج اجتماعية واسعة كانت ولا تزال صمام الأمان الذي يحمى ملايين الأمريكيين.

ورغم أن فرانكلين روزفلت كان يحكم، وقتها، ومعه أغلبية من حزبه بالكونجرس، كادت المحكمة العليا أن تحكم بعدم دستورية تلك البرامج لولا لجوء الرئيس للرأي العام، فتراجعت المحكمة.
ورغم أن المسألة العرقية لا تزال «المعضلة الأمريكية» الكبرى، على حد تعبير عالم السياسة السويدي جانار ميردال، فقد نجحت أمريكا في احتوائها، لا علاجها، في الستينيات، بصدور تشريعات تحظر التمييز القانوني وإن بقى التمييز على أرض الواقع. ثم جاءت استقالة نيكسون في السبعينيات وكأنها تصحيح للمسار بالكامل، أي ليس فقط داخلياً إزاء تجاوزات الرئاسة وإنما كمُسكّن بعد الكارثة الخارجية التي مثلتها حرب فيتنام.
لكن الانحسار الأمريكي بدأت مؤشراته الأولى بمنتصف التسعينيات، فكانت المفارقة، فقد برزت تلك المؤشرات في لحظة بدت فيها الولايات المتحدة في أفضل حالاتها، فانهيار الاتحاد السوفييتي اعتبرته أمريكا نصراً لها، وهي تحولت بين ليلة وضحاها للقوة العظمى الوحيدة، وبداية ما أطلقت عليه «القرن الأمريكي».
ومع نهاية التسعينيات، صارت الميزانية الأمريكية تحقق فائضاً لأول مرة منذ عقود. باختصار، كانت المفارقة أن المؤشرات الأولى لانحسار الإمبراطورية بزغت في اللحظة التي كانت فيها البلاد في أوج مجدها داخلياً وخارجياً.
أما تلك المؤشرات الأولى فكانت استقطاباً سياسياً حاداً غيّر وجه الحياة في واشنطن وجعل ممارسة السياسة مسألة بالغة الصعوبة. ففي أواخر السبعينيات، كان قد انضم للكونجرس فريق من الجمهوريين لم يختلفوا عن زملائهم الأقدم أيديولوجياً بقدر ما اختلفوا في منهج العمل.
فقد رفضوا أن يظل حزبهم بمقاعد الأقلية وانتهجوا في سبيل الوصول للأغلبية تكتيكات المواجهة والصدام ليس فقط مع الأغلبية الديمقراطية وإنما مع زملائهم الجمهوريين الأقدم الذين كانوا يرون أن دورهم هو التوصل لحلول وسط توفيقية مع الديمقراطيين من أجل مصلحة المواطن العادي، وما هو إلا عقد ونصف العقد حتى وصل هذا الفريق بالحزب الجمهوري لمواقع الأغلبية، وإن بثمن باهظ، هو استقطاب سياسي حاد.
فقد تمادى ذلك الفريق فجرّ بيل كلينتون لمعركة لعزله من منصبه. ورغم أن المعركة انتهت لصالح كلينتون، فقد رفعت حدة الاستقطاب حتى أن مسألة عزل الرئيس التي كانت استثناءً طوال التاريخ الأمريكي صارت منذ عهد كلينتون هي القاعدة لا الاستثناء.
وتغير الخطاب السياسي في مفرداته ومضمونه وصار فجاً وأكثر حدة من أي وقت مضى، وكانت النتيجة أن كشفت انتخابات 2000 الرئاسية عن أمة منقسمة بالتساوي تقريباً فحسمت المحكمة العليا، لا الناخبين، النتائج.
ثم حرب العراق وأفغانستان، فتبدد فائض الميزانية، وانتهى حكم بوش الابن بالأزمة المالية الطاحنة التي سببها انهيار سوق العقارات، والتزايد المذهل في الإنفاق العسكري متزامناً مع تفاقم الاستقطاب لم يسمحا بإيجاد حلول ناجعة لتراكم الأزمات الاقتصادية التي غذت الغضب العام وساعدت الصعود المتنامي لتيار الشعبوية اليمنية.
واحتواء المسألة العرقية في الستينيات كان كالمُسكّنات المؤقتة التي لم تعالج المرض، فانفجر بركان العنصرية من جديد مع وصول باراك أوباما، أول رئيس أسود للرئاسة، وكان انتخاب دونالد ترامب بعده النتيجة الموضوعية، فالرجل استخدم مفردات تتماهى مع خطاب تيار تفوق البيض، ولم يغادر السلطة إلا عشية أزمة كبرى تمثلت في اقتحام الكونجرس بالقوة من جانب أنصاره. فصارت الولايات المتحدة تشهد خطاً بيانياً صاعداً في المستويات غير المسبوقة للاستقطاب السياسي.
والاستقطاب يؤدي لغياب السياسة، وهو ما يتجلى في محاولات كل حزب إبعاد الآخر عن السلطة عبر طرق ليس من بينها صوت الناخب. فالديمقراطيون يسعون حثيثاً لإبعاد ترامب عن الرئاسة عبر ملاحقته قضائياً. والجمهوريون يريدون طرد الديمقراطيين من البيت الأبيض عبر عزل جو بايدن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة

إقرأ أيضاً:

تدرُّج دبلوماسية النار.. تدحرُج ملح السياسة

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

قد لا نصل إلى تقييم حقيقي لتركيبة كيان لقيط زرع في فلسطين، من دون فهم كامل لشخصيات منظريه، وغايات صناعته البالغة التعقيد.. تلك التعقيدات المترجرجة التي تظهر الشيء وضده على نحو يجعل المتابع والقارئ للأحداث في المنطقة يحتار في تصنيف معادلات التصعيد والكذب في السياسة الدولية؛ هل زاد ملح السياسة الدولية ملاحًا؟ أم أناس الكيان اللقيط مخلصون للنظرية الصهيونية؟ أم غاية صناع وجود الكيان القضاء على إنسانية من يملك الحقيقة، والقبض على حريتهم، وسلب خيرات بلدانهم بدرجة مستفزة؟

تتساقط من القوى الاستعمارية كل أنواع الأكاذيب الاستراتيجية، ذات بعد قومي صهيوني، مقترنة بإثارة الذعر وصناعة الأساطير حول ماضي فئة لا تشرف أفعالها الإنسانية، ولا مستقبلها المبني على الخرافة والأساطير، الذي لا يضر حاضر منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل ويزعزع محاولات بناء المستقبل فيها.. لهذا فإنَّ الدعاية التي ينتهجها أشخاص الكيان اللقيط "أكذب ..أكذب.. فسيصدقك الناس في النهاية"، وهي صفة اشتهر بها وزير الدعاية النازي جوبلز.

للقضية الفلسطينية ثلاثة جوانب، الجانب الذي يراه الكيان الغاصب، والجانب الذي يراه المُستعمر القديم الجديد، و"الحقيقة"! التي لا يرى الكيان والعالم الظالم شيئاً منها.. لقد امتد هذا العمى حتى إلى ارتكاب الكيان اللقيط جرائم الإبادة الجماعية في غزة والأراضي التي يحتلها، ثم اتبعها بمجازره في لبنان، ولا يرى العالم الظالم في هذه الجرائم إلا استفزازا وتشهيرا بقطعان الاستيطان وكيانهم، بينما تستمر همجية عدوانه، تتكاثر غدد إرهابه، وتتضاعف جرائمه وعدوانيته، وسط جدل حول تدرج رد المقاومة، وتدحرج كذب السياسة.

بدأ الكيان اللقيط يلعق وجهه القبيح المستفز، وتساقط لعاب كذبته السياسية على بقايا أشلاء الأبرياء، زحفت جرائمه إلى كل الساحات، وكمل ما ينقصها ملح السياسة، ومساندة من زرعه في قلب الوطن العربي.

لقد تدرج رد المقاومة على عدوان الكيان اللقيط، انكشفت عورته، وتسربت حزمة الوهن في جسده.. كان أبشع خلايا هذا الوهن معادلة الانتظار، والوقوف على رجل ونصف.. لهذا على من يعتب على المقاومة كثيرا، ويلومها أشد اللوم على تأخر ردودها، أو تدرجها في استخدام قوتها، وضرب بنك أهدافها في جسد الكيان عليه أن يعي حقيقة تدرج دبلوماسية نار المقاومة في الرد، واستراتيجية القدرة الذاتية، وعدم تكليف الغير أو تجميع بنك الأهداف بشكل عشوائي.. المقاومة تعلم الكيان اللقيط وخبرته، لطالما كان الكذب موجودا في تكوينه، في إعلامه وسياسته.. سرديته من أساسها مبنية على الكذب وعلى تزييف الحقائق التاريخية، لذلك فإنَّ تدحرج كذب سياسة الكيان اللقيط والعالم الظالم تغلف الحقيقة، وصار الكذب من أبرز صفات قادة الكيان اللقيط وداعميه.

لم يعِ العالم الظالم بعد أو لا يريد أن يستوعب الحقيقة، لأنه لا يقر الحق لأصحابه، ويسمي مقاومة شعوب المنطقة للاحتلال، بمسميات سماها هو وكيانه اللقيط، ويطالب دولها أن تحاكي واقع كذب السياسة ومجاراتها، حيث لا قيمة لمبدأ أو رأي أو حتى حق.. يراد لواقع مجتمعاتها أن يحدده كيان زرعه المستعمر القديم فيها، ويرسم معالم مستقبلها، لذلك لا غرابة في زيادة ملح سياسة المنظومة الدولية، لأجل تحقيق الغاية من تكوين هذا الكيان اللقيط.. الأمر الذي عمل عليه منظريه، هو انصياع البيئة الحاضنة للمقاومة، والخضوع للعبة الكيان القذرة في جسد الأمة.. بحيث تصبح خرافته منهجًا، وكذبته فنًا يتسابق إليها الساسة في أمريكا على كرسي السياسة، ليخرجوا عند كل فترة انتخابية بعلوم وفنون وأفكار وممارسات خالية من الحقيقة والثوابت.. هل المطلوب من مقاومة الشعوب مغازلة الكيان اللقيط والغرب بأنظمته والتدحرج في سياسته؟

إن ديدن كذبتهم الكبرى سلام وأمن دوليين، وحقوق إنسان مسلوبة، وديدن مجلس أمنهم التدحرج في تبرير زعزعة سلام وأمن المنطقة من قبل الكيان اللقيط.. رأي مقاومة شعوب المنطقة إعادة الحقوق إلى اصحابها، وإبراز الحقيقة، حتى وإن آثار ذلك غضب الكيان وصانعيه، الذين اعتادوا مواجهة الحقيقة، وحجب حرية رأي شعوب المنطقة الصريح في تصرفات الكيان اللقيط المشينة ضد الإنسانية.. أغضب مساندة المقاومة في لبنان للشعب الفلسطيني الكيان اللقيط، فاختار العدوان على لبنان، بهدف فصل إسناد مقاومة لبنان عن ساحة مقاومة غزة، أن لا تنظر إلى حقيقة الصراع.. ولأن المقاومة في لبنان لم تستجب لدحرجة كذب سياسة الكيان اللقيط، ولم ينتبها السأم حتى إظهار الحقيقة، مهما غضب في عدوانه على لبنان، لن تتخلى عن حق الإنسان الفلسطيني في غزة، حتى وإن تدحرج معه ملح سياسة منظومة الغرب المستعمر، وساندت أمريكا ومن جرى في فلك سياستها عدوان الكيان اللقيط على لبنان، ما لم يستطع الحصول عليه الكيان بدبلوماسية النار لن يستطيع الحصول عليه بملح السياسة.

 

مقالات مشابهة

  • بقيادة بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة الرسمي أمام الأخدود في دوري روشن السعودي
  • سيدة صينية تضع طفلين من رحمين.. «بتحصل مرة في المليون»
  • يتحدثون في السياسة والعسكرة دون اختصاص
  • أوبك بلس تبقي على خططها للإنتاج رغم التوقعات بزيادة العرض
  • تدرُّج دبلوماسية النار.. تدحرُج ملح السياسة
  • حماس: المجازر الصهيونية التي تدعمها أمريكا لن تضعف عزيمة وصمود ‏شعبنا
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • روسيا: السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط فشل ذريع
  • وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان