طالت الحرب الأوكرانية أكثر مما توقعت الدول الغربية، وما قدمته من دعم عسكري ومالي وصل إلى حد لم يعد بمقدورها تقديم المزيد بعده، وبعضها قرر وقف تقديم الدعم العسكري مثل بولندا التي قالت إنها ستركز من الآن وصاعداً على تعزيز قواها الدفاعية الخاصة.
في حين أن دولاً أخرى بدأت تعاني من نفاد مخزونها من السلاح والذخائر، وهو ما اعترف به أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ بدعوته دول الحلف إلى زيادة الإنتاج، فيما حذر رئيس اللجنة العسكرية في الحلف الأميرال روب باور من أن زيادة حجم الإنفاق الدفاعي للحلفاء لن تؤدي بالضرورة إلى تعزيز الأمن بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الأسلحة والذخائر التي ترتفع بشدة قائلاً «نحن ندفع في الوقت الحالي المزيد مقابل الكمية نفسها بالضبط»، في إشارة إلى ما تحققه مصانع الأسلحة من أرباح خيالية جراء الحرب الأوكرانية.وسوف تكون هذه القضية واحدة من القضايا التي سيناقشها وزراء دفاع الحلف خلال اجتماعهم المقرر في بروكسل يومي 11 و12 من الشهر الجاري.
وفقاً لإحصائيات أوروبية فإن ما قدمته الدول الأوروبية حتى الآن من دعم مالي وعسكري يزيد على 72 مليار يورو، وهذا المبلغ يساوي تقريباً ما قدمته الولايات المتحدة، وكله على حساب المواطن الأوروبي والمشاريع الاجتماعية والصحية والتنموية التي افتقدها، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، ما دفع إلى تظاهرات في العديد من الدول تدعو إلى وقف الحرب.
اللافت أن بريطانيا التي تعتبر من أكبر مؤيدي استمرار الحرب وداعمي أوكرانيا، بدأت هي الأخرى تتململ وتبدي مخاوفها من أن لا يؤدي الدعم إلى الهدف المطلوب، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بقوله «إن دعم أوكرانيا صعب ومؤلم وإذا لم يستمر الحلفاء في تقديمه، فإن الوضع في العالم سيتدهور». واعترف كليفرلي في حديث لمجلة «ذا هاوس» بأن «التعب من الصراع في أوكرانيا يشكل مشكلة كبيرة.. وإذا تراجعنا ستكون الأمور أكثر صعوبة».
إن بريطانيا التي تعتبر نفسها شريكة في الحرب ومن أكبر داعمي كييف تشعر بالقلق من تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا، لذلك هي تحاول اتخاذ خطوات غير محسوبة العواقب بالتورط المباشر في الحرب من خلال التخطيط لإرسال قوات بريطانية إلى أوكرانيا «في إطار برنامج تدريب» بدلاً من الاعتماد على قواعد بريطانية وقواعد أعضاء حلف الأطلسي الآخرين، وفق ما ذكر وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس لصحيفة التلغراف، حيث دعا أيضاً شركات الدفاع الوطنية إلى إنشاء مصانع في أوكرانيا.
لقد بات واضحاً أن جسور الإمداد العسكري الأوروبي إلى أوكرانيا لم تعد قادرة على تلبية متطلبات الحرب التي دخلت نفقاً طويلاً لا نهاية له، وهذا بطبيعة الحال سوف يؤثر في مجريات الحرب ونتائجها، فيما قررت روسيا تجديد مخزونها وزيادة إنتاجها من الأسلحة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
إنترسبت: هل ينكر مسؤولو أوروبا جرائم الحرب في غزة رغم الوثائق؟
قال موقع إنترسبت الأميركي إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رفضوا دعوة لإنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل الشهر الماضي، رغم الأدلة المتزايدة التي قدمت إليهم في تقييم داخلي، على جرائم الحرب وربما الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم آرثر نيسلين- أن محتويات التقييم المكون من 35 صفحة، والذي لم يكن معروفا من قبل، قد تؤثر على محاكمات جرائم الحرب المستقبلية لسياسيين من الاتحاد الأوروبي بتهمة التواطؤ في هجوم إسرائيل على غزة، حسب رأي محامين وخبراء وزعماء سياسيين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: الهند تشوه الحقيقة وهذا ما يحدث فعلا للهندوس ببنغلاديشlist 2 of 2واشنطن بوست: السوريون ابتكروا لغة مشفرة لتفادي مخابرات الأسدend of listوكان الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان أولوف سكوغ قد كتب التقييم وأرسله إلى وزراء الاتحاد قبل اجتماعه يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني، ضمن اقتراح قدمه رئيس السياسة الخارجية للاتحاد بتعليق الحوار السياسي مع إسرائيل، وقد رفضه مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وعرض تحليل سكوغ أدلة من مصادر الأمم المتحدة على جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأشار إلى تقديرها أن حوالي 45 ألف شخص قتلتهم إسرائيل في غزة منذ ذلك الحين، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال.
إعلان لغة قويةورغم أن التقييم لم يبرئ حماس وحزب الله، فإن لغته القوية كانت مخصصة للقوات الإسرائيلية، يقول التقرير "للحرب قواعد، ونظرا للمستوى المرتفع من الضحايا المدنيين والمعاناة الإنسانية، تركز الادعاءات على عدم تمييز القوات الإسرائيلية بين المدنيين والمقاتلين، وعدم اتخاذ الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين والأهداف المدنية من آثار الهجمات، في انتهاك للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني".
ويشير سكوغ إلى زيادة استخدام "اللغة المهينة" من قبل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، مما قد "يساهم في إثبات النية" لارتكاب الإبادة الجماعية، ويقول التقرير إن "التحريض على التمييز أو العداء أو العنف، مثل ما ورد في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، يشكل انتهاكا خطيرا لقانون حقوق الإنسان الدولي وقد يرقى إلى الجريمة الدولية المتمثلة في التحريض على الإبادة الجماعية".
التذرع بالجهلومن جانبه، نبه يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق والأمين العام لحركة الديمقراطية في أوروبا 2025، إلى العواقب المترتبة على كبار المسؤولين من الدول التي تصدر الأسلحة إلى إسرائيل، كألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وقال إن المحكمة الجنائية الدولية إذا وجدت مسؤولين إسرائيليين مذنبين بارتكاب جرائم حرب، فإن توزيع التقرير على وزراء الاتحاد الأوروبي يحمل أهمية كبيرة، لأن الأوروبيين لن يتمكنوا من التذرع بالجهل.
وأضاف فاروفاكيس "لا يمكنهم أن ينكروا بشكل معقول أنهم كانوا مطلعين على الحقائق بالنظر إلى محتويات تقرير الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي الذي كان عليهم واجب أخذه بعين الاعتبار. والآن يعرف العالم أنهم كانوا يدركون أنهم انتهكوا القانون الدولي، وسوف يحكم عليهم التاريخ بقسوة، وربما تفعل المحكمة الجنائية الدولية الشيء نفسه".
تواطؤ إجراميودعا سكوغ دول الاتحاد الأوروبي إلى "رفض ترخيص التصدير للأسلحة إذا كان هناك خطر واضح من أن التكنولوجيا أو المعدات العسكرية التي سيتم تصديرها قد تُستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي".
إعلانوفي أعقاب التقييم، قال المحامي طيب علي إن بعض الساسة في الاتحاد الأوروبي معرضون لخطر التواطؤ إذا ثبت أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، وأكد أن "المحامين في جميع أنحاء أوروبا يراقبون هذا الأمر عن كثب ورجح أن يبادروا بإنشاء آليات مساءلة محلية ودولية"، واستغرب أن تفكر فرنسا وألمانيا في حماية مجرمَي الحرب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
وقالت أنييس برتراند سانز، الخبيرة الإنسانية في منظمة أوكسفام، إن التقييم يعزز قضية تواطؤ الحكومات الأوربية مع جرائم إسرائيل في غزة، وأضافت أن أولئك الذين استمروا في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل -في تحد لنصيحة التقرير الواضحة- متورطون في حالة صارخة من التواطؤ الإجرامي.