#أزمة_ثقة وليست #أزمة_لقاحات – #ماهر_أبوطير
ما يتوجب أن يثير الهلع حقا، هو تأثير الإشاعات الخطير في الأردن، وهذه الإشاعات تؤثر بقوة، والسبب في ذلك اهتراء الثقة تدريجيا، أمام كل ما يقوله الرسميون في هذا البلد.
هذا التراجع في مصداقية الخطاب الرسمي، وعدم تصديق الناس لأي محتوى رسمي، بدأ واضحا بشكل علني منذ الربيع العربي الذي مر على الأردن دون خسائر دموية، لكنه تسبب بفعل عوامل كثيرة، من بينها تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، الى تكذيب بعضنا بعضا لكل محتوى رسمي حتى لو كان صادقا، والشك في كل فعل رسمي حتى لو كان لمصلحة الناس.
لقد مرت علينا حالات كثيرة صدق الناس ما يقال لهم، ومنحوا ثقتهم للأفراد والمؤسسات، لكن ثبت لاحقا أنهم لا يستحقون ذلك، بعد أن تكشفت معلومات صحيحة كليا، أو صحيحة جزئيا.
خطر على بال هذا الكلام وأنا أستمع الى رسائل واتس اب، وتسجيلات توزع في كل الأردن من أمهات يحذرن من مطاعيم الأطفال الجديدة، ويتفقن على منع أطفالهن من أخذ المطاعيم، ويتفقن على عدم إرسال الأطفال الى المدارس، والتسجيلات انتشرت في كل الأردن، وسط حملات إشاعات وتشكيك بدوافع الدولة بتطعيم الطلبة في المدارس، إضافة إلى رياض الأطفال والحضانات ودور الإيواء والمبرات والأحداث، بالمطعوم الهندي المنشأ، وهي موجات إشاعات وتشكيك نشهدها عند كل ظرف من الزلازل، الى غير ذلك من قصص مرصودة.
اللافت للانتباه أنه رغم كل الضخ الرسمي على ألسنة أطباء أعلم منا، إلا أن التشكيك الشعبي استمر، وهذا يجب أن يقودنا الى عقد قياسات ومقارنات مع أي ظروف طارئة سياسية، أو أمنية، أو اقتصادية، ومدى تأثر الناس بالإشاعات، وكيفيات التحكم بالجمهور والرأي العام، والقدرة أيضا لدى أطراف عدة على خلخلة الداخل الأردني.
إذا كان لدينا خبراء حقا، فعليهم ألا يقفوا عند حدود قصة المطاعيم، بل عليهم أن يحللوا عميقا أزمة المصداقية والشكوك، وخطورة تركها كما هي، حتى لو كانت دليلا على البهتان والافتراء، وقصة المطاعيم تصلح حالة للدراسة وسحب نتائجها على كل شيء آخر.
تقرأ كل التقارير على ألسنة مسؤولين حكوميين، وجميعهم يؤكدون أن المطاعيم آمنة، وفي تقرير مهم نشرته “الجزيرة”، يقول مدير إدارة الأوبئة في وزارة الصحة الدكتور أيمن المقابلة، إن إعطاء مطعوم MR، ضمن المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للتطعيم التي ستنطلق خلال الشهر الحالي، ويقول أيضا مدير قسم الأمراض السارية في وزارة الصحة سابقا الدكتور نشأت الطعاني، إن مطعوم MR آمن، مضيفا أن الأردن من الدول المتقدمة في إعطاء المطاعيم، وأن برنامج التطعيم هو الوحيد الذي لم يدخله الفساد في الأردن.
واستشهد التقرير بالنائب عدنان مشوقة، الذي وجه عددا من الأسئلة للحكومة، يستوضح من خلالها عن الأسباب التي دفعت وزارة الصحة، إلى اتخاذ قرار تطعيم الأطفال من عمر سنة إلى ثمانية عشرة سنة، وأوضح مشوقة في التقرير المنشور يوم الثلاثين من أيلول، أن رد الحكومة على أسئلته كان مطمئنا نوعا ما من ناحية تأكيد أن المطعوم آمن، ومجاز من منظمة الصحة العالمية، مستدركا أن هناك جملة من الأسئلة التي لم تصل أجوبة شافية بشأنها؛ مثل: ما الأسباب التي دفعت وزارة الصحة لاتخاذ قرار تطعيم الأطفال، ونحن لا نعيش حالة وبائية، ومن الجهة الممولة لتكاليف اللقاح، ومن الشركة المصنّعة، وماذا عن تفاصيل تركيبته، وهل يوجد لهذا اللقاح أي أعراض جانبية على المدى القريب أو البعيد، وأشار النائب إلى أنه تشاور بخصوص لقاح MR مع عدد من المختصين والأطباء في المجال الطبي، الذين بدورهم لم ينصحوا بالسماح بهذا اللقاح، وأنه يجب إجراء فحوصات كافية للتأكد من سلامته على صحة الأطفال.
إذا تحدثنا عن التوازنات، فهي متوفرة في كل القصة، فالبعض يقول إن المطاعيم آمنة، والبعض يلمح الى تساؤلات كثيرة، والبعض لا يريد أن يغامر بابنه أو ابنته، لكن الأزمة الكامنة وراء كل القصة تكمن بالشكوك، وعدم التصديق، وهي الأزمة الواجب أن تقف الدولة عندها ليس في قصة المطاعيم وحسب، بل في مجمل تأثيرات الخطاب الرسمي، وأهمية استعادة الثقة التي تضررت بشكل متدرج ومتتال على مدى سنوات.
الأزمة أزمة ثقة، وليست أزمة لقاحات.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أزمة ثقة وزارة الصحة
إقرأ أيضاً:
عدن.. وقفة احتجاجية لنقابة النقل والمواصلات رفضًا للقرارات الصادرة بحقها والممارسات التي تستهدف حقوقها
نفذت النقابة العامة للنقل والمواصلات، الأحد، وقفة احتجاجية أمام مقر النيابة العامة في مديرية خور مكسر بالعاصمة عدن، بمشاركة ممثلي النقابة من مختلف المحافظات، وذلك للتعبير عن رفضهم للقرارات الصادرة بحق النقابة والممارسات التي تستهدف حقوقها، مؤكدين تمسكهم بحقوقهم المشروعة في إدارة الفرزات وتنظيمها.
وخلال الوقفة، شدد المحتجون على أن إدارة الفرزات تُعد حقًا من حقوق النقابة العامة للنقل والمواصلات ، وليس من اختصاص مكتب وزارة النقل في عدن، مؤكدين أن القرارات الصادرة عن النيابة العامة ونيابة استئناف الأموال العامة تمنح جهات غير مخولة صلاحيات تتنافى مع اللوائح المنظمة لعمل النقابة.
كما طالب المحتجون النائب العام ورئيس نيابة استئناف الأموال العامة بعدن بإلغاء القرارات التي صدرت ضد النقابة، والعمل على حمايتها من التدخلات المستمرة لمكتب وزارة النقل في عدن، مؤكدين أن النقابة تمثل العاملين في قطاع النقل وتسعى إلى تنظيم العمل وحماية حقوق السائقين والعمال، بعيدًا عن أي ممارسات غير قانونية.
وأعرب المشاركون في الوقفة عن رفضهم القاطع لاستمرار عمل الفرزات العشوائية التي يدعمها مكتب وزارة النقل في عدن، مؤكدين رفضهم لما وصفوه بـ "الجبايات" غير القانونية التي يفرضها مكتب وزارة النقل في عدن، والتي تمثل عبئًا إضافيًا على السائقين والعاملين وحتى المواطنين..مشددين على سرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقفها نهائيا.
وفي ختام الوقفة، دعت النقابة العامة للنقل والمواصلات الجهات المختصة إلى التدخل العاجل لحماية حقوق النقابة والعاملين في القطاع ، ووقف أي قرارات أو إجراءات تعسفية تؤثر على سير العمل وتنظيم الفرزات ، مؤكدين أنهم سيواصلون تحركاتهم السلمية حتى يتم الاستجابة لمطالبهم العادلة وفي مقدمتها إنهاء الجبايات والفرزات العشوائية والتدخلات غير القانونية لمكتب النقل بعدن.