صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-19@18:59:22 GMT

حرب السودان إلى أين؟

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

حرب السودان إلى أين؟

حرب السودان إلى أين؟

د. أماني الطويل

كشفت مشاركة السودان في فعاليات الجمعية العام للأمم المتحدة عن عمق الأزمة التي لا يبدو لها حتى الآن حل في الأفق، حتى اللحظة الراهنة، وذلك رغم عِظم الخسائر البشرية، وحجم الانتهاكات التي أنتجتها هذه الحرب لكل ما هو إنساني وحضاري.

قراءة متأنية لمحتوى خطابي كل من الفريق عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو، تكشف عن أن الرجلين يخوضا حرب إثبات الشرعية والجدارة، وذلك على الرغم، من أن قوات الدعم السريع قد فقدت شرعيتها السياسية نتيجة؛ ممارستها على الأرض التي نتج عنها إدانات من العواصم العالمية، وعقوبات دولية، وقعت على عبد الرحيم دقلو نائب رئيس قائد القوات.

هذه الحالة، جعلت مسألة إعلان حكومة تسيير أعمال من جانب البرهان بمثابة خطوة انتحارية، ينتج عنها بالضرورة إعلان عاصمة موازية تابعة للدعم السريع في الخرطوم، وهو ما يجعل السيناريو الليبي في السودان ماثلا، ويقود في أغلب الظن إلى تقسيم واقعي للبلاد، حتى دون علم ونشيد للدعم السريع.

وفي الوقت الذي يكتسب فيه البرهان قدرة على الحركة الخارجية، واستمرارا في اعتماده كجهة ممثلة لدولة السودان، فإن اعتماد تقديره بشأن ضرورة استمرار الحرب كحل للقضاء، عما يسميه تمردا، يبدو ضعيفا على المستويين الإقليمي والعالمي.

السؤال هنا لماذا يبدو الخيار التفاوضي بعيدا عن ذهن البرهان حتى اللحظة الراهنة، في الوقت الذي يقبله حميدتي؟ ولماذا يتمترس الرجل على موقف أن الحسم العسكري لصالح الجيش ومن معه، سيكون حلا في السودان، ويرفض في هذا السياق تفعيل مسار جدة، حيث تم تأجيل زيارته للرياض أربع مرات، وذلك على الرغم، مما يطرحه مسار جدة من فرص؛ لوقف إطلاق النار، وقدرة على الالتحام، ربما بمسار دول جوار السودان، وإمكانية أيضا لتنسيق مع مسار “إيجاد”، وهي حالة باتت مطلوبة بإلحاح من جانب جميع الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.

أغلب الظن، أن التقدير الذي يرتكن اليه البرهان يتجاهل حقيقة، أن قوات الدعم السريع قد فقدت فعليا شرعيتها السياسية، وذلك على الرغم من حالة السيطرة العسكرية على العاصمة السودانية، وأن وجودها على مائدة التفاوض كطرف هو منقوص الشرعية فعليا، ولا يضع هذه القوات موضع القبول السياسي من أي طرف داخلي أو خارجي، ذلك أن الانتهاكات التي تم ممارستها ضد الأهالي قد خلعت عن الدعم السريع هذه الشرعية، كما خلعتها أيضا العقوبات الأمريكية التي تم إعلانها، ضد عبد الرحيم دقلو، وخلعها أيضا مشاركة حميدتي في انقلاب أكتوبر 2021، وهو يجعل تصنيفه، أو قواته، كقوى داعمة للديمقراطية، غير مقبول، أي كلام ساكت بالتعبير السوداني، رغم إعلان حميدتي مراجعات بهذا الشأن، وردت في خطابه الأخير.

بطبيعة الحال، لا يعلن البرهان عدم رغبته في التفاوض، بل على العكس كان من الدعاة إليه في أعقاب خطابه أمام الأمم المتحدة الذي أرهق نفسه فيه بنزع شرعية الدعم السريع المنزوعة من الشعب السوداني أصلا، دعوة البرهان للحوار كانت في أحاديث إعلامية لوسائل إعلام غربية، كان انحيازه للتفاوض فيها انحيازا تكتيكيا، بمعنى أنه قد قبل مبدأ التفاوض؛ لكن بشرط تنفيذ الدعم السريع لمخرجات جدة، فيما يتعلق بإخلائهم دور الناس والمستشفيات. وهو أمر ينزع عن الدعم السريع ورقتها الأساسية الضاغطة، وبالتالي يصبح هذا الطرح من جانب البرهان منزوع الفاعلية.

التقديرات العسكرية المتداولة، تشير إلى أن تأجيل التفاوض، بشأن إنهاء الحرب السودانية، يدعم إمكانية كبيرة؛ لاتساع حجم الضغوط العسكرية على الجيش السوداني، ذلك أن جبهة جنوب كردفان تتوسع واقعيا، بإصرار عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية شمال على مهاجمة مناطق متعددة في الولاية، صحيح أن الجيش حتى الآن قادر على صد هذه الهجمات، لكن ذلك لا يمنع من التفاعلات العسكرية المستقبلية، غير مضمونة النتائج مع وجود عسكري لقوات الدعم السريع قريبا من مدينة الأبيض التي هي مدينة مفتاحية.

وقد تكون تفاعلات ولاية جنوب دار فور ليست بعيدة عن مسارات اتساع الصراعات العسكرية على أكثر من مستوى، ومنها المستوى القبلي، ذلك أن صراع قبيلتي السلامات وبني هلبة هذه المرة تدخلت فيه قوات الدعم السريع بقدراتها التسليحية الجديدة الناتجة؛ عن هذه الحرب في تطور غير مسبوق، وينذر بتعدد مستويات الصراع العسكري في السودان.

اتساع حجم الضحايا من البشر نتيجة؛ هذه الحرب سواء نتيجة الإشتباكات، أو نتيجة غياب الخدمات الصحية والدوائية، بات مقلقا، كما أن ارتفاع حجم الأنشطة ذات الطبيعة الإجرامية التي تمارسها قوات الدعم السريع، ضد جموع الناس العادية في كل المناطق، بات مقلقا فاحتلال بيوت الناس والاستيلاء على سياراتهم في تزايد، والاعتداء على القيادات القبلية، أصبح فعلا يوميا، وآخره محاولة اختطاف العمدة أحمد محمد عبد القادر عمدة أزقزقا، أقلق قبيلة الجوامعة بشمال دارفور بأكملها.

أتساءل، الجوع في السودان، ألا يقلق منام رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، فالأمم المتحدة ممثلة في منظمة اليونسيف، تقول إن من يحتاج إلى مساعدات غذائية عاجلة من أطفال السودان بلغ 14 مليون طفل، ناهيك عن الأطفال خارج السودان، بعضهم لم يستطع أهله، وهم مصنفون ضمن شرائح الطبقة الوسطى، تحمل تكلفة تعليمه في المنافي، واكتفوا بمحاولة إطعامه فقط.

ويبدو لنا، أن استمرار الحرب يعني ارتفاع وزن، وتأثير الإسلاميين السودانيين، عبر ميليشاتهم المعاونة على الأرض في العمليات العسكرية، وهو أمر ليس في صالح أية معادلات سياسية مستقبلية في السودان من حيث التوازن، والقدرة على تأسيس حالة استقرار، فإذا كنا من المنادين بضرورة أخذ مصالح هذه الفئة بعين الاعتبار، بتقدير أنهم قوى اجتماعية واقعية، فإننا أيضا نرى مخاطر لقيادتهم المحتملة للمعادلة السياسية السودانية، بما يعنيه ذلك من ضغوط إقليمية على السودان، وقلاقل داخلية نتيجة؛ أن حكمهم لثلاثين عاما قد أورد السودان موارد الحرب والتهلكة.

التفكير الجدي في مسألة وضع أوزار الحرب، بخطوة وقف ممتد لإطلاق النار، بات فرض عين على رئيس مجلس السيادة في تقديرنا، لعدد من الأسباب، منها، أن تداعيات المشكل السوداني إنسانيا باتت مقلقة للمجتمع الدولي، وقد تكون ورقة انتخابية في الانتخابات الأمريكية القادمة، بما يفتح الباب أمام إمكانية توقيع عقوبات على البرهان نفسه، أو رموز في جيشه الذي هو العنوان الرمزي للسودان، رغم مشاكله، بما يعد خسارة استراتيجية.

إن استمرار الصراع العسكري من شأنه أن يساهم في تشظي السودان فعليا بطبيعة التفاعلات سالفة الذكر التي أوردناها عاليه، وهو ما يحمل البرهان مسؤولية المساهمة الفعلية في انهيار بلاده، والانخراط في حرب أهلية شاملة، وممتدة كتلك التي تم وصم محمد سياد بري رئيس الصومال السابق بها بلاده في تسعينيات القرن الماضي.

تداعيات الصراع السوداني أيضا، أصبحت مكلفة للجوار الإقليمي للسودان بشكل كبير، سواء على مستوى إمكانية تصاعد التهديدات الأمنية، أو تحجيم فرص الاستقرار السياسي، أو فتح باب لتوترات داخلية في دول هشة.

إجمالا لن تقود الحرب السودانية لخير لأي طرف، حتى لو كان لديه قدرات عسكرية، أو متوقع لدعم عسكري، أو لديه حلفاء إقليميين أو حتى دوليين فالعالم في حالة فوضى، وتفاعلاته باتت مفتوحة على مفاجآت، والقائد الحقيقي من يجنب بلاده ويلات عالم اليوم.

الوسومالأمم المتحدة التفاوض السودان الصومال حرب 15 ابريل د. أماني الطويل دارفور عبد العزيز الحلو عبد الفتاح البرهان كردفان محمد حمدان دقلو نيويورك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة التفاوض السودان الصومال حرب 15 ابريل د أماني الطويل دارفور عبد العزيز الحلو عبد الفتاح البرهان كردفان محمد حمدان دقلو نيويورك قوات الدعم السریع حرب السودان فی السودان التی تم

إقرأ أيضاً:

الهروب نحو الابواب المفتوحة

عصب الشارع -

صفاء الفحل
لم يجد البرهان مكاناً يدفن فيه أحزانه وخيبة أمله وأحلام والده تتبدد يوماً بعد يوم في الإستقرار في الحكم صافي البال غير اللجوء إلى أحضان أفورقي وسلفاكير واللذان سيجتمعان معه على مضض مع (أنباء عن إعتذار الأول عن الحضور) للإستماع إلى ترهاته إن (اكتمل الإجتماع) بمساعدته على دحر المليشيات الإرهابية وهو يظن بعقله الضيق أنهما لا يعرفان ما يدور حول العالم بالسعي لإيقاف هذه الحرب وأنهما لايستطيعان تقديم الخدمة التي يرجوها بالإستمرار في الحكم وكل مايملكانه هو تقديم النصح كما يفعل كل رؤوساء العالم بضرورة الجنح للسلام والدخول في مفاوضات لإنهاء هذه الحرب.
هذا المعتوه صار كمن يتخبطه المس يبحث عن سبل الخلاص من الفوضى العارمة التي تسبب فيها ولو في جحر (نملة) ليقدم لسلفاكير كل التسهيلات التي يطلبها لتصدير النفط عبر بوابة السودان بشرط أن يسهم معه في الضغط للقضاء على المليشيات التي تعرقل ذلك الأمر ويسهم بالسماح للدعم العسكري بالدخول عبر بوابة النيل الأزرق بعيداً عن أعين العالم التي اصبحت ترصد ما يصل مواني (بورتكوز) رغم التحايل بدخولها باسم المقاومة الشعبية بالجزيرة تارة وباسم المساعدات الإنسانية المصرية تارة أخرى.
محاولات الحكومة الإنقلابية البائسة والمكشوفة للحصول على الدعم العسكري بكافة السبل تقلل بكل تاكيد من فرص مطالبته المجتمع الدولي كل صباح بالضغط على الإمارات وتشاد وليبيا لعدم مد الدعم السريع بالمزيد من العتاد العسكري ويكشف نواياها بالإستمرار في الحرب وعدم رغبتها في السلام ولو إستمرت لمائة عام كما تردد أبواقهم بصورة متكررة.
البرهان وزبانيته لن يحصلوا على الدعم العسكري إلا من دولة واحدة يعرف الجميع نواياها واجندتها ولن ترضى إلا إذا ما فتح أمامها الابواب لنشر الفكر (الشيعي) وهو ما لن ترضاه كل دول المنطقة التي يكفيها من العلقم ماتشربه من نصر الله بلبنان والحوثي باليمن.
الفرص المحدودة عالمياً أمام اللجنة الإنقلابية مع الهزائم المتكررة في المعارك والصراعات التي تعانيها حتى مع الحركات التي تطبق على حرية قراره كان يجب تكون (صوت العقل) والإستماع للنداءات العالمية لإيقاف الحرب والإتجاه للسلام وإعادة الحكومة المدنية .. ونهاية لهذا الجنون الذي يسيطر عليهم.
والثورة لن تتوقف بكل الاحوال ..
والقصاص والمحاسبة آت لامحالة ..
والرحمة والخلود لشهداء الثورة العظيمة ..
الجريدة  

مقالات مشابهة

  • السودان.. «البرهان» يرد على خطاب «بايدن» بشأن الوضع في البلاد
  • البرهان وحميدتي منفتحان على حل سلمي للصراع في السودان
  • قائد الدعم السريع: الحرب ليست خيارنا ومستعدون لوقف إطلاق النار
  • البرهان يرحب ببيان بايدن ويدعو لمحاسبة مساندي الدعم السريع
  • بلينكن: هجوم الدعم السريع على الفاشر يهدد إحراز تقدم في أزمة السودان
  • الهروب نحو الابواب المفتوحة
  • قلق وتخوف!!
  • قيادةَ «الدعم السريع» لم تتوقَّع أن تستمر الحرب الخاطفة إلى هذا الحد
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • البرهان يوافق على مبادرة من سلفاكير بشأن الحرب مع الدعم السريع