يُقارب الروائيُّ الجزائريُّ، أحمد حمّادي، في روايته “وأكل الغول القمر” (285 صفحة)، الصادرة عن دار ميم للنشر بالجزائر، إبداعيًّا، مرحلة من أصعب المراحل التي مرّت بها الجزائر في تاريخها الحديث، من خلال التركيز على قرية صغيرة تُسمّى “ريش ليو”، وهي قرية تقع في الشرق الجزائري، عكست الأحداث التي جرت بها، ما حدث في الجزائر ككلّ.
ويقول الروائيُّ أحمد حمّادي في حديث صحفي، إنّ “فلسفة هذا العمل الروائيّ هو الموت، وفقدان الأحبّة، وتغيُّر نظرة الإنسان للفقد”.
ويُشير صاحب الرواية إلى أنّ أبرز أبطال الحكاية يُدعى “عبدالرحمن”، وصديقه المقرّب “عبدالله”؛ إذ يُصبح عبد الرحمن، في فترة من حياته، “شامبيط” (رجل أمن)، أمّا صديقه عبد الله، فيتحوّل إلى إرهابيّ، ومن ثمّ يبدأ الصراع من أجل البقاء.
وقد اعتمد الروائيُّ أحمد حمّادي، لوضع القارئ بين ثنايا هذه الحكاية، على الوصف بشكل كبير، وأيضا على السرد في مواطن الحديث عن التاريخ، فضلا عن استخدامه كذلك لتقنية “الفلاش باك” من أجل سرد ذكريات الطفولة.
ويؤكد صاحب “وأكل الغول القمر” على أنّه اعتمد لتأثيث روايته على أحداث واقعية وقعت له بالفعل في طفولته، كما استخدم أسماء بعض الأماكن من بلدته التي ترعرع فيها.
من جانب آخر، يشير حمّادي إلى أنّه بصدد كتابة رواية خيالية باللُّغة الإنجليزية لتأثُّره بالأدب الإنجليزي وأساطينه من الروائيين، أمثال الروائية جين اوستن (1775 /1817)، وتشارلز دكنز (1812 /1870)، وبراندون ساندرسون (1975). كما لا يُخفي تأثُّره بكلّ الأدب الكلاسيكي، وخاصّة ميله الشديد إلى الرواية الخيالية فيما يخصُّ الأدب الجديد.
وفي مقطع من رواية “وأكل الغول القمر”، يقول أحمد حمّادي ” أتذكّر عبد الله، أغصِبهُ أن يُسمِع أمَّه السؤال إيّاه: “هل تخبزين كسرة المطلوع؟”. أجد لنفسي الحيلة بعدها لألج المكان الترابي. في زاويته الجنوبية، تضع خالتي زكية الحطبَ وعيدان الزيتون الجافة، وغير بعيد عنها تنصبُ حجارة أربَعَ، كبيرة سوداء مستوية هيَّأتْهَا قوائمَ تُشكّل فيما بينها فراغ الكانون. هنا، أعلم ما ستقوم به: ملء الفراغ بين الحجارة بالحطب القاسي، كِسوته بالفروع الصغيرة المورقة للزيتون ثمّ إشعاله. لا أنسى منظر أوراق الزيتون، تشتعل سريعةً، تُصدر صوتًا يشبه اِحتراق فتيل القنبلة.
اِنبعاث الدّخان هو إعلان بداية اللعبة. بعد أنْ تُسعّر خالتي زكية الحطب، تضع على الحجارة الطاجين. لم أكن أنا وعبد الله نُقرضُ مراحل طبخ الخبز المحلي البال، ليس بعد. ما نفكّر فيه هو الفوز بالرهان: حبس الأنفاس ودخول النوّالة التي يُخضّبها دخان حطب الزيتون الذي كان كثيفًا.. كأولى أنَفاسِ شاطمة. الفائز من يستقر هناك أكبر وقت ممكن. لم يكن بمقدوري فتح عينَيَّ وأنا أتوسّط الغرفة الصغيرة، بيْدَ أنّي كنت أسمع ذلك الحسيس؛ صوت دندنة طاقم الأساور الفضية الرفيعة في معصم خالتي زكية وهي تطرح عجينة الكسرة. لا أنسى تلك النغمة، ارتبطت بالدخان… بالاختناق… بحرقة العيون، ورائحة كسرة المطلوع الشهية..”.
يُشار إلى أنّ الروائيّ أحمد حمّادي (1984)، حاصلٌ على ماجستير في الأدب الإنجليزي من المدرسة العليا للأساتذة بالجزائر، بدأ الكتابة في 2010.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رافائيل ألبرتي .. تميز شعره بالعفوية وجمع بين الفن والشعر.. ماذا تعرف عنه؟
الشعر كان بالنسبة للشاعر الإسباني رافائيل ألبرتي وسيلة للتعبير عن المشاعر الإنسانية المتناقضة، بين السعادة والألم، والهناء والعذاب.
تميزت كتاباته بالعفوية والصدق، وسعى لجعل الأدب الإسباني في مصاف الآداب العالمية، في مثل هذا اليوم، 16 ديسمبر 1902، ولد هذا الشاعر الذي ترك بصمة فريدة في الأدب والشعر الإسباني.
تأثيرات أدبية مبكرةتأثر رافائيل ألبرتي بعدد من الشعراء الكلاسيكيين والغنائيين، مثل لوبي دي بيجا، أحد أعلام العصر الذهبي الإسباني، ومانويل ماتشادو، الذي كان من أبرز ممثلي تيار الحداثة في الأدب الإسباني.
هذا التمازج بين التأثيرات الكلاسيكية والمعاصرة انعكس في أعماله التي اتسمت بالتنوع والإبداع.
إبداعات أدبية وفنيةجمع ألبرتي بين الشعر والفن التشكيلي، فجاءت لوحاته تحمل طابعًا شعريًا، بينما اتسمت قصائده بالتصوير الفني.
حصل على جائزة الكتاب الوطنية عام 1925 عن مجموعته الشعرية “بحار في اليابسة”.
من أبرز أعماله: “عن الملائكة” (1929)، “آلا بينتورا” (1948)، إلى جانب مسرحياته مثل “غير المسكون” (1930)، “التحدي” (1944)، و*“ليلة حرب في متحف برادو”* (1959). استطاع من خلال هذه الأعمال معالجة الثورة الإنسانية والقيم الاجتماعية والأخلاقية.
دوره السياسيكان للشاعر دور بارز في الحياة السياسية الإسبانية، إذ شارك مع الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936.
كان يرى أن الشعر أداة قوية لهز الضمائر وإحداث تغيير في العالم. بعد انتهاء الحرب وهزيمة الجمهوريين، هرب ألبرتي إلى فرنسا. ولكنه عاد إلى وطنه عام 1977، بعد صدور عفو عام عن السياسيين من الملك خوان كارلوس.