التغيير الجذري ..ثورة إصلاحات إدارية
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
في مرحلة تحوّل جديدة، أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه بمناسبة المولد النبوي يوم 27 سبتمبر، المرحلة الأولى من التغيير الجذري بتشكيل حكومة كفاءات مبنية على الشراكة الوطنية، وإنهاء حالة التضخّم والترهّل في مؤسسات الدولة، وإصلاح منظومة القضاء وتصحيح الاختلالات. وقد جاء الإعلان بعد قرابة عام من تقييم شامل نفّذته لجان متخصصة، لمعرفة التحديات ومواطن الاختلالات وأسبابها، ومكامن الضعف في الجهاز الإداري للدولة وقدّمت توصيات للمعالجة.
ويشمل التغيير الجذري في مرحلته الأولى -بحسب ما أعلنه قائد الثورة -تشكيل حكومة كفاءات تجسّد الشراكة الوطنية (تكنوقراط)، وتحديث الهيكل المتضخم وتصحيح السياسات، وتغيير الآليات والإجراءات وأساليب العمل المعيقة والعقيمة، إضافة إلى العمل على تصحيح وضع القضاء ومعالجة اختلالاته وفتح مسار فعّال لإنجاز القضايا العالقة. كما أن التغيير يستند إلى 4 مبادئ أساسية، وهي: الشراكة الوطنية والشورى، والوحدة، وتحمّل المسؤولية وفقاً لتكامل الأدوار، في الحكومة والقضاء.
لم يعلن بعد من سيرأس الحكومة الجديدة، وكم عدد الحقائب التي ستتشكّل منها، لكن من المتوقّع أن تكون حكومة مصغّرة، مبنية على الشراكة الوطنية في تحمّل المسؤولية بعيداً عن الترضيات والمحسوبيات، ويجري العمل فيها على تقليص التضخّم الحاصل، بدمج بعض الوزارات، وإلغاء بعض المؤسسات والتفريعات، بما يساعد في ترشيد الإيرادات المتواضعة جداً، وتسخيرها بما يصبّ في خدمة الوطن والمواطن. ومن المعوّل أن تقدّم جديداً للمواطنين، لأن المواطن تهمه النتيجة في النهاية، ولا يهمّه الشكل وهل ستكون حكومة محاصصة أو حكومة تكنوقراط.
وإزاء هذا الإعلان تباينت المواقف، ففيما حظي بتأييد شعبي وحزبي واسع، وشكّل بارقة أمل للكتلة السكانية الأكبر في أكثر من 15 محافظة يمنية، فإن حزب المؤتمر في الداخل لم يبدِ موقفاً رسمياً حياله، أما طابور العدوان فلم يخفِ انزعاجه من الخطوة رغم أن ملامحها لم تتشكّل بعد.
ومن ناحية التوقيت جاء إعلان المرحلة الأولى من التغيير الجذري- أو ما يصفه البعض بثورة الإصلاح للهيكل الإداري للدولة، في الذكرى التاسعة لثورة سبتمبر، بعد قرابة أسبوع فقط من عرض عسكري هو الأضخم في تاريخ اليمن، كشف فيه عن أسلحة كاسرة للتوازن في ظل ظروف استثنائية صعبة.
وهو ما يعطي أملاً بأنّ من وصل إلى هذا النجاح المبهر عسكرياً قادرٌ على تحقيق نجاح مبهر أيضاً في بناء الدولة وتصحيح واقعها، ومعالجة اختلالاتها الإدارية، وعلى أن يقدّم رسالة واضحة بأن اليمنيين رغم كلّ ما نالهم ماضون في مسار تصحيح وبناء الدولة القوية، واليمن الجمهوري الجديد، يمنٌ سيّد في شبه الجزيرة العربية، وليس تابعاً لأي دولة إقليمية أو دولية.
ونعتقد أن هذا الإعلان هو بمثابة نقطة تحوّل إدارية تضاف إلى سلسلة التحوّلات السياسية والعسكرية التي حقّقتها الثورة، يزيد من فرص نجاحها الدعم الشعبي الكبير، وإن كان لا يزال هناك كثير من التحديات، أبرزها العدوان والحصار وما فرضه من واقع معيشي واقتصادي صعب، يحاول الخصوم استغلاله بتثوير المواطنين على أنصار الله تحديداً، فكان الردّ بأن خرج أكبر حشد مليوني في تاريخ اليمن، ليعلن تفويض قيادة الثورة وتأييد خياراتها فيما يشبه الاستفتاء الشعبي.
إن الملايين التي شاهدها العالم في السبعين وفي معظم المحافظات اليمنية، يثقون كل الثقة بخيارات القيادة، بل يرونها «السر» في صناعة اليمن الجديد الحرّ المستقل القوي، ويرون فيها صانع التحوّلات، من الثورة إلى الدولة إلى المواجهة والتصدّي للحرب الكونية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وصولاً إلى مرحلة التغيير الجذري للدولة ومؤسساتها نحو الأصلح والأقوى، وبما يجعل من اليمن الدولة النموذج، وليس الدولة الفاشلة كما أراد أهل العدوان والحصار.
وهذا الأمر لن يتحقّق بين عشية وضحاها، فمسار التغيير يتطلب إرادة وهي متوفرة، ووعياً شعبياً يقاوم كل حملات التشويه والتضليل والتسخيف من هذه الخطوة، وبالمعادلة الذهبية اليمنية المتمثلة في: القيادة، والمنهج، والجيش، والشعب يستطيع اليمنيون تجاوز كل التحديات في مسار بناء الدولة ومسار التصدّي للعدوان الخارجي.
مولد التغيير
توقيت إعلان التغيير الجذري في مناسبة المولد النبوي لم يكن صدفة بل كان مقصوداً، باعتبار المولد نفسه نقطة تحوّل للتغيير في واقع معيّن كان قبل البعثة، وانطلاقاً من ذلك يرى اليمنيون أن المولد يمثّل فرصة لإعلان مواقفهم تجاه مختلف القضايا، ورسم خريطة طريق لعام كامل، وهذا يفرض علينا النظر إلى المناسبة كنقطة تحوّل تاريخي بالمعنى السياسي والاجتماعي، وليس كمجرد طقس سنوي ديني ينتهي بانفضاض الجماهير من الساحات. كما أن اجتماع الملايين في أكثر من 15 محافظة يمنية بينها العاصمة – وبما يفوق سكان بعض دول الخليج – يمثّل خياراً سياسياً، وبالتالي يتحتم على المجتمع الدولي احترام إرادة هؤلاء الملايين في خياراتهم وقراراتهم وحقوقهم، وعليه أن يدرك بأنه لا يمكنه تجاوز هذه الحقيقة، أو مواجهتها وفرملتها من خلال مجاميع وجماعات صُنعت على أيدي المخابرات، لأنّ مثل هذه الخدع لا يمكن أن تنطلي على شعب، وإن تدثّرت تلك المجاميع من حين إلى آخر بلباس الوطنية وتلطّت بالعلم الجمهوري، لأن ممارساتها وسلوكياتها خلال 9 سنوات تتعارض كلياً مع مفهوم الجمهورية، والوطنية، وكلّ الشعارات البرّاقة التي تتشدّق بها.
فيما أثبتت السنوات الماضية بالتجربة الملموسة صدق القيادة في صنعاء وعلى رأسهم قائد الثورة، وأنهم من أعادوا للجمهورية اليمنية هيبتها وحضورها ومكانتها، وفرضوا للعلم الجمهوري مكانته، وسط زحمة الأعلام والرايات التي جاءت من خارج الحدود والجغرافيا اليمنية، كأعلام السعودية والإمارات والقاعدة وغيرها، التي لا تزال ترفرف إلى اليوم في المحافظات المحتلة.
ما نريد الوصول إليه، هو أن على الدول الخارجية والمرتبطين بها من جماعات الـ (إن – جي – أوز) اليمنية أن تدرك بأن الرهان على تفجير الوضع من الداخل رهان خاسر، وأن اليمن بمعادلته الذهبية سبق أن تجاوز الكثير من المؤامرات والمحاولات، آخرها في ديسمبر من العام وهو قادر بهذه المعادلة الذهبية على أن يتجاوز كل المشاغبات المدعومة من قبل أجهزة مخابرات دول العدوان.
في الخلاصة فإننا اليوم أمام يمنٍ جديد قوي لا يزال في طور التشكّل، والمعادلة الذهبية اليمنية، قادرة بعون الله على صناعة هذا اليمن المنشود، المقتدر والمؤثّر.
فاليمن لولا ضعف من حكموه سابقاً يمتلك كل مؤهلات ومقوّمات الدولة القوية على مستوى الجزيرة العربية والخليج، بأكبر كتلة سكانية وقوة بشرية، ومخزون هائل من الثروات، وموقع استراتيجي هام، وجيش قوي، وقيادة حكيمة وصلبة. وهذه المقومات كفيلة بأن تجعل من اليمن رقماً صعباً في المستقبل القريب إن شاء الله، يمنٌ لا شرقيّ ولا غربيّ، ولا تبعيّة فيه لا لأمريكا ولا للسعودية، ولا لأيّ دولة في هذا العالم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصالات يشهد حفل تخرج الدفعة الأولى من المبادرة الوطنية "قادة مصر الرقمية"
شهد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فعاليات حفل تخرج الدفعة الأولى من المبادرة الوطنية "قادة مصر الرقمية" التى أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب بهدف تنمية المهارات الرقمية لقيادات الجهاز الادارى للدولة بما يسهم فى تمكين جيل من القادة الرقميين القادرين على قيادة التحول الرقمى فى جميع قطاعات الدولة وتعزيز ثقافة الابتكار. أقيم الحفل فى مقر الأكاديمية بحضور الدكتورة رشا راغب المدير التنفيذى للأكاديمية الوطنية للتدريب، والمهندسة غادة لبيب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسى.
ضمت الدفعة الأولى من المبادرة 176 قيادة حكومية بما فى ذلك مساعدى ومستشارى ومعاونى السادة الوزراء ونواب ومساعدى ومعاونى المحافظين وسكرتيرى عموم المحافظات، بالإضافة إلى رؤساء الإدارات المركزية بالوزارات والمحافظات والهيئات العامة. ومثل المتدربون قطاع حكومى واسع يشمل 23 وزارة و6 محافظات و8 هيئات عامة.
وفى كلمته؛ أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن إطلاق المبادرة الوطنية "قادة مصر الرقمية" تأتى فى إطار تضافر الجهود بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأكاديمية الوطنية للتدريب للتعاون فى تنفيذ برامج التطوير المؤسسى انطلاقا من أهمية بناء الكوادر والقيادات الحكومية على النحو الذى يتواكب مع التطورات الرقمية المتسارعة وذلك في ضوء الجهود المبذولة لتنفيذ استراتيجية مصر الرقمية؛ موضحا أن التعاون يستهدف تطوير المهارات الرقمية للمتدربين بالإضافة إلى المهارات الشخصية بما فى ذلك مهارات الاتصال والعمل الجماعى؛ مشيرا إلى أهمية توافر الكوادر البشرية المدربة كعنصر رئيسى لتحقيق التحول الرقمى؛ مؤكدا أن الاستثمار فى منظومات رقمية بالغة الحداثة لن يحقق النجاح المنشود إلا بوجود قادة يمتلكون المهارات والقدرات اللازمة لإدارة هذه المنظومات بكفاءة.
وأكدت الدكتورة رشا راغب المدير التنفيذى للأكاديمية الوطنية للتدريب، أن التعاون مع وزارة الاتصالات مستمر في مجالات التدريب المتخصص، مشددةً على أن الأكاديمية تساهم بشكل فعال في تحسين الكفاءات في مختلف المجالات التكنولوجية من خلال تقديم حزمة برامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع الوزارة. ويهدف هذا التعاون إلى رفع مستوى الأداء الوظيفي للموظفين الحكوميين وتعزيز القدرات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى الدولة؛ مضيفة أن الأكاديمية تسعى من خلال هذه البرامج إلى بناء كوادر قادرة على مواجهة تحديات العصر الرقمي وابتكار حلول تكنولوجية لخدمة المجتمع المصري. وأشارت إلى أن هذه المبادرة تأتي ضمن خطط الأكاديمية الوطنية ووزارة الاتصالات لتطوير رأس المال البشري وتنمية القدرات الإبداعية والمهارات التقنية.
وأكدت المهندسة غادة لبيب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسى أن المبادرة الوطنية "قادة مصر الرقمية" تأتى استكمالًا لجهود الدولة فى تنفيذ خطة التطوير المؤسسى الرقمى، التى تهدف إلى التهيئة لاستيعاب مشروعات التحول الرقمى والميكنة واستدامتها من خلال تنفيذ برامج متنوعة ومتكاملة لتنمية وبناء القدرات الرقمية للقيادات والعاملين بالجهاز الإدارى بالدولة؛ مشيرة إلى أن المبادرة تستهدف تنمية وبناء القدرات القيادية الرقمية لعدد (650) قيادة من قيادات الجهاز الإدارى للدولة من غير المتخصصين بالوزارات والمحافظات والهيئات العامة.
وخلال الحفل؛ استمع الدكتور عمرو طلعت إلى بعض القيادات الحكومية من خريجى المبادرة، والذين أشادوا بهذه المنحة وما حققته لهم من قيمة مضافة فاعلة أثرت على حياتهم الشخصية والعملية وساهمت بشكل كبير فى إثراء مهاراتهم الرقمية بما يتواكب مع متطلبات العمل الحكومى الاحترافي.
الجدير بالذكر أنه تأتى مبادرة قادة مصر الرقمية على قمة الهرم والبرامج التدريبية التى أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتى يتم تقديمها بالمجان لقيادات الجهاز الإدارى للدولة من غير المتخصصين فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتستهدف المبادرة تطوير مهارات القيادات العاملة بالقطاع الحكومى لتمكينهم من إدارة المؤسسات الحكومية بشكل كفء وفعال لدعم اتخاذ القرار وتقديم خدمات متميزة للمواطنين، فضلا عن تعظيم الاستفادة من الذكاء الإصطناعى والبيانات والتقنيات الرقمية الناشئة فى إدارة الأعمال الحكومية، بما يساهم فى رفع كفاءة استخدام موارد الدولة، وتعزيز الشفافية، وتحقيق الاستدامة فى تنفيذ أعمال التحول الرقمى ومنظوماته بالمؤسسات الحكومية.
وتتضمن المبادرة عدد من المعارف والمهارات والتطبيقات العملية فى موضوعات التحول الرقمى والتكنولوجيات الناشئة، والقيادة الرقمية الابتكارية للمؤسسات، واستراتيجية ومنظومات الدولة المصرية للتحول الرقمى والتطوير المؤسسى، وإدارة الأزمات والمخاطر الرقمية لضمان استمرارية الأعمال، والأمن السيبرانى للبيانات والأصول الرقمية، فضلًا عن تعزيز المهارات القيادية والوظيفية الرقمية كالقيادة الرقمية الفعالة لفرق العمل، والمرونة الرقمية الاستراتيجية وإدارة التغيير، ومهارات الإدارة الرقمية للمشروعات، وقواعد الإتيكيت والبروتكول فى بيئة العمل الرقمية.
وقد استغرق البرنامج التدريبى بالمبادرة 54 ساعة موزعة على 9 أيام تدريبية على مدار 5 أسابيع، وتنوعت أساليب التدريب بالمبادرة بين التدريب النظرى المعنى بصقل المعارف والمهارات إلى جانب التطبيقات العملية ونماذج المحاكاة وورش العمل.