صحيفة البلاد:
2024-11-22@21:25:44 GMT

الإسراف 2-1

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

الإسراف 2-1

إمْتَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعَمٍ تَتْرَى لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) النحل: [18] وَأَمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ وَالتَّحَدُّثِ بِهَا، وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عزَّ وجَلَّ بِهَا، وَهَذَا هُوَ سَبِيلُ حِفْظِهَا وَضَمَانُ بَقَائِهَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) إبراهيم: [7].

وَمِنَ النِّعَمِ الَّتِي امْتنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَة الطَّعَامِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) قريش: [4] وَقَدْ اسْتَجَابَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِقَوْلِهِ: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) البقرة: [126] فَأَغْدَقَ عَلَيْنَا أَصْنَافًا مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَأَنْوَاعًا مِنَ المَطْعُومَاتِ قَالَ سُبْحَانَهُ: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) القصص [57].

وَأَوَّلُ صُوَرِ حِفْظ نِعْمَةِ الطَّعَامِ: الاقْتِصَادُ فِيهِ وَعَدَمُ إِهْدَارِهِ فَقَد امْتَدَحَ اللهُ عِبَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان: [67] وَاسْتِشْعَارُ مَكَانَةِ هَذِه النِّعْمَةِ، بِعَدَمِ الاسْتِهَانَةِ بَقَلِيلِهَا، فَمَنْ اسْتَهَانَ بِقَلِيلِ النِّعْمَةِ حُرِمَ كَثِيرَهَا، وَمَنْ أَهْدَرَ كَثِيرَهَا، حُرِمَ دَوَامهَا، وَمَنْ أَلِفَ وُجُودهَا، لَمْ يَأْمَنْ زَوَالهَا.

وَقَدْ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْدِ بِقَوْلِهِ:(والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا) أخرجه البخاري ومسلم وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم حِفْظُ النِّعْمَةِ وَإِكْرَامُهَا، وَعَدَمُ إِهْدَارِهَا، فَقَدْ مَرَّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ، فقالَ: (لَوْلا أنِّي أخافُ أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُها) أخرجه البخاري ومسلم ، وَهُوَ الْقَائِلُ صلى الله عليه وسلم: (إذا وقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْها فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى ولْيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ) أخرجه مسلم:

لَقَدْ كَانَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم مُقْتَصِدًا في مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَلْبَسِهِ، تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (لقَدْ ماتَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وما شَبِعَ مِن خُبْزٍ وزَيْتٍ في يَومٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ) أخرجه مسلم وَصَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (طَعامُ الِاثْنَيْنِ كافِي الثَّلاثَةِ وطَعامُ الثَّلاثَةِ كافِي الأرْبَعَةِ) أخرجه البخاري.

إِنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الإِسْرَافِ فِيهَا أَوْ تَضْيِيعِهَا وَإِهْدَارِهَا، وَظَاهِرَةُ إِهْدَارِ الطَّعَامِ مِنَ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ في مُجْتَمَعَاتِنَا، وَانْظُرُوا إلى تِلْكَ الْوَلائِمِ الَّتِي تَكْتَظُّ فِيهَا مَوَائِدُ الطَّعَامِ بِشَتَّى أَنْوَاعِ المَأْكُولاتِ وَالمَشْرُوبَاتِ، وَأَصْنَافِ التُّمُورِ، وَالَّتِي يَكُونُ مَآلُ بَاقِيهَا لِلْحَاوِيَاتِ، أو تُلْقَى عَلَى الأَرْصِفَةِ وَفِي الْبَاحَاتِ -نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُذْلانِ-إِنَّ ظَاهِرَة إِهْدَارِ الطَّعَامِ، نَاقُوسُ خَطَرٍ، وَنَذِيرُ شَرٍّ، مَا ظَهَرَتْ في أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ إِلا أَعْقَبَهَا الْفَقْرُ، وَتَلاهَا الْجُوعُ، وَقَدْ أَظْهَرَتْ دِرَاسَةُ الْمَسْحِ الْمَيْدَانِي لِلْفَقْدِ وَالْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ الَّتِي أَصْدَرَتْهَا الْهَيْئَةُ الْعَامَّةُ لِلأَمْنِ الْغِذَائِيِّ بِالمملَكَةِ أَنَّ نِسْبَةَ الْفَقْدِ وَالْهَدْرِ مِنَ الطَّعَامِ بَلَغَتْ (33.1 %) وَبِتَكْلفَةٍ سَنَوِيَّةٍ تُقَدَّرُ بِنَحْوِ (40) مليار ريال، فَهَلْ هَكَذَا يَكُونُ حِفْظُ النِّعْمَةِ؟!
يتبع.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم س ب ح ان ه ع ب اد ه إ ه د ار

إقرأ أيضاً:

شروط صلاة الجنازة على الميت الغائب

قالت دار الإفتاء المصرية إن صلاة الجنازة من فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء؛ وقد رَغَّب الشرع الشريف فيها، وندب اتباع الجنازة حتى تدفن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّي، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» متفق عليه. وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيه».

بيان شروط صلاة الجنازة على الغائب

وأضافت الإفتاء أن فقهاء الشافعية، والحنابلة ذهبوا في المعتمد، وهو المختار للفتوى جواز الصلاة على الميت الغائب؛ يقول الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 130، ط. المكتب الإسلامي): [تجوز الصلاة على الغائب بالنية، وإن كان في غير جهة القبلة، والمصلي يستقبل القبلة، وسواء كان بينهما مسافة القصر، أم لا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 121، ط. دار الكتب العلمية): [(ويُصَلِّي إمام) أعظم (وغيره على غائب عن البلد ولو كان دون مسافة قصر أو) كان (في غير جهة القبلة) أي قبلة المصلي (بالنية إلى شهر) كالصلاة على القبر لكن يكون الشهر هنا من موته] اهـ.

وقد اشترط الشافعيةُ والحنابلةُ لجواز الصلاة على الميت الغائب شرطين:

أولهما: أَنْ تَبْعُد بلد المُتَوفَّى عن بلد الصلاة عليه، ولو كانت المسافة بين البلدين دون مسافة القصر، فإن كان المصلون والمُتَوفَّى في بلدٍ واحد؛ فلا تجوز الصلاة إلَّا بحضور المُتَوفَّى والمصلون في مكان واحدٍ ولو كَبُرت البلد، إلا إذا تَعذَّر حضور المصلين لمكان الصلاة على الميت؛ وذلك كما هو حاصلٌ في وقتنا هذا من تَعذُّر حضور بعض المصلين للصلاة على الجنازة لا سيما في أوقات حظر حركة التَّنَقُّل، ولا يشترط في جواز الصلاة على الميت الغائب عندهم أن يكون الميت في ناحية القِبْلة التي يُصَلِّي إليها المُصَلِّي.

والثاني: اعتبار الوقت، فالشافعية لا يقيِّدون صحة الصلاة على الميت الغائب بوقتٍ مُعيَّن، بل تصح عندهم الصلاة على الميت الغائب ولو بَعُدَ تاريخ وفاته، بنيما قيَّد الحنابلة الوقت بشهرٍ مِن حين وفاته؛ وعلَّلوا بأنَّه لا يعلم بقاء الميت من غير تلاش أكثر من ذلك. انظر: "تحفة المحتاج" لشيخ الإسلام ابن حجر (3/ 149، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"شرح المنهج" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (2/ 277، ط. دار الفكر)، و"شرح المنتهى" للعلامة البهوتي (1/ 363، ط. عالم الكتب).

وقد زاد الشافعية وحدهم شرطًا آخر، وهو تقييد صحة الصلاة على الميت الغائب بمَنْ كان مِن أهل فرضها وقت الموت، بأن كان مُكَلَّفًا؛ لأنه يؤدِّي فرضًا خوطب به، بخلاف مَن لم يكن كذلك. انظر: "تحفة المحتاج" (3/ 149).

واستدلال الشافعية والحنابلة حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النجاشي مَلَكِ الحبشة؛ فقد روى البخاري ومسلم بسندهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث.

وروى البخاري ومسلم أيضًا بسندهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم النجاشي ثُمَّ تَقدَّم، فصفوا خلفه، فكَبَّر أربعًا.

قال الشمس الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 485-486، ط. دار الفكر): [(ويصلى على الغائب عن البلد) ولو في مسافةٍ قريبةٍ دون مسافة القصر وفي غير جهة القبلة والمصلي مستقبلها؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة. رواه الشيخان، وذلك في رجب سنة تسع] اهـ.

مقالات مشابهة

  • شروط صلاة الجنازة على الميت الغائب
  • قصة صحابي اهتز لوفاته عرش الرحمن.. بكى عليه النبي حتى ابتلت لحيته
  • سنن يوم الجمعة.. من الاغتسال إلى الصلاة على النبي
  • حكم أكل البصل يوم الجمعة.. هل نهى النبي عن تناوله؟
  • ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟
  • سنن ومستحبات اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
  • صيغة الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • كيفية إحسان الصلاة على سيدنا النبي عليه السلام
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا