صحيفة البلاد:
2024-12-23@01:22:03 GMT

الإسراف 2-1

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

الإسراف 2-1

إمْتَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعَمٍ تَتْرَى لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) النحل: [18] وَأَمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ وَالتَّحَدُّثِ بِهَا، وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عزَّ وجَلَّ بِهَا، وَهَذَا هُوَ سَبِيلُ حِفْظِهَا وَضَمَانُ بَقَائِهَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) إبراهيم: [7].

وَمِنَ النِّعَمِ الَّتِي امْتنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَة الطَّعَامِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) قريش: [4] وَقَدْ اسْتَجَابَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِقَوْلِهِ: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) البقرة: [126] فَأَغْدَقَ عَلَيْنَا أَصْنَافًا مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَأَنْوَاعًا مِنَ المَطْعُومَاتِ قَالَ سُبْحَانَهُ: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) القصص [57].

وَأَوَّلُ صُوَرِ حِفْظ نِعْمَةِ الطَّعَامِ: الاقْتِصَادُ فِيهِ وَعَدَمُ إِهْدَارِهِ فَقَد امْتَدَحَ اللهُ عِبَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان: [67] وَاسْتِشْعَارُ مَكَانَةِ هَذِه النِّعْمَةِ، بِعَدَمِ الاسْتِهَانَةِ بَقَلِيلِهَا، فَمَنْ اسْتَهَانَ بِقَلِيلِ النِّعْمَةِ حُرِمَ كَثِيرَهَا، وَمَنْ أَهْدَرَ كَثِيرَهَا، حُرِمَ دَوَامهَا، وَمَنْ أَلِفَ وُجُودهَا، لَمْ يَأْمَنْ زَوَالهَا.

وَقَدْ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْدِ بِقَوْلِهِ:(والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا) أخرجه البخاري ومسلم وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم حِفْظُ النِّعْمَةِ وَإِكْرَامُهَا، وَعَدَمُ إِهْدَارِهَا، فَقَدْ مَرَّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ، فقالَ: (لَوْلا أنِّي أخافُ أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُها) أخرجه البخاري ومسلم ، وَهُوَ الْقَائِلُ صلى الله عليه وسلم: (إذا وقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْها فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى ولْيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ) أخرجه مسلم:

لَقَدْ كَانَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم مُقْتَصِدًا في مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَلْبَسِهِ، تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (لقَدْ ماتَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وما شَبِعَ مِن خُبْزٍ وزَيْتٍ في يَومٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ) أخرجه مسلم وَصَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (طَعامُ الِاثْنَيْنِ كافِي الثَّلاثَةِ وطَعامُ الثَّلاثَةِ كافِي الأرْبَعَةِ) أخرجه البخاري.

إِنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الإِسْرَافِ فِيهَا أَوْ تَضْيِيعِهَا وَإِهْدَارِهَا، وَظَاهِرَةُ إِهْدَارِ الطَّعَامِ مِنَ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ في مُجْتَمَعَاتِنَا، وَانْظُرُوا إلى تِلْكَ الْوَلائِمِ الَّتِي تَكْتَظُّ فِيهَا مَوَائِدُ الطَّعَامِ بِشَتَّى أَنْوَاعِ المَأْكُولاتِ وَالمَشْرُوبَاتِ، وَأَصْنَافِ التُّمُورِ، وَالَّتِي يَكُونُ مَآلُ بَاقِيهَا لِلْحَاوِيَاتِ، أو تُلْقَى عَلَى الأَرْصِفَةِ وَفِي الْبَاحَاتِ -نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُذْلانِ-إِنَّ ظَاهِرَة إِهْدَارِ الطَّعَامِ، نَاقُوسُ خَطَرٍ، وَنَذِيرُ شَرٍّ، مَا ظَهَرَتْ في أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ إِلا أَعْقَبَهَا الْفَقْرُ، وَتَلاهَا الْجُوعُ، وَقَدْ أَظْهَرَتْ دِرَاسَةُ الْمَسْحِ الْمَيْدَانِي لِلْفَقْدِ وَالْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ الَّتِي أَصْدَرَتْهَا الْهَيْئَةُ الْعَامَّةُ لِلأَمْنِ الْغِذَائِيِّ بِالمملَكَةِ أَنَّ نِسْبَةَ الْفَقْدِ وَالْهَدْرِ مِنَ الطَّعَامِ بَلَغَتْ (33.1 %) وَبِتَكْلفَةٍ سَنَوِيَّةٍ تُقَدَّرُ بِنَحْوِ (40) مليار ريال، فَهَلْ هَكَذَا يَكُونُ حِفْظُ النِّعْمَةِ؟!
يتبع.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم س ب ح ان ه ع ب اد ه إ ه د ار

إقرأ أيضاً:

إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة

قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، إن مهمة الرسل الدعوة إلى الله تعالى وإبلاغ الرسالة وتبيين الشريعة، فقد بعثوا دعاة للخير وهداة للبشر مبشرين من أطاع الله بعظيم الجزاء ومنذرين من عصاه بشديد العقاب.
وأكد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، وسيد ولد آدم، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
أخبار متعلقة هطول أمطار الخير والبركة على محافظتي ينبع والجوفعلى مساحة 98 ألف متر مربع.. افتتاح حديقة الخزامى بخميس مشيطوأشار إلى أن النبي كان يدعوا أمته ليلا ونهاراً، سرا وجهارًا، وكان يذهب للمشركين في أسواقهم ومجامعهم، يدعوهم إلى ربهم ويصبر على أذاهم وصدهم وإعراضهم.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة حرص النبي على أمتهوأكد أن حرص النبي على أمته أشد من حرصهم على أنفسهم، حتى كان يتحسر ويحزن لإعراضهم حزنًا يكاد يفتك به ويهلكههم، فنهاه ربه عن ذلك فقال تعالى: "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات"،وبين له أن التوفيق للهداية منه وحده جل وعلا فقال: "إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين".
وأكد أن من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمتهن كثرة دعاءه لهم وبكاءه لأجلهم حرصًا عليهم وخوفًا من عذابهم، وإن من عظيم حرصه تتبعه شؤون أصحابه وأتباعه، فهو يواسي المحزون ويفرج عن المكروب ويكون مع الناس في شؤونهم وأحوالهم.
وأشار إلى أن حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان شريعته، ممتثلًا أمر ربه تعالى، فما من شيئ يقرب الأمة من الجنة ويزحزهم عن النار إلا وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • الأمل بالله وتأثيره على حياتنا
  • فضل الدعاء عند المصافحة.. مستجاب ومقبول عند الله
  • لمحات من حروب الإسلام
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • حكم التسول في الشريعة الإسلامية.. الإفتاء توضح
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة
  • إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة
  • سنن يوم الجمعة.. قبل الصلاة وأثنائها وبعدها