جهاز شفط مصمم لتوصيل الأدوية ذات الجزيئات الكبيرة «الببتيدات»، بالطريقة التي تجعل العقار يصل مباشرة إلى مجرى الدم من خلال البطانة الداخلية للخد، صوَّره بعض الباحثين، الذي كان تحديًا كبيرًا لهم، خاصة بطانة الغشاء المخاطي للخد الداخلي من الصعب تطويعها بسهولة.

هناك العديد من الأمراض علاجها الأساسي فئة الببتيد، خاصة مرض السكري والسمنة وسرطان البروستاتا، ونظرًا لحجمها، فإن هذه الجزيئات غير مناسبة للمرضى لتناولها على شكل حبوب، إما أنها تتحلل في الجهاز الهضمي أو لا تستطيع الوصول إلى مجرى الدم، ونتيجة لذلك، يضطر المرضى إلى اللجوء إلى تلقي حقنة، وفقا لما ذكرته شبكة «يورك أليرت».

«للتخفيف على المرضى عناء الحقنة، توصلنا إلى طريقة جديدة تمامًا لتوصيل الأدوية للجسم بفاعلية، والتي يمكن أن تنقذ ملايين الأشخاص من الخوف والألم المرتبطين بالحقن» حسبما روته نيفينا باونوفيتش، رئيس قسم تركيب الأدوية وتسليمها، في بيان إعلامي لها، مشيرة إلى أن التحدي الأبرز الذي واجه الخبراء، أن بطانة الغشاء المخاطي للخد الداخلي من الصعب تطويعها بسهولة لهذه العملية، بسبب أنسجتها الكثيفة، خاصة بالنسبة للجزيئات الكبيرة.

أما كوب الشفط، هو جزء من الجهاز، عند الضغط عليه على بطانة الخد، يخلق فراغًا، ويؤدي إلى تمديد البطانة، ويجعلها متقبلة للدواء الموجود في الكوب، ومع ذلك، فإن رحلة الدواء إلى الأوعية الدموية تتطلب دفعة إضافية، ولضمان فعالية الدواء، واختراقه لطبقات الأنسجة العميقة، دمج الفريق عامل داخلي، لجعل أغشية الخلايا أكثر مرونة، إذ أنه عندما يحتفظ المرضى بكوب الشفط في مكانه لعدة دقائق، يذوب الدواء في لعابهم، ويشق طريقه بسهولة إلى مجرى الدم من خلال البطانة المخاطية التي يمكن الوصول إليها الآن.

تحديات لتنفيذ الفكرة

لم تكن هذه الفكرة خالية من التحديات، خاصة تحديد الشكل الصحيح لكوب الشفط كان أمرًا محوريًا، وفق ما أشار إليه ديفيد كلاين سيريجون، وهو باحث رئيسي آخر، وأجرى الفريق اختبارات على بطانات خد الخنزير للتأكد من أن التصميم سيكون آمنًا وفعالًا، وقد تم تجربة النموذج الأولي بنجاح على الكلاب، «استطعنا أن نرى من عينات الدم أن كوب الشفط يوصل الأدوية بكفاءة إلى مجرى الدم لدى الكلاب» حسب كلاين سيريجون.

أجريت الاختبارات الأولية على ما يقرب من 40 شخصا، وفضل معظمهم هذا النظام الجديد على الحقن التقليدية، ومع اقتراب الفريق من إطلاقه في السوق، يستعدون لإجراء المزيد من الاختبارات وفحوصات الامتثال التنظيمي، ونظرًا للقيمة الهائلة التي يتمتع بها سوق الببتيد، فقد أبدت العديد من شركات الأدوية العملاقة بالفعل اهتمامًا بهذه التكنولوجيا التي ستغير قواعد اللعبة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سرطان البروستاتا الأدوية

إقرأ أيضاً:

وداعًا لآخر كُتّاب «الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية

كان بالإمكان، في ربع القرن الأخير من القرن العشرين، القول إن هناك شخصًا واحدًا فقط يُعدّ أفضل روائي وأفضل ناقد أدبي في أمريكا: جون أبدايك. كانت مراجعاته الطويلة والأنيقة في مجلة «ذا نيويوركر» تضع جداول القراءة، وتؤثر في أذواق القراء.

وبهذه القوة من التأثير، أولى أبدايك اهتمامًا خاصًا، في منتصف الثمانينيات، بالكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا، الذي توفي الأسبوع قبل الماضي عن عمر ناهز 89 عامًا.

في مراجعاته المتعددة لروايات فارغاس يوسا، أشار أبدايك مرارًا إلى وسامة الكاتب وأناقة حضوره. لكن ما أثار إعجابه بحق هو ذكاؤه اللافت، واتساع معارفه، وتنوع أساليبه، وخياله الذي تمكّن من رسم مشاهد مختلفة: من عبث جماعة يسارية صغيرة تتعامل مع نفسها بجدية مفرطة، إلى اشمئزاز زوجة شابة تكتشف أن زوجها مثلي، وصولًا إلى حيرة مثقف مديني يجد نفسه يخوض معركة مسلحة في جبال الأنديز بينما يئن من دوار الارتفاع.

قال أبدايك عام 1986 إن فارغاس يوسا «قد حل محل غابرييل غارسيا ماركيز» بوصفه الروائي الجنوب أمريكي الذي ينبغي للقراء الأمريكيين الشماليين اللحاق بأعماله. وكان ذلك بعد أربع سنوات من فوز ماركيز بجائزة نوبل للآداب، وقبل 24 سنة من حصول فارغاس يوسا عليها بنفسه.

حتى أبدايك وصل متأخرًا إلى أعمال الكاتب. فقد كان فارغاس يوسا قد نشر بالفعل معظم رواياته الكبرى، مثل «زمن البطل» (1963)، «البيت الأخضر» (1966)، «حديث في الكاتدرائية» (1969)، و«حرب نهاية العالم» (1981). هذه الأعمال، بجمالياتها الخشنة وجرأتها السياسية واتساع رؤيتها، حظيت بجمهور عالمي، وإن تأخرت في الانتشار داخل الولايات المتحدة.

في أوائل الستينيات، كان فارغاس يوسا أحد مؤسسي ما بات يُعرف لاحقًا بـ«الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية، وهي حركة تميزت بانفتاحها وتناولها الاجتماعي الجريء، وبرز فيها كتاب كبار مثل ماركيز، كارلوس فوينتيس، خوليو كورتاثار، خوان رولفو، غييرمو كابريرا إنفانتي، خوسيه دونوسو، وميغيل أنخيل أستورياس.

وكان فارغاس يوسا آخر من بقي على قيد الحياة من جيل «الطفرة»، وهو ما يضاعف من حجم خسارته. لقد كان الروائي السياسي الأذكى والأكثر إنجازًا في العالم.

وُلد في مدينة أريكويبا البيروفية عام 1936، وخاض صراعًا مع والده المتسلط، الذي كان يرى أن مهنة الكتابة لا تليق بالرجال الحقيقيين، إذ اعتبر الكُتاب «فاشلين». ولذا، أرسله إلى الكلية العسكرية «ليونثيو برادو» حين كان في الرابعة عشرة.

قال فارغاس يوسا في حوار مع مجلة «نيويورك تايمز» عام 2018: «أرسلني والدي إلى الكلية العسكرية لأنه كان يعتقد أن الجيش هو أفضل علاج للأدب، ولتلك الأنشطة التي كان يراها هامشية. لكنه في الواقع منحني موضوع أولى رواياتي»!!

كانت تلك الرواية هي «زمن البطل». وقد بقيت حتى اليوم محتفظة بوقعها. فالمشاهد القاسية من التنمر والتعذيب بين طلاب الأكاديمية تبقى عصية على الهضم، لكن في المقابل يظهر في كل صفحة حس الكاتب الإنساني واهتمامه العميق بالحياة. تأثره الكبير بويليام فوكنر بدا جليًا في هذه الرواية من خلال بنائها غير الخطي وتعدد وجهات النظر فيها.

وضعت الرواية فارغاس يوسا في صدارة المشهد الأدبي في أمريكا اللاتينية. كانت صورته للأكاديمية العسكرية حادة وقاسية إلى درجة أن إدارة المدرسة -حسب قوله- أحرقت مئات النسخ من الرواية علنًا. وقد وصفها أحد حكام «جائزة المكتبة القصيرة» الإسبانية بأنها «أفضل رواية كُتبت بالإسبانية خلال الثلاثين عامًا الأخيرة».

في منتصف السبعينيات، دخل فارغاس يوسا مرحلة كوميدية في إنتاجه. روايته «الكابتن بانتوخا والخدمة الخاصة» (1973) تحكي عن وحدات من الجيش البيروفي في الأمازون يتم إرسال بائعات هوى لخدمتها، ويشرف على المشروع كابتن صارم الأخلاق.

أما «الخالة جوليا وكاتب السيناريو» (1977)، فتدور أحداثها في عالم المسلسلات الإذاعية، وتحكي عن شاب يطمح لأن يصبح كاتبًا، يقع في حب خالته الكبرى ويتزوجها (وهي قصة مستوحاة من حياته الشخصية). الرواية مليئة بالدفء وغرابة الأطوار، كما أنها تمثل صورة لافتة لبيرو في خمسينيات القرن الماضي.

الكتابة الجنسية في رواياته كانت صريحة وواقعية، وأحيانًا مرحة، لكنها اتسمت دائمًا بنوع من النبل والرقة. في مذكراته «سمكة في الماء» (1993)، كتب:

«أن تجعل فتاة تقع في حبك، وتُعلن رسميًا أنها حبيبتك، كانت عادة بدأت تتلاشى تدريجيًا، حتى باتت اليوم، في نظر الأجيال الجديدة السريعة والعملية في الحب، شيئًا من العصور الحجرية. ما زلت أحتفظ بذكرى رقيقة لتلك الطقوس التي شكّلت الحب حين كنت مراهقًا، وأدين لها بأن تلك المرحلة من حياتي لم تبق في ذاكرتي فقط كفترة عنف.

وقمع، بل أيضًا كزمن لحظات دقيقة وعميقة عوّضتني عن كل شيء آخر».

من ذكرياته العاصفة، تلك الصفعة الشهيرة التي وجهها إلى صديقه ماركيز في عرض سينمائي عام 1976. لم تُعرف تفاصيل الحادثة بدقة، لكن الشائعات ربطتها بخلاف عائلي بين الرجلين. وقد خلد المصور رودريغو مويا اللحظة بصورة شهيرة لماركيز بعين سوداء، وابتسامة عريضة، كأنما تقول: «إن اضطررت لالتقاط صورة بعين متورمة، فاحرص أن تبتسم»!

قاد شغفه بالإنسان والسياسة إلى التفاعل معها كتابةً وفعلًا. وعندما منحته لجنة نوبل الجائزة عام 2010، أشادت بـ»خرائطه الدقيقة لبُنى السلطة وصوره اللاذعة لمقاومة الفرد وثورته وهزيمته».

كان يدقق في أبحاثه الروائية إلى حد مبالغ فيه، أشبه بروبرت كارو مصغر. لكنه، على عكس كارو، كان يتحرك بسهولة في أوساط الزعماء والساسة، ما منح رواياته مصداقية لامعة أحيانًا، ومريبة في أحيان أخرى.

كتب على مدى عقود عمودًا مهمًا في صحيفة «إلباييس» الإسبانية، وحضر حفل عيد ميلاده الثمانين شخصيات رفيعة من رؤساء دول ووزراء سابقين من تشيلي، أوروغواي، كولومبيا وإسبانيا.

ترشح لرئاسة بيرو عام 1990 ممثلًا لتيار الوسط ـ اليميني، لكنه خسر بفارق كبير. وعلقت الكاتبة ألما غييرمو برييتو عام 1994 في «نيويورك ريفيو أوف بوكس»: «باستثناء فاتسلاف هافل، لم يطمح أي كاتب آخر في الزمن المعاصر إلى الوصول إلى سدة الرئاسة».

كانت مواقفه السياسية متقلبة؛ بدأ يساريًا شغوفًا، ثم مالت قناعاته تدريجيًا نحو الليبرالية الجديدة. دعم الانتخابات الحرة وحقوق المثليين وتقليص دور الدولة. لكنه في سنواته الأخيرة صدم كثيرين بمساندته لمرشحين يمينيين متطرفين في أميركا اللاتينية وإسبانيا.

رواياته السياسية كانت معقدة أخلاقيًا ودقيقة في رصدها، لكنها لم تخلو من عبثية الحياة. ففي رواية «الحياة الحقيقية لأليخاندرو مايْتا» (1986)، يحضر أحدهم اجتماعًا ثوريًا حرجًا، لكنه ينشغل بخوفه من أن تسقط عليه كومة من المجلات التي يجلس فوقها!

كتب أبدايك عن هذه الرواية قائلًا: «من القلائل التي قرأتها حيث يصاب الشخصيات بالزكام أثناء معارك مصيرية، كما يحدث في الواقع».

آخر روائعه الكبرى كانت «حفلة التيس» (2000)، وهي رواية سياسية مشوقة تدور في السنوات الأخيرة من ديكتاتورية رافاييل تروخيو القاسية في الدومينيكان. وتبرز شخصية أورانيا كابرال، ابنة أحد رموز المعارضة، كمحور إنساني للرواية، لتجعل منها تأملًا متقنًا في العائلة والذاكرة والهوية.

ورغم استثماره العميق في التاريخ والبحث، تحدث فارغاس يوسا كثيرًا عن لا عقلانية الكتابة الروائية. قال في حواره مع مجلة «باريس ريفيو» عام 1990:

«الروايات التي أسرتني أكثر، هي تلك التي لم تصلني عبر قنوات العقل أو المنطق، بل سحرتني. هذه قصص قادرة على شل كل ملكاتي النقدية، لأجد نفسي عالقًا فيها، منتظرًا، بلا حول».

دوايت غارنر ناقد أدبي في صحيفة نيويورك تايمز منذ 2008، وكان سابقًا محررًا في قسم مراجعات الكتب لأكثر من عقد.

خدمة نيويورك تايمز

تمت الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • مياه الإسكندرية تعزز شراكتها مع المجتمع المدني لتوصيل الخدمة للأكثر احتياجًا
  • ترامب في وداع فرانسيس: أريد أن أصبح البابا
  • «مجرى» يعتمد أُطُراً جديدة للتوسع في المسؤولية المجتمعية
  • تقرير أمريكي: الحوثيون يقاومون الحملة الأمريكية بعناد رغم الخسائر والأضرار التي تلحق بهم (ترجمة خاصة)
  • على رأسها الأدوية.. إليك السلع الأساسية التي تركزت عليها الاعتمادات
  • بعد اتهامهما بالخضوع لعملية الشفط.. مي عمر تنشر صورا من الجيم
  • أفضل من الفحص التقليدي.. طريقة جديدة للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب
  • وداعًا لآخر كُتّاب «الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية
  • أمريكا في مأزق: تعديل استراتيجي مفاجئ في اليمن يُغير مجرى الحرب
  • الكتشاف عن إصابات جديدة بالحصبة في إسرائيل