اهتمت الأوساط الإعلامية المصرية بانضمام البلاد إلى تكتل "بريكس" وسط جدل كبير وتباين في المواقف إزاء تلك الخطوة.

وفي 24 أغسطس/ آب أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، موافقة "بريكس" على انضمام 6 أعضاء جدد إلى التكتل بينهم مصر والسعودية والإمارات وإيران، ليرتفع عدد الأعضاء إلى 11.

و"بريكس" تكتل خرج إلى العلن عام 2006، وعقد أول اجتماعاته في العام 2009 ويضم دول الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا ويعتبر بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبعة الكبار التي تقودها الولايات المتحدة وتضم كلا من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان.

وجاء انضمام مصر إلى التكتل في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة تتمثل بديون خارجية ثقيلة، وانهيار الجنيه المصري، وتضخّم غير مسبوق، وعجز مزمن في الميزان التجاري.

جدل كبير

بهذا الصدد قال "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في تقرير: "أثار نبأ انضمام مصر إلى مجموعة بريكس جدلا حاميا على وسائل الإعلام حول جدوى هذه الخطوة وتأثيرها على الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر".

وأضاف: "من ناحية، غالت وسائل الإعلام الموالية للنظام في إبراز الأثار الإيجابية للقرار وصوّرته على أنه الدواء الشافي للمشاكل الاقتصادية في مصر، زاعمةً أنه سيضع حدًا للهيمنة الاقتصادية الغربية ويساعد مصر في خفض التضخم المتزايد وفي الحد من اعتمادها على الدولار".

ومن ناحية أخرى، انتقدت وسائل الإعلام المعارضة انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" واستهزأت به، معتبرةً أنه مسعى لا طائل منه لبلد يواجه مشاكل اقتصادية شديدة وعجزًا تجاريًا مع جميع الدول الأعضاء حاليًا في المجموعة، حسب التقرير.

وأشار المعهد إلى أن وسائل الإعلام الموالية للنظام قدمت وجهات نظر أكثر تفاؤلًا في ما يخص انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"، ومن ضمنها صحيفة "المصري اليوم" التي زعمت أن مصر تستورد بالفعل الحبوب والزيت والنفط وغيرها من السلع الصناعية والتكنولوجية الأخرى من دول المجموعة، وقد تؤدي بالتالي الزيادة في حجم التجارة مستقبلًا باستخدام العملات المحلية إلى خفض الطلب على الدولار وإلى خفض التضخم أيضًا.

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: انضمام مصر لبريكس قد يساعد اقتصادها المريض

وفي الإطار عينه، رأت صحيفة "الأهرام" المملوكة للدولة في دعوة مصر للانضمام إلى عضوية "بريكس" انتصارًا للمساعي الدبلوماسية المصرية واعترافًا بمكانة مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأيضًا إقرارًا بأهمية دور مصر في العلم العربي والشرق الأوسط وبلدان شرق البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.

وزعمت الصحيفة أيضًا أن مجموعة "بريكس" تمثّل بداية تحوّل في النظام الدولي يفضي إلى وضع حدّ لهيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي، وفق التقرير.

وذكر المعهد أن الإعلامي الموالي للنظام، مصطفى بكري، قال إن قيمة الدولار في السوق السوداء بدأت تنخفض بعد صدور نبأ انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"ـ وأفاد أن إنشاء عملة موحدة بين دول المجموعة، وهي مبادرة طُرحت سابقًا على طاولة النقاش بين هذه الدول ولكن لم تبرز أي بوادر على تنفيذها، سيحد من طلب مصر على الدولار ويحل بالتالي من قلة توفره.

بينما وصف الإعلامي الموالي للنظام، أحمد موسى، انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" على أنه "زلزال سياسي" سيعود بفائدة عظيمة على مصر، واعتبر أن مجموعة "بريكس" بتشكيلتها التي تضم دولًا نووية ودولًا عملاقة في مجال الغاز الطبيعي قد تطلق قريبًا نظامًا عالميًا جديدًا.

أما على المستوى الرسمي، فعلقّ رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على انضمام مصر إلى مجموعة بريكس قائلًا إنها خطوة موفّقة إذ ستفتح آفاقًا جديدة أمام مصر للحصول على قروض ميسّرة من بنك التنمية التابع للمجموعة لخدمة مشاريع التنمية والبنية التحتية"، كما نقل المعهد.

وأشار مدبولي إلى أن المجموعة تسعى جاهدة إلى تحقيق التوازن العالمي من خلال تغيير النظام الأحادي القطب وإيجاد التوازن في إدارة الملفات العالمية.

كما أكد وزير المالية المصري محمد معيط أن انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" سيسهم في تعزيز الاستثمار وتوفير فرص تصدير جديدة وزيادة التدفقات الأجنبية، فضلًا عن توطيد التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء.

اقرأ أيضاً

انضمام السعودية والإمارات ومصر لبريكس.. فائدة محتملة للغرب

كيان هش

وأردف المعهد: مع أن صحيفة "الشروق" الموالية للنظام أشادت بالعضوية الجديدة لمصر ووصفتها بأنها "خطوة استراتيجية تحسب للسياسة الخارجية المصرية"، فقد عبّرت عن نظرة تتسم بالتوازن تجاه التحديات الرئيسية التي تواجهها مجموعة "بريكس"، ومن بينها التحديات المؤسسية. فالمجموعة لا تشكّل مؤسسة دوليّة ولا إقليمية وتفتقر إلى مقرّ وأمين عام أو مجلس تنفيذي لاتخاذ القرارات، وهذا يعني أن مصر تنضمّ إلى كيان هشّ مؤسسيًا، وبالتالي لن تجني سوى القليل من المكاسب.

وتابع التقرير: "بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الشقاق السياسي بين الأعضاء الرئيسيين في مجموعة "بريكس"، مثل العداء التاريخي بين الهند والصين كما بين السعودية وإيران، إلى تهديد الانسجام في المجموعة. ويُخشى من أن يؤدي ازدياد عدد الأعضاء إلى تعميق التباين بين الدول الذي ينتهي بإعاقة نجاح المجموعة المحتمل".

إلى ذلك قال التقرير إن كثيرين من جهة المعارضة في وسائل الإعلام عمدوا إلى الانتقاص من أهمية انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"، مشككين في تأثيرها المزعوم على الاقتصاد المصري.

وبحسب ما أفاد به الإعلامي في "قناة الشعوب"، معتز مطر، تعاني مصر من عجز تجاري ضخم مع دول مجموعة "بريكس" يقدّر حجمه بنحو 29 مليار دولار. ومع انضمام مصر إلى المجموعة، قد تتضاعف وارداتها من الدول الأعضاء، وبالتالي عجزها التجاري.

وقال مطر: "إذا لم تغطِ مصر هذا العجز، فقد تضطر إلى بيع المزيد من الأصول أو السماح لدول المجموعة بالدفع بالجنيه المصري مقابل استخدام قناة السويس، وسيخلّف الأمران وقعًا كارثيًا على الاقتصاد المصري والجنيه المصري الذي تنخفض قيمته على نحو متواصل".

وقللت أيضًا صحيفة "مدى مصر" المعارضة من أهمية انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" ورأت أن هذه الخطوة ليست وصفة سحرية تحل مشاكل مصر الاقتصادية. وعلى الرغم من أنها قد تخفف قيمة الواردات، فهي لن تحسّن بالضرورة العجز التجاري الذي تواجهه مصر.

وأضافت: "لن تختفي أزمة الدولار في البلاد بسحر ساحر عند الانضمام إلى مجموعة بريكس، وستبقى القاهرة بحاجة إلى زيادة مصادر النقد الأجنبي من خلال الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبي المباشر".

اقرأ أيضاً

السعودية والإمارات ومصر: نتطلع إلى التعاون مع بريكس

"خطوة غير فعالة"

وبالإضافة إلى ذلك، رفض خبراء اقتصاديون بارزون في المعارضة انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" باعتبارها خطوة غير فعّالة، حسب ما نقله المعهد.

وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، إن الصين أطلقت مجموعة "بريكس" لتوسيع أسواقها في الخارج بهدف منافسة الولايات المتحدة.

وأفاد أيضًا بأنه في ظل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها مصر، من المتوقع أن يؤدي انضمامها إلى المجموعة إلى مضاعفة الواردات وبالتالي تفاقم عجزها التجاري وازدياد ديونها وعرقلة أي مسعى لإنعاش الصناعة المحلية.

وعلق الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، قائلًا إن مصر ستتحوّل من مدين بالدولار إلى مدين باليوان والروبل والريال إذا لم تعمل على جذب الاستثمارات اللازمة لإنتاج أكثر مما تستهلك وتصدير أكثر مما تستورد.

انتقدت أيضًا جماعة "الإخوان المسلمين" هذه الخطوة وقالت إن هدف مصر الرئيسي من الانضمام إلى المجموعة هو البحث عن منفذ جديد للحصول على القروض من بنك التنمية. وحتى إذا صحّ ذلك، فإن آمال السيسي في الاقتراض من البنك تحطّمت نظرًا لأن البنك يواجه حاليًا صعوبات في تقديم قروض جديدة. وإلى ذلك، لن يؤتي الانضمام إلى المجموعة ثماره بسبب ضعف الإنتاج المحلي والافتقار إلى صادرات كافية تستطيع من خلالها الوصول إلى سوق "بريكس".

وتابع معهد واشنطن: مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرّر إجراؤها في بداية العام 2024، تهدف الحملة الإعلامية المغالية التي تقوم بها مصادر موالية للنظام بشأن انضمام مصر إلى "بريكس" إلى التخفيف من السخط العام الناجم عن ازدياد التضخم والفقر المستشري. وقد تنقذ التغطية الإيجابية، إذا نجحت، شعبية السيسي وتدرأ الاضطرابات الداخلية المحتملة.

اقرأ أيضاً

أولها ارتفاع عوائد السندات الدولية.. فوائد اقتصادية تنتظر انضمام مصر لبريكس

تحدٍ دولي

تجدر الإشارة إلى أن رئيس البرازيل كان قد عرض في وقت سابق على الرئيس الأسبق، حسني مبارك، الانضمام إلى "بريكس"، إلا أن الأخير رفض خشيةً من أن يؤثر ذلك في علاقاته مع الغرب.

وذكر التقرير أنه يتعين على السيسي أن يأخذ ذلك في الاعتبار أيضًا، إذ تضم المجموعة دولًا لا تتفق مع حلفاء مصر الغربيين، وتعارضهم تمامًا في بعض الحالات، وقد يتسبب ذلك في حدوث شرخ بين مصر ودول الغرب، وتحديدًا الولايات المتحدة.

وهذا يعني أن نجاح مصر في الانضمام إلى مجموعة "بريكس" سيعتمد على مدى قدرتها على عدم الانجرار إلى الاستقطاب الدولي.

واستطرد التقرير: "يجب ألا يبالغ المصريون في تقدير الفوائد السريعة التي يمكن أن تجنيها مصر من الانضمام إلى مجموعة "بريكس".

وبعبارات أخرى، يتعيّن على مصر اتباع سياسة التصنيع الموجّه للتصدير بهدف فتح أسواق جديدة مع دول "البريكس" وسدّ عجزها التجاري.

واختمم التقرير بالقول إن على مصر تحسين إدارة أصولها ومواردها الحالية لزيادة إيراداتها والوفاء بالتزامات ديونها، بالإضافة إلى إزالة الحواجز البيروقراطية كافة التي تعرقل الاستثمار الأجنبي.

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر بريكس الاقتصاد المصري الصين المعارضة المصرية انضمام مصر إلى مجموعة وسائل الإعلام إلى المجموعة الانضمام إلى اقرأ أیضا إلى ذلک

إقرأ أيضاً:

مواجهة عربية بنكهة قارية بين الأهلي المصري وشباب بلوزداد في أبطال أفريقيا

يستقبل الأهلي المصري ضيفه شباب بلوزداد الجزائري، الأحد، في الجولة الثالثة من المجموعة الثالثة لبطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم على ملعب القاهرة الدولي، في مباراة يسعى فيها أصحاب الأرض إلى استعادة ثقة جماهيره التي اهتزت في الأيام الأخيرة.

وفقد الأهلي فرصة لعب نهائي كأس القارات للأندية (إنتركونتيننتال) الأسبوع الماضي، بعدما ودّع على يد باتشوكا المكسيكي بركلات الترجيح في العاصمة القطرية الدوحة، نتيجة أعقبتها حملة غضب جماهيري على الفريق الأحمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويأمل الأهلي في تحقيق فوز أفريقي يعيد الهدوء للفريق قبل الارتباطات المقبلة.

ويأتي الأهلي ثانيا في مجموعته برصيد 4 نقاط من فوز على "إستاد أبيدجان" العاجي 4-2 بالقاهرة وتعادل سلبي مع أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقي في جوهانسبرغ، فيما يملك شباب بلوزداد 3 نقاط من فوز خارج أرضه على "إستاد أبيدجان" 1-0، وخسارة بملعبه 2-1 من أورلاندو بايرتس الذي يتصدر المجموعة بـ5 نقاط بعدما تعادل 1-1 في مباراة الجولة الثالثة مع الفريق العاجي في أبيدجان.

???? استعدادات فريقنا لمواجهة شباب بلوزداد في دوري الأبطال ???? pic.twitter.com/IRqf038sIs

— ‏النادي الأهلي (@AlAhly) December 18, 2024

إعلان رباعي جاهز

وسادت حالة من الارتياح معسكر الأهلي بعد تأكد جاهزية الرباعي الحارس محمد الشناوي والظهير عمر كمال عبد الواحد والمغربي يحيى عطية الله والجنوب أفريقي بيرسي تاو، الذين غابوا عن المران لأسباب مختلفة، قبل أن يعود الرباعي لمران الفريق استعدادا لمباراة شباب بلوزداد.

على الجانب الآخر، يغيب عن الأهلي الجناح طاهر محمد طاهر الذي تعرض لكدمة قوية في الركبة خلال مباراة باتشوكا، لينضم للغائبين التونسي علي معلول ومحمد هاني وكريم فؤاد، فيما ينتظر الجهاز الفني تحديد موقف الحارس الثاني مصطفى شوبير الذي يعاني من شد بالعضلة الخلفية.

View this post on Instagram

A post shared by Chabab.riadhi.belouizdad (@chabab.riadhi.belouizdad)

وتعادل الأهلي مع شباب بلوزداد سلبا في آخر مواجهتين في العامين الحالي والماضي ضمن دوري أبطال أفريقيا، ويعود فوز الفريق المصري الأخير إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول 2001، حين جدد فوزه بالنتيجة عينها قبلها بشهرين في طريقه إلى التتويج بلقبه الثالث.

ويسعى السويسري مارسيل كولر لتحقيق الفوز في مباراة الأحد لتأمين موقف الفريق في المجموعة قبل الخروج في الجولتين المقبلتين لمواجهة شباب بلوزداد بالجزائر و"استاد أبيدجان" في ساحل العاج.

"الحظ عاندنا"

وقال كولر إن "الحظ عاندنا أمام باتشوكا لكننا قدمنا مباراة جيدة ولم يقصر أي من اللاعبين. أتفهم غضب الجماهير لكن علينا أن نواصل طريقنا لأن الموسم ما زال طويلا، وأمامنا ارتباطات كثيرة محليا وأفريقيا".

وأضاف "نأمل في العودة مرة أخرى للمشاركة في كأس القارات، وكذلك في كأس العالم للأندية".

ويلعب الأهلي في بطولة كأس العالم للأندية 2025 التي تقام بالولايات المتحدة الأميركية، حيث أوقعته القرعة في المجموعة الأولى رفقة إنتر ميامي الأميركي وبورتو البرتغالي وبالميراس البرازيلي.
ويخوض الفريق المصري مباراة افتتاح مونديال الأندية أمام إنتر ميامي في 15 يونيو/حزيران المقبل في ميامي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بعد سداسية شباب بلوزداد.. تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بدوري أبطال أفريقيا
  • مصر في عيون أبنائها في الخارج: قمة الثمانية تسلط الضوء على الدور المصري المحوري
  • ثلاث نساء في غرفة ضيقة".. مجموعة قصصية جديدة للروائية هناء متولي
  • مجموعة صبري تدشن مشاريع للرعاية الصحية في عمان
  • مواجهة عربية بنكهة قارية بين الأهلي المصري وشباب بلوزداد في أبطال أفريقيا
  • محكمة أميركية تدين المجموعة الإسرائيلية المطورة لبيغاسوس باختراق واتساب
  • الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
  • خلال لقائه سفيرة بريطانيا.. الزبيدي يشدد على حشد الدعم الإنساني لمواجهة الأزمة الاقتصادية في اليمن
  • أيمن العشري يشيد بدور البنوك في تمويل المؤسسات الاقتصادية
  • عضو بالوحدة الاقتصادية العربية: مجموعة الدول الثماني تخلق سبل عمل جديدة