كان واضحا منذ اللحظات الأولى لتشكيل حكومة الاحتلال اليمينية، أن الصهيونية الدينية في قلبها، وتنوي استغلال كل لحظة من بقائها في الائتلاف الحكومي لتحقيق برنامجها الديني القومي، لكن التقديرات الإسرائيلية باتت تقدّر أن "هذه الحركة الأيديولوجية فقدت طريقها وأساسها، وباتت تتفكك بشكل متزايد، وبعد أن أكمل قادتها استيلاءهم على السلطة، فإنهم يجرّون النظام السياسي الإسرائيلي بأكمله معهم إلى الأسفل".

 

وفي هذا السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الأمن العام "الشاباك"، يوفال ديسكين، إن "ما شهدته تل أبيب في الأيام الأخيرة خلال الاحتفال بيوم الغفران نموذج جديد على ما ينادي به قادة الصهيونية الدينية من مبادئ عنصرية خاصة بيتسلئيل سموتريتش المؤيد للتفوق اليهودي، وإيتمار بن غفير الكاهاني، وأوريت ستراك الظلامية، وآفي ماعوز الطوباوي، ولم يحدث ذلك إلا بفضل الدعم النشط للغاية من "المتهم" بنيامين نتنياهو الذي يخشى خسارة ولايته الحكومية لصالح المعسكر المقابل، مع أن مثل هذه القائمة لا ينبغي أن يكون لها الحق الأخلاقي في الوجود في دولة يهودية، لأنها تروج للقيم العنصرية والتفوق اليهودي والتعالي على العلمانيين".

وأضاف في مقال نشرته "القناة 12" العبرية، وترجمته "عربي21" أن "قائمة الصهيونية الدينية يشجع أعضاؤها مرتكبي المذابح اليهودية الذين يشعلون النار في منازل الفلسطينيين، ويدعون لمحو القرى الفلسطينية، وينظمون الدعم العام لإرهابي يهودي حقير أحرق زوجين من الآباء الفلسطينيين وطفلهم أثناء نومهم من عائلة دوابشة، مع العلم أن هذه القائمة لا تشكل الأغلبية في دولة الاحتلال، لكنها في طريقها لمحاولة السيطرة عليها، مما يعد انتصارا لايديولوجيتها، رغم أنه سيكون باهظ الثمن، ومأساوي".

وأوضح أن "الصهيونية الدينية أنجبت بذور نكبة ستقضي عليها، وأنجبت ظاهرة القومية الدينية المتطرفة، التي ولدت معها منافساً يمينياً لهذه الظاهرة المسيحية اليهودية المتطرفة، ونجمت عن ظاهرة "فتيان التلال" المتطرفة والعنيفة، ومقدمة لتنفيذ توجهات التفوق اليهودي، ودولة الشريعة "الهالاخا"، والإرهاب، وكراهية الآخر، والعنصرية، وفي غياب الوحدة بين اليهود، فلن يكون لنا وجود، لأنه لا يوجد أخطر على وجود إسرائيل من التطرف والكراهية، وهي عملية خاطئة، لأنه تعمل على مراكمة "الكتلة الحرجة" على الدولة، وتغيّر واقعها بشكل لا رجعة فيه، وعندما تستيقظ، يكون الوقت قد فات".

وأوضح أن "الجهات المتطرفة بقيادة سموتريتش وبن غفير المسيطرين على الصهيونية الدينية، ومعهما نتنياهو، يجرون إسرائيل إلى الدمار من خلال خطة عمل فعّالة باللجوء إلى العنف، وزيادة دعوات الكراهية في الائتلاف الحاكم، ويستمرون بوصف المحتجين على الانقلاب القانوني بالفوضويين العنيفين مثل مهاجمة ضباط الشرطة، أو ممثلي الائتلاف، أو المصلين اليهود، وهم بذلك يحظون بدعم المحرّض القومي نتنياهو".

وأشار إلى أن "الصهيونية الدينية" بمختلف تياراتها أفرزت على مرّ السنين، حالات خطيرة للغاية من العنف والإرهاب الموجه ضد الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذه قائمة جزئية لمن لا يعرفها: الحركة السرية اليهودية، منظمة مكافحة الإرهاب، دورية الانتقام، الحركة السرية اليهودية، وهي تنظيمات حاولت زراعة سيارة مفخخة قرب مدرسة للبنات، وقتل عمال فلسطينيين في شفاعمرو، والقاتل باروخ غولدشتاين منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل وأسفرت عن مقتل 29 من المصلين المسلمين، وإصابة 125 آخرين، والقاتل عميرام بن أوليئيل حارق عائلة دوابشة، ويغآل عامير قاتل رئيس الوزراء المرحوم اسحق رابين، وحارقي الصبي محمد أبو خضير حيّاً".


ليست هذه المرة الأولى التي تصدر فيها تحذيرات إسرائيلية من تزايد نفوذ المتدينين في الحلبة السياسية والحزبية، فقد أكد دان بيري، الرئيس السابق لجمعية الصحفيين الأجانب في إسرائيل، أن "وصول أتباع الحاخام مائير كهانا لأن يصبحوا أعضاء في الكنيست، والمناصب الوزارية، يمنح الشرعية لتصريحاتهم العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب، ورفضهم لإقامة دولة فلسطينية لأسباب قومية وأمنية زائفة، وهم في ذات الوقت يصرّون على وجود دولة واحدة بين البحر والنهر، لن تكون يهودية، إلا إذا طبقنا مشروع الترحيل".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وترجمته "عربي21" أن "المخاوف الإسرائيلية تنبع مما تشهده الحلبة السياسية من قيادة الأقلية المتطرفة للدولة، وباتت مفردات "التوراة" المزيفة بحوزتهم تتقدم البرامج السياسية للأحزاب الدينية اليهودية، وأصبحت خطابات الساسة والقادة السياسيين متخمة بهذه العبارات الدينية اليهودية الصرفة، وتنامى معدل المواليد في المجتمع الديني المتشدد بسبعة أطفال لكل أسرة، ورفضهم المدارس الحكومية، مقابل تقديس الدراسات الدينية، مما يقود الدولة لحالة من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي".

تجدر الإشارة إلى أن الدعوات الإسرائيلية تتزايد من تحول الأرثوذكس المتطرفين ليصبحوا أغلبية في الدولة، وتتكاثر قوانين الثيوقراطية، وينهار الاقتصاد، ويهرب القطاع الإنتاجي من الدولة، وهذا يعني عملياً تدمير دولة الاحتلال بأيدي المتطرفين الفاشيين هذه المرة، وواضح أن لديهم هذه الإمكانية ما دام نتنياهو موجودًا، لأن وضعه القانوني وسلوكه العام يحرمه من كونه شريكًا شرعيًا، ومن المشكوك أنه يريد ذلك، بل يسعى لكسر الهياكل الحزبية، والحفاظ على ائتلاف يميني يساهم في إحراق الدولة من الداخل حفاظا على أجندات حزبية وتطلعات شخصية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة عربي21 الفلسطينيين المدارس الحكومية فلسطين عربي21 المدارس الحكومية صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصهیونیة الدینیة

إقرأ أيضاً:

ورشة عمل لطلاب الجامعات عن «دور الجهاز الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»

نظمت أكاديمية الشرطة ممثلة في مركز بحوث الشرطة بمقر مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية، ورشة عمل تدريبية موجهة لطلبة الجامعات المصرية «الحكومية - الخاصة» خلال الفترة من 15 حتى 19 ديسمبر، تحت عنوان «دور الجهاز الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»، بمشاركة نخبة متميزة من الأساتذة والخبراء الأمنيين والمتخصصين. 

استهدفت ورشة العمل عددا من الموضوعات ذات الصلة بالأمن القومي المصري، أبرزها: تطور مفهوم الحرب وحروب الجيل الرابع ومشروعات تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وحرب اللاعنف وصناعة الدولة الفاشلة، وآليات وأدوات هدم الدول من الداخل، الإرهاب والشائعات والحروب النفسية، وتخريب الاقتصاد والتدخلات الخارجية والتمويل الأجنبي للأنشطة الهدامة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتزييف الوعي وإثارة الرأي العام، والإعلام الموجه ودوره في إسقاط الدول من الداخل، وجهود الدولة المصرية فث المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لإحباط مخططات إسقاط الدولة.

وفى إطار حرص وزارة الداخلية على إطلاع المشاركين بجهود الوزارة في التصدي للشائعات، جرى تنظيم زيارة لهم لمقر قطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية للتعرف على إمكانياته ودوره في رصد الشائعات والرد الفوري عليها بالحقائق وإعداده مواد وتقارير صحفية وإذاعية وتلفزيونية حول جهود قطاعات الوزارة لتنشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأثمرت المناقشات الثرية التي تناولتها الورش عن الخروج بعدد من النتائج والتوصيات شديدة الأهمية، أبرزها «نجاح جهود الدولة المصرية في مواجهة مخططات هدمها وإسقاطها من الداخل واحتواء الآثار السلبية لتلك المخططات من خلال الاهتمام برفع الوعي لدى المواطنين بعدم الوقوع كأداة في يد القوى المناوئة والاحتشاد خلف القوى الوطنية، وأنّ القيادة السياسية للدولة انتهجت في إحباط تلك المخططات منهجا فريدا تمثل في حشد الجهود كافة من مختلف مؤسسات الدولة وكياناتها، وإلغاء الحواجز بين الأجهزة كافة لتعمل كلها بتناسق وتناغم من أجل احتواء مخططات الهدم والتحول نحو التعافي، ومن ثم الانطلاق صوب التطوير الشامل ومناخ الاستقرار الذي تشهده الدولة حاليا. 

مقالات مشابهة

  • أكاديمية الشرطة تنظم ورشة عمل تدريبية لطلبة الجامعات المصرية
  • أكاديمية الشرطة تُنظم ورشة عمل لطلبة الجامعات المصرية
  • ورشة عمل لطلاب الجامعات عن «دور الجهاز الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»
  • أكاديمية الشرطة تنظم ورشة عمل حول دور الحكومة فى مواجهة مخططات إسقاط الدولة
  • أكاديمية الشرطة تُنظم ورشة عمل حول «مواجهة مخططات إسقاط الدولة»
  • وكيل وزارة المالية: الضريبة تسهم بـ11 مليار درهم سنوياً من إجمالي الإيرادات الاتحادية
  • أول تعليق من حماس بشأن إحراق المستوطنين أحد المساجد في قرية مردا
  • ماهر فرغلي: الإخوان تكاتفوا مع الجماعات المتطرفة لاستنزاف الدولة
  • باحث سياسي: نتنياهو يسعى لتغيير خريطة المنطقة وإعادة احتلال فلسطين
  • ماهر فرغلي: الإخوان تحالفوا مع الجماعات المتطرفة لاستنزاف الدولة المصرية