اتخذت فرنسا دون غيرها من الدول مواقف متشددة تجاه الانقلاب العسكري الذي وقع بالنيجر في السادس والعشرين من شهر يوليو الماضي 2023، وأصرت على استعادة النظام السابق برئاسة الرئيس السابق محمد بازوم للحكم، وراهنت على المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" بالتدخل العسكري، لاستعادة النظام الدستوري، وراهنت أيضًا على ضم الموقف الأمريكي من الأزمة لصالحها، إلا أن دول غرب إفريقيا "الإيكواس" قد مالت نحو الحل الدبلوماسي للأزمة، والرضوخ للمجلس العسكري الذي سيقود البلاد من خلال مرحلة انتقالية تمتد إلى ثلاث سنوات وصولاً إلى إجراء الانتخابات، وعلى الجانب الآخر فإن أمريكا قد راوغت في تحديد نواياها تجاه حل الأزمة، ولم تدن الانقلاب، وقررت من أجل مصالحها، ووجود قواتها بالنيجر الميل نحو الحل الدبلوماسي، ورضاها عن المجلس العسكري، وتعيين سفيرة أمريكية بالنيجر، ما يعني قبول أمريكا للمجلس العسكري ما يعني خذلان أمريكا لفرنسا، وبهذا تكون فرنسا قد دفعت ثمنًا باهظًا لسياساتها الخاطئة في بلدان غرب إفريقيا، ومنها النيجر، لتخسر فرنسا وجودها في إفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينا فاسو، وخروج قواتها العسكرية من تلك الدول التي اتخذت شعوبها مواقف رافضة، ومنددة بالوجود الفرنسي الذي رأت فيه استعمارًا جديدًا، وتدخلاً سافرًا في شئون تلك الدول وناهبًا لثرواتها، ولتخسر أيضاً أهم الموارد التي كانت تعتمد عليها فرنسا من بلدان غرب إفريقيا وعلى رأسها اليورانيوم من النيجر.
إن موقف فرنسا المتشدد تجاه الانقلاب جعل المجلس العسكري برئاسة عبد الرحمن تشياني يتخذ هو الآخر قرارات متشددة تجاه فرنسا، ومنها قراره المتعلق بطرد السفير الفرنسي من البلاد، وأيضاً قراره المتعلق بخروج القوات الفرنسية من بلاده أيضاً، وبالرغم من رفض فرنسا خروج سفيرها وقواتها، إلا أنها قد أعلنت في النهاية بعد محاصرة السفير الفرنسي سيلفان إيتي، وحصار قواتها هناك من جانب الجنود والمتظاهرين بالنيجر على مدار شهرين الرضوخ لقرارات المجلس العسكري، وعودة السفير الفرنسي لبلاده يوم الأربعاء الماضي الموافق ٢٧ من شهر سبتمبر الجاري، وإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن سحب قواته من النيجر بحلول نهاية العام الجاري، وبهذا تعلن فرنسا رسميًا خروج قواتها من تلك البلدان، ووضع نهاية لمشاركتها في محاربة الإرهاب، أي بنهاية نفوذها في منطقة الساحل الإفريقي، لتحل محلها قوات فاغنر الروسية لمكافحة الإرهاب، ثم بقاء القوات الأمريكية التي حافظت على وجودها برغم تلك الانقلابات، ومع هذا الخروج المذل، هل ستعود القوات الفرنسية إلى فرنسا؟ أم أنها ستذهب إلى جمهورية تشاد المجاورة للنيجر؟ هذا إضافة إلى خسارة فرنسا لواردتها من اليورانيوم، ومشاريع كبيرة كانت تتولاها شركات فرنسية في هذا البلد، ما جعل الشعب الفرنسي ورموز المعارضة يحملون الرئيس الفرنسي مغبة سياساته الخاطئة في تلك البلدان، وخسارة فرنسا لنفوذها ومصالحها في بلدان غرب إفريقيا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: غرب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن يدين رواندا ويطالبها بسحب قواتها من الكونغو فورا
أدان مجلس الأمن الدولي، رواندا، الجمعة، للمرة الأولى على خلفية دعمها هجوما للمتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، داعيا كيغالي إلى سحب قواتها فورا و"دون شروط مسبقة".
وتم بالإجماع تبنّي القرار الذي "يدين بشدة الهجوم الجاري وتقدّم متمردي "إم 23" في شمال كيفو وجنوب كيفو بدعم من القوات الرواندية".
ووفق وكالة "رويترز"، اعتمد المجلس المكون من 15 عضوًا بالإجماع قرارًا صاغته فرنسا يحث جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا على العودة إلى المحادثات الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي دائم.
واستولت حركة "إم 23" على أكبر مدينتين في شرق الكونغو، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقًا.
وتنفي رواندا اتهامات الكونغو والأمم المتحدة بأنها تدعم حركة "إم 23" بالسلاح والقوات، وتقول إنها تدافع عن نفسها ضد ميليشيات من الهوتو التي تتهمها بالقتال إلى جانب الجيش الكونغولي.
وندد القرار بشدة "بالهجوم المستمر وتقدم الحركة في شمال وجنوب كيفو بدعم من قوات الدفاع الرواندية"، وطالب الحركة بوقف الأعمال القتالية على الفور والانسحاب.
وتقول الكونغو إن رواندا استخدمت الحركة المتمردة وكيلًا لنهب معادنها مثل الذهب والكولتان، المستخدم في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر.