من رحم الانكسار يولد الانتصار، كلمات تعودنا أن نتداولها كثيرًا عبر تاريخنا حتى صارت جزءًا من الموروث الفكرى المكنون فى وجدان هذا الشعب نتذكرها، ونحن نستعد لاستقبال ذكرى عزيزة على قلوب أبناء شعبنا الطيب، ونحتفل بمرور ٥٠ عامًا على انتصار السادس من أكتوبر المجيد، ونُبحر فى أجواء المجتمع المصرى فى الفترة التى سبقت انتصار أكتوبر العظيم لنقارنها بما نعيشه اليوم لعلنا نجد تشابهًا في ظروف المجتمع، ومبررًا قويًّا للمطالبة باستدعاء الأمل، وتلك الروح من عبق صفحات التاريخ، والاعتقاد الذى قد يصل لدرجة اليقين بأن ما حدث قديمًا يمكن أن يحدث مجددًا الآن.
لم يكن انتصار أكتوبر عسكريًّا فقط، ولم يكن الجيش المصرى بعد نكسة يونيو قادرًا على تحقيق الانتصار دون تواجد المعجزة البشرية التى تعاملت بأقل الإمكانيات، لتصنع مجدًا ونصرًا يتغنى به العالم طوال عقود، لم نكن في أعلى درجات الاصطفاف والتركيز والازدهار السياسى والاقتصادى وقتها، بل كانت هذه الفترة من أضعف الفترات فى تاريخ مصر السياسي والاقتصادي، حيث غابت التعددية السياسية، وانحسر أى دور على الأرض للشباب، أو منظمات المجتمع المدنى حتى كانت نكسة 67 ليشعر المصريون وقتها بالخوف على مصيرهم، ومستقبل أبنائهم، فيأتى التحول المفاجئ، والذى قد يوصف بأنه أعظم تحول سيكولوجى ومجتمعي يحدث فى دولة ما خلال فترة قصيرة جدًّا من الزمن.
اليوم، ومع انصراف كثير من الشباب عن المشهد الداخلى والاستغراق فى التفاهات كالأفلام ومتابعة نجوم الفن، ولاعبى كرة القدم، هل نشهد صحوة جديدة ويكرر هذا الجيل من الشباب ما حدث مرارًا من قبل، ويذهلون العالم باصطفافهم خلف الوطن ونصرته؟
ربما لا نكون الآن فى حالة حرب كما حدث فى أكتوبر وشبابها، ولكننا الآن أحوج ما نكون إلى هذه الروح التى تبنى وتعلم وتطور وتصنع لهذا الوطن الغالى نوعًا من التواجد الدولى القائم على العلم والابتكار، وتحويل الدولة المصرية الشابة بطبعها إلى مركز للإشعاع ينطلق منه شباب مصر لغزو العالم بذكائهم، ونبوغهم الفطرى فى كل مجالات العلم والبحث.
هل نشهد هذه العودة سريعًا؟ أم أن شبابنا ما زالوا غير مدركين لقدراتهم المكنونة وطاقاتهم الخفية التى صنعت المستحيل منذ عقود، والتى ما زالت قادرة دائمًا على تغيير وجه الحياة، وكتابة تاريخ جديد لهذا الجيل المميز الذى يمتلك ما لم تتحصل عليه الأجيال السابقة من الإطلاع على العالم الخارجى والتعامل بكل سهولة ويسر مع التكنولوجيا الحديثة التى حرم منها آباؤهم وأبناء الأجيال السابقة؟
فى النهاية نُذكر أنفسنا، ونُذكر شبابنا بأننا لم نكن فى أعظم حالاتنا حين انتصرنا، ولم نكن فى قمة التقدم حين عبرنا، ولكنهم كانوا رجالاً أدركوا اللحظات الفارقة فى تاريخ أمتهم فتخلصوا من أى عوار قد اعتراهم، وارتدوا ثوب الإبداع، والإجادة، ليحققوا ما لم يتوقعه أحد.
حفظ الله شباب مصر، وأرشدهم إلى عبور جديد لهم، ولوطنهم كل يوم.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
دمشق تحيي للمرة الأولى الذكرى الـ14 للاحتجاجات الشعبية بعد الإطاحة بالأسد
سرايا - يحي السوريون السبت الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الاحتجاجات المناهضة لبشار الأسد، وذلك للمرة الأولى بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع، بتجمعات شعبية في مدن عدة خصوصا دمشق التي تستعد لتحرك غير مسبوق منذ العام 2011.
ويرتقب أن تشهد ساحة الأمويين وسط العاصمة، تجمعا حاشدا يعكس تحولّها إلى نقطة للاحتفاء بالمرحلة الجديدة، بعدما بقيت طوال أعوام النزاع، رمزاً لتجمعات لأنصار الأسد للرد على الاحتجاجات المناهضة في مدن أخرى.
وتحت شعار "سوريا تنتصر"، دعا ناشطون إلى تظاهرات في مدن أبرزها حمص وإدلب وحماة، تأكيدا لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد بعد عقود على حكم آل الأسد.
وقال قادر السيد (35 عاما) المتحدر من إدلب (شمال غرب) لوكالة فرانس برس "لطالما كنا نتظاهر في ذكرى الثورة في إدلب، لكن اليوم سوف نحتفل بالانتصار من قلب دمشق، إنه حلم يتحقق".
واعتبارا من منتصف آذار/مارس 2011 في خضم ما عرف بـ"ثورات الربيع العربي"، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مطالبين بإسقاط نظام الأسد. واعتمدت السلطات العنف في قمع الاحتجاجات، ما أدخل البلاد في نزاع دامٍ تنوعت أطرافه والجهات المنخرطة فيه.
ويأتي إحياء الذكرى هذا العام للمرة الأولى من دون حكم آل الأسد الذي امتد زهاء نصف قرن، بعد أن أطاحت به فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام، بدخولها دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غرب البلاد في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر.
وقاد زعيم الهيئة أحمد الشرع الإدارة الجديدة، وعين رئيسا انتقاليا للبلاد أواخر كانون الثاني/يناير.
ولا تزال البلاد تواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالواقع المعيشي والخدمي، فضلاً عن تحديات مستجدة مرتبطة بالسلم الأهلي.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون في بيان الجمعة "مر أربعة عشر عاماً منذ أن خرج السوريون إلى الشوارع في احتجاجاتٍ سلمية، مطالبين بالكرامة والحرية ومستقبل أفضل".
وأشار إلى أن السوريين " يستحقون الآن انتقالاً سياسياً يليق" بصمودهم وسعيهم لتحقيق العدالة والكرامة، داعيا الى وقف فوري لجميع أعمال العنف وحماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي.
وأكد ضرورة "اتخاذ خطوات جرئية لإنشاء حكومة انتقالية وصياغة دستور جديد.
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. الجيش الأمريكي ينشر لحظة اغتيال "أبو خديجة" الرجل الثاني في تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار بالعراقإقرأ أيضاً : الأونروا:" انهيار الوكالة يهدد بضياع جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين"إقرأ أيضاً : ترامب يتحدث عن إنهاء حرب أوكرانيا بـ24 ساعة ويقر بـ"السخرية"
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 556
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 01:24 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...