القاهرة- عمر حسن: لم يعد النفط الأسود وحده الثروة المتصارع عليها في هذا العالم، بل ثمة نفط من نوع أخر سيتحكم مالكه في مستقبل عالمنا الرقمي الذي تشكل التكنولوجيا قوامه الأساسي.

الرقائق الالكترونية، تلك الشرائح الصغيرة المعروفة بـ"أشباه الموصلات" والمتحكمة في إنتاج العالم من الإلكترونيات والسيارات وغيرها من الأجهزة، فما هي قصتها، ولماذا تشعل حربًا بين الصين وأمريكا، إليكم القصة كاملة.

ما هي الرقائق؟

الرقائق الالكترونية عبارة عن قطع معدنية صغيرة مصنوعة من السيليكون، وبدونها لا قيمة لأي منتج ذكي في العالم.

تلك القطع المعروفة أيضا بـ"أشباه الموصلات" هي عبارة عن عناصر ومركبات كيميائية ذات قدرة متوسطة على توصيل الكهرباء، وتمتاز بانخفاض أسعارها وكفاءتها في مجال الطاقة كالسيليكون والجرمانيوم.

تأتي الرقائق بعدة أحجام مختلفة، وأكثرها شيوعاً اليوم هي رقائق بحجم 14 نانومتر(14nm)، و10 نانومتر، ورقائق الخمسة نانومتر المستعملة في أجهزة «أبل» (Apple) كالآيفون (iPhone) والحاسوب المحمول «ماك بوك» (MacBook).

تعتبر هذه الشرائح نواة الحياة الحديثة، إذ تُستخدم في الكثير من الصناعات والقطاعات الحيوية أبرزها: صناعة الأجهزة الإلكترونية كالهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، وفي صناعة السيارات والطائرات، بالإضافة إلى استخدامها في صناعة الأجهزة الطبية، ومراكز البيانات، وغيرها.

كبار المُنتجين

احتكرت جهات معيّنة كـ"تايوان" والصين هذه الصناعة وباتت هي الموّرد الوحيد للشركات من مختلف القطاعات في العالم.

تنّبهت العديد من الحكومات لذلك بعدما أيقظها الوباء من غفلتها، إذ أدّى انتشاره والقيود التي فُرِضت للحد من تغلغله إلى تعطّل سلاسل التوريد، وإخلال مستويات الطلب والعرض، وإغلاق المنشآت المصّنعة لهذه الرقائق.

ونتيجة لذلك، عانى العالم من أزمة نقص الشرائح التي ما زال أثرها قائمٌ حتى يومنا هذا، وكان من أكبر متضرريها صانعو السيارات.

تتربع الشركة التايوانية (TSMC) على عرش صناعة أشباه الموصلات، فقد استحوذت على 56.1 في المئة من الحصة السوقية في الربع الثالث من عام 2022، وتخطت أرباحها 20 مليار دولار أميركي.

وتعد هذه الشركة فهي الموّرد الأساسي لشركة «أبل»، كما تعتمد على منتجاتها عمالقة التكنولوجيا مثل "انتل" و"انفيديا" و"هواوي".

تليها شركة سامسونغ الكورية بحصة سوقية تقدر بـ 15.5 في المئة، مسجلةً أرباح تخطت الـ 5.5 مليار دولار في الفترة نفسها.

أمّا الشركة الأميركية «جلوبال فاوندريز» (GlobalFoundries) فاستحوذت على 5.8 في المئة من الحصة السوقية، بينما كانت الحصة السوقية لمنافستها الصينية «سميك» (SMIC) هي 5.3 في المئة فقط.

بينما تستحوذ الشركات الأمريكية على الحصة الأكبر بين الشركات المصممة لتلك الرقائق، وفي مقدمتها شركة "كوالكوم" التي تعدت أرباحها 29 مليون دولار أميركي في عام 2021، وشركة «إنفيديا» التي تخطت إيراداتها 24 مليون دولار أميركي.

وبالرغم من غياب الشركات الأوروبية في سباق إنتاج وتصميم الرقائق الإلكترونية، إلّا أنها تعتبر العمود الفقري لهذه الصناعة، فهي المصّنعة للتقنيات والمعدات اللازمة لإنتاج الشرائح.

 

صراع الرقائق

صراع الاستحواذ على تصميم وتصنيع "أشباه الموصلات" بين الولايات المتحدة والصين لا يكف، بعدما أيقنت القوتان العظمتان أهمية تلك القطع باعتبارها "نفط المستقبل"، ووقود التنمية لأي دولة.

ونظراً للتوتر السياسي المستمر بين الصين وتايوان وبعد أزمة نقص الرقائق التي شلّت العديد من القطاعات، قررت الولايات المتحدة في أغسطس من العام الماضي تخصيص حوالي 280 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة (قانون الرقائق والعلوم)، كي تحد من سيطرة الصين على هذه الصناعة وتتمكن من استعادة مكانتها الرائدة في هذا المجال.

تُصّنع الولايات المتحدة اليوم 12 في المئة من أشباه الموصلات فقط، بينما كانت نسبة إنتاجها 37 في المئة في عام 1990.

لم تكتف الولايات المتحدة بذلك، ففي أكتوبر العام الماضي فرضت عقوبات جديدة على الصين هدفها منع الشركات الصينية من الوصول إلى أحدث المعدات والتقنيات الأميركية اللازمة لصنع الرقائق الإلكترونية المتطورة صغيرة الحجم.

بالإضافة إلى ذلك، تحاول الولايات المتحدة الضغط على الشركات الأوروبية كشركة «إيه إس إم إل» من تصدير تقنياتها ومعداتها الحديثة إلى الشركات الصينية المصّنعة للرقائق الإلكترونية.

 

الهند تدخل على الخط

تتطلع الهند إلى جذب شركات الرقائق الإلكترونية من كل أنحاء العالم إليها، لتصبح البلاد مركزا رئيسيا لأشباه الموصلات إلى جانب كل من الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية.

واغتنمت الدولة صاحبة أعلى تعداد سكاني في العالم فرصة الحد من اعتماد بعض الدول على الصين فى هذا المجال، وقامت بضخ المليارات لبناء نظام بيئى كامل لأشباه الموصلات على مساحات شاسعة فى البلاد.

رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى قال مؤخرًا إن الهند تدرك أن أشباه الموصلات أصبحت ضرورة عالمية وليست مجرد حاجة وطنية، لذا يعد جذب اللاعبين العالميين لإنشاء مصانعهم فيها إحدى الأولويات القصوى للبلاد.

ورغم ما تعانيه الهند من عدم وجود مهندسين متخصصين ومعدات مطلوبة تؤهلها لأن تحتل الصدارة فى صناعة الرقائق الإلكترونية، فإنها تحاول أن تحاكى التجربة التايوانية، حيث تعمل على جذب المزيد من العمالة الماهرة، بجانب تعزيز الإنفاق الحكومى والاستثمارات الرأسمالية.

 

للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

إقرأ أيضاً:

مليار دولار.. القصة الكاملة للعقل المدبر وراء أضخم عملية سطو إلكتروني

في سرقة رقمية مذهلة أحدثت صدمة كبيرة في عالم العملات المشفرة، نفذت مجموعة لازاروس Lazarus، الكورية الشمالية سيئة السمعة أكبر عملية سرقة لها حتى الآن، حيث استولت على مليار دولار من عملة إيثريوم، لتصبح بذلك أحدث الهجمات الإلكترونية التي تشنها كوريا الشمالية.
 

في قلب هذا الهجوم، يقف “بارك جين هيوك”، العقل المدبر والمثير للجدل، الذي اكتسب شهرة سيئة لدوره في تنظيم هجوم Wannacry لعام 2017 الذي أثر على 150 دولة حول العالم، حيث قام هو وفريقه بتنفيذ واحدة من أضخم عمليات السطو الإلكتروني الأكثر تطورا حتى الآن.

من هم فريق العاصفة المظلمة؟.. قراصنة تمكنوا من اختراق إكسالعقل المدبر وراء أضخم عمليات السطو الإلكتروني
 

تخرج بارك جين هيوك، من جامعة كيم تشايك، ولد في كوريا الشمالية في تاريخ بين 1981 و1984 وسافر بعدها إلى الصين، ويعمل حاليا مبرمج حاسوب وأحد الأعضاء البارزين في مجموعة قراصنة Lazarus، والمعروفة أيضا باسم APT38، والتي تقف وراء العديد من الاختراقات والسرقات لاسيما قطاع العملات المشفرة.

بارك جين هيوك

يملك بارك جين هيوك سجل حافل من الاختراقات التي طالت دولا وشركات عديدة، وقد وجهت له اتهامات بالمشاركة في مؤامرة إجرامية نفذتها مجموعة قراصنة RGB التابع لحكومة كوريا الشمالية، إلى جانب العديد من الهجمات الشهير التي استهدفت كيانات كبري من بينها:

1. حادثة سوني: وجهت الحكومة الأمريكية إلى بارك اتهاما باختراق شركة Sony خلال عام 2014، حيث طلب من الشركة آنذاك سحب فيلم يدعي The Interview، الذي يسيء فيه إلى زعيم كوريا الشمالية “كيم جونغ أون” ويصوره بطريقة ساخرة وهو يحتضر.

2. هجوم WannaCry: تسبب هجوم WannaCry خلال عام 2017، في تشفير بيانات ما لا يقل عن 75 ألف حاسوب في 99 دولة حول العالم، وطلبت برامج الفدية 300 دولار من عملة البيتكوين لفك تشفير الملفات.

3. هجمات على شركة دفاع أمريكية: تتهم وزارة العدل الأمريكية بارك بأنه وراء الهجمات الإلكترونية التي طالت شركة الدفاع Lockheed Martin عام 2011، وهي شركة تصنع طائرات مقاتلة وسفنا حربية وأسلحة بمليارات الدولارات تباع في جميع أنحاء العالم.

4. سرقة بنك بنغلاديش: أسفرت عملية سرقة بنك بنغلاديش، التي تم نسبها إلى بارك خلال عام 2016، عن سرقة 81 مليون دولار، من خلال الاتصال بشبكة SWIFT الدولية.

العقل المدبر في قراصنة لازروس

أفاد مكتب التحقيقات الفدرالي بأن بارك جين هيوك عضو بارز في مجموعة لازروس التي تسببت في خسارات فادحة لشركات عالمية، آخرها كانت منصة Bybit خلال الشهر الماضي، والتي تعرف بأنها أكبر عملية سرقة عملات مشفرة في التاريخ.

وفي عام 2018 سرق مجموعة لازروس ما يقارب 533 مليون دولار من العملة المشفرة NEM من منصة CoinCheck اليابانية.


فيما نسب مكتب التحقيقات الفدرالي اختراق شبكة Ronin إلى قراصنة لازروس، ففي عام 2022 أعلنت الشبكة بأنها تعرضت لاختراق تسبب في سرقة 173 ألفا و600 من عملة إيثريوم أي ما يقارب 615 مليون دولار.


وفي عملية اختراق أخرى، أسفرت عن  سرقة 100 مليون دولار، أكد مكتب التحقيقات الفدرالي أن مجموعة لازروس، قامت باختراق شبكة Horizon التابعة لشركة هارموني خلال عام 2022.

مقالات مشابهة

  • الخلاف بين نتنياهو ورئيس الشاباك: القصة الكاملة 
  • نبوءة ميرشايمر.. هل اقتربت الحرب المدمرة بين أميركا والصين؟
  • القصة الكاملة للاعتداء على ضابط داخل محل بقنا.. والداخلية تصدر بيانا عاجلا
  • مليار دولار.. القصة الكاملة للعقل المدبر وراء أضخم عملية سطو إلكتروني
  • القصة الكاملة لاعتــ.داء مدير مدرسة البحيرة على طالبتين بفناء المدرسة
  • 30 قضية وأحكام 100 سنة.. القصة الكاملة للقبض على صاحب السراج مول
  • أمريكا تنشر مدمرة بحرية بالقرب من الحدود الجنوبية.. ما القصة؟
  • القصة الكاملة لـ حريق المعامل المركزية.. 3 ساعات لإطفاء النار
  • ليلة رعب في قلب القاهرة.. القصة الكاملة لحريق "المعامل المركزية"
  • القصة الكاملة لـ صلح مرتضى منصور وأحمد شوبير ..هل انتهت الخلافات؟