كانت لحظات فارقة، ساعات قليلة، لكنها كانت بعمر الزمن، إنها كالحلم الجميل الذي يدفعك إلى حيث عالم الصفاء والنقاء، كلمات الإيمان تنطلق، تخترق القلب قبل العقل، أراه جالسًا على أريكته التي اعتاد عليها يستقبل ضيوفه بترحاب شديد، ابتسامة لا تفارق وجهه ملامح، ومسيرة والده العارف بالله كأنها تعيد نفسها مجددًا في أقواله، وأفعاله.
منذ أن قررت الذهاب لمشاركته في احتفاله السنوي بالمولد النبوي الشريف، كان الشيخ زين العابدين أحمد رضوان يحادثني، وهو بعيد هناك في الساحة الرضوانية، لقاءات عديدة، جلسات تمتد لفترات طوال، يبدو فيها شيخنا الجليل، وكأنه نسماء هواء في ظل قيظ الصعيد.
الشيخ زين العابدين أحمد رضوانالآن وصلت إلى مطار الأقصر، ذهبت إلى بلدتي أزور شقيقي المرحوم النائب محمود بكري، وألتقى أهلي وأرافق بعثة مستشفى الناس للكشف عن أبناء بلدتي، وأجلس بعضًا من الأوقات مع الأطفال الأيتام، نتناول الحلوى، ونستمع إلى كلمات في ذكرى مولد الحبيب.
وقبيل أن يحل المساء اصطحبني الصديق النائب حمدي عمر سليمان إلى الساحة الرضوانية، وهناك كان يتواجد النائب د.محمد العماري والنائب الطيري.
إذن هذا هو شيخنا العارف بالله الشيخ زين العابدين أحمد رضوان، يلتف حوله الأحباب من كل المناطق والمحافظات، بينما احتشد المئات في صحن الساحة استعدادًا للاحتفال السنوي بذكرى سيد الخلق أجمعين.. كم كان الشيخ ودودًا محتويًا بسيطًا هادئًا.
صور العارف بالله فضيلة الشيخ أحمد محمد رضوان، وبقية الأبناء تزين قاعة الساحة الرئيسية كم كنت سعيدًا في هذه اللحظات الإيمانية التي تخرجك من عالم إلى عالم.
همس الشيخ زين العابدين في أذني يسألني عن الأحوال، عن الشخصي والعام، كان يربت على كتفي وكأنه يدفع بي خطوات إلى الأمام.
أدينا صلاة العشاء سويًا، وبعد قليل كان الموعد مع الاحتفال الكبير، أجلسني الشيخ إلى جواره.. قلت له: هذا فضل منك يا شيخنا الجليل.
بدأ الحفل بآيات الذكر الحكيم، ثم كلمات لبعض العلماء، ثم منحني فضيلته الكلمة، وجاءت قبل نهاية الاحتفال كلمته، تحدث الشيخ مطولًا عن مسيرة الرسول- عليه الصلاة والسلام- كان حديث العالم الفقيه، ربط بين الدنيا والدين، وقبل أن يختم حديثه كانت رسالته، رسالة إلى الوطن، وإلى الناس وإلى الرئيس السيسي. كان شيخنا يتحدث عن التحديات الراهنة، وعن دور هذا القائد الوطني في التصدي والبناء، كانت رسالته من الساحة الرضوانية لها معانٍ كبيرة، ودلالات لا تخفى على أحد.
استقبل الحاضرون كلمات الشيخ بارتياح شديد، ذلك أن ثقة أبناء الساحة الرضوانية بشيخهم كبيرة، إنها أجيال تورث أجيالاً.
جمهور غفير من الحاضرين في الساحة الرضوانيةفي هذه الساحة التي جرى تأسيسها عام 1930، وحصل العارف بالله الشيخ زين العابدين على ترخيصها في 26 من مارس 2017م.
مسيرة طويلة للعارف بالله الشيخ أحمد رضوان، والعائلة الكريمة التي حافظت على استقلاليتها، والالتزام بضوابط الطريقة، وتعاليم مؤسسها على مدى عقود طويلة من الزمن.
لازال الكثيرون يتذكرون كيف كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يقدر الشيخ أحمد رضوان، وكيف أرسل طائرته الخاصة لنقله إلى مستشفى القوات المسلحة في القاهرة للعلاج، وكيف خصص قطارًا، وأرسل بكبار المسئولين لنقل جثمانه الطاهر إلى البغدادي في الأقصر، وكيف كان يعتبر نفسه واحدًا من أبناء الساحة الرضوانية، ارتبط عبد الناصر بالشيخ أحمد رضوان، وعندما أراد أن يقدم له هدية من المال اعتذر الشيخ بكل حب، وعندما سأله الناس في الساحة لماذا؟ قال لهم: حتى أعلم الناس العفة. كان عبد الناصر يرى في شيخنا الجليل نموذجًا، ولذلك حزن عليه حزنًا شديدًا عندما توفى في العاشر من يونيو 1967.
الشيخ زين العابدين بعكازه مع عبد الناصرتمضي الأيام، وتبقى الذكريات الغالية والمسيرة الإيمانية الواعدة في ذاكرة وقلوب المحبين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصطفى بكري جمال عبدالناصر الكاتب الصحفي مصطفى بكري الساحة الرضوانية العارف بالله أحمد رضوان الشیخ أحمد
إقرأ أيضاً:
بأدوات بدائية.. الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم تحت الأنقاض (فيديو)
عرضت قناة “القاهرة الإخبارية”، تقرير تلفزيوني بعنوان “بأدوات بدائية.. الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم تحت الأنقاض بعد غارة الاحتلال على حي الشيخ رضوان بغزة”، والذي يؤكد على أن الفلسطينيين يبحثون عن ذويهم تحت الأنقاض بالتزامن مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بغزة.
بعد أن توقفت الغارة التي شنتها طائرات الاحتلال الحربية على حي الشيخ رضوان في مدينة غزة وما صاحبها من صدمة انتابت الفلسطينيين، بدأ الفلسطينيون رويدا رويدا استيعاب ما حدث في المدينة وتكرر المشهد المعتاد عقب كل غارة إسرائيلية من انتشال لجثث الشهداء والبحث عن ناجين.
وأنطلق الفلسطينيين في عمليات بحثهم عن الأشخاص الذين ربما تُكتب لهم الحياة من جديد حتى وإن كانوا تحت غطاء من الأنقاض، وخلال عمليات البحث والإنقاذ كان الفلسطينيون محرومون من الحصول على الأدوات التي تساعدهم، بالتالي كانوا يستخدمون إيديهم أو أدوات بدائية للحفر في الأنقاض، إذ أنهم محرومون كحرمانهم من أبسط مكونات الحياة الآدمية جراء قرارات الاحتلال التي تنتهك القوانين الدولية بكل وضوح.
وتحدث الفلسطينيين في حي الشيخ رضوان، عن الدمار الذي لحق بمنازلهم وما جاورها من منازل نتيجة للغارة التي استهدفت الحي الهادئ كما وصفوه، بالتالي غارة الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الحي وغيرها من الغارات والقصف على باقي مناطق قطاع غزة تتم تحت مزاعم واهية ما كان منها إلا إضافة المزيد من الألم للقطاع الذي يئّن من وضعه الإنساني وينتظر طوق النجاة بين لحظة وأخرى ليعيد الحياة والأمان له ولساكنيه.