إكسبو البستنة الدولي.. من روتردام 1960 إلى الدوحة 2023
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
لتحقيق الانسجام بين البشر والطبيعة والتأكيد على التزام المجتمع الدولي بحفظ البيئة والتنوع الطبيعي، انطلق لأول مرة في عام 1960 أول معرض للبستنة والذي بات يعرف بـ /إكسبو البستنة الدولي/.
وفي عام 1960 من القرن الماضي اعترف المكتب الدولي للمعارض بـ23 معرضا دوليا للبستنة، حيث أقيم أول معرض للبستنة في هولندا تحت اسم معرض روتردام الدولي للبستنة وذلك من 25 مارس إلى 25 أكتوبر 1960 لتبدأ منذ ذلك التاريخ قصة إكسبو البستنة.
وفي رحلته من عام 1960 في هولندا إلى العام 2023، سيكون "إكسبو 2023 الدوحة" قد صنع التاريخ كأول معرض بستنة يقام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ليتصدى لتحدي التصحر والاستدامة في مناخ عالمي متغير.
ويعقد /إكسبو 2023 الدوحة/ تحت شعار "صحراء خضراء، بيئة أفضل"، بهدف تشجيع الناس وإلهامهم بشأن الحلول المبتكرة للحد من التصحر كما سيتم دعم موضوع مكافحة التصحر بأربعة مواضيع فرعية هي: الزراعة الحديثة، والتكنولوجيا والابتكار، والوعي البيئي، والاستدامة.
وتعزز معارض البستنة التعاون وتبادل المعرفة والحلول بين البلدان ومنتجي البستنة والصناعات الزراعية من خلال معالجة القضايا الأساسية المتعلقة بأنماط الحياة الصحية والاقتصادات الخضراء والحياة المستدامة والتعليم والابتكار.
ويتم تنظيم معارض البستنة من قبل الدولة المضيفة، وتستمر لمدة تصل إلى 6 أشهر بمشاركة الجهات المعنية لهذه الدول بالإضافة إلى الشركات والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية (المشاركون غير الرسميين).
وقد استقبل أول معرض للبستنة عام 1960 في روتردام حوالي 400 ألف زائر حيث أقيم على مساحة 50 هكتارا.
وكان إكسبو البستنة 1960 أول معرض يقام تحت رعاية المكتب الدولي للمعارض وتم الاعتراف به رسميا في الجمعية العامة الثالثة والأربعين للمنظمة في 5 مايو 1959. حيث أصبحت النسخة الأولى والتي تقام منذ ذلك الحين كل عقد في هولندا.
وقد أقيم أول إكسبو تحت شعار "من البذرة إلى القوة"، وذلك في "هيت بارك" وهي حديقة عامة، تم تصميمها في الأصل عام 1852 كمتنزه إنجليزي للمناظر الطبيعية صممه المهندس المعماري الهولندي زوخر وابنه.
وفي حديقة "هت بارك" التي أقيم عليها /إكسبو فلوريد روتردام/ لا يزال من الممكن رؤية بعض العروض التي كانت موجودة في 1960 حيث توجد بعض عروض الحدائق بما في ذلك حدائق الحياة البرية وحدائق القرن الثامن عشر ووادي رودودندرون.
وبعد أول نسخة من إكسبو البستنة، أقيمت النسخة الثانية في عام 1963 في مدينة هامبورغ الألمانية والتي جذبت حوالي 5 ملايين و400 زائر وأقيمت على مساحة 76 هكتارا بداية من يوم 26 أبريل إلى 13 أكتوبر 1963.
وفي العام الموالي 1964، تم تنظيم إكسبو البستنة في مدينة فيينا عاصمة النمسا على مساحة 100 هكتار حيث شهد المعرض الذي انتظم من 16 أبريل إلى 11 أكتوبر 1964 استقبال أكثر من ملونين و200 ألف زائر.
وشكل المعرض جزءا من استراتيجية التنمية الحضرية في فيينا بعد الحرب، وكان مستوحى من أفكار مماثلة لمعارض البستنة في ألمانيا التي تهدف إلى إنشاء أو إعادة إنشاء مساحات خضراء حضرية.
وشارك في المعرض 29 دولة، حيث قامت 12 منها بتصميم حديقتها الوطنية الخاصة، كما أقيمت فعاليات ثقافية طوال فترة المعرض، بما في ذلك المعارض في الهواء الطلق والعروض الفنية على بحيرة إيريس.
وقد أصبح الموقع حديقة عامة جديدة في فيينا والتي لا تزال تحتفظ بالعديد من معالمها الأصلية والسكك الحديدية المصغرة والمسبحة، وهي واحدة من أكبر المساحات الخضراء وأكثرها شعبية في المدينة.
عقب فيينا، وبعد توقف دام خمس سنوات، انتظم إكسبو البستنة في باريس سنة 1969 على مساحة 28 هكتارا بمشاركة 17 دولة، حيث دام المعرض من 23 أبريل إلى 5 أكتوبر 1969 واستقطب حوالي مليونين و400 ألف زائر .
وأقيم إكسبو باريس تحت شعار "زهور فرنسا والعالم" وسلط الضوء على تعزيز الوعي تجاه الطبيعة والتدابير اللازمة لحمايتها، كما كان فرصة كبيرة لزيادة توافر وجودة المساحات الخضراء المفتوحة أمام الباريسيين.
وكان موقع المعرض مملوكا قبل التنظيم للجيش وقدم تحويله إلى حديقة نباتية مفتوحة بشكل دائم للجمهور حيث يتمحور حول بركة عاكسة تبلغ مساحتها 4500 متر مربع، ويحدها وادي الزهور بما في ذلك زهور التوليب، والقرنفل، وشجيرات الورد، ونبات إبرة الراعي، وزهرة الثالوث.
كما تم إنشاء أكبر حديقة نباتات مائية في أوروبا تضم مجموعة من الأنواع الغريبة، بما في ذلك زنبق الماء الأمريكي واللوتس المصري.
كما ضم موقع المعرض "خشب الصنوبر" الذي تبلغ مساحته ثلاثة هكتارات والذي يحتوي على نباتات معمرة قوية، وقسما صناعيا وتجاريا عرض أحدث الآلات والمعدات، وحديقة للأطفال، وقد عرف إكسبو باريس تنظيم فعاليات ثقافية خاصة.
في عام 1972 عاد إكسبو البستنة إلى هولندا مرة أخرى، ولكن هذه المرة أقيم في مدينة أمستردام على مساحة 75 هكتارا حيث استقطب من 26 مارس إلى 1 أكتوبر 1972 حوالي 4 ملايين و300 ألف زائر.
وقد تم إنشاء أمستل بارك، (حديثة امستل) والتي تقع على ضفاف نهر أمستل في جنوب أمستردام، خصيصا لهذا الحدث كما تم إعادة تصميم حديقة بياتريكس بارك، لعرض ما تبقى من المعارض الخارجية، في حين استضاف مركز أمستردام للمعارض والمؤتمرات الذي تبلغ مساحته 12 ألف متر مربع المعارض الداخلية.
وكان الموقع الرئيسي هو حديقة /أمستل بارك/ التي تبلغ مساحتها 70 هكتارا، حيث تم تصميم أقسامها وفقا للعينات البستانية، وتم فيها عرض أكثر من 40 ألف زهرة "دالياس"، وأكثر من 8 آلاف زهرة "رودودندرون"، ومن بين المعالم البارزة الأخرى معرض ليلي وحديقة الفراشات .
وتراوحت موضوعات إكسبو أمستردام بين النباتات الغريبة وفنون الأزهار العالمية وتضمنت مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد التعليمية والترفيهية.
بعد عام فقط من إكسبو أمستردام، كانت مدينة هامبورغ الألمانية مسرحا لاحتضان اكسبو البستنة في سنة 1973 حيث دام المعرض الذي أقيم على مساحة 76 هكتارا ستة شهور بين 27 أبريل إلى 7 أكتوبر وشهد زيارة أكثر من 5 ملايين و800 ألف شخص.
وأقيم المعرض في حديقة "Planten un Blomen" بلانتن ان بلومان، حيث اعتمد منظمو المعرض على استراتيجية التخطيط البيئي في هامبورغ، وقد خضع الموقع للعديد من التحسينات والتعديلات، مع التركيز على أن يخوض الزائر تجربة مميزة.
ولعب الفن دورا مهما في المعرض حيث استمتع الزوار ببرنامج واسع من الثقافة والترفيه طوال 164 يوما، ومع 50 مشاركا دوليا، تمكن الزوار من اكتشاف النباتات والحدائق من جميع أنحاء العالم، ومن الأمثلة البارزة على ذلك الملعب الخشبي في السويد، والمناظر الطبيعية التوسكانية في إيطاليا، والحديقة البريطانية الدائمة والنوافير المضاءة والحديقة اليابانية.
في فيينا مرة أخرى، وفي سنة 1974 تم تنظيم إكسبو البستنة في الفترة من 18 أبريل إلى 14 أكتوبر على مساحة 100 هكتار وبمشاركة 30 دولة حيث استقطب المعرض ما يقارب مليونين و600 ألف زائر.
وقد نظمت مدينة فيينا المعرض كجزء من استراتيجيتها لتطوير المساحات الخضراء في المدينة حيث كانت المنطقة المختارة للمعرض عبارة عن موقع صناعي مهجور والذي احتاج إلى قدر كبير من العمل لتحويله إلى حديقة.
ونظرا لاكتشاف الكبريت في مكان قريب، اختار المنظمون تطوير الموقع كمنتزه صحي ليشمل مركزا صحيا وحماما حراريا وفندقا، بالإضافة إلى الحدائق ومناطق المعارض.
وأقيم ما مجموعه ستة معارض مؤقتة طوال مدة المعرض، مما وفر فرصة مميزة للزوار حيث قامت 10 دول من 30 دولة مشاركة بتصميم حدائقها الخاصة في "حديقة الأمم" الدائرية، وقد حظيت بركة زنبق الماء بشعبية خاصة بين الزوار، وكذلك حديقة الحفلات الموسيقية المجاورة، حيث كانت تقام بانتظام عروض الأوبرا والموسيقى.
كما ضم الموقع "حديقة الحفلات"، و"الحديقة الفاضلة"، و"وادي الماء"، بالإضافة إلى ملاعب للأطفال مستوحاة من موضوع الفضاء.
وقد أصبح الموقع حديقة عامة تحمل اسم كوربارك أوبرلا، الذي سمي على اسم المنتجع الصحي المجاور، مع مروج حمام الشمس وحديقة الحيوانات الأليفة للأطفال وحديقة الحب ومتاهة الزهور.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر اكسبو 2023 بما فی ذلک أبریل إلى على مساحة أول معرض ألف زائر عام 1960 فی عام
إقرأ أيضاً:
من الدوحة.. منظمة المجتمع العلمي العربي تحتفي بدور العلم لمواجهة الكوارث
تحت عنوان "دور العلم في إدارة الكوارث والحد من آثارها" نظمت منظمة المجتمع العلمي العربي (أرسكو) الأحد 15 ديسمبر/كانون الأول في الدوحة حفلها السنوي الذي حضره عدد من الخبراء والمسؤولين والمتخصصين من عدة دول عربية ومنظمات دولية، وأعلنت عن الفائز بجائزتها السنوية التي خصصتها لتكريم أفضل البحوث العربية في هذا المجال، إلى جانب تنظيم ورشة علمية.
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، أوضح البروفيسور عصام شحرور، نائب رئيس المنظمة، أن موضوع جائزة أرسكو لهذا العام والورشة "ركزا على دور العلم في إدارة الكوارث والتخفيف من آثارها، متناولا الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات، بالإضافة إلى الكوارث الناتجة عن تدخل الإنسان كالنزاعات وتغير المناخ".
وأكد شحرور أن "تأثير هذه الكوارث يتفاقم مع الوقت"، مشيرا إلى أن "الأساليب التقليدية لم تعد فعّالة في مواجهتها. لذلك، تبرز أهمية البحث العلمي في تحسين الاستعداد لمجابهة الكوارث والتعافي من آثارها، مع الاعتماد على الثورة الرقمية لتحليل البيانات وتعزيز الحوكمة".
جانب من الحضور في اليوم السنوي للمنظمة (أرسكو) دعم المجتمع العلمي في الوطن العربيفي كلمتها الافتتاحية، قالت الدكتورة موزة بنت محمد الربان، رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي ومؤسسة الربان للدراسات والبحوث، إن المهمة الأساسية للمنظمة هي المساهمة في تطوير مجتمع علمي عربي رائد قادر على تعزيز الإنتاج العلمي وتوطين العلوم وامتلاكها وتعزيز تراكم المعرفة في المجتمع العربي.
وأضافت أن "المنظمة بنيت أسسها على دراسة الواقع واستشراف المستقبل، وعلى فلسفة وفكر قامات علمية معروفة من داخل المجتمع العلمي العربي، يجمعها حرصها على بناء مستقبل أكثر إشراقا لهذه الأمة مبنيا على العلم والمعرفة".
وأشارت الربان إلى أن "الوطن العربي يعاني جملة من التحديات مثل تأثيرات تغير المناخ وتزايد الكوارث والأزمات، ولا يمكن مجابهتها إلا بالعلم والمعرفة ودعم المجتمع العلمي العربي، بمؤسساته وأفراده، الذي يمثل الثروة الوطنية الحقيقية لبلداننا، وهو ما تسعى إليه المنظمة من خلال مختلف الأنشطة التي تقوم بها".
إعلانوأعلنت رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي عن إطلاق مشروع علمي، يهدف إلى تسليط الضوء على دور الحضارة العربية الإسلامية في تطور العلم والفكر الإنساني، بعنوان "إسهامات الحضارة الإسلامية في المعارف الإنسانية".
وسينطلق المشروع في مسارين رئيسيين، الأول يركز على إنتاج وترجمة الموسوعات والكتب العلمية، إذ حصلت المنظمة على حقوق ترجمة ونشر أعمال بارزة مثل المجلد الخاص بالحضارة العربية الإسلامية من الموسوعة الإيطالية لتاريخ العلوم. أما المسار الثاني، فيشمل تنظيم مؤتمرات وندوات دولية لمناقشة إسهامات الحضارة الإسلامية في حفظ وتطوير العلوم.
وأكدت الدكتورة الربان أن المشروع يحتاج إلى جهود جماعية وتعاون من المؤسسات والأفراد لتحقيق أهدافه، مشيرة إلى أنه قد يتطور مستقبلا ليأخذ شكل مركز علمي عالمي.
العالم العربي في مواجهة الكوارثمن ناحيته، قال الدكتور صلاح خالد، المدير الإقليمي لليونسكو في دول الخليج واليمن، في كلمته إن العالم قد شهد في السنوات الماضية ارتفاعا غير مسبوق في درجة الحرارة وعددا من الكوارث الطبيعية مثل الزلزال الذي ضرب المغرب والفيضانات التي ضربت مدينة درنة في ليبيا وأدت إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.
كما تظهر الإحصائيات، وفق المتحدث، أن العالم شهد خلال 2022 أكثر من 380 كارثة طبيعية، وتشير التوقعات إلى زيادة هذه الأحداث بنسبة 40% بحلول عام 2030، مما يجعل جهود تعزيز الاستجابة والتكيف أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفي وطننا العربي، تضاعف التغيرات المناخية من حجم التحديات، إذ تشير الدراسات إلى أن أكثر من 60 مليون شخص قد يتعرضون لخط الفقر المائي بحلول 2030.
أما في اليمن، فقد تسببت الكوارث الطبيعية، كالفيضانات وانجراف الأراضي والزلازل إلى جانب الأزمات الإنسانية، في تأثيرات كارثية شملت تهديدا مباشرا لحياة السكان وتدمير البنى التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والتعليم، مما أدى إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية وزيادة الضغط على التدخلات الإغاثية.
إعلانوتشير الإحصائيات، وفق خالد، إلى أن الوفيات الناتجة عن الفيضانات والانهيارات الصخرية تجاوزت 400 شخصا خلال هذا العام. ولم تسلم المدن التراثية مثل صنعاء القديمة ومدينة شبام حضر موت وسوق عدن التاريخي من هذه الآثار، مما يتطلب استجابات فورية وشاملة تجمع بين تدخلات فورية والتخطيط طويل المدى.
الدكتور عادل الصالحي الفائز بجائزة أرسكو هذا العام (الجزيرة) جائزة المنظمةوخلال اليوم العلمي، أعلنت لجنة جائزة أرسكو لهذا العام عن فوز الباحث المغربي الدكتور عادل الصالحي، الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي في المغرب، بجائزة المنظمة لهذا العام وذلك "لتقديمه عملا بحثيا متميزا حول أحد أكبر الكوارث التي تضرب أكثر من منطقة في الوطن العربي وهي الفيضانات"، وكذلك "لطريقته المميزة في معالجة الموضوع من خلال تسليط الضوء على دور انجراف التربة في دول المغرب العربي في زيادة حدة الفيضانات باستخدام تقنيات جديدة وحديثة"، كما يقول الدكتور عصام شحرور الذي رأس لجنة التحكيم في حديثه مع الجزيرة.
وشملت شروط الجائزة، وفق شحرور، أن يكون الباحث منتميا لإحدى مؤسسات البحث العلمي في العالم العربي، وأن يمتلك أوراقا بحثية منشورة في دوريات علمية مرموقة.
وقد تقدم للمسابقة 46 باحثا من 15 دولة عربية، ووجدت اللجنة المؤلفة من 15 خبيرا أن 32 منهم استوفوا الشروط. وبعد تقييم الأبحاث بناء على التميز العلمي، وأهمية البحث، وتأثيره على العالم العربي، اختارت اللجنة بحث الدكتور عادل الصالحي، وهو أستاذ جامعي مغربي وخبير لدى مؤسسات علمية ومنظمات دولية كبرى.
وركز البحث الذي قدمه الصالحي على تأثير تعرية التربة على تفاقم الفيضانات في شمال أفريقيا، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تواجه تحديات بيئية غير مسبوقة، من بينها الفيضانات المفاجئة والجفاف المتكرر، مما يؤدي إلى ضعف التربة وزيادة حدة الفيضانات، مع نقص كبير في البيانات والمعطيات.
إعلانوتناول خطر الفيضانات في العالم العربي نتيجة تغير المناخ، مستخدما تقنيات حديثة مثل صور الأقمار الصناعية من ناسا لتحليل انجراف التربة في المناطق الجبلية. وشمل البحث دول المغرب العربي، مما جعله مستحقا للجائزة بفضل أهميته العلمية وتأثيره المباشر على المنطقة.
وقد حصل الصالحي على 16 تتويجا علميا ومنح تميز من جهات دولية مرموقة، أبرزها تتويجه أفضل باحث من طرف الوكالة الجامعية الفرنكوفونية، ونشر أكثر من 50 مقالا علميا محكما ومفهرسا في كبريات المجلات العلمية.
ويتميز إنتاجه العلمي بدمج تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للأقمار الصناعية لدراسة النظم البيئية والمناخية المعقدة، جنبا إلى جنب مع التحليل الإحصائي الميداني المتقدم للمجتمعات المختلفة في المنطقة العربية، مما يجعل أبحاثه مرجعا علميا موثوقا للباحثين والهيئات الدولية على حد سواء.
وفي حديث خاص مع الجزيرة نت، قال الدكتور الصالحي إن العمل الذي قدمه "كان في إطار مجهود تعاوني وشراكة بين جامعة عبد المالك السعدي بالمغرب وجامعتي برشلونة وجنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة ووكالة الفضاء الأميركية ناسا".
وأضاف الصالحي أن هذا المجهود امتد على سنوات طويلة "بهدف إنجاز قاعدة بيانات ضخمة باستعمال الذكاء الصناعي ومصادر متعددة شملت تحليل أكثر من 35 ألف صورة فضائية من ناسا"، مما مكن من "إنجاز خرائط واضحة تحدد بدقة مناطق الخطر والسكان المعرضين للخطر في المنطقة العربية الموجودة في شمال أفريقيا التي تتضمن 5 دول هي المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر".
وبشأن استفادة صانعي القرار والباحثين من هذه النتائج للحد من مخاطر الكوارث في هذه البلدان مستقبلا، قال الصالحي "نعتقد أننا قمنا بواجبنا بوضع قاعدة بيانات مفتوحة متاحة سهلة وميسرة للباحثين والعلماء والاستشاريين بالحكومات المحلية والوطنية"، مؤكدا أن الخطوة المقبلة الآن هي "اعتماد صانعي القرار على قواعد البيانات التي أنجزناها كأساس التخطيط الحضاري ولاستباق المخاطر محتملة الوقوع بشدة خاصة في ظل تردد الأحداث المتطرفة للمناخ فيما يعرف عالميا بالتغيرات المناخية التي أصبحت تتفاقم وتتزايد كل سنة منذ 20 سنة تقريبا".
مكونات نظام الإنذار المبكر للفيضانات المفاجئة في مدينتي صنعاء وشبام باليمن (الجزيرة) الذكاء الاصطناعي وأدوات إدارة الكوارث في المستقبلمن ناحيته، ناقش الدكتور محمد صلاح عبد الظاهر، الأستاذ المشارك في الجامعة الأميركية في الشارقة، في مداخلته دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين الاستجابة للكوارث الزلزالية.
إعلانوأشار إلى أن الأنظمة المستخدمة في مجابهة الكوارث الطبيعية، مثل علم الزلازل، استفادت بشكل كبير من أدوات متطورة مثل شبكات الاتصالات بالبيانات وإنترنت الأشياء والطائرات بدون طيار، إلى جانب الذكاء الصناعي في تحليل البيانات وتطوير أنظمة الإنذار المبكر.
وقال صلاح، في حديث خاص مع الجزيرة نت، إن "هذه الأنظمة الذكية مطبقة حاليا في دول مثل اليابان التي تعتمد على الذكاء الصناعي في رصد الموجة الابتدائية للزلزال، وهي موجة غير مؤثرة تسبق الموجة المؤثرة بقليل، بالإضافة إلى استخدام أنظمة المحمول للإنذار المبكر"، مضيفا أن "سباقا عالميا يجري حاليا لرصد هذه الموجات في أسرع وقت بعد حدوثها مما يمكن من إنقاذ أكبر قدر ممكن من الأرواح والخسائر المادية"، ومؤكدا أن "أن معظم الدول العربية لها القدرة على إنشاء مثل هذه الأنظمة".
كما أشار أيضا إلى أن العديد من الدراسات تجري حاليا حول المؤشرات التي تسبق الزلازل، مثل تشوه المجال المغناطيسي في طبقة اليونوسفير. وأكد أن الجمع بين هذه التقنيات والوقاية المدروسة يسهم في تقليل الخسائر وحماية الأرواح.
وفي محاضرة أخرى، استعرض الدكتور محمد عمران، من جامعة حمد بن خليفة في قطر، الإمكانات التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة الكوارث. وأوضح كيف يمكن لتقنيات التعلم الآلي وتحليل البيانات والاستشعار عن بُعد تحسين الاستعداد للكوارث وإدارة الأزمات.
وبيّن الدكتور عمران، من خلال تقديم أمثلة واقعية، كيف ساهم الذكاء الاصطناعي وجمع البيانات باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إنقاذ الأرواح وبناء مجتمعات أكثر مرونة. وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على التنبؤ بالكوارث بل يمتد أيضا إلى تحسين استجابات الطوارئ وتقييم الأضرار بشكل سريع وفعال.
وقدم شحرور، في مداخلته رؤية متكاملة حول الإدارة الذكية للكوارث، وأكد للجزيرة نت أن الأنظمة الذكية يمكنها تحسين إدارة الكوارث عبر جمع البيانات من أجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية والشبكات الاجتماعية، ومن ثم يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحول هذه البيانات إلى إجراءات فعالة للتنبؤ بالكوارث والاستجابة لها.
آليات مبتكرة للتصدي للكوارث في اليمنوحظي اليمن باهتمام خاص ضمن الورشة التي نظمتها أرسكو، حيث تم تسليط الضوء على التحديات البيئية والإنسانية التي تواجه البلاد نتيجة الكوارث الطبيعية والنزاعات.
إعلانوبحسب المهندس ياسر عبدو الغبير، مدير عام السياسات والبرامج البيئية بوزارة المياه والبيئة اليمنية، فإن اليمن تأثر بشدة من تغير المناخ، حيث يعاني من الفيضانات والجفاف والزلازل والعواصف الرملية، مما يشكل تهديدا كبيرا للموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي. وتسببت التأثيرات المدمرة للكوارث في نزوح أكثر من 4.5 ملايين شخص، وأثرت على حياة مليون شخص آخرين.
كما أوضح أن شح المياه جعل اليمن سابع أكثر الدول ندرة للمياه عالميا، مع تراجع المياه الجوفية بمعدل يتراوح بين 3 و8 أمتار سنويا في المناطق الحرجة. وقد أدى هذا التدهور إلى تراجع الأراضي الزراعية وزيادة التصحر، مما يهدد سبل العيش لحوالي 75% من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
ولتخفيف آثار هذه التحديات، أطلقت الحكومة اليمنية "الإستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث"، التي تهدف إلى الحد من مخاطر الكوارث وتعزيز قدرة البلاد على الصمود وتمكينها من تعزيز ثقافة الوعي بالمخاطر والإدارة الاحترازية للكوارث.
من جهة أخرى، قدم الدكتور ناظم العبسي، منسق مشروع اليونسكو للحد من مخاطر الكوارث في اليمن، نبذة عن مشروع نظام الإنذار المبكر في مدينتي صنعاء القديمة وشبام القديمة.
ويهدف المشروع إلى حماية المجتمعات الضعيفة في هاتين المدينتين التاريخيتين من الفيضانات المفاجئة، ويشمل إنشاء منظومة متكاملة للإنذار المبكر في مدينة شبام، وتعزيز النظام القائم في صنعاء، مع التركيز على رفع الوعي المجتمعي وبناء القدرات لدى السلطات المحلية.
ويقول الدكتور العبسي، في حديث خاص للجزيرة نت، إن أهمية المشروع -الذي مولته الحكومة اليابانية عبر مكتب اليونسكو في دول الخليج واليمن- جاءت من كون أن الكوارث -التي تضرب مدينتي صنعاء وشبام وخاصة كوارث السيول والفيضانات- كانت تؤدي بشكل عام إلى حدوث كثير من الأضرار والخسائر والوفيات"، مضيفا أن "التطور الحضري والتغيرات المناخية أدت إلى مضاعفة تدفق السيول المفاجئة بشكل كبير خصوصا في المواسم المطرية".
إعلانوحول مكونات هذا النظام، أوضح العبسي أنه يتركب من 4 مكونات أساسية تتمثل في منظومة لإرسال التحذيرات عبر صافرات الإنذار ومحطات للرصد المطري وقياس كمية التساقطات ومناسيب تدفق السيول والوديان الرئيسية، بالإضافة إلى خدمات الرسائل النصية وكذلك محطات رقابة مرئية باستخدام كاميرا المراقبة، إلى جانب غرفة عمليات وتحكم متكاملة لإدارة مكونات نظام الإنذار.
وأكد العبسي، في حديثه للجزيرة نت، أن النظام "حقق جميع الأهداف المرجوة التي تم اعتمادها في دراسة الجدوى حيث أنجز المشروع كثيرا من المهام، وتمت تجربة هذا النظام واستخدامه بشكل مباشر مما مكن من إنقاذ العديد من الخسائر في الأرواح والممتلكات"، وأوضح أنه "لم تعد تحدث أي كوارث في الوادي الرئيسي في مدينة صنعاء الذي تم تنفيذ فيه هذه المنظومة، إذ استطاع النظام إرسال التحذيرات للمواطنين في الوقت المناسب، كذلك مكّن القائمين على إدارة النظام من اتخاذ قرارات مستنيرة بناء على بيانات يتم رفعها من الواقع بشكل فوري ودقيق".
وأشار الخبير اليمني إلى أنه يأمل في توسيع نظام الإنذار المبكر في المستقبل إذا توفر الدعم من المانحين للجمهورية اليمنية، وأن لديه الآن خطة متكاملة مستقبلية أيضا لتوسيع هذه الأفكار لتشمل أكثر من مدينة يمنية.