ليس العالم العربي وحده الذي يمر بأسوأ مراحله، إنه العالم أجمع يمر بواحدة من أسوأ مراحله على الإطلاق. فعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي وصل إليه العالم فإن الخطابات الشعبوية تكاد تجتاح العالم، ويوما عن يوم تصعد حكومات شعبوية وأحزاب شعبوية إلى سدة الحكم، وتعمل، مع الأسف، على تقويض الكثير من مسارات التقدم التي أنجزتها البشرية طوال العقود الماضية.
إن المد الشعبوي سواء كان عبر الخطابات الثقافية المنتشرة في كل مكان أو عبر صعود الحكومات عاصفة خارجة عن السيطرة وتهدد بتفكيك النسيج المعقد من العلاقات الدولية وما بقي من القيم الجيدة في النظام العالمي.
ولفهم جوهر الشعبوية، يمكن أن نتخيل عالما تقوم قيمه وعلاقاته وتسترشد بالأهواء وتطغى فيه الحلول السطحية البعيدة عن المنطق والعقلانية، وإن جاز تسميتها فيمكن أن نقول إنها أشبه بالوجبات السريعة التي يغيب عنها البحث عن الحلول الدائمة والعميقة في معالجة نظام العلاقات الدولية.
إن العالم عبارة عن كيان معقد ومتشابك، ويبدو الأمر كما لو أننا جميعًا نجلس على دوّامة عملاقة عندما يتذبذب جزء واحد فيها يشعر الهيكل بأكمله بالزلزال.. وفي هذا النسيج الدقيق يمكن أن تمثل الحركات الشعبوية أو الأصوات الشعبوية الصوت النشاز أو الراقص الذي ينحرف عن النص ويخلق سلسلة من ردود الفعل التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار المشهد بأكمله.
ورغم الكثير من الأصوات التي تعرّي الشعبوية في العالم وتوضح خطرها فإن الشعوب ما زالت تسهم في تصعيد الكثير من الحكومات والأحزاب إلى سدة الحكم وهذا أمر في غاية الخطورة ويمكن أن يقود العالم إلى الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية، وأيضا، على مستوى مسيرة التقدم التكنولوجي والإنساني.. إضافة إلى تفتيت التماسك المجتمعي.
يتعيّن على المجتمع الدولي أن يدرك الخطر الكامن في هذه الموجة الشعبوية التي تجتاح العالم، ويتعيّن على «القرية العالمية» أن تعمل على تحصين دفاعاتها، وتهيئة أرض خصبة للحوار والتفاهم، حيث يمكن لبذور التعاون والاحترام المتبادل أن تزدهر.
وإذا كانت بعض الشعوب ترى أن النظام العالمي الحالي لم يستطع حل الكثير من التحديات التي تواجهه فإن الحل ليس في خيارات الشعبوية ولكن في إصلاح النظام أو حتى في بناء نظام عالمي جديد يقوم على قيم أكثر عدالة ومساواة واحترامًا لإنسانية الإنسان وقيمته وجوهره.
ومع تصاعد الأخطار التي تحيط بالإنسان في كل مكان يبدو أن العالم في حاجة ماسّة إلى الكثير من وقفات التأمل وإعادة النظر في الكثير من المسارات ومن بينها مسارات الشعبوية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من یمکن أن
إقرأ أيضاً:
300 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ سنوياً.. ما القيمة التي يشكلها هذا المبلغ مقارنة بقطاعات أخرى؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
وافقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ كوب 29 (COP29) على تخصيص 300 مليار دولار سنوياً لتمويل جهود مكافحة تغير المناخ وآثاره. وفيما يلي بعض المقارنات التي توضح حجم هذا المبلغ في مجالات رئيسية على مستوى العالم:
القوة العسكرية
وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بلغ الإنفاق العالمي على القطاع العسكري في عام 2023 نحو 6.7 مليار دولار يومياً. وهذا يعني أن هدف التمويل السنوي لمكافحة تغير المناخ البالغ 300 مليار دولار يعادل 45 يوماً من الإنفاق العسكري العالمي، بحسب رويترز.
استهلاك النفط
حالياً، تبلغ قيمة 300 مليار دولار تقريباً تكلفة النفط الخام الذي يستهلكه العالم في أقل من 40 يوماً، بناءً على بيانات رويترز التي تعتمد على الطلب العالمي على النفط الخام البالغ نحو 100 مليون برميل يومياً وأسعار خام برنت في نهاية نوفمبر تشرين الثاني.
إيلون ماسك
بحسب مجلة "فوربس"، بلغت ثروة إيلون ماسك الصافية 321.7 مليار دولار في أواخر نوفمبر تشرين الثاني. ويعد ماسك، الملياردير صاحب الشركات الكبرى مثل تسلا وسبيس إكس، أغنى رجل في العالم.
خسائر الأعاصير
تسببت الأعاصير في خسائر ضخمة، حيث بلغت خسائر إعصار كاترينا، أحد أكثر الأعاصير تدميرًا في تاريخ الولايات المتحدة، حوالي 200 مليار دولار في عام 2005. وفي هذا العام، قد تصل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن إعصار هيلين إلى 250 مليار دولار في الولايات المتحدة، كما تقدر خسائر إعصار ميلتون بنحو 100 مليار دولار.
مشتريات مستحضرات التجميل
تقدر شركة "باين اند كومباني" حجم سوق السلع الفاخرة العالمية بحوالي 363 مليار يورو (378 مليار دولار) في عام 2024.
تجارة النحاس
بلغ الناتج المحلي الإجمالي لتشيلي، أكبر منتج للنحاس في العالم، 335.5 مليار دولار في عام 2023، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
حزمة الإنقاذ المالي لليونان
بين عامي 2010 و2018، أنفقت دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي حوالي 260 مليار يورو (271 مليار دولار) في إطار برامج الإنقاذ المالي لليونان، وهي أكبر عملية إنقاذ دولة في التاريخ الاقتصادي.
سندات بريطانية
من المتوقع أن ترتفع إصدارات السندات الحكومية البريطانية في السنة المالية الحالية إلى 296.9 مليار جنيه إسترليني (372.05 مليار دولار) لتمويل الموازنة.
حصة في شركة
حسب بيانات مجموعة بورصات لندن، تبلغ قيمة حصة قدرها 10% في شركة "مايكروسوفت" العملاقة حوالي 300 مليار دولار، بينما تبلغ القيمة السوقية لشركة "شيفرون" النفطية الأميركية 292 مليار دولار.
عملات مشفرة
يمثل هدف التمويل المناخي السنوي 75% من القيمة الإجمالية لعملة "إيثر"، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم. كما يمكن أن تغطي ثلاثة ملايين "بتكوين" هدف التمويل المناخي السنوي، حيث تقترب قيمة البتكوين من 100 ألف دولار بعد الارتفاع الأخير الذي جاء نتيجة لفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية في 5 نوفمبر تشرين الثاني.