منظمة الدول الإسلامية الثماني.. 26 عاما بنفس الأعضاء
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
شهدت مجموعة البريكس مؤخرا تكالبا من الدول العربية والإسلامية على الانضمام إليها، بينما بقيت منظمة الدول الإسلامية النامية الثمانية مقتصرة على نفس الأعضاء الثمانية، منذ إعلان تأسيسها في إسطنبول منتصف 1997.
وكان رئيس الوزراء التركي نجم الدين أربكان قد طرح فكرة التجمع في تشرين الأول/ أكتوبر 1996 لترى النور في منتصف العام التالي، من خلال إعلان إسطنبول الذي شهده رؤساء كلا من تركيا وإيران وإندونيسيا.
ويبدو أن أساس اختيار دول المنظمة كان يركز على الحجم السكاني، حيث تحتل إندونيسيا المركز الرابع دوليا بعدد السكان، وباكستان السادس ونيجيريا السابع وبنجلاديش الثامن ومصر الرابع عشر وتركيا التاسع عشر، وانفردت ماليزيا بالمركز الثاني والأربعين بعدد السكان دوليا في ضوء طفرتها الاقتصادية.
تكالب العديد من الدول العربية والإسلامية على عضوية البريكس، بينما لم تتقدم لعضوية "دي- 8" طوال 26 عاما، خاصة دول مثل السعودية والإمارات والعراق بما لها من ثقل اقتصادي، وفوائض تحتاج إلى استثمارها في تلك الدول الإسلامية، كدول ناشئة تحقق معدلات نمو جيدة، خاصة وأن السعودية تحتضن مقر منظمة التعاون الإسلامي
وبلغ عدد سكان المنظمة حاليا مليارا و178 مليون نسمة يشكلون نسبة 14.5 في المائة من سكان العالم، إلا أن نصيب دول المنظمة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بلغ 4.8 في المائة فقط، مع وجود دولتي إندونيسيا وتركيا ضمن العشرين الكبار بالناتج المحلي، حيث جاءت إندونيسيا في المركز السادس عشر وتركيا بالمركز التاسع عشر، في حين جاءت باكستان في المركز الثاني والأربعين.
تجارة دول المنظمة أقل من ألمانيا
وفي التجارة السلعية الدولية كان نصيب دول المنظمة 4.8 في المائة من الإجمالي، أي أقل من قيمة تجارة ألمانيا التي احتلت المركز الثالث عالميا، وفي التجارة الدولية الخدمية كان نصيبها أقل من 3 في المائة، أي أقل من هولندا التي احتلت المركز التاسع دوليا بالتجارة الخدمية. ويبدو أن الخصائص السكانية كانت وراء تدني النصيب من الناتج والتجارة الدولية، خاصة مع ارتفاع نسب الفقر والتي بلغت 40 في المائة بنيجيريا رغم ما فيها من نفط وغاز، وثلث سكان مصر وربع سكان بنجلاديش وباكستان وحوالي خُمس سكان إيران.
وها هو متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي في الدول الثماني، يقل عن المتوسط العالمي في العام الماضي والبالغ 12 ألفا و804 دولارات، بينما بلغ في باكستان 1580 دولارا، و2140 دولارا في نيجيريا، و2820 دولار في بنجلاديش، و3900 دولار في إيران، و4580 دولارا في إندونيسيا، ولم تقترب من المتوسط العالمي سوى ماليزيا بقيمة 11 ألفا و780 دولارا.
ومع تلك الخصائص السكانية كانت الهجرة للعمل في الخارج، الأمر الذي انعكس في تحقيق تحويلات العاملين في الخارج موارد جيدة لبلدان المنظمة، حتى بلغ نصيب الدول الثماني نسبة 15 في المائة من تحويلات العمالة في العالم العام الماضي، كان أكثرها في باكستان بحوالي 30 مليار دولار ومصر 28 مليار دولار.
وكان إعلان إسطنبول عام 1997 قد أشار إلى مجالات التعاون بين دول المنظمة، في المجالات المالية والتجارية الصناعية والاستثمار والنقل والاتصالات، بل لقد أقرّت الدول ستة مشروعات اقتصادية حينذاك، منها مشروع مصري لإنشاء شركة دولية للتسويق، ومشروع تركي لإنتاج الطائرات الزراعية، ومشروع ماليزي للتمويل والاستثمار ومشروع إيراني للاتصالات والمعلومات، لكن بعد مرور 26 عاما ما زالت تلك المشروعات تتطلب تنفيذها.
بعد 26 عام تجارة بينية محدودة
وها هي أرقام التجارة البينية في العام الماضي خير شاهد على تدنى نصيبها من مجمل تجارة الدول الأعضاء، حيث كان نصيبها من التجارة المصرية أقل من 8 في المائة، وتركزت تلك التجارة مع تركيا تليها إندونيسيا وماليزيا، في حين تدنى نصيب إيران وباكستان وبنجلاديش.
ومن التجارة التركية دولة المقر لمنظمة الدول الإسلامية النامية (D-8) كان نصيب الدول الأعضاء نسبة 4 في المائة فقط، أي أقل من نصيب إيطاليا التي احتلت المركز الخامس في التجارة التركية، وتصدرت مصر دول تجارة المنظمة مع تركيا خاصة مع قرب الموانئ البحرية بينهما بينما جاءت نيجيريا في المؤخرة.
وفي العام الأسبق وفي إندونيسيا كان نصيب دول المنظمة 10 في المائة من صادراتها، نصفها إلى ماليزيا؛ دولة الجوار الجغرافي البري، وفي الواردات كان النصيب حوالي 6 في المائة معظمها من ماليزيا، حتى أن قائمة الدول الثلاثين الأكبر في الواردات الإندونيسية خلت من دول المنظمة عدا دولة الجوار ماليزيا ونيجيريا.
وفي ماليزيا تضمنت قائمة الثلاثين الأوائل في الصادرات إندونيسيا (دولة الجوار) في المركز التاسع، وبنجلاديش الجارة من خلال البحر في المركز التاسع عشر، وباكستان التي يسهل الوصول لموانئها البحرية الثالث والعشرين، ليصل نصيب دول المنظمة 6.5 في المائة من صادراتها، كما بلغ نصيب دول المنظمة من واردات ماليزيا 7 في المائة، منها 6 في المائة لإندونيسيا والباقي للدول الست الأخرى.
وفي صادرات باكستان كان نصيب دول المنظمة 6 في المائة، حيث وردت ثلاث دول في قائمة الثلاثين الأوائل في الصادرات الباكستانية، بنجلاديش في المركز العاشر وماليزيا في الخامس عشر وتركيا في العشرين، وتدنت الصادرات إلى إيران رغم الحدود البرية بين البلدين. وفي واردات باكستان كان نصيب دول المنظمة 10 في المائة، معظمها من إندونيسيا وماليزيا بينما تدنى نصيب بنجلاديش ونيجيريا.
وفي صادرات نيجيريا لم تتضمن قائمة الثلاثين الكبار سوى ثلاث دول من دول المنظمة، هي إندونيسيا في المركز الثالث وتركيا في الخامس عشر وماليزيا في التاسع والعشرين، بينما كان نصيب مصر 3 ملايين دولار فقط، وإيران أقل من ربع مليون دولار، ليصل نصيب دول المنظمة إلى 7 في المائة من صادراتها. وفي الواردات النيجيرية كان نصيب دول المنظمة 4 في المائة فقط، خاصة مع تدني قيمة وارداتها من كلا من إيران وبنجلاديش وباكستان.
العودية ما زالت خارج المنظمة
وهكذا يتضح أن القرب الجغرافي كان له أثره في التبادل التجاري بين دول المنظمة، لكن الأمر مرتبط أيضا بوجود اقتصاد لديه قدر مناسب من الصادرات، إلى جانب العوامل السياسية التي يمكن أن تعطل التجارة مثلما هو الحال بين مصر وإيران المقطوعة العلاقات بينهما منذ عام 1979 وحتى الآن، كما تسبب تشابه المنتجات البترولية بين نيجيريا وإيران في ضعف التجارة بينهما.
تكالب العديد من الدول العربية والإسلامية على عضوية البريكس، بينما لم تتقدم لعضوية "دي- 8" طوال 26 عاما، خاصة دول مثل السعودية والإمارات والعراق بما لها من ثقل اقتصادي، وفوائض تحتاج إلى استثمارها في تلك الدول الإسلامية، كدول ناشئة تحقق معدلات نمو جيدة، خاصة وأن السعودية تحتضن مقر منظمة التعاون الإسلامي
ورغم دعوة الأمين العام لمنظمة "دي- 8" منذ عام 2018 إلى التعامل التجاري بالعملات المحلية بين دول المنظمة، إلا أن الأمر لم يشهد تنفيذا عمليا، وتبقى حاجة المنظمة التي ترأسها دولة عضو كل عامين، إلى قيادة ذات رؤية وتوجه لدفع عملية التعاون بين دول المنظمة، مثلما فعل نجم الدين أربكان، بينما تشير دساتير دول في المنظمة إلى أنها دول علمانية مثل إندونيسيا رغم أن نسبة المسلمين فيها 87 في المائة من السكان، وهو ما يتصل بالهواجس التي تصيب بعض الحكام من المشاركة في تجمع يحمل لافتة اسلامية، مما يثير حفيظة الدول الغربية عليهم، الأمر الذي قد يفقده موقعهم مثلما حدث مؤخرا لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
فرغم وجود قمة لرؤساء دول المنظمة كل عامين، فلم تأخذ صور التعاون الاقتصادي فيما بين هذه الدول الدفعة المطلوبة أو حتى البدء بمشروعات محددة، الأمر الذي انعكس على غياب بيانات التجارة البينية بين دول المنظمة، عن تقارير منظمة التجارة الدولية على اعتبار أنها منظمة غير فاعلة.
ومن هنا يبدو التساؤل حول تكالب العديد من الدول العربية والإسلامية على عضوية البريكس، بينما لم تتقدم لعضوية "دي- 8" طوال 26 عاما، خاصة دول مثل السعودية والإمارات والعراق بما لها من ثقل اقتصادي، وفوائض تحتاج إلى استثمارها في تلك الدول الإسلامية، كدول ناشئة تحقق معدلات نمو جيدة، خاصة وأن السعودية تحتضن مقر منظمة التعاون الإسلامي.
ويتصل بذلك وجود نشاط اقتصادي للجيش بعض تلك الدول مثل باكستان وإيران، مما يعني توجيه التجارة إلى ما يتناسب مع مصالح تلك القيادات العسكرية.
ورغم أن الأمور عادة ما تكون مرهونة بتعليمات الحكام بدول العالم النامي التي تفتقد إلى الديمقراطية، يبقى الأمل في غرف التجارة والصناعة في دول المنظمة لتحقيق دفعة للتبادل التجاري والاستثماري، وهو ما نبهت له المنظمة ومن ذلك عقدها المنتدى الاستثماري لدول المنظمة في إسطنبول منتصف العام الماضي.
twitter.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الدول الإسلامية تركيا مصر تجارة مصر تركيا تجارة منظمات الدول الإسلامية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول الإسلامیة المرکز التاسع العام الماضی فی المائة من تجارة الدول تلک الدول فی المرکز دول مثل أقل من
إقرأ أيضاً:
أحمد مغاوري: مصر تستطيع زيادة صادراتها من الخدمات المهنية بـ 2 مليار دولار سنويًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور أحمد مغاوري، رئيس مكتب التمثيل التجاري المصري في جنيف ورئيس لجنة التجارة والاستثمار في منظمة التجارة العالمية، أن تأسيس منظمة التجارة العالمية كان له تأثير هائل على الاقتصاد العالمي، حيث ساهمت في انتشال أكثر من 1.5 مليون شخص من تحت خط الفقر.
كما شهدت التجارة الدولية معدلات نمو غير مسبوقة مقارنة بالفترة التي سبقت تأسيس المنظمة عام 1995، إذ ارتفع حجم التجارة العالمية ليصل إلى نحو 33 تريليون دولار. وقد أسهمت المنظمة في تعزيز تجارة الخدمات، خاصة الخدمات الرقمية، التي بلغت قيمتها نحو 10 تريليونات دولار، كما ساعدت العديد من الدول النامية على تحقيق تقدم اقتصادي كبير.
جاء ذلك خلال حوار الدكتور أحمد مغاوري، رئيس مكتب التمثيل التجاري المصري في جنيف ورئيس لجنة التجارة والاستثمار في منظمة التجارة العالمية، مع برنامج "الصناعية" بمناسبة مرور 30 عامًا على تأسيس المنظمة.
إنجازات المنظمة العقود الثلاثة الماضية
وأكد الدكتور مغاوري أن منظمة التجارة العالمية ليست كيانًا حديثًا، بل امتداد لاتفاقية "الجات" التي تأسست عام 1947 عقب الحرب العالمية الثانية، حيث كانت هناك حاجة ملحة لوجود مؤسسات تساهم في حفظ الاستقرار والسلم العالميين. فمن خلال المفاوضات التجارية المتعددة، وأبرزها جولة أوروغواي التي استمرت منذ عام 1985 حتى 1994، تم الإعلان عن إنشاء المنظمة رسميًا في ديسمبر 1994.
وأضاف أن المنظمة تعتمد على ثلاث وظائف رئيسية، حيث تجتمع 166 دولة يوميًا لمناقشة كافة القضايا التجارية بشفافية تامة. الوظيفة الأولى تتمثل في تنظيم العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء من خلال قواعد وتشريعات ملزمة. أما الوظيفة الثانية فهي تسوية النزاعات التجارية عبر آليات قانونية، مما يجنب الدول اللجوء إلى الحروب التجارية. وأخيرًا، تأتي الوظيفة التفاوضية، التي تهدف إلى تطوير الاتفاقيات التجارية بما يتماشى مع التحديات الاقتصادية الجديدة.
وعند سؤاله عن كيفية استفادة مصر من اتفاقيات تجارة الخدمات لتعزيز وجودها في الأسواق العالمية، أكد الدكتور مغاوري أن تجارة الخدمات كانت ولا تزال أحد أهم المجالات التي يمكن لمصر أن تراهن عليها لزيادة صادراتها. وأشار إلى أن الحكومة المصرية تعمل على تنفيذ رؤية واضحة في هذا المجال، خاصة في قطاعات مثل الخدمات ( المالية والتعليمية والصحية ) ، حيث تمتلك مصر كفاءات متميزة من أطباء ومصرفيين ومحامين ومهندسين.
وأوضح أن مصر لديها القدرة على زيادة صادراتها من الخدمات المهنية بمقدار 2 مليار دولار سنويًا، كما يمكن أن تحقق قفزة في صادرات الخدمات الرقمية من خلال تطوير قطاعات تكنولوجيا المعلومات، خدمات البرمجيات، والتعهيد، مما قد يرفع قيمة الصادرات الرقمية إلى ما بين 5 و7 مليارات دولار سنويًا خلال فترة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات.
وأشار إلى المبادرات التي أطلقتها الحكومة لتعزيز هذا القطاع، مثل مبادرة "مصر الرقمية"، وإنشاء مراكز التكنولوجيا في منطقة قناة السويس بالتعاون مع شركات عالمية مثل "سيمنز"، إلى جانب تعزيز الشراكات مع دول مثل الإمارات.
وأكد أن معدل نمو تجارة الخدمات الرقمية عالميًا بلغ 8% خلال العام الماضي، مما يعكس الفرص الكبيرة التي يمكن لمصر استغلالها في هذا المجال.
وفي ختام حديثه، تطرق الدكتور مغاوري إلى التحديات التي تواجه تحقيق هدف الوصول بالصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار سنويًا، مؤكدًا أن مصر تمتلك جميع المقومات لتحقيق هذا الهدف، من خلال أكثر من 140 منطقة صناعية تضم ما يقرب من 500 مصنع في كل منطقة، مما يعكس الإمكانيات الهائلة التي يمكن استثمارها لدفع عجلة النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات.