لجريدة عمان:
2024-10-05@16:10:45 GMT

كلاب البيت الأبيض.. بالمرصاد

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

تُعتبر الكلاب من أكثر الحيوانات التي أحبها الرؤساء الأمريكيون على اختلاف توجهاتهم، وهو ما جعل اثنين وثلاثين رئيسًا أمريكيًا من بين ستة وأربعين يمتلكون على الأقل كلبًا واحدًا في البيت الأبيض، حسب إحصائية موقع «سبوتنك»، الذي أشار إلى أنّ أول من بدأ عادة اقتناء الكلاب في البيت الأبيض هو الرئيس جورج واشنطن.

ولم تخلُ الإحصائية من بعض الطرافة؛ إذ أشارت إلى أنّ الرئيس السابق دونالد ترامب كان أحد الرؤساء القليلين الذين لم يقتنوا كلابًا خلال فترة حكمهم، وهو ما لم يحدث منذ عهد الرئيس ويليام ماكينلي، أي منذ ما يزيد عن 100 عام، إلا أنّ العاملين في البيت الأبيض طالبوه مرارًا وتكرارًا بتربية الكلاب والحيوانات، كي لا يخرج عن التقاليد المألوفة لسابقيه.

وإذا كان رؤساء أمريكا يدخلون التاريخ من أوسع أبوابه، فإنّ كلابهم تدخل التاريخ معهم. وقد يكون الكلب «ميجور»، أشهر هذه الكلاب، وهو كلب الرئيس بايدن، الذي وصفه صديقي سليمان المعمري في مقاله بهذه الجريدة بـ «كلب بايدن العضّاض»، ولم يفته أن يشير إلى أنّ «الصفة في العنوان هي طبعًا للكلب، وإن كنتُ لا أستطيع في المقابل نفيها بشكل جازم عن صاحبه». وقد أتت شهرة «ميجور» بعدما هاجم أشخاصًا عدة، لا سيما في مقرّ الرئاسة، وها هي المرة الثانية التي يواجه فيها سيّد البيت الأبيض مشاكل من هذا النوع مع أحد كلابه، مما يتعين على الكلب الثاني «كوماندر» - الذي دخل ميدان العض مثل «ميجور» - أن يخضع للتدريب بعد عشرة حوادث على الأقل هاجم فيها أشخاصًا نُقِل أحدهم إلى المستشفى، بحسب وسائل الإعلام الأمريكية، التي تهتم بالتفاصيل الدقيقة لحياة ساكني البيت الأبيض؛ إذ نُقِلَ عن مديرة اتصالات السيّدة الأولى جيل بايدن تصريحها لقناة الـ «سي إن إن» أنّ عائلة الرئيس الأمريكي «تعمل مع جهاز الخدمة السرية وموظفي البيت الأبيض على إعداد بروتوكولات جديدة وإخضاع الحيوانات للتدريب».

وإذا كان «ميجور» و «كوماندر» قد دخلا التاريخ بعضّاتهما، فإنّ كلبًا آخر قد دخل التاريخ، ولكن من أبوابه الواسعة؛ إذ إنه مثّل مشهدًا من مشاهد إهانة العرب والشماتة فيهم، بعد هزيمة يونيو 1967، ويحق له أن يدخل التاريخ طبعًا، ألا وهو الكلب «بيجل»، كلب الرئيس الأمريكي ليندون جونسون. والتفاصيل حكاها الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه «الانفجار 1967»، إذ يقول إنّ معلومات وصلت من محمد عوض القوني سفير مصر في واشنطن آنذاك، تتحدث عن لقاء عُقد بين عدد من السفراء العرب في واشنطن، وبين الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، بدعوة من وزارة الخارجية الأمريكية، بسبب شعورها بالقلق الشديد الذي يساور بعض السفراء العرب الذين بقوا في واشنطن، عقب قطع العلاقات بين عدد من الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية، بعد عدوان 1967. وطبقًا لبرقية السفير القوني، فإنّ السفراء العرب فوجئوا بأنّ الرئيس جونسون قرر أن يقضي معهم بعض الوقت في قاعة الاستقبال بمبنى وزارة الخارجية الأمريكية، واعتبر السفراء ذلك حدثًا سارًّا، لأنه يتيح لهم فرصة التحدث معه بحرية، والتعبير له عن مشاعرهم بعد هزيمة العرب أمام إسرائيل؛ لكن كانت بانتظارهم مفاجأة من العيار الثقيل، حين دخل إليهم الرئيس جونسون مصطحبًا كلبه «بيجل»، ثم جلس في مواجهة الكلب وراح يحدّثه بصوت مسموع قائلا له بالحرف الواحد: «اسمع يا «بيجل» حكاية رجل شرير، تخانق مع جاره الطيب، متصورًا أنّ هذا الجار الطيب لا يستطيع الرد عليه.. لكن الجار الطيب يا «بيجل» استجمع كلّ قواه، ولكمَ جاره الشرير، لكمَهُ لكمة قوية طرحته أرضًا.. أليس له حق يا «بيجل»؟ لماذا يحق لأصحاب هذا الرجل الشرير أن يشتكوا بعد ذلك للآخرين؟ ما هو رأيك يا «بيجل»؟!» وانصرف الرئيس الأمريكي جونسون تاركًا السفراء العرب في حالة من الذهول.

وإذا كان هيكل قد نشر برقية السفير محمد عوض القوني عن المعاملة المهينة للرئيس الأمريكي للسفراء العرب، فإنّ عشرات المواقف مثل هذه قد حدثت ولم تُنشر، لأنّ هذه هي قيمة العرب أمام رؤساء أمريكا، ولعل الرئيس دونالد ترامب هو الوحيد الذي وجه إهانات علنية متلفزة للعرب، وابتزهم علنًا في كلّ خطاب يلقيه، وقد اتخذ قرارات كلها تخدم الكيان الصهيوني، كاعترافه بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان، ولم يلتفت إلى المبادرات العربية المتوالية لإنهاء الصراع مع إسرائيل وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ولم يأبه لغضب العرب من قراراته، لإدراكه أنه غضبٌ ليس له قيمة أو تأثير على أيّ مستوى؛ فالعالم قد تعود مع كلّ حدث يهين العرب والمسلمين أن تنطلق صحيات المقاطعة، ثم تخبو وهكذا.

ولماذا كان على الرئيس ترامب أن يقتني كلبًا؟ فالإهانات التي وجّهها للعرب علنًا، لا يستطيع «بيجل» ولا غيره من الكلاب أن يأتي بها. والحقيقة المؤلمة أنّ أمريكا والغرب لم يعودوا يثقون في القيادات العربية، باعتبارها ضعيفة، فقدَتْ مصداقيتها لدى العالم، «مفضلين التعامل مع ثلاثة أطراف - إسرائيل وتركيا وإيران - وهذا هو المثلث المعروف؛ فالتاريخ يعيد نفسه بصورة أو بأخرى» كما يقول الشيخ يعقوب بن حمد الحارثي في مذكراته «سنوات الخليج العجاف»؛ فالعالم لا يحترم إلا القوي، والعربُ في أضعف حالاتهم الآن، بعد أن انطلقت صيحة «أوراق اللعبة بيد أمريكا بنسبة 99%». وحتى لو طبّق العرب مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان: «إذا أردتَ صديقًا في واشنطن اقتنِ كلبًا»، فمهما اقتنوا من كلاب دون اتخاذ أسباب القوة والوحدة والتضامن، فإنّ كلاب البيض الأبيض ستكون لهم بالمرصاد.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی فی البیت الأبیض فی واشنطن

إقرأ أيضاً:

لماذا لا تحظى مناظرات نائب الرئيس الأمريكي بأهمية كبيرة؟

تناظر الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس للمرة الأولى والأخيرة هذا العام، وحظيت المناظرة على اهتمام كبير وقتها.

فيما يأتي حدث رئيسي واحد في تقويم الحملات الانتخابية الأمريكية، وهي مناظرة نائب الرئيس، بين المرشح الجمهوري جيه دي فانس والمرشح الديمقراطي تيم والز، مع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها 5 نوفمبر المقبل.

وعلى عكس المألوف يشاهد أقل عدد من الناس مناظرات نائب الرئيس الأمريكي مقارنة بالمناظرات الرئاسية حسبما أفادت شبكة «إيه بي سي نيوز»، فلماذا لا تحظى مناظرات نائب الرئيس بأهمية كبيرة؟

هل المناظرة تحدث فارقا؟

بالرغم من أن المناظرات الرئاسية تحدث فارقًا عادةً في استطلاعات الرأي، إلا أن مناظرات نائب الرئيس لا تحظى بذلك، حيث لا يؤثر المرشحون على أصوات كثير من الناس.

وفي محاولة شبكة إيه بي سي نيوز للإجابة على سؤال «هل المناظرات السابقة لمنصب نائب الرئيس غيرت مسار السباق؟»، وجدت الشبكة أن الإجابة صعبة، ويرجع هذا لصعوبة عمل مقارنة لاستطلاعات الرأي قبل وبعد المناظرة.

ويرجع هذا إلى كون أغلب المناظرات الأخيرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس كان يعقبها بسرعة مناظرات رئاسية، فمثلًا في 2000 كانت هناك مناظرة رئاسية بعد 6 أيام فقط من مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس.

ويوضح الرسم البياني متوسط استطلاعات الرأي البالغ عددها 538 للانتخابات الرئاسية 2000-2020 في الأيام التي تسبق مناظرات نائب الرئيس، واستطلاعات الرأي ما بعدها مباشرة.

وكما يظهر فإنها لا تظهر فارقا كبيرا في مناظرات نائب الرئيس، وعند تحركها فعادة يكون ذلك بعد حدوث المناظرة الرئاسية بالفعل، ما يُرجح أن المناظرات الرئاسية تتسبب في الحركة وليس مناظرة نائب الرئيس نفسها.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: البيت الأبيض يخشى من تأثر سعر النفط بالهجوم على منشآت إيرانية
  • الرئيس الأمريكي: غير واثق من أن الانتخابات المقبلة ستكون سلمية
  • التجار يستغلون الازمة..غلاء واحتكار والدولة بالمرصاد
  • البيت الأبيض يصف الذكرى الأولى لهجوم 7 أكتوبر على إسرائيل بـ"اليوم الأليم"
  • أكسيوس: البيت الأبيض يحاول الاستفادة من الضربة الإسرائيلية ضد حزب الله للدفع باتجاه انتخاب رئيس لبناني جديد في الأيام المقبلة
  • الرئيس الأمريكي: نناقش احتمال قصف إسرائيل لمنشآت النفط الإيرانية
  • البيت الأبيض مطبخ القرار الأميركي
  • البيت الأبيض يعزي أسرة مقيم قُتل في لبنان بغارة
  • البيت الأبيض: بايدن وزعماء مجموعة السبع ناقشوا فرض عقوبات جديدة على طهران
  • لماذا لا تحظى مناظرات نائب الرئيس الأمريكي بأهمية كبيرة؟