زاهي حواس يكتب: شارع المعز.. تاريخ وأسرار
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
مصر لديها فرق عمل مدربة من أثريين ومرممين ومهندسين معماريين وفنيين فى مجالات مختلفة
يمثل شارع المعز القائم فى قلب القاهرة الفاطمية أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية فى العالم كله.. هذا الشارع الواقع فى منطقة الأزهر الشريف لا نقول يرتدى ثوبًا جديدًا بعد أعمال الترميم الشامل التى أجريت لأروع المبانى الأثرية المتنوعة من مساجد وأسبلة وخنقاوات وتكايا وبيمارستانات وأضرحة ووكالات، وإنما نقول إن الشارع عاد إلى بعض ما كان عليه فى زمن الماضى بكل عظمته وشموخه وعبق التاريخ الذى يلف جميع أركان الشارع وحاراته المتفرعة منه.
وأدعو الزائرين إلى التمهل والبقاء بشارع المعز إلى وقت غروب الشمس لكى يشاهدوا الإنارة الجميلة للأبنية التاريخية التى عادت إلى جمالها وسيرتها الأولى، وتظهر الفنون الإسلامية المختلفة على مآذنها وقبابها وأبوابها الخشبية وحناياها وأشكال المقرنصات التى هى أحد إبداعات الفن الإسلامى التى قاومت عوادى الزمن حتى طالتها يد الرحمة بمشروع طموح لترميم وإنقاذ أكثر من مئتى أثر إسلامى بعد تضرره من زلزال عام ١٩٩٢.
وفى رأيى أن أعظم الأعمال التى تمت فى هذا المكان التاريخى هو معالجة الشارع نفسه وإعادته إلى ما كان عليه وقت تخطيطه.. فتم إزالة كل الإضافات التى أدت إلى ارتفاع منسوبه عن المنسوب الأصلى مما أثر على مداخل الأبنية التاريخية به.. والآن عاد شارع المعز إلى منسوبه القديم بعد تغيير شبكة المرافق كلها، وتم إعادة البلاطات الحجرية التى كانت تكسوه وأصبح شارعًا للمشاة فقط فى تجربة مثيرة من المؤكد أنها ستعمم على كل شوارع القاهرة الفاطمية فى المستقبل القريب. وبكل فخر نستطيع القول إن ألف عام من التاريخ تم ترميمه وصيانته للأجيال القادمة التى أرجو أن تحمل هذه الأمانة والرسالة التى حملناها نحن إليهم والحفاظ على هذا الكنز الأثرى الذى لا يقدر بمال. وهناك بشارع المعز يكفى أن نقول ونفخر بوجود مجموعة السلطان قلاوون المجموعة النادرة والوحيدة التى بقيت محتفظة بعناصرها المعمارية كاملة منذ وقت إنشائها فى عهد السلطان المنصور قلاوون فى ٧٣٠ هجرية، وتضم ضريحًا ومدرسة وبيمارستان تشهد بما وصلت إليه العمارة الإسلامية فى عصر المماليك البحرية من تطور مذهل، وكان للعالم الإسلامى الفضل فى تطور العمارة بأوروبا خلال ما عرف بـ "عصر النهضة".
لقد أصبح لدينا فرق عمل مدربة من أثريين ومرممين ومهندسين معماريين وفنيين فى مجالات مختلفة سواء الترميم المعمارى أو الترميم الدقيق، وهذه الفرق نالت خبرات كبيرة بالعمل الميدانى المدروس والمخطط، وأصبحت أحد أهم المكاسب التى حصلنا عليها من ترميم القاهرة الفاطمية ومما لا شك فيه أن البداية كانت صعبة جدًا وأخذت وقتًا طويلًا حتى بدأنا العمل الفعلي.. أما الآن فليس هناك أى معضلة لترميم أى أثر مهما كانت حالته المعمارية طالما هناك الفريق المدرب الذى يعمل بحب وصبر لإعادة آثارنا لتتنفس الحياة مرة أخرى.
هذه دعوة عامة لكل من يعشق قاهرة المعز ذات الألف مئذنة لكى يأتى لزيارة أهم شوارعها على الإطلاق ويستمتع بسيمفونية عمل مبدع تعزفها أصابع أبناء هذا البلد الطيب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شارع المعز شارع ا
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: الإمارات.. اتفاقيات شراكة ناجعة
يمضي مسار اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة للإمارات مع دول العالم، بثبات وقوة، كما أنه حقق قفزات نوعية في فترة زمنية قصيرة.
البرنامج الذي أُطلق في عام 2021، أنجز حتى اليوم 20 اتفاقية، وفي غضون فترة قصيرة أيضاً، دخلت ست اتفاقيات نطاق التنفيذ، كما أن البرنامج يساهم بقوة متصاعدة في تحقيق هدف الإمارات الاستراتيجي في رفع مستوى التجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031.
في نهاية العام الماضي، لامست هذه التجارة فعلاً 3 تريليونات درهم، لتحقق القطاعات غير النفطية فيها نمواً بلغ 14.6%. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التجارة العالمية للسلع سجلت نمواً السنة الماضية بلغ 2% فقط.
برنامج اتفاقيات الشراكة الشاملة، وفر في الفترة الماضية مزيداً من المزايا التي صبت في صالح الحراك على الجانب الإماراتي، في مقدمتها رفع حجم التبادل التجاري للدولة، والوصول إلى الأسواق سريعة النمو. كما دعم قطاعات عدة على الساحة الإماراتية، منها «مثلاً» الخدمات المالية والصناعات الخضراء والخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة وتطبيقات التكنولوجيا والزراعة والنظم الغذائية المستدامة.
إلى جانب قطاعات أخرى، تعزز الوصول إلى الهدف الأهم، وهو تكريس التنوع الاقتصادي، ورفع مساهمته بصورة متواصلة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
فالخطة الاستراتيجية التي وضعت منذ سنوات تستهدف تحويل الإمارات إلى عاصمة عالمية للاستثمار والابتكار الاقتصادي، بفعل الحراك التنموي العام، وهي تتمتع بقوة في الوقت الراهن كمركز مالي وتجاري واقتصادي متطور.
من هنا، يمكن النظر إلى برنامج الشراكات الاقتصادية الكبير. فتنظيم العمل التجاري بين الإمارات وشركائها وفق أسس مرنة ومتطورة بالطبع، يرفع تلقائياً من قيمة الصادرات الإماراتية، كما يعزز الاستثمارات بصورة قوية، إلى جانب توفير الدعم للشركات من كل الأحجام، لا سيما الصغيرة والمتوسطة، عبر فتح أسواق جديدة ومتنوعة أمامها. اليوم بلغ عدد اتفاقيات الشراكة 20، والحراك مستمر لرفع عددها في الأعوام المقبلة.
فتوسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين عالمياً، يوفر تسهيلاً مباشراً لتدفقات تجارة السلع غير النفطية والخدمات، ويبقى هذا هدفاً رئيسياً في الاستراتيجية العامة للبلاد، ويفتح آفاقاً متواصلة معززة للحراك التنموي الشامل.