سيباستيان ماركو تورك يكتب: على أبواب البيت الأبيض.. عام الحسم قبل الخروج من البوابات!
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
سيكون عام ٢٠٢٤ عامًا انتخابيًا رئيسيًا وحاسمًا.. فى البداية وخلال فصل الربيع، ستكون هناك الانتخابات فى البرلمان الأوروبى وستليها مباشرة الانتخابات فى الولايات المتحدة. وفوق كل شيء، سيكون للانتخابات الأمريكية تأثير كبير وليس من المستغرب أن تبذل الدولة العميقة، التى تعتمد فى المقام الأول على الحزب الديمقراطى، كل ما فى وسعها للقضاء على منافسها الرئيسى، دونالد ترامب.
ولطالما كان نجل بايدن على رادار العدالة الأمريكية، لكن الإجراءات تكثفت فى الآونة الأخيرة. وفى أغسطس، عين المدعى العام للولايات المتحدة ميريك جارلاند محققًا خاصًا فى هذه القضية، هو ديفيد فايس، والذى يقود فريق التحقيقات فى تلك القضية.. هذا المحقق حصل على صلاحيات إضافية من أجل الوصول إلى الحقيقة كاملة.
وفى الحقيقة، يفرض نفس النظام القضائى، الذى تهيمن عليه بشكل متزايد جماعات الضغط التابعة للحزب الديمقراطى، ضغوطا كبيرة أيضا على دونالد ترامب. وكان الحدث الأهم فى هذا الصدد هو قرار القاضية الفيدرالية تانيا تشوتكان بتحديد موعد بدء المحاكمة بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠ إلى ٤ مارس ٢٠٢٤. وهل من العدل أن يكون يوم المحاكمة قبل يوم «الثلاثاء الكبير»، الذى تختار فيه أكثر من عشر ولايات فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤!.. قد يؤمن المرء بالمصادفة ويعتقد أن كل شيء على ما يرام؛ إلا أن هذا القرار ينتهك أحد قوانين العدالة الأولى، ألا وهو الحق فى محاكمة محايدة. فالمهم ليس فقط أن تكون نزاهة المحاكمة مضمونة حقا، بل يجب أن تكون واضحة أيضًا وهذا ما يسمى المحاكمة المحايدة! ولذلك فمن المهم أن تقوم المحكمة، فى تعاملها مع قضية معينة، بإيجاد هذا المظهر أو الحفاظ عليه.. كما يجب أن تحترم جميع الأنظمة القانونية المستقلة والديمقراطية هذا الأمر.
ليس من الضرورى أن تكون على دراية خاصة بالقانون لمعرفة ما إذا كان نزاهة هذه المحاكمة قد تم انتهاكها أم لا. وسيتم استبعاد المتهم تلقائيا داخل المعسكر الجمهورى بسبب الموعد المختار للمحاكمة. ومن وجهة النظر هذه، فمن الواضح أن العدالة قد تم إساءة استخدامها. ولكن إذا حدث مرة واحدة، فإنه يمكن أن يحدث مرة أخرى. وقد تكون محاكمة هاربر بايدن مماثلة. وهذا من شأنه أن يضغط على والده ويقلل من شعبيته بين الديمقراطيين. ونتيجة لذلك، يمكنهم اختيار الخيار المنطقى الوحيد وإجبار بايدن، الذى ليس لديه حظوظ كبيرة ضد دونالد ترامب، إلى عدم الترشح! وإذا ظهر مرشح جديد، فمن الممكن أن يغير الوضع. ومع ذلك، فإن استخدام العدالة لأغراض سياسية هو أمر جديد بالنسبة للغرب. لكن فى الواقع، هذا يعتبر نهجا قديما جدًا، بل هو نهج نموذجى لأى نظام شمولي؛ فلقد قامت القوة الشيوعية فى أوروبا الشرقية على هذا الأساس.
ولهذا السبب بالتحديد يبدو من المبرر القول إن الولايات المتحدة ابتعدت عن الديمقراطية بالمعنى الكلاسيكى فى عصر «بايدن». ويبقى أن أضيف أن أشياء كثيرة غير مسبوقة حدثت وما زالت تحدث فيما يتعلق بترامب. فى الواقع، الإجراءات القانونية ضده تظهر مثل الفطر بعد المطر. هل هو حقا مذنب فى كل شيء؟ وأمام كل ذلك، فقد نفى مرارًا وتكرارًا ارتكاب أى جريمة، ووصف الإجراءات القانونية المتخذة ضده بأنها ذات دوافع سياسية. ويخلص ترامب إلى استنتاجات منطقية للغاية: فهو يصر على أنه يحاكم لأنهم يريدون التأثير على السباق الرئاسى العام المقبل، لأنه على الرغم من أربع لوائح اتهام، فهو المرشح الأوفر حظا لترشيح الحزب الجمهورى للرئاسة.
لذلك، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عام ٢٠٢٤، سيكون من الجيد أن ننظر إلى ما حدث فى عام ٢٠٢٠. وهذا أمر أكثر أهمية لأن نفس السيناريوهات يمكن أن تحدث مرة أخرى.. كيف يمكن أن يكون الأمر مخالفا لذلك! فلقد نجحوا فى المرة الأولى.. بداية من تنصيب جو بايدن ومشاركة الجيش وأجهزة الأمن والمخابرات فى ذلك. وفى تقرير صدر لاحقًا، سلط مكتب التحقيقات الفيدرالى ووزارة الأمن الداخلى والمركز الوطنى لمكافحة الإرهاب الضوء على الخطر الذى يمثله حفل التنصيب. وقال التقرير «إن الشعور باختطاف الانتخابات الذى يصاحب نقل السلطة إلى الرئيس ومجلس الشيوخ يرتبط باضطرابات أكبر فى بعض أجزاء البلاد. وهذا يمكن أن يؤدى إلى العنف فى أى وقت».
كيف إذن يستطيع الساسة ووسائل الإعلام أن يستمروا فى الزعم بأن الانتخابات الأمريكية كانت شرعية بالكامل، فى حين يعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالى نفسه أنها كانت ضرورية لحماية التنصيب لأن الناس تصوروا أن الانتخابات لم تكن شرعية؟ ولم يتم إجراؤها كما ينبغى لها حيث قامت السلطات بحماية الرئيس الجديد من الشعب. وإذا أعدنا قراءة صحيفة لوموند فى تلك الأيام، فسوف نرى السبب وقبل التنصيب نشرت الصحيفة بيانات عن الحسابات الانتخابية. وقد عززت هذه الشكوك بشكل خاص. وأظهر التحليل أن بايدن تفوق على ترامب بفارق ٦٦٧٠٢ صوتا فقط، وكان ذلك فى الولايات المتحدة بأكملها. بمعنى آخر، فاز بايدن بالمجمع الانتخابى بفارق أضيق مما فاز به ترامب عام ٢٠١٦. ورغم فارق ٧ ملايين صوت، كان من الممكن أن يفوز ترامب لو حصل على ٣٢٥٠٧ أصوات فى أربع ولايات رئيسية (أريزونا وجورجيا وويسكونسن ونبراسكا).. والسبب هو تعقيد النظام الانتخابى الأمريكى، حيث يكون الناخبون هم الحاسمون فى نهاية المطاف. تم تصميم النظام الانتخابى الأمريكى لمنع الدوائر الانتخابية الكبيرة من السيطرة على الدوائر الأصغر. وجاء بايدن فى المركز الأول بفارق ٠.٠٢٪ من الناخبين. ومع ذلك، فإننا نعلم أنه عندما يكون هناك فرق أقل من ١٪ بين المرشحين فى منطقة ما، يتم إجراء عملية إعادة الفرز تلقائيًا. هنا هو مائتان من المئة. وعندما نتذكر أن ترامب الذى خسر أمام بايدن بفارق ٠.٠٢٪، قد حرم من هويته على معظم شبكات التواصل الاجتماعى قبل أسبوعين من هذا الحدث، فإن ذلك يثير التساؤل أكثر عن مستوى الديمقراطية فى الولايات المتحدة لبايدن.
وهذا ليس كل شيء فلقد بثت قناة GMA التليفزيونية الأمريكية بيانا لأحد الجنود (GL W. Walker) يقول فيه حرفيا: «نحن هنا لضمان انتقال سلمى للسلطة إلى الجيش».. حتى لو تجاهلنا التلميحات إلى الانقلاب، لا يمكننا أن نتجاهل حقيقتين؛ فقبل حفل التنصيب مباشرة، ذكرت وسائل الإعلام أن أعمال شغب اندلعت فى أجزاء من العالم العربى، بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للربيع العربى. ولنتذكر أن الربيع العربى بدأته منظمات غير حكومية كانت تدعمها الإدارة الأمريكية فى ذلك الوقت، حتى لو أنكرت ذلك علنًا.
وثانيًا، كان بايدن نائبًا للرئيس أوباما، الذى لم يواصل حروب سلفه (جورج دبليو بوش) فحسب، بل بدأ أيضًا حروبًا جديدة. لم يبدأ دونالد ترامب أى حرب، وهو ما يفسر أيضًا عدم شعبيته داخل الدولة العميقة، والتى غالبًا ما ترتبط بالصناعة العسكرية فى الولايات المتحدة. ونحن نعلم أن الأسلحة، إلى جانب المخدرات، هى الأكثر ربحا بهذا المعنى. ولذلك تزامن تنصيب الرئيس الجديد مع المظاهرات الحاشدة التى شهدتها تونس، مهد الربيع العربى. وكان المتظاهرون يطالبون بنفس الشيء الذى طالب به الرئيس الأمريكى السابق (وربما المستقبلي): حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعى.
لكن «نجم» يوم التنصيب كان بيل كلينتون، زوج وزيرة الخارجية فى عهد إدارة أوباما، والذى لعب دورًا فاعلًا فى «الغطاء» العسكرى للربيع العربى.. لقد قام بمعجزة حرفية: لقد نام أمام أعين العالم كله! وكان تنصيب الرئيس السادس والأربعين الذى يعانى من مشاكل نفسية مشكوك فيها، بكل المقاييس، بمثابة إشارة كئيبة. ويضيف الملوك المنهكون النائمون إلى المشهد، حتى لو كانت أسرهم تتحمل المسئولية الموضوعية عن إراقة الدماء. وقد لوحظ مثل هذا اللامبالاة أو الإرهاق فى التاريخ: هكذا تصرف أعضاء المكتب السياسى السوفييتى، قبل أن ينهار كل شيء: بريجنيف، وتشيرنينكو، وأندروبوف هم أبرز الأسماء فى هذه القائمة.. لقد فازت الطبقة الديمقراطية فى انتخابات ٢٠٢٠ بطريقة مشكوك فيها، من خلال استغلال وسائل الإعلام العامة، والاعتماد على الدولة العميقة. ومع ذلك، يبدو الديمقراطيون مخدرين ومنهكين بسبب فضائح لا تعد ولا تحصى (جنسية ومالية وغيرها) كما أن الحزب الحالى سيمتلك بذور المستقبل بقدر ما يمتلكه آخر مكتب سياسى سوفيتى.. ومع ذلك فهو مثل نظرائه السوفييت، الذين يفهمون شيئًا واحدًا أساسيًا للبقاء ألا وهى قضية القوة وكيفية استغلالها!.
معلومات عن الكاتب:
سيباستيان ماركو تورك.. دكتوراه فى الآداب من جامعة «السوربون» باريس وأستاذ جامعى، يناقش، الانتخابات الأمريكية التى تجرى فى العام المقبل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البرلمان الأوروبي الولايات المتحدة فى الولایات المتحدة دونالد ترامب یمکن أن ومع ذلک کل شیء
إقرأ أيضاً:
بعد إسقاط الإعدام عن 37 مدانا.. بايدن يثير الجدل قبل تولي ترامب الرئاسة
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الإثنين، 23 ديسمبر 2024، عن قراره بالعفو عن 37 من أصل 40 محكومًا عليهم بالإعدام في قضايا فيدرالية، واستبدال عقوبتهم بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج، نقلا عن واشنطن بوست.
القرار، الذي أثار الجدل حيث يعد خطوة غير مسبوقة، والذي جاء قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، المعروف بدعمه لعقوبة الإعدام والمتوقع أن يعيد تنفيذها.
إبقاء عقوبة الإعدام لثلاثة مدانين بجرائم «الإرهاب والكراهية»استثنى بايدن ثلاثة محكوم عليهم بالإعدام من قراره «ديلان روف» المتهم بقتل 9 مصليين سود في كنيسة بولاية كارولينا الجنوبية عام 2015، و«روبرت باورز» مرتكب الهجوم الأكثر دموية ضد اليهود في الولايات المتحدة، حيث قتل 11 شخصًا في معبد بيتسبرغ عام 2018، و«جوهر تسارناييف» منفذ تفجير ماراثون بوسطن.
بايدن: لا يمكنني السماح باستئناف الإعداماتقال بايدن في بيان: “أدين بشدة هؤلاء القتلة وأتعاطف مع ضحايا أعمالهم الشنيعة. لكن بناءً على تجربتي كمدافع عام ورئيس للجنة القضائية ونائب للرئيس، توصلت إلى قناعة بأنه يجب وقف استخدام عقوبة الإعدام على المستوى الفيدرالي”.
الضغوط على بايدن لإنهاء عقوبة الإعدامحثت العديد من المجموعات، من منظمات الحقوق المدنية إلى أقارب الضحايا، بايدن على استخدام سلطته لتخفيف أحكام الإعدام، أعربت هذه الجهات عن مخاوفها من أن إدارة ترامب القادمة ستعيد تنفيذ أحكام الإعدام التي أوقفها بايدن.
ردود فعل إيجابية ومواقف معارضةأشاد ناشطون ومجموعات حقوقية بالقرار، واصفين إياه بأنه خطوة نحو إنهاء عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، بينما اعتبر البعض، بمن فيهم عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية، أن القرار غير منصف.
مسيرة بايدن المتناقضة مع عقوبة الإعدامتُظهر هذه الخطوة تحولًا كبيرًا في موقف بايدن، الذي كان داعمًا لعقوبة الإعدام في الماضي. فقد قاد بايدن جهود تمرير قانون عام 1994 الذي وسع نطاق الجرائم المؤهلة للإعدام. إلا أنه خاض انتخابات 2020 كرئيس يعارض الإعدام ويسعى إلى إلغائه.
أبرز المحكومين المشمولين بالعفونوريس هولدر: محكوم بالإعدام في قضية سطو مسلح على بنك عام 1997 أسفر عن مقتل حارس أمني.
ريجون تايلور: مدان بجريمة قتل خلال اختطاف سيارة وهو في الثامنة عشرة من عمره، وحكم عليه بالإعدام أمام هيئة محلفين ذات أغلبية بيضاء.
بهذا القرار، يخطو بايدن خطوة كبيرة نحو إنهاء عقوبة الإعدام الفيدرالية، مع ترك الباب مفتوحًا أمام استمرار النقاش حول جدواها وعدالتها في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاًبايدن يعرب عن تضامنه مع ألمانيا بعد هجوم على سوق عيد الميلاد في ماجديبورج
بايدن يوافق على تقديم دعم دفاعي لجزيرة تايوان بقيمة 571 مليون دولار