في اليوم العالمي للمسنين .. كيف نظر الإسلام لبر الأبوين في كِبرهما
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
قال مركز الأزهر للقتوى إن برّ الأبوين يبدوا سهلًا حال صِحتهما ويسارهما، وقدرة الوالدين على القيام بشئونهما وشئون الأبناء في كثير من الأحوال، وهذا لا يُهَوِّن مطلقًا من برُّ الوالدين، الذي أمر به سبحانه حين قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…}. [الإسراء: 23]، فطاعتهما عظيمة من أجلِّ وأعظم الطَّاعات؛ وبرُّهما يحقق أسمى المقاصد والغايات.
وأضاف عبر الفيسبوك: يتأكد برُّ الوالدين ويعظم أجره حين بلوغهما الكِبر، وما يقتضيه من ضَعف، وقلة تدبير، وحاجة للمال والرعاية والأُنس؛ بل إن بَذْل البر والإحسان والرعاية والتَّلطف في القول والمعاملة -في هذه المرحلة- هو معيار البِرِّ الحقيقي؛ لذا خصَّ الحق سبحانه هذه المرحلة بمزيد وصية، فقال سبحانه: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [الإسراء: 23، 24]
وتابع: قَرَن الحقُّ سبحانه وتعالى في الوصية بالوالدين بين كِبر الوالدين وتربية الأولاد في الصِّغر، لحثِّ الأبناء على ردِّ جميل آبائهم وأمهاتهم، ولكون الوالد حينما يُحسن في تربية ولده فإنه يربي أبًا له في صِغر شيخوخته، وحين يُعطي الابن جزءًا من ماله لوالديه فقد كان بالأمس يتمتع بعموم أموالهم، وحين يقتطع جزءًا من وقته لرؤيتهم والقيام على شئونهم، فقد كان بالأمس محطّ نظرهم وقرة عينهم، وحين يجاهد نفسه في برهم والإحسان إليهم فقد كانا يبذلا الصعب لخدمته بطيب نفس ورضا وسرور.
وأكمل:إهمال الأولاد لآبائهم وأمهاتهم في الكِبر، وتركهم يتقلبون في مآسي المرض والحاجة والوحدة، بعدما ربوهم وعلموهم وأهّلوهم للنجاح في مجالات الحياة؛ يُعدُّ لونًا من أشد ألوان العقوق التي توعد الله سبحانه المتصف بها بعقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ». [أخرجه البخاري في الأدب المفرد].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بر الوالدين بر الوالدين بعد وفاتهما
إقرأ أيضاً:
خير الأصحاب.. وصية النبي الذهبية في العلاقات الإنسانية
العلاقات الإنسانية في الإسلام ترتكز على قيم نبيلة وأخلاق سامية تجعل من المجتمع نموذجًا للترابط والتكافل، ومن بين هذه القيم، يبرز مفهوم "خير الأصحاب"، الذي وضع له النبي ﷺ معيارًا واضحًا ينعكس في التعامل الحسن والوفاء بالعشرة.
معيار الصداقة في الإسلام
روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قوله: «خيرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» [أخرجه الترمذي وحسنه].
هذا الحديث يضع قاعدة ذهبية للعلاقات الإنسانية؛ فخير الأصحاب عند الله هو من يحسن إلى صاحبه ويكون له سندًا وعونًا في الحياة، وهو مقياس أخلاقي يُعلي من شأن الصداقة المبنية على المحبة والتعاون.
أشار الإسلام إلى العديد من الصفات التي تجعل الإنسان خيرًا لصاحبه، منها:
1. النصح والإرشاد: الصديق الصالح هو من يحرص على تقديم النصيحة لصديقه بما ينفعه في دينه ودنياه، كما قال النبي ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» [رواه مسلم].
2. الإخلاص: الصداقة في الإسلام تقوم على المحبة الصادقة، لا على المصالح المادية أو الأهواء الشخصية.
3. العون في الشدائد: يظهر الصديق الحقيقي في أوقات الأزمات، حيث قال النبي ﷺ: «المسلمُ أَخُو المسلمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجةِ أخيهِ كانَ اللَّهُ في حاجتِهِ» [رواه البخاري ومسلم].
4. التسامح والرفق: خير الأصحاب هو من يعفو عن الزلات ويعامل صديقه برفق ولين.
خير الجيران.. امتداد لمعاني الخير
لم يتوقف الحديث عند العلاقة مع الأصحاب، بل امتد ليشمل الجيران، حيث قال النبي ﷺ: «وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ».
هذا تأكيد على أن الإسلام لا يكتفي بدعوة المسلم لحسن الخلق مع أصدقائه، بل يشمل أيضًا الجيران، الذين يمثلون جزءًا من النسيج الاجتماعي. وقد ورد في الحديث الشريف: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» [رواه البخاري ومسلم].
الصداقة المبنية على القيم الإسلامية تُثمر مجتمعًا متماسكًا تسوده المحبة والرحمة. فالصديق الصالح يُعين على الخير، وينهاك عن الشر، ويساعدك على تقوية إيمانك. كما أن حسن المعاملة بين الجيران يُشيع روح الطمأنينة والسلام.
الصداقة والجيرة ليستا مجرد علاقات اجتماعية، بل مسؤوليات أخلاقية ودينية حث عليها الإسلام، وجعلها جزءًا من منهج حياة المسلم، فكن خير صديق وخير جار، تفُز بمحبة الله ورضاه، وتسهم في بناء مجتمع يسوده الخير والمحبة.