قال مركز الأزهر للقتوى إن  برّ الأبوين يبدوا سهلًا حال صِحتهما ويسارهما، وقدرة الوالدين على القيام بشئونهما وشئون الأبناء في كثير من الأحوال، وهذا لا يُهَوِّن مطلقًا من برُّ الوالدين، الذي أمر به سبحانه حين قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…}. [الإسراء: 23]، فطاعتهما عظيمة من أجلِّ وأعظم الطَّاعات؛ وبرُّهما يحقق أسمى المقاصد والغايات.

كيف يكون بر الوالدين بعد الموت.. الإفتاء تجيب صور بر الوالدين بعد وفاتهما.. كيف تكون الطريقة؟

وأضاف عبر الفيسبوك: يتأكد برُّ الوالدين ويعظم أجره حين بلوغهما الكِبر، وما يقتضيه من ضَعف، وقلة تدبير، وحاجة للمال والرعاية والأُنس؛ بل إن بَذْل البر والإحسان والرعاية والتَّلطف في القول والمعاملة -في هذه المرحلة- هو معيار البِرِّ الحقيقي؛ لذا خصَّ الحق سبحانه هذه المرحلة بمزيد وصية، فقال سبحانه: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [الإسراء: 23، 24]


وتابع: قَرَن الحقُّ سبحانه وتعالى في الوصية بالوالدين بين كِبر الوالدين وتربية الأولاد في الصِّغر، لحثِّ الأبناء على ردِّ جميل آبائهم وأمهاتهم، ولكون الوالد حينما يُحسن في تربية ولده فإنه يربي أبًا له في صِغر شيخوخته، وحين يُعطي الابن جزءًا من ماله لوالديه فقد كان بالأمس يتمتع بعموم أموالهم، وحين يقتطع جزءًا من وقته لرؤيتهم والقيام على شئونهم، فقد كان بالأمس محطّ نظرهم وقرة عينهم، وحين يجاهد نفسه في برهم والإحسان إليهم فقد كانا يبذلا الصعب لخدمته بطيب نفس ورضا وسرور.


وأكمل:إهمال الأولاد لآبائهم وأمهاتهم في الكِبر، وتركهم يتقلبون في مآسي المرض والحاجة والوحدة، بعدما ربوهم وعلموهم وأهّلوهم للنجاح في مجالات الحياة؛ يُعدُّ لونًا من أشد ألوان العقوق التي توعد الله سبحانه المتصف بها بعقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ». [أخرجه البخاري في الأدب المفرد].
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بر الوالدين بر الوالدين بعد وفاتهما

إقرأ أيضاً:

هل الاحتفال بعيد الأم بدعة في الإسلام؟ دار الإفتاء تحسم الجدل

استقبلت دار الإفتاء المصرية، سؤال من أحد المواطنين بمناسبة الاحتفال بـ"يوم الأم" الذي يوافق 21 مارس من كل عام، قال فيه: ما حكم الاحتفال بيوم الأم؟ هل هو بدعة؟

أجمل عبارات التهنئة في عيد الأم 2025.. أنتِ مصدر الأمان والدفءدعاء عيد الأم .. أجمل هدية لست الحبايب ردده يحفظها الله من كل مكروهالاحتفال بعيد الأم

وأكدت دار الافتاء المصرية أن الاحتفال بيوم الأم أمرٌ جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه، والبدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله.

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على حكم الاحتفال بيوم الأم، إن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود.

وأضافت دار الإفتاء أنه قد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما في حديث "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ"، وجاء في السنة: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ- السيدة آمنة- فِي أَلْفِ مُقَنَّعٍ، فَمَا رُئِيَ أَكْثَرُ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ" رواه الحاكم وصححه، وأصله في "مسلم".

وأكدت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل ويجعلها مقدمةً على الأب في ذلك؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.

معنى الأمومة

وأوضحت أن معنى الأمومة عند المسلمين هو معنى رفيع له دلالته الواضحة في تراثهم اللغوي؛ فالأم في اللغة العربية تُطلق على الأصل، وعلى المسكن، وعلى الرئيس، وعلى خادم القوم الذي يلي طعامهم وخدمتهم، وهذا المعنى الأخير مَرْوِيٌّ عن الإمام الشافعي رضي الله عنه وهو من أهل اللغة، قال ابن دُرَيد: وكل شيء انضمت إليه أشياء من سائر ما يليه فإن العرب تسمي ذلك الشيء "أُمًّا".

وأضافت: ولذلك سميت مكة "أم القرى"؛ لأنها توسطت الأرض، ولأنها قِبلة يؤمها الناس، ولأنها أعظم القرى شأنًا، ولما كانت اللغة هي وعاء الفكر فإن مردود هذه الكلمة عند المسلم ارتبط بذلك الإنسان الكريم الذي جعل الله فيه أصلَ تكوين المخلوق البشري، ثم وطَّنه مسكنًا له، ثم ألهمه سياسته وتربيته، وحبب إليه خدمته والقيام على شئونه، فالأم في ذلك كله هي موضع الحنان والرحمة الذي يأوي إليه أبناؤها.

وأشارت دار الإفتاء إلى أنه كما كان هذا المعنى واضحًا في أصل الوضع اللغوي والاشتقاق من جذر الكلمة في اللغة، فإن موروثنا الثقافي يزيده نصاعةً ووضوحًا وذلك في الاستعمال التركيبي "لصلة الرحم" حيث جُعِلَت هذه الصفة العضوية في الأم رمزًا للتواصل العائلي الذي كانت لَبِنَاتُه أساسًا للاجتماع البشري؛ إذ ليس أحدٌ أحق وأولى بهذه النسبة من الأم التي يستمر بها معنى الحياة وتتكون بها الأسرة وتتجلى فيها معاني الرحمة.

وذكرت دار الإفتاء أن هذا المعنى الرفيع للأمومة يتجلى عندنا مدلولًا لغويًّا وموروثًا ثقافيًّا ومكانةً دينية يمكننا أن ندرك مدى الهوة الواسعة والمفارقة البعيدة بيننا وبين الآخر الذي ذابت لديه قيمة الأسرة وتفككت في واقعه أوصالُها، فأصبح يلهث وراء هذه المناسبات ويتعطش إلى إقامتها ليستجدي بها شيئًا من هذه المعاني المفقودة لديه، وصارت مثل هذه الأيام أقرب عندهم إلى ما يمكن أن نسميه "بالتسول العاطفي" من الأبناء الذين يُنَبَّهون فيها إلى ضرورة تذكر أمهاتهم بشيء من الهدايا الرمزية أثناء لهاثهم في تيار الحياة الذي ينظر أمامه ولا ينظر خلفه.

وأوضحت أنه مع هذا الاختلاف والتباين بيننا وبين ثقافة الآخر التي أفرز واقعها مثل هذه المناسبات إلا أن ذلك لا يشكل مانعًا شرعيًّا من الاحتفال بها، بل نرى في المشاركة فيها نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها.

مقالات مشابهة

  • شوقي علام: عالمية الدعوة الإسلامية تقتضي دعم السلام والأمن العالمي
  • المفتي: الدين الإسلامي جاء بمنظومة متكاملة تشمل العقيدة والشريعة والسلوك
  • دعاء ليلة القدر للمتوفي.. أفضل طرق بر الوالدين بعد موتهما
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة للسيد القائد 1446هـ
  • ملتقى الأزهر: بر الوالدين والإحسان إليهما شرط لقبول العبادة
  • شخصيات إسلامية: بلال بن رباح.. من السابقين إلى الإسلام
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (19) للسيد القائد 1446
  • أوقاف الشرقية: الإسلام أوصى ببر الوالدين والإحسان إليهما
  • هل الاحتفال بعيد الأم بدعة في الإسلام؟ دار الإفتاء تحسم الجدل
  • العفو من صفات المحسنين