طارق حجّى يكتب: تأملات وأفكار.. الثقافة الإنسانية المعاصرة تقوم على أسس عديدة أهمها الإيمان الراسخ بالتعددية وقبول الآخر
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
الثقافةُ بطبيعتِها «إنسانيةٌ». وهو ما يعنى أنها ذات بعد زمني/تاريخى رحب يحاذيه بعدٌ مكاني/جغرافى لا حد له. ومعنى ذلك أن الثقافة تمتد لكل الأزمنة وكل العهود على مدى التاريخ المعلوم. ومعناه أيضًا أن الثقافة غير مقيدة بمدينة أو مجتمع أو دولة أو قارة، فهى تمتد لكل مكان.
وبالإنتقالِ من الماكرو/الكلى إلى المايكرو/الجزئى، فإن «لا زمانية» الثقافة تعنى أن يكون المثقفُ قد ذهب بعقلِه لكافةِ العصورِ ليعرف ثقافتها وأفكارها وقيمها وآدابها وفنونها.
ونفس الشيء يجب أن يُقال عن مكانية/جغرافية الثقافة. فالمحصولُ الثقافى الذى تسقط منه ثقافة أو ثقافات بعض الجهات، يكون غير مكتمل إنسانيًا.
وما كتبتُه آنفًا، يخرج عدة فئات من تعريف المثقف. ويكفى أن نتخيّل رجلَ دين ما قرأ عشرات وربما مئات الكتب/المراجع عن دينه ولكنه لم يكتشف ثقافات العراق ومصر واليونان وروما القديمين، ولَم يدخل عوالم الفلسفة والآداب والفنون الروسية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية (وغيرها) التى ترعرعت منذ بدايات عصر النهضة وليومنا هذا. فهذا (أى رجل الدين المقصود) هو أبعد ما يكون عن المقصود بالـ"مثقف». وعليه، تكون هناك علامات إستفهام كبيرة وكثيرة عن عقليته ورؤيته وأفكاره وأنساقه القيمية وذوقه.
وهناك فئات أخرى غير الفئة التى يمثلها رجل الدين المنوه عنه أعلاه.. فئات أحادية أو محدودة المناهل المعرفية والثقافية، لا يمكن إعتبار أفرادها من المثقفين أو حتى أنصاف المثقفين. وبعض هؤلاء يقودون مجتمعاتهم!.
ومن المؤكد، أن الإنسان المؤدلج (الأيديولوجي) هو فى منتصف المسافةِ بين «المثقف» و«غير المثقف». وهو مؤهل لأن يكون خطيرًا على «الآخر»، بكل أشكال الآخر أو بكل أنواع الغيرية otherness.
والثقافة بمعناها الإنسانى الذى ذكرته أى المعنى الذى يقوم على كونية المكان والزمان، تتسم بأسسٍ عديدة أهمها الإيمان الراسخ بالتعددية Plurality وبالتالى بالغيرية Otherness فقبول الآخر، وهى أنساق قيمية تقود الإنسان للإيمان بالتعايش المشترك Coexistence وهذه الضفيرة من القيم هى البديل الوحيد لضفيرة أنساق قيمية أخرى بدايتها «نحن: أنا وأفكارى ومعتقداتى نمثل الصواب» وهى قيم تقود لا محالة للعنف والعدوانية والدموية والإرهاب والقتل والحروب.
وعالمنا اليوم يعيش مع ثلاثة أشباح.. كل واحد منها هو مشروع تصادمى مع مفهوم الثقافة الإنسانية الذى شرحتُه. الأول، هو شبح الأصولية الدينية. والثانى، هو شبح أو بقايا شبح اليسار بمعناه الستينياتى الشمولى وليس بمعناه الذى تمثله الأحزاب اليسارية فى معظم بلدان عالمنا الديمقراطية، والثالث هو شبح بقايا القوى الإستعمارية والتى وإن بدت مظهريًا ككيانات عصرية متحضرة ومتمدنة، فهى فى جوهرها وروحها أبعد ما تكون عن القيم التى تتغنى بالإنتساب لها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الثقافة مدى التاريخ
إقرأ أيضاً:
تسجيل صوتي.. ماذا حدث لمراقب الحركة الجوية أثناء حادث طائرة أمريكا؟
وفقًا لصحيفة ديلي ميل البريطانية، أظهر تسجيل صوتي، اللحظة التي صرخ فيها أحد مراقبي الحركة الجوية، عندما تحطمت مروحية «بلاك هوك» وطائرة ركاب تابعة لشركة أميركان إيرلاينز فوق العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأوضحت الصحيفه أن مشغلو مراقبة الحركة الجوية، كان يوجهون طائرة الهليكوبتر المنكوبة من طراز بلاك هوك سيكورسكي H-60 والتي تحمل علامة «PAT 25»، لتمر خلف الطائرة قبل ثوانٍ فقط من وقوع الحادث المميت.
ووفقًا لتسجيل الاتصالات النهائية بين مراقبة الحركة الجوية وأعضاء طاقم المروحية الثلاثة، قال أحد المراقبين: «هل لديكم طائرة CRJ في الأفق يا PAT 25؟».
وبعد ثوانٍ، يمكن سماع صوت صراخ مرعب من برج المراقبة، عندما اصطدمت طائرة الركاب والمروحية في الهواء، قبل أن تسقط في نهر «بوتوماك».
انتشال أكثر من 40 جثة
ولم ينج أحد من حادث تحطم الطائرة الذي وقع يوم الأربعاء، وهو أخطر كارثة طيران في البلاد، وتم انتشال أكثر من 40 جثة من المياه الجليدية للنهر، وما زالت عمليات الانتشال مستمرة، ولم تحدد السلطات حتى الآن سبب الاصطدام.
ماذا حدث قبل الحادثوبحسب شبكة CNN، قال مراقب الحركة الجوية: «لا أعلم إن كنتم قد لاحظتم ما حدث في وقت سابق، ولكن كان هناك تصادم على الجانب الآخر من الطريق المؤدي إلى البوابة، سنوقف العمليات إلى أجل غير مسمى إذا كنتم تريدون العودة إلى البوابة، أقترح بشدة أن تنسقوا مع الشركة، وأخبروني بما تريدون القيام به».
وقال أحد الطيارين الذي شهد الاصطدام المدمر: «نعم، كنا في المرحلة النهائية القصيرة ورأينا إشارات تحذيرية من الجانب الآخر من نهر بوتوماك».