عين ليبيا:
2024-10-07@05:21:54 GMT

قمح وقنابل

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

القارات تعيد رسم خطوط طولها وعرضها، لكن بألوان تفيض من آهات الجوع وارتعاشات الخوف. العالم اليوم في حروب عالمية متحركة، تعددت الأسلحة واختلفت أسماء المحاربين، وأسماء القادة السياسيين، ورُتَب ضباط الجيوش، قال نابليون: الجيوش تمشي على بطونها، فعلى أي شيء تمشي الشعوب؟!.

بعد الحرب العالمية الثانية التي سقط فيها عشرات الملايين من البشر، ما بين جندي وجائع ومريض، أسَّست الولايات المتحدة الأميركية، ومعها حلفاؤها الأوروبيون، حلف شمال الأطلسي؛ تشكيل عسكري غير مسبوق في قدراته العسكرية، وانتشاره الواسع في دول غرب أوروبا.

الاتحاد السوفياتي القوة الأخرى الكبيرة المنتصرة في الحرب، برزت قوة عقائدية شيوعية تناقض الدول الغربية الليبرالية فكراً وسياسةً واقتصاداً، سارع إلى تأسيس قوته العسكرية العابرة لحدوده، مع تابعيه الجدد في شرق أوروبا في «حلف وارسو». الحرب العالمية الثانية وما كان فيها من دمار ورعب، جعلت الخوف من الآخر هو الجنرال الرهيب الذي يتحرك أمام وبجانب وخلف رؤوس رجال الشرق والغرب. لم يجر التفكير في تأسيس أحلاف أو تكتلات للقمح والشعير والذرة، أو للدواء والتعليم. صحيح قامت الأمم المتحدة بتأسيس منظمات ووكالات للغذاء والصحة والثقافة والتعليم، لكن الأموال الضخمة التي سُخّرت للحلفين العسكريين، فاقت بكثير ما خُصّص لتلك الوكالات والمنظمات التي تهتم بغذاء البشر وصحتهم وتعليمهم. كانت الحرب هي طوطم النار المخيف الذي سكن رؤوس حكام العالم شرقاً وغرباً.

في اليوم الذي أصدر فيه الرئيس الأميركي هاري ترومان أوامره بإلقاء القنبلتين الذريتين فوق اليابان، اهتز شنب الزعيم السوفياتي ستالين، وضرب رأسه بقبضة يده. أدرك أن حليفه الذي ورث كرسي روزفلت هو مشروع زعيم حرب جديد، وبسلاح رهيب ما خطر على خيال بشر. صار همّ ستالين الأول هو امتلاك السلاح الجديد المرعب. ذلك ما كان بعد سنوات قليلة. في الوقت الذي كان فيه الكبار يركضون وراء السلاح الجديد، ويسخرون لصناعته العقول والمختبرات والمعامل، كان الملايين من البشر يموتون جوعاً ومرضاً، والأمية تعشعش في البلدان المستعمرة والفقيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. في مطلع خمسينات القرن الماضي اشتعلت حرب عالمية بمواصفات جديدة، أعطيت عنوان «الباردة»، لكنها سخنت في شبه الجزيرة الكورية، حيث تواجه حلفاء الأمس في حرب لا برودة فيها. كان التقسيم هو الحل. دخلت آسيا في صندوق النار الآيديولوجي والسياسي. مواجهة ثانية فوق أرضها بين الحلفاء الذين وحَّدهم هتلر وموسوليني وإمبراطور اليابان. حرب فيتنام كانت رسماً لخريطة جديدة للقارة على ورق متفجر. لم تكن المواجهة من أجل حقول الأرز، أو مساحات زراعة القمح والشعير والذرة، بل كل كانت صدام الخوف الآيديولوجي. رأسمالية غربية تريد أن تتسيَّد الدنيا بعد انتصارها على قوات المحور الفاشية النازية، وآيديولوجية شيوعية تعتقد أن العصر الإنساني الجديد الذي تتقدم فيه الصناعة يجعل من الطبقات العاملة في العالم مرتعاً خصباً لما تبشر به من سيطرة الطبقة العاملة. قوة هائلة هي الصين الشعبية الشيوعية، بما بها من قوة بشرية هي الأكبر في العالم، وتبنيها للآيديولوجيا الشيوعية، غيرت موازين السياسة والاقتصاد، والأخطر القدرات العسكرية. لقد هيمنت الولايات المتحدة على اليابان التي كانت القوة العسكرية الأكبر في آسيا، وهي التي أدخلت أميركا في صف الحلفاء في الحرب العالمية، بعد هجومها على الأسطول الأميركي في بيرل هاربر، لكن قوة آسيوية أكبر من اليابان وبآيديولوجيا شيوعية، هي الصين، بدأت تلعب دوراً مهدداً للغرب في آسيا، ومتحالفة مع صنوها الشيوعي (الاتحاد السوفياتي). فيتنام كانت ساحة الاختبار والصدام الأكبر بعد الحرب العالمية الثانية بين قوى عالمية قديمة وجديدة.

السلاح هو القلم الذي يكتب صحائف القوة، ويرسم خطوط خرائط العالم المتحرك.

في خضم ذلك الصراع العالمي، استمرت معاناة الشعوب المهمشة يعصرها الفقر والمرض والأمية، فيما ترفع القوى العظمى ميزانيات جيوشها، وتسخر قدراتها العلمية ومصانعها لإنتاج أسلحة جديدة معقدة. انقسم العالم إلى كتلتين، لكن من نوع آخر. كتلة غنية متخَمة تسخر المليارات من الدولارات لصناعة السلاح، وكتلة تهزها الفاقة والجوع. ولدت معادلة صامتة. غني يعبئ مقدراته للحرب، ينتج يومياً جبالاً من السلاح، وفقير معدم يحلم بحبات من القمح والأرز والذرة. هذه المعادلة الإنسانية التراجيدية، صار لها وجود مزمن على سطح هذا الكوكب.

العالم كله يتابع اليوم الحرب الروسية في أوكرانيا. صواريخ وقنابل وقتلى وأسلحة، وأصوات تهدد بتوسيع رقعة المواجهة، ودعم عسكري ومالي غربي لأوكرانيا، وتصريحات روسية ترفع وتيرة المواجهة. لكن الشعوب الفقيرة الجائعة، تتابع بقلق، بل وإحباط، أخبار ناقلات القمح الأوكراني والروسي التي تنتظرها بطون جائعة في بلدان لا حصر لها. الغذاء هو السلاح الذي يفعل فعله في معركة البشر مع الحياة. الحرب الروسية في أوكرانيا طالت العالم كله، بما فيه البلدان الغنية. التضخم وصل إلى جيوب الجميع شرقاً وغرباً، وأصبح القمح القنبلة الصامتة التي تدخل البيوت. روسيا عقدت قمة مع قادة أفريقيا، ووعدتهم بتقديم شحنات مساعدة من القمح إلى بعض الدول الأفريقية، لكن الطرق البحرية غير آمنة، وهناك تولد الذرائع. الولايات المتحدة عقدت هي أيضاً قمة مع الدول الأفريقية، ووعدت بتقديم 55 مليار دولار مساعدات واستثمارات في القارة الأفريقية، لكن حجم وسرعة المساعدات العسكرية والمالية الأميركية لأوكرانيا ليست مثل تلك التي وعدت بها أميركا قادة أفريقيا.

قصف موانئ تصدير الحبوب في الحرب الروسية – الأوكرانية، تضرب قنابله بطون الجائعين في أفريقيا التي تعاني من الفقر والجفاف والإرهاب والزلازل السياسية. حرب عالمية واسعة بين القمح والقنابل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الحرب العالمیة

إقرأ أيضاً:

شهداء في غارات إسرائيلية وقصف مكثف في غزة.. وقنابل حارقة في النصيرات

استشهد عدد من الفلسطينيين، اليوم الجمعة، جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، تزامنا مع قصف مدفعي مكثف في مدينتي خان يونس ورفح جنوب القطاع.

وذكر مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، أن المشفى استقبل "4 شهداء وإصابات عدة، سقطوا جراء قصف طائرة إسرائيلية منزلا لعائلة أبو جبر شرق المدينة".

وتمكنت طواقم الإسعاف من انتشال جثمان شهيد من محيط قصر اللوح، في أرض أبو مهادي شمال غرب مخيم النصيرات وسط القطاع.

وأطلقت الآليات الإسرائيلية قذائف مدفعية ونيران أسلحتها الرشاشة شرق مخيم المغازي، بينما سمعت أصوات انفجارات وإطلاق نار شمال "المخيم الجديد،" وشمال شركة الكهرباء بمخيم النصيرات.

وأطلقت طائرة مسيرة من نوع "كواد كابتر" قنابل حارقة على آلية ثقيلة من نوع "كباش"، يعود لعائلة "الجاعوني" في النصيرات، ما أدى إلى احتراقها بشكل كامل.

إظهار أخبار متعلقة



وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، أفاد مصدر طبي بـ"وصول 3 شهداء وعدد من الجرحى جراء استهداف منزل لعائلة أبو جزر بجانب مسجد عباد الرحمن، في منطقة معن جنوب شرق المدينة".

وأطلقت الآليات الموجودة داخل السياج الحدودي شرق مدينة خان يونس، النار تجاه منازل المواطنين وأراضيهم الزراعية، التي جرفتها خلال عملياتها العسكرية البرية، وفق شهود عيان.

أما مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، جددت المدفعية الإسرائيلية قصفها على حي الشاكوش شمال غرب المدينة، بينما سمعت أصوات الدبابات بمنطقة المواصي غربا.

وكذلك، شهدت مناطق جنوب شرق مدينة غزة قصفا مدفعيّا، وإطلاق نار من الآليات الإسرائيلية المتمركزة في محور "نتساريم"، وتلك الموجودة في محاور التوغل في المناطق الجنوبية والشرقية.

وقال شهود عيان؛ إنّ إطلاق نار من الآليات الإسرائيلية المتمركزة شرق مدينة غزة، استهدف منازل المواطنين في حييّ الشجاعية والزيتون.

وأضاف الشهود، أن قذائف مدفعية سقطت في منطقة المصلبة وشارع 8 بحي الزيتون جنوب شرقي غزة، وأخرى سقطت في حي الشجاعية، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.

وأطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية قذائفها تجاه شواطئ بحر مدينة غزة، وفق مصدر محلي وشهود عيان.

ويتواصل القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى.

وبدعم أمريكي مطلق، يشن الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.


4 شهداء في قصف صهيوني إرهابي استهدف منزلا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ???????? pic.twitter.com/8orJ75gNo6

— سالم سعيد (@aLLJamaa12345) October 4, 2024

فيديو لفتى غزي نجا بمعجزة بعد أن أصابته رصاصة مسيرة إسرائيلية على مخيم النصيرات، لم يطلب هذا الشاب سوى أن يتوضأ ويصلي المغرب بعد نجاته#يني_شفق #غزة #فلسطين pic.twitter.com/fvGDm47eE2

— يني شفق العربية (@YeniSafakArabic) October 4, 2024

اندلاع حرائق بعد إلقاء طائرات كواد كابتر قنابل حارقة على منازل في مخيم النصيرات وسط القطاع pic.twitter.com/T1YK1OFfmT

— Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) October 4, 2024

اندلاع حرائق بعد إلقاء طائرات كواد كابتر قنابل حارقة على منازل في مخيم النصيرات وسط القطاع pic.twitter.com/T1YK1OFfmT

— Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) October 4, 2024

???? متابعة صفا| طاقم إسعاف الخدمة العامة ينقل جرحى استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية مجموعة من المواطنين شرقي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة pic.twitter.com/EwAJm9rmSa

— وكالة صفا (@SafaPs) October 4, 2024

مقالات مشابهة

  • البرازيل التي أقصت المغرب من ربع نهائي مونديال الفوتسال تتوج بكأس العالم
  • الحرب الأخطر التي على وشك الاندلاع
  • خَلّي السلاح صاحي
  • إحصائيات صادمة.. ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • الريشة التي حركت ضمائر العالم
  • "ما الذي ينمو في راحة يدكِ؟" يفوز بجائزة بمهرجان سلا لفيلم المرأة
  • الخارجية الفلبينية: لا فلبينيين على متن ناقلة النفط التي هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر
  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • شهداء في غارات إسرائيلية وقصف مكثف في غزة.. وقنابل حارقة في النصيرات