شريحة جديدة من هواوي تؤجج "حرب الرقائق" بين بكين وواشنطن
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
شركة هواوي الصينية تصنع هاتف ذكي جديد بمعالج متطور بدقة 7 نانومتر وتتحدى منافستها الأمريكية آبل
تصاعدت وتيرة "حرب الرقائق" بين الولايات المتحدة والصين عقب إطلاق شركة هواوي أحدث إصدار من هواتفها الذكية (Mate 60 Pro) المزود بمعالج متطور بدقة 7 نانومتر رغم مساعي واشنطن إلى عرقلة حصول بكين على هذه التكنولوجيا فائقة التقدم.
ولم تقدم عملاق التكنولوجيا الصين الكثير من التفاصيل حيال الرقائق المستخدمة في الهاتف الذكي الجديد، لكن شركة TechInsights البحثية والمتخصصة في أشباه الموصلات ومقرها كندا، توصلت إلى اكتشاف مفاجئ بعد تحليل الهاتف.
وخلصت الشركة إلى أن هاتف هواوي الجديد يعمل بمعالج Kirin 9000s الصيني الصنع الذي تبلغ سعته 7 نانومتر فيما يعتبر حجم الشريحة أمرا ضروريا في صناعة الهواتف الذكية المتطورة إذ تسرع الرقائق صغيرة الحجم من أداء الهاتف وتزيد من قوته فيما يبدو أن شريحة (Kirin 9000S) قادرة على تشغيل خدمات الجيل الخامس 5G.
وتقف وراء تصنيع هذه الشريحة شركة "إس إم إي سي" التي تعد أكبر شركة صينية لتصنيع الرقائق، التي كانت تُعرف في السابق بقدرتها على تصنيع رقائق لا تتجاوز مستوى الـ 14 نانومتر.
وفي تحليلها للهاتف الذكي، قالت شركة (TechInsights) إن المعالج الجديد يشير إلى أن الحكومة الصينية "تفتح الباب" أمام تدشين منظومة محلية شاملة لصناعة الرقائق.
صدمة في واشنطن
الجدير بالذكر أن شركتي هواوي و "إس إم إي سي" خاضعتان لعقوبات أمريكية بسبب ما تقوله واشنطن من أنهما يشكلان مخاطر على الأمن القومي الأمريكي.
وبموجب هذه العقوبات، فإن شركة "إس إم إي سي" محظور عليها شراء آلات الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى المعروفة اختصارا بـ (EUV) التي تعد حاسمة في صناعة الرقائق الدقيقة الأكثر تقدما في العالم فيما يقتصر توفير هذه ألات على شركة "إيه أس إم إل" الهولندية، كبرى شركات تصنيع الرقائق.
وقبل الكشف، كانت الولايات المتحدة تأمل في أن تحافظ هذه العقوبات على تفوقها التكنولوجي في ظل احتدام تنافس مع الصين على الهيمنة على سوق أشباه الموصلات العالمي
وفي مقابلة مع DW، قال شياو مينغ لو، الخبير في شركة Eurasia Group المتخصصة في استشارات المخاطر، إن الكشف الجديد أثار "صدمة في الولايات المتحدة لكنها لم تكن بالصدمة الكبيرة. لقد ظنت (واشنطن) أنها حظرت كل شيء، لذا تساءل المسوؤلون الأمريكيون حيال قدرة الصينيين على إحراز هذا التقدم الكبير".
رسالة إلى الولايات المتحدة
أما في الداخل الصيني، فجرى اعتبار إطلاق هواوي هاتفها الذكي الجديد المزود بمعالج عالي الدقة بمثابة انتصار لها خاصة أنه تزامن مع زيارة وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو إلى الصين فيما قال مراقبون إن بكين رغبت من وراء ذلك إظهار قدرتها على الاعتماد على ذاتها بعيدا عن واشنطن.
وفي ردها، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن فتح تحقيق في أي انتهاكات محتملة للعقوبات التي تفرضها على الصين فيما دعا بعض نواب الكونغرس من الحزب الجمهوري إلى فرض عقوبات أكثر صرامة.
بيد أنه في المقابل، يرى خبراء أن إنتاج الصين لمثل هذه الشريحة لا يعني بالضرورة أن الأمر يحمل في طياته تجاوزا للعقوبات الأمريكية حيث ذكرت شركة (TechInsights) أن شركة "إس إم إي سي" التي تعد أكبر شركة صينية لتصنيع الرقائق، ربما تمكنت من تصنيع شريحة محلية الصنع بدقة 7 نانومتر باستخدام آلات الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى معدلة لكنها أقل تقدما ومازل يمكن شراؤها.
وفي ذلك، يرى شياو أن التقدم الأخير لشركة هواوي لا يجب أن يُنظر إليه باعتباره بالأمر المفاجئ، مضيفا "إذا كان الهدف يتمثل في وضع هاواي في مأزق حرج، فإنها في نهاية المطاف سوف تُقدم على ابتكار طرق جديدة للالتفاف على العقوبات".
من جانبه، يرى جيمس أندرو لويس، مدير برنامج سياسة التكنولوجيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن العقوبات الأمريكية لن توقف هواوي وغيرها من الشركات الصينية.
ماذا عن تايوان؟
ويعتقد مراقبون أن تايوان – وليس الولايات المتحدة – التي يُفترض أن يساورها القلق إزاء ما حققته هواواي من تقدم في إنتاج رقائق متقدمة بسبب أن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) تعد أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم.
وفي هذا السياق، قال راي يانغ، المدير الاستشاري لمعهد أبحاث التكنولوجيا الصناعية في تايوان - منظمة أبحاث حكومية - إن التوسع يجب أن يطرأ على هذه التكنولوجيا "من أجل زيادة الإنتاج بدلا من البقاء في مرحلة البحث والتطوير".
وفي مقابلة معDW ، أضاف أن شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية تمتلك العديد من براءات الاختراع بهدف توسيع الإنتاج بشكل كبير في الإنتاج الضخم، مضيفا أنه في ضوء أن شركة "إس إم إي سي" الصينية مازلت متأخرة عن ركب صناعة الرقائق المتقدمة، فإن "نجاحها لن يدم طويلا ربما لأكثر من عام."
وأضاف "لا تستطيع الشركة الصينية تصنيع شرائح بدقة 5 نانومتر بدون تقنية الأشعة فوق البنفسجية".
شبح الحرب الباردة
الجدير بالذكر أن وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو قد صرحت قبل أيام بأنه لا يوجد دليل يظهر أن هواوي قادرة على إنتاج هواتف ذكية برقائق متقدمة "على نطاق واسع".
وفي إشارة إلى شريحة هاتف هواوي الجديدة، قالت الوزيرة الأمريكية في جلسة استماع بمجلس النواب: "ليس لدينا أي دليل على أنهم يستطيعون تصنيع رقائق بسبعة نانومتر على نطاق واسع".
وفي الوقت الذي تخرج أصوات أمريكية تدعو لفرض المزيد من العقوبات على الشركات الصينية، قال خبراء يرجحون إنه سيكون ضربا من المستحيل التفكير في إمكانية إخراج الصين من سلاسل التوريد العالمية المتشابكة.
رغم العقوبات الأمريكية، استطاعت هواوي تصنيع هاتف ذكي جديد بمعالج متطور بدقة 7 نانومتر
وفي ذلك، قال لويس، مدير برنامج سياسة التكنولوجيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، "إن محاولة منع الرقائق يعد حلا يعود إلى حقبة الحرب الباردة"، مضيفا أن الولايات المتحدة يمكنها أن تسمح بحصول الصين على رقائق وليس المعدات اللازمة لتصنيعها.
وأشار إلى أن هذا النهج سيصب في صالح الجميع، موضحا ذلك بقوله: "سيحقق هذا الأمر مكاسب للجميع حيث يمكن للشركات الأمريكية الاحتفاظ بحصتها في السوق الصيني من جهة، فيما ستظل الشركات الصينية مثل أوبو وشاومي في حاجة إلى الرقائق التي تصنعها الشركات الغربية بسعر أقل وبجودة عالية من جهة اخرى".
وحذر من أنه في حالة رفض هذا النهج، ستكون الصين مضطرة إلى تعزيز قدراتها في مجال أشباه الموصلات والرقائق.
قيود أقل وبحث أكثر
يشار إلى أن الصين ردت على العقوبات عن طريق وضع قيود على تصدير المعادن الرئيسية المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات فيما أعلنت الشهر الماضي عن إنشاء صندوق جديد بقيمة 40 مليار دولار (37.6 مليار يورو) لدعم شركات الرقائق المحلية بهدف تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.
بدوره، يرى شياو مينغ لو أن واشنطن تولي الكثير من الاهتمام إلى "منع المنافسة ولا تركز بشكل كاف على تعزيز قدراتها. إذا تمكنت الولايات المتحدة من جعل الصين متأخرة عنها بثلاثة أجيال، فإنها تخاطر بجعل الشركات الأمريكية متأخرة بجيل أو جيلين".
يو تشينلي – تايبيه (تايوان) / م. ع. ساعد في إعداد التقرير: يو تشون تشو
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الصين آسيا صناعة الرقائق حرب الرقائق الولايات المتحدة الشركة الصينية هواوي الصين آسيا صناعة الرقائق حرب الرقائق الولايات المتحدة الشركة الصينية هواوي الولایات المتحدة الشرکات الصینیة أشباه الموصلات أن شرکة إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد خمس سنوات من التوقف: الخطوط الملكية المغربية تستأنف رحلاتها المباشرة إلى بكين
استأنفت الخطوط الملكية المغربية يوم الثلاثاء الماضي، 21 يناير 2025، أولى رحلاتها المباشرة إلى العاصمة الصينية بكين بعد انقطاع دام خمس سنوات بسبب جائحة كوفيد-19.
وقد وصلت الرحلة، التي أقلعت من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، إلى مطار بكين داشينغ الدولي في الساعة 11:55 صباحاً بالتوقيت المحلي، وعلى متنها 291 راكباً.
وتمثل هذه الرحلة، التي تندرج ضمن استئناف الحركة الجوية بين المغرب والصين، نقطة تحول في عودة العلاقات السياحية والتجارية بين البلدين بعد فترة طويلة من التوقف.
وشهد الحفل استقبال رسمي بمطار بكين داشينغ، حيث حضر الحدث عدد من الشخصيات البارزة من البلدين، بما في ذلك سفير المغرب في الصين، عبد القادر الأنصاري، إلى جانب ممثلين عن الحكومة الصينية والصحفيين.
وبعد ساعتين من وصول الرحلة، انطلقت رحلة العودة إلى الدار البيضاء في الساعة 13:55، وعلى متنها 271 راكباً، مما يعكس الطلب الكبير على هذه الرحلات المباشرة بين البلدين.
ويُتوقع أن تساهم هذه الرحلات في تعزيز السياحة المتبادلة وزيادة الفرص التجارية بين المغرب والصين في ظل عودة النشاط الجوي.
هذا الاستئناف يأتي في وقت يشهد فيه قطاع السفر والنقل الجوي انتعاشاً تدريجياً بعد الجائحة، ومن شأنه فتح آفاق جديدة للتعاون بين الجانبين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية.