بعد براءة آكلة طفلها.. معنى مرض ضلالات العقل وأعراضه في الطب النفسي
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
رغم الجريمة البشعة التي ارتكبتها سيدة فاقوس آكلة طفلها، إلا أن القضاء براءها من قتلها صغيرها، لثبوت إصابتها بضلالات العقل والاضطهاد، وهو مرض يدفع المصاب به لارتكاب جرائم دون إدراك لا يعاقبهم عليها القانون ولا يعاملهم مثل باقي الأشخاص العاديين .
معنى ضلالات مرض العقل
في الطب النفسي، يُعرَّف مرض ضلالات العقل على أنه اضطراب عقلي يتميز بوجود معتقدات خاطئة أو غير واقعية، لا يمكن تغييرها حتى لو قدمت لها أدلة على خطئها، تُعرف هذه المعتقدات أيضًا باسم الأوهام، ويمكن أن تكون حول أي شيء، مثل الهوية أو القدرات أو الأحداث.
أعراض مرض ضلالات العقل ما يلي:
وجود معتقدات خاطئة أو غير واقعية لا يمكن تغييرها.
عدم القدرة على تقبل الأدلة على خطأ هذه المعتقدات.
تأثير هذه المعتقدات على حياة الشخص، مما قد يؤدي إلى صعوبات في العمل أو العلاقات أو الأداء اليومي.
يمكن أن يكون مرض ضلالات العقل اضطرابًا مُرهقًا للفرد وللأشخاص من حوله، يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والمشاكل المالية والمشاكل القانونية.
هناك العديد من أنواع ضلالات العقل، بما في ذلك:ضلالات الاضطهاد: الاعتقاد بأن الشخص مطارد أو مضطهد من قبل الآخرين.
ضلالات العظمة: الاعتقاد بأن الشخص شخص مهم أو استثنائي.
ضلالات التحكم: الاعتقاد بأن الآخرين أو القوى الخارجية يمكنها التحكم في أفكار الشخص أو مشاعره أو أفعاله.
ضلالات الهوية: الاعتقاد بأن الشخص شخص مختلف عن هويته الحقيقية.
يمكن أن يكون سبب مرض ضلالات العقل غير معروف، ولكن يُعتقد أنه ينتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، يمكن أن يكون أيضًا أحد أعراض اضطرابات نفسية أخرى، مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب.
يمكن علاج مرض ضلالات العقل بالأدوية أو العلاج النفسي أو مزيج من الاثنين، وتساعد الأدوية عادةً في تقليل شدة الأعراض، بينما يساعد العلاج النفسي الشخص على فهم وإدارة ضلالاته.
براءة سيدة فاقوس آكلة طفلها بسبب اضطراب عقلي
أصدرت محكمة جنايات الزقازيق في محافظة الشرقية، اليوم السبت، حكما ببراءة هناء محمد حسن حتروش، البالغة من العمر 37 سنة، من تهمة قتل ابنها وأكل أجزاء من جثته بعد طهيها.
جاء الحكم بعد تقرير اللجنة الخماسية التي شكلتها المحكمة لفحص الحالة الصحية والعقلية للمتهمة، والذي أكد أنها تعاني من اضطراب عقلي يتمثل في ضلالات الاضطهاد وانخفاض الذكاء.
وبحسب التقرير، فإن المتهمة كانت تعتقد أن زوجة أخيها وزوجة عمها تتعمدان إيذاءها وابنها بأعمال سحر، كما كانت تعاني من ضعف في الاستبصار وعدم تقدير لفداحة موقفها.
وأكد التقرير أن المتهمة كانت تعاني من اضطراب في التفكير، خاصة في الفترة التي تلت طلاقها من زوجها، وكان سلوكها غريبا ومدفوعا بمخاوف مرضية على طفلها.
وأوضح التقرير أن المتهمة طلبت من جارة لها تدعى زينب إعداد حفرة ودفنها وابنها فيها، وبررت ذلك بمحاولة الاختفاء عن أعين من يحاولون إيذاءها.
وأضاف التقرير أن الفحص الطبي للمتهمة أكد إصابتها بمرض التصلب المتعدد، والذي من أعراضه ظهور اختلالات عقلية ونفسية وضلالات وهلاوس وتبلد مشاعر.
وشدد التقرير على أن العقل المريض بالضلالات في ظل محدودية الذكاء دفع المتهمة إلى ارتكاب الجريمة البشعة.
وتعليقا على الحكم، قال عبد الحميد رحيم المحامي بالنقض إن التقرير ومنطوق حكم المحكمة أصابا صحيح القانون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: آكلة طفلها سيدة فاقوس المصاب یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كتاباتي: عن اضطراب ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب: بين نوبات الهوس والاكتئاب:
اضطراب ثنائي القطب، أو ما كان يُعرف سابقًا بالاكتئاب الهوسي، هو اضطراب نفسي معقد يتأرجح فيه المصاب بين نوبات من الهوس والاكتئاب. هذه التقلبات الحادة ليست مجرد تغييرات مزاجية عابرة، بل هي حالة مرضية تؤثر بشكل عميق على حياة الشخص، سواء على المستوى الشخصي، الاجتماعي، أو المهني.
الاسباب:
لا تزال الاسباب المؤدية لأعراض اضطراب ثنائي القطب غير معروف، ولكن يبدو بأن هناك بعض العوامل من الممكن ان تكون مزيجًا معقدًا من العوامل المادية والبيئية والاجتماعية، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث الاضطراب وتلك تشمل:
• اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ لمستويات الناقلات العصبية، وهي مواد كيميائية مسؤولة عن التحكم في وظائف الدماغ (مثل: النورادرينالين والسيروتونين والدوبامين).
• الجوانب الوراثية وهناك إعتقاد بأن الاضطراب ثنائي القطب له علاقة بالوراثة.
• غالبًا ما تؤدي الظروف أو المواقف المجهِدة إلى ظهور أعراض الاضطراب ثنائي القطب.
• الإجهاد النفسي الشديد.
• المشاكل الشديدة في الحياة اليومية (مثل: المشاكل المالية والأسرية، والمشاكل في العمل، أوالعلاقات بأنواعها اجتماعية كانت أو عاطفية).
• الفقد في الحياة عاطفياً كان أو أسرياً (مثل: وفاة أحد المقربين).
• الاضطرابات النفسية والاجتماعية وعدم النوم.
ما هو اضطراب ثنائي القطب:
يُصنّف اضطراب ثنائي القطب ضمن اضطرابات المزاج، حيث يعاني المصاب من تقلبات حادة بين حالتين متضادتين:
• نوبات الهوس: يشعر الشخص خلالها بطاقة مفرطة، حماسة شديدة، سرعة في الحديث، وأحيانًا اندفاع وتهور في اتخاذ القرارات.
• نوبات الاكتئاب: تتسم بفقدان الشغف، الإرهاق، الحزن العميق، وانعدام القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية.
أنواع اضطراب ثنائي القطب:
1. النوع الأول: يتميز بنوبات هوس كاملة قد تستمر أسبوعًا أو أكثر، وغالبًا ما تتطلب تدخلاً طبيًا أو دخول المستشفى، يليها نوبات اكتئاب حادة.
2. النوع الثاني: يتسم بنوبات هوس خفيف (أقل حدة من الهوس الكامل) مترافقة مع نوبات اكتئاب شديدة.
3. اضطراب المزاج الدوري (Cyclothymia): يتميز بتقلبات مزاجية أقل حدة، لكنها طويلة الأمد ومتكررة.
حين يصبح المزاج متقلبًا كالبحر:
اضطراب ثنائي القطب ليس مجرد “مزاج متقلب”، بل حالة عقلية تؤثر على مجرى الحياة بشكل جذري. لنأخذ مثالًا واقعيًا:
دعونا نسمي صاحب الحالة بزيد، شاب من صفاته انه طموح ومبدع، لكن مشكلته انه كان يعيش بين حالتين متناقضتين تمامًا دون أن يفهم السبب. وخلال نوبات الهوس، كان يشعر بطاقة هائلة، يخطط لمشاريع كبيرة، يتحدث بسرعة، ويكتب أفكارًا بلا توقف. بالكاد ينام، ومع ذلك يظن أنه يستطيع تحقيق المستحيل. لكنه كان أيضًا يتصرف باندفاع، يتخذ قرارات متهورة، وينفق أمواله على أمور غير ضرورية.
لكنّ، ودون سابق إنذار، كان يسقط في نوبة اكتئاب عميقة، يصبح عاجزًا عن النهوض من السرير، يفقد الاهتمام بكل ما كان يثير حماسه، ويغرق في إحساس ثقيل بالذنب واليأس. وهكذا ظل زيد في هذه الحالة لسنوات، يعتقد أنه “غريب الأطوار”، حتى بدأ البحث عن إجابات ليكتشف أنه مصاب باضطراب ثنائي القطب.
قصص وتجارب: بين الإبداع والمعاناة:
كمّا رأينا، ما مر به زيد ليس حالة نادرة، فالكثير من الشخصيات التاريخية عانت من اضطراب ثنائي القطب، لكن ذلك لم يمنعهم من تحقيق إنجازات عظيمة. فان غوخ، روبن ويليامز، وكاثرين زيتا جونز، جميعهم واجهوا تحديات هذا المرض، ومع ذلك تركوا بصماتهم في مجالاتهم. بل إننا قد نجد قادة وحكاماً يعانون من اضطراب ثنائي القطب ولايجرؤ أحد على مجرد التعليق على ذلك خاصة في عالمنا الثالث مما قد يكون سبباً في خراب دول..
التعامل المجتمعي مع المصابين: بين الوصمة والدعم:
للأسف، لا يزال هناك جهل كبير حول الاضطرابات النفسية في كثير من المجتمعات، الأمر الذي يجعل المصابين باضطراب ثنائي القطب يواجهون وصمة اجتماعية قاسية. يصفهم البعض بأنهم “غير متزنين” أو “يعانون من جنون”، مما يدفعهم إلى إخفاء معاناتهم وعدم طلب المساعدة. هذه الوصمة (label) تعيق رحلة العلاج، في حين أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون مفتاحًا أساسيًا لتحسين حياة المصاب.
العلاج والتعايش مع اضطراب ثنائي القطب:
اضطراب ثنائي القطب ليس حُكمًا نهائيًا على حياة المصاب، فالعلاج الصحيح يساعد في السيطرة عليه والتعايش معه.
• العلاج الدوائي: يشمل مثبتات المزاج، مضادات الاكتئاب، وأحيانًا مضادات الذهان.
• العلاج النفسي: مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يساعد على فهم المرض والتعامل مع التقلبات المزاجية.
• الدعم الأسري والاجتماعي: وجود شبكة دعم قوية من الأهل والأصدقاء يساعد المصاب في رحلته العلاجية.
رسالة إلى المصابين وأسرهم:
إذا كنت تعاني من اضطراب ثنائي القطب، أو تعرف شخصًا يعاني منه، تذكر أن هذا الاضطراب لا يحدد قيمتك كشخص. لا تخجل من طلب المساعدة، ولا تتردد في الحديث عن معاناتك. هناك العديد من الأشخاص والمجموعات الداعمة التي يمكن أن تساعدك على تجاوز الصعوبات.
ختامًا: نحو وعي مجتمعي أكبر:
اضطراب ثنائي القطب تحدٍ كبير، لكنه لا يعني أن الحياة انتهت. مع العلاج والدعم، يمكن للمصابين أن يعيشوا حياة مُرضية ومنتجة. علينا كمجتمع أن نعمل على إزالة الوصمة عن الأمراض النفسية، ونشر الوعي بأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية. لنكن أكثر تفهمًا ورحمة، فكل إنسان يخوض معركته الخاصة، وأبسط ما يمكننا فعله هو أن نكون داعمين بدلًا من أن نكون قضاة..
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com