عائشة غنيمي تكتب: العدالة الاجتماعية أولوية مصرية
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
يلعب وعي كل مواطن مصري ومواطنة مصرية دوراً كبيراً في نجاح مسيرة التنمية المستدامة وسياسات الإصلاح الاقتصادي والتحول الهيكلي، حيث يشكل الإدراك بقضايا الوطن الداخلية والتحديات الخارجية حجراً أساسياً وداعماً لقيادة الوطن نحو الازدهار وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية لأجيال الوطن الحالية والمستقبلية.
ويشهد التاريخ على مر العصور أن الشعب المصري من الشعوب الأكثر صلابة وتحدياً في مواجهة تداعيات كافة المصاعب والحروب والثورات والتحديات الدولية والإقليمية منذ ميلاد الدولة المصرية وعلى مر الزمن. فالشعب المصري لايعرف الاستسلام ولا تهزمه التحديات، إذ بات يجد حلولا وتدابير لكل أزمة تمكنه من التأقلم والتعايش في سبيل استقرار وسلامة أرض الوطن.
وشهدت السنوات الماضية عثرات جمة ناجمة عن أزمة كوفيد-19 العالمية وأزمة الحرب الروسية-الأوكرانية التي أثرت سلبياً على سلاسل الإمداد العالمية وحركة التجارة العالمية وزيادة الضغوط التضخمية وكبلت العملية الإنتاجية والفرص الاستثمارية بسبب عدم اليقين بشأن استمرارية وتفاقم الأزمات الدولية والتي تلقي بظلالها على اقتصادات الدول النامية والدول الناشئة.
وفي خضم مواجهة ومعالجة آثار التداعيات الاقتصادية والمالية السلبية على الاقتصاد المصري، استمرت الدولة المصرية في العمل في مسارين بالتوازي: المسار الأول: وضع السياسات والإجراءات الوقائية من أجل التعامل مع الأزمات ودرء التداعيات السلبية اقتصادياً واجتماعياً، المسار الثاني: الاستمرار في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والتحول الهيكلي من أجل زيادة صلابة وتنوع الاقتصاد المصري مع ضمان توطين أهداف التنمية المستدامة في جميع محافظات جمهورية مصر العربية.
ومن بين الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، الإصلاحات المالية الهيكلية من حيث ضبط المالية العام وحوكمة الإنفاق العام، ما أسهم في توفير مخصصات مالية والتمكين من توسعة شبكات الضمان الاجتماعي وزيادة المعاشات والأجور والمرتبات والعلاوات الاستثنائيه. الأمر الذي يعد من أهم نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي والتحول الهيكلي.
وقد وجه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي بقرارات رئاسية هامة لتعزيز العدالة الاجتماعية من حيث ضمان عدالة توزيع ثمار السياسات المالية، وشملت القرارات مضاعفة العلاوة الاستثنائية وزيادة المستفيدين من تكافل وكرامة، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وكذلك زيادة بدل تكنولوجيا الصحفيين وإعفاء المتعثرين من سداد الغرامات الهيئة العامة للتعمير. ومن بين هذه القرارات: زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، لتصبح "600" جنيه مصري، بدلا من 300 جنيه مصري، لكافة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، زيادة الحد الأدنى الإجمالى للدخل للدرجة السادسة، ليصبح "4" آلاف جنيه مصري، بدلا من "3500" جنيه مصري، لكافة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات الاقتصادية، وفقا لمناطق الاستحقاق.
وتعتبر هذه الزيادة في الأجور للمرة الخامسة على التوالى، حيث سجل الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه فقط حتى عام مارس 2019 ثم ارتفع إلى 2000 جنيه بزيادة حوالى 66% ، ثم قرار الزيادة للمرة الثالثة فى الأجور لمستويات 2400 جنيه خلال مارس 2021 وزيادة جديدة لتبلغ الأجور 2700 جنيه لأول مرة فى تاريخ مصر في يناير 2022 ثم زيادة أخرى في مارس 2023 إلى مستويات 3500 جنيه والمرة الخامسة في سبتمبر 2023 صدور قرار بزيادة إلى مستويات 4 آلاف جنيه مصري.
هذا إلى جانب قرار زيادة حد الإعفاء الضريبى بنسبة "25%"، من "36" ألف جنيه مصري، إلى "45" ألف جنيه، لكافة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، فضلاً عن زيادة الفئات المالية الممنوحة، للمستفيدين من "تكافل وكرامة"، بنسبة "15%" لأصحاب المعاشات، وبإجمالى "5" ملايين أسرة . هذا إلى جانب مضاعفة المنحة الاستثنائية، لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، لتصبح "600" جنيه، بدلا من "300" جنيه، بإجمالى "11" مليون مواطن . بالإضافة إلى إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحد أقصى نهاية عام 2024.
وتؤكد هذه القرارات على وضع جودة حياة الشعب المصري على رأس أولويات القيادة السياسية، وهذه الزيادات لم تكن للمرة الأولى. حيث تم إصدار قرارات رئاسية خلال فترة وجيزة شملت رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات وتوسيع شبكات الضمان الاجتماعي وزيادة الإعفاء الضريبي على الدخل، وغيرها من القرارات التي تعزز من العدالة الاجتماعية.
ويأتي ذلك في إطار نجاح سياسات الحوكمة الاقتصادية وإدارة المخاطر الاقتصادية التي تنتهجها الدول المصرية، الأمر الذي أدى إلى تحقيق الانضباط المالى ووضع العجز الكلى والدين العام فى مسار نزولى مستدام بالرغم من الضغوط التضخمية العالمية وارتفاع سعر الصرف العالمي، مع الحفاظ على فاعلية النشاط الاقتصادي وتوازن متطلبات الطلب مع المعروض. فضلاً عن حوكمة ترشيد المصروفات العامة وزيادة وتنوع الإيرادات العامة، إلى جانب اتباع سياسة النمو الغنى بالوظائف، وتنويع مصادر التمويل للمشروعات التنموية والتي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في كافة المحافظات المصرية. بالإضافة إلى انضباط السياسة النقدية حيث النجاح في احتواء ارتفاع معدل التضخم بشكل مستدام مع استقرار حدود ارتفاع أسعار الفائدة، رغم ما تشهده الاقتصادات العالمية من تداعيات، والتي تجسدت فى الارتفاع الحاد فى معدلات التضخم، والأسعار العالمية لأسعار الفائدة وأسعار السلع الاستراتيجية، وارتفاع تكاليف الشحن، واضطراب فى سلاسل التوريد، وما يمثله ذلك من ضغوط شديدة على الموازنة العامة للدولة.
أخيراً وليس بآخر، إن استمرار التنفيذ المُتقن والكفء للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وتناغم وتيرة تنفيذ السياسات المالية والنقدية والتجارية يعد من الأولويات الهامة والفعالة في إدارة السياسات العامة للدولة المصرية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وذلك من أجل التغلب على التداعيات السلبية للتحديات العالمية غير المسبوقة، والحفاظ على الاقتصاد المصرى أكثر مرونة وتنوعاً وصلابة ، ومن ثم استدامة العدالة الاجتماعية فضلاً عن استدامة مؤشرات أداء الاقتصاد المصري أمام هذه التحديات والأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، مع ضمان تحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لأهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العدالة الاجتماعیة التنمیة المستدامة جنیه مصری
إقرأ أيضاً:
الساسي: مشروع قانون المسطرة الجنائية يعكس تناقضا بين تحقيق التوازن وضبط النظام
كشف القيادي في فيدرالية اليسار الديمقراطي، محمد الساسي، أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الحالي يعكس تناقضًا واضحًا، حيث يجمع بين التشدد الداخلي والانفتاح الخارجي، في محاولة مرتبكة لتحقيق التوازن بين الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان ومتطلبات ضبط النظام الداخلي.
وخلال مداخلته في ندوة نظمها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نهاية الأسبوع الجاري، أوضح الساسي أن المشروع يضم جوانب إيجابية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، مثل حق الاتصال بالمحامي أثناء الحراسة النظرية، وتسجيل الاستماع بالصوت والصورة، وإمكانية حضور المحامي أثناء المثول أمام النيابة العامة.
غير أن الساسي اعتبر أن المشروع لم يأتِ بمعزل عن سياق أوسع، بل جاء مواكبًا لعدة مبادرات تشريعية، مثل مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي وصفه بأنه يعاني من عدة اختلالات، وسحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع، فضلًا عن استمرار التضييق على الحقوقيين والصحافيين.
وفيما يتعلق بمنظومة العدالة، أشار الساسي إلى أن هناك توجهًا نحو تسريع وتيرة البت في القضايا بأقل عدد ممكن من القضاة، وتقليص دور المحامين، معتبرًا أن هذه الإجراءات تعكس هاجس تقليص الكلفة الاقتصادية للمحاكمة العادلة.
وقال الساسي إن الدولة تحاول أيضاً من خلال مشروع قانون المسطرة الجنائية “إعادة التوازن في العلاقة مع المخزن، الذي تسعى الدولة لإرجاع هيبته بعد تطاول من محاكم إدارية” وأضاف“تتم إضافة عوائق تقوي النيابة العامة على حساب القضاة”.
وفي هذا السياق، استحضر الساسي تصريحًا سابقًا لمدير الشرطة القضائية محمد الدخيسي حول ملف تعذيب المعتقلين، منتقدًا فكرة تبرير خرق حقوق الإنسان ببشاعة الجرائم المرتكبة.
كما استعرض تطور قانون المسطرة الجنائية في المغرب، مشيرًا إلى أن أول قانون صدر بعد الاستقلال كان مستوحى بشكل كبير من التشريع الفرنسي، حيث تم نقل عدد من بنوده بشكل شبه حرفي.
وختم الساسي بأن هناك اليوم توجّهًا عامًا لتقليص زمن المحاكمة وتكلفتها، مع تقييد دور المحامي، وهو ما قد يؤثر سلبًا على ضمانات العدالة وحقوق المتقاضين.
كلمات دلالية الداكي الساسي القانون الجنائي المسطرة الجنائية النيابة العامة