إسرائيل تكشف عن ملف سري سبق حرب أكتوبر 1973
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
إسرائيل – يواصل أرشيف الجيش الإسرائيلي الكشف عن آلاف الوثائق والسجلات عن الفشل الاستخباري الذي سبق حرب أكتوبر 1973 ضد كل من مصر وسوريا.
وبدأت إسرائيل منذ مطلع شهر سبتمبر الجاري نشر مجموعة شاملة من آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو، مما يوفر نظرة متعمقة على الطريقة التي تم بها التعامل مع الحرب والفشل الاستخباراتي الكبير الذي سبقها.
وفيما تم رفع السرية عن الكثير من البروتوكولات والوثائق المتعلقة بعملية صنع القرار قبل وخلال حرب 1973 على مدار السنين، أصبحت مجموعة المواد بأكملها متاحة للجمهور، باستثناء عدد قليل من الملفات التي لا تزال سرية.
وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن موقع إنترنت مخصصأ – هو حاليا باللغة العبرية فقط – يعرض الآن حوالي 3500 ملف أرشيف تحتوي على مئات الآلاف من الصفحات، و1400 وثيقة ورقية أصلية، و1000 صورة، و750 تسجيلا، و150 دقيقة من المداولات الحكومية، وثمانية مقاطع فيديو. استغرق تحميل المواد عامين ونصف عام من العمل.
وقالت المسؤولة عن الأرشيف روتي أبراموفيتش: “هذه نظرة شاملة على قصة الحرب، التي أثرت على جميع مناحي الحياة في إسرائيل. هذا هو أكبر كشف قام به أرشيف الدولة على الإطلاق”.
وتوفر بعض الوثائق سجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مئير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت شن سوريا ومصر الحرب المنسقة في 6 أكتوبر 1973، بينما كانت إسرائيل تحيي يوم الغفران.
ولم تتوقع إسرائيل تنفيذ الهجوم ضدها على الرغم من العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين يستعدان للغزو، معتقدة أنه في أعقاب هزيمة مصر قبل ست سنوات في حرب “الأيام الستة” – حرب عام 1967، فإن القاهرة لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي.
وأوضحت إحدى الوثائق العائدة لحرب “يوم الغفران” – التسمية العبرية لحرب أكتوبر – إن رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا قال لمئير قبل يوم من بدء الحرب، إن التقييم السائد هو أن جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منا… أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك. أفترض أنهم إذا كانوا على وشك الهجوم، فسنحصل على مؤشرات أفضل.
وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعازر موقفهما القائل بأن سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.
وأضاف إليعازر: “لا بد لي من القول، لا يوجد لدينا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم. ليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم يريدون الهجوم، لكن لا أستطيع أن أقول بناء على المعلومات أنهم لا يستعدون”.
وفي صباح اليوم التالي في الساعة 7:30 صباحا – قبل 6.5 ساعات من بدء الحرب – قرأ السكرتير العسكري لمئير برقية ليلية لرئيسة الوزراء من رئيس الموساد تسفي زمير، يشير فيها إلى أن الحرب مسألة ساعات.
ثم ركزت المناقشة على ما إذا كان ينبغي شن ضربة استباقية، كما فعلت اسرائيل في حرب عام 1967 قبل أن تتمكن الجيوش العربية من تنفيذ خطة هجومها.
لكن وزير الدفاع موشيه ديان قال: “لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بتوجيه ضربة استباقية هذه المرة، من منظور دبلوماسي. في الوضع الحالي، حتى قبل خمس دقائق أمر مستحيل”.
ووافقته مئير الرأي وقالت إن “ضربة استباقية هي أمر مغر للغاية، ولكن نحن لسنا في عام 1968. هذه المرة، العالم سيكشف عن وجهنا القبيح. لن يصدقونا”.
سؤال آخر طُرح هو ما إذا كان ينبغي تسريب أن إسرائيل كانت على دراية بالهجوم الوشيك من أجل منع حدوثه.
وقال الوزير يسرائيل غاليلي، الذي لا تزال الجملة التالية التي قالها سرية، إن “مصدر تسفيكا (زمير) يقول إن بالإمكان منع الحرب من خلال تسريب هذه المعلومات. تسفيكا يقترح القيام بذلك”.
وأعرب الوزير يجال ألون عن تأييده لتسريب دراية إسرائيل بمخطط الهجوم لوسائل الإعلام قبل جلسة لمجلس الوزراء كان من المقرر عقدها في ظهر اليوم نفسه. لكن مئير أيدت فقط تسريب المعلومات للدبلوماسيين الأجانب، وانتهى بها الأمر إإلى طلاع السفير الأمريكي كينيث كيتنغ على المعلومات بعد أن قال ديان: “ينبغي علينا السير بحذر، حتى لا تكون هناك حالة من الذعر”.
وطلبت مائير من كيتنغ خلال لقائهما نقل رسالة إلى مصر مفادها أن “ليس لدينا شك في أننا سننتصر، ولكننا نريد أن نعلن أننا لا نخطط لهجوم، ولكننا بالطبع مستعدون لصد هجومهم”.
وعندما سأل كيتنغ ما إذا كانت إسرائيل ستضرب بشكل استباقي، أجابت مئير بأنها لن تفعل ذلك، “على الرغم من أن ذلك كان سيجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا”.
وبعد يوم من وقوع الهجوم – وهو ما فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعا – اعترف ديان لمئير وألون بأن تقييماته كانت خاطئة.
وقال: “كان لدينا تقييم يستند إلى الحرب السابقة، وكان غير صحيح. لقد كانت لدينا ولآخرين تقييمات خاطئة حول ما سيحدث في أثناء محاولة عبور قناة السويس”.
وبعد أيام فقط، بعد أن اقتنعت واشنطن بأن إسرائيل لم تكن هي التي بدأت الحرب، قامت الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة، حيث قالت مئير: “هناك قرار من حيث المبدأ لـ [لرئيس الأمريكي ريتشارد] نيكسون بشأن [الطائرات الحربية] الفانتوم. الآن هناك فقط مسألة تنفيذ الأمر. يبحث [وزير الخارجية الأمريكي هنري] كيسنجر عن طريقة لنقلها جوا”.
وتم توثيق البروتوكولات في المذكرات الشخصية المكتوبة بخط اليد لإيلي مزراحي، مدير ديوان رئيسة الوزراء آنذاك، والتي نُشر بعض الأجزاء منها سابقا.
وفقا لأرشيف الدولة العبرية، فإن المواد المنشورة حديثا “توثق الأحداث في الوقت الفعلي في جميع المجالات: السياسية والعسكرية والدولية والعامة والمدنية”.
وتشمل هذه المواد “مداولات الحكومة، والمشاورات العسكرية السياسية، وجلسات لجان الكنيست، ومراسلات وزارة الخارجية… وتقييمات الوضع فيما يتعلق بسير الحرب والدفاع المدني وتنظيم الجبهة الداخلية خلالها”.
وأفاد أرشيف الدولة أن هذه المواد “توفر لمحة مذهلة عن عملية صنع القرار من قبل القادة في ظل ظروف عدم اليقين، والقتال على مختلف الجبهات، والاتصالات السياسية التي جرت بوساطة الولايات المتحدة في نهاية الحرب وبعدها مع مصر وسوريا، والمسار الذي أدى إلى توقيع ترتيبات فصل القوات مع مصر وسوريا”.
وانتهت حرب 1973 بوقف نهائي لإطلاق النار في 24 أكتوبر، وقُتل في هذه الحرب أكثر من 2500 جندي إسرائيلي وأصيب الآلاف، بالإضافة إلى آلاف القتلى والجرحى في صفوف القوات المصرية والسورية والعراقية.
المصدر: الإعلام الإسرائيلي
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: إذا کان
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الأدباء.. "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر" في أولى الجلسات بالمنيا
شهدت جامعة المنيا، صباح اليوم الاثنين، أولى الجلسات البحثية للمؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين، "دورة الكاتب الكبير جمال الغيطاني"، والمنعقدة تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، وتنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي.. خمسون عاما من العبور"، ويعقد برئاسة الفنان الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل.
أقيمت الجلسة بعنوان "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر"، وأدارها د. عصام خلف، واستهلت بمناقشة بحث بعنوان "الأمن الثقافي بين الوطنية والوطنية الافتراضية" للباحثة د. دعاء شديد، وأوضحت خلاله أن البحث يسلط الضوء على أهمية الوعي للحفاظ على هوية المجتمعات، موضحة أن الأمن الثقافي هو حجر الزاوية في الأمن القومي من أجل تماسك المجتمعات واستمراريتها مع ضرورة التأكيد على هويتها المميزة.
وأضافت "شديد" أن أخطر شيء على الوعي الاجتماعي هو العالم الافتراضي، الذي جعلنا في عزلة، حيث غاب التواصل الحقيقي بين الجميع، وصار هناك تشوية لكل من الأمثال والعادات والثقافة والفنون.
وأشارت أنه رغم وجود بعض الوعي، لكن هناك قصور في البيوت في حماية أبنائنا، فنحن في حاجة شديدة للأمن الثقافي، والأمر ليس مقتصرا على المدن بل حتى الأرياف فقدت جزءا كبيرا من هويتها، ولعل من أخطر الأشياء في هذا الشأن ما يسمى بالبصمة البحثية والبصمة الروحية.
واختتمت حديثها بالإشارة إلى أنها تقدمت بفكرة مشروع تكاملي بين المؤسسات، تبدأ من المؤسسات التي تهتم بالطفل ومن ورائها كل المؤسسات، بحيث نستطيع أن نحقق النجاح ونحتفظ في الوقت نفسه بهويتنا.
كما شهدت الجلسة مناقشة بحث بعنوان "الأمن الثقافي ومكتسبات حرب أكتوبر 1973" أوضح خلاله الكاتب محمد سيد ريان أن الأمن الثقافي استراتيجية ثقافية مهمة يجب التركيز عليها من أجل تحقيق القوة الحضارية لمصرنا الحبيبة، موضحا أن مفهوم الأمن الثقافي من المفاهيم التي نشأت عالميا في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، وقد انتشر عربيا مصاحبا لمصطلحات في حقول ومجالات أخرى مثل: الأمن الاقتصادي والأمن الغذائي والأمن الاجتماعي والأمن السياسي.
وأضاف "ريان"، أن علاقة الثقافة بحرب أكتوبر 1973، جاءت من خلال دور المثقفين في الحرب وما بعدها، كما نرى في مقالات نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم ونزار قباني.
وأشار أن دور المثقفين بدأ بعد هزيمة ١٩٦٧ وذلك بحرص كثير من المثقفين والفنانين على زيارة الجنود على الجبهة، وتقريبا زار الجبهة حوالي ٣٠٠ مثقف، كذلك ما قام به الفنانون مثل أم كلثوم في دعم الوطن.
وأكد "ريان" أن حرب أكتوبر من أكثر الحروب التي واجهت الشائعات، فالعدو حريص على تشويه نصرنا.
وفي ختام حديثه أوصى "ريان" من خلال مؤتمر أدباء مصر أن تقدم وزارة الثقافة موقعا إلكترونيا بحيث يصبح منصة عليها كل المعلومات والمواد المتعلقة بالحرب، فنحن بحاجة لمشروع قومي يوجه لجماهير السوشيال ميديا، بحيث نواجه كل ما يحدث.
وفي مداخلة أوضح الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، أن الهيئة تعد مشروع ببليوجرافيا حرب أكتوبر الذي يرصد الحرب في كتاب، موضحا أن هناك سلاسل تعنى بأدب الانتصار ومنها سلسلة "العبور" التي تصدرها الهيئة، وأضاف "ناصف" أن هناك مشروع لحماية الأمن الثقافي من خلال رصد وجمع حكايات من أبطال الحرب أنفسهم وما مروا به أثناء الحرب لكي يثري الحياة الثقافية.
كما تحدث "ناصف" عن مشروع أهل مصر القائم على دمج الشباب والأطفال والفتيات من المحافظات الحدودية وأنهم خط الدفاع الأول الثقافي، وأضاف أن هذا المشروع له أولوية ضمن مشروعات الأمن القومي المصري.
وعن مشروع ببليوجرافيا حرب أكتوبر أوضح الشاعر د. مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية أن المشروع حاليا في مرحلة التصديق عليه وسوف يتم نشره قريبا.
وفي مداخلة أكد ضياء مكاوي رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي أن الثقافة هو خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية، وأوضح الأديب أحمد الصعيدى أن التكنولوجيا أثرت بشكل سلبي على الهوية المصرية.
وفي مداخلة أخرى أضاف المقدم أحمد عبده أحد أبطال أكتوبر أن الحرب وأحداثها تحتاج إلى مجهودات مؤسسية وليس أفراد لتغطية ما حدث بحرب أكتوبر لتنوير وتثقيف الأجيال التي لم تعاصر الحرب.
ويقام المؤتمر بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، برئاسة الشاعر عبده الزراع، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب برئاسة الشاعر وليد فؤاد. بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة المنيا برئاسة رحاب توفيق.