لماذا ينجذب جمهور السينما لأفلام دراكولا التي زادت على 200 فيلمًا حتى الآن؟
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
لا شك أن ظاهرة دراكولا مصاص الدماء كانت وما تزال إحدى أهم الظواهر السينمائية على مرّ تاريخ السينما والتي كانت وما تزال تتمتّع بشعبية منقطعة النظير على الرغم من تكرار القصة السينمائية بأشكال ومعالجات شتى إلا أنها ما تزال تجتذب ملايين المشاهدين.
كانت البداية مع الكاتب الإيرلندي برام ستوكر المولود في العام 1847 الذي أطلق للمرة الأولى شخصية دراكولا – مصاص الدماء من خلال عمل روائي نشره في العام 1897 ليشكل علامة فارقة من بين رواياته التي قاربت العشرين رواية لكن تلك الرواية تحديدا هي التي لم يتوقع مؤلفها قط أن يتهافت عليها المخرجون والمنتجون السينمائيون طوال أكثر من قرن فيشبعونها تعديلا وتغييرا حتى بدا لنا دراكولا في هيئات وأشكال ونطق بلغات مختلفة لكن الحصيلة كانت واحدة، أنها الشخصية الرئيسية التي تنتمي إلى نوع من أفلام الرعب والجريمة.
وبحسب موقع روبرت فورتو فإن قرابة 200 فيلم تم إنتاجه وهو مأخوذ عن رواية دراكولا حيث يعود الفيلم الأول إلى العام 1921 عندما تم إخراج ذلك الفيلم في هنغاريا وحمل عنوان " موت دراكولا " ليتوالى إنتاج الأفلام المأخوذة عن رواية برام ستوكر إلى درجة أنه لم يمرّ عقد من السنين إلا وأنتجت فيه عدة أفلام عن تلك الشخصية حتى وصلنا إلى آخر وأحدث أفلام تلك السلسلة وهو الفيلم الذي حمل عنوان الرحلة الأخيرة لديمتير وهو من إنتاج هذا العام ومن إخراج النرويجي اندري اوفريدال ومن إنتاج عملاق السينما الأميركية يونفيرسال وسبق لهذا المخرج أن أخرج عدة أفلام تنتمي للفصيلة نفسها من أفلام الرعب ومنها فيلم تشريح جثة جين دو وفيلم القصص المخيفة التي تروى في الظلام وغيرها.
في هذا الفيلم سوف نكون مع قصة وأحدث فصل واحد مختار من فصول رواية الكاتب برام ستوكر، ففي عام 1897 استؤجرت سفينة روسية لشحن حمولة خاصة تتألف من 50 صندوقا من رومانيا إلى إنجلترا وكلها منقوش عليها ختم التنين الروسي مما يثير هلع بعض البحارة الذين يرفضون الإبحار على متن تلك السفينة لمعرفتهم أن من سيعمل على ظهرها لن يعود سالما.
وها نحن في تلك الليلة العاصفة والممطرة ونشاهد أشخاصا يكتشفون السفينة الجانحة إلى الشاطئ والتي بكل بساطة وصلت وهي بلا قبطان ولا بحارة وليس سوى جريدة أو يوميات قبطان السفينة التي يعرض فيها الأهوال التي تعرضت لها سفينته وهلاك طاقمها واحدا بعد الآخر ومحذرا من وصول ذلك الكائن إلى شواطئ إنجلترا.
بنى المخرج معالجته السينمائية على أساس استرجاع ما جرى على ظهر السفينة من أحداث دراماتيكية ومفاجآت غير محسوبة ولا متوقعة وقد اعتمد في ذلك على عدد من العناصر المكانية ممثلة في عنابر السفينة ومخازنها وأماكن عمل طاقمها فضلا عن قمرة القيادة وغرفة القبطان، وخلال ذلك كانت مساحة المباغتة تتسع في نطاق السرد الفيلمي.
هذه الأرضية الاستثنائية القائمة على ثنائية الخوف والرعب ثم المواجهات الدامية بُنيت على أساس التعريف بالشخصيات الدرامية الرئيسية ابتداء من القبطان ايليوت – أدى الدور الممثل البريطاني المعروف ليام كونينغهام ثم الصدفة التي قادته إلى الموافقة على انضمام كليمنس – الممثل كوري هاوكينس الذي كان له دور فعال في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بفضل خلفيته الطبية وكونه خريج جامعة عريقة هي جامعة كامبردج لكن بشرته السوداء كانت عائقا أمام مستقبله المهني فيوافق تحت أيه شروط بالانضمام إلى طاقة السفينة لغرض العودة إلى إنجلترا.
كليمنس هو الذي سوف يكتشف تلك الفتاة المخبأة تحت كومة من التراب والنفايات في أحد عنابر السفينة وهي التي كانت شبه ميتة ولم تكن إلا وسيلة تغذية دراكولا حيث كان يمتص دمها في كل ليل لكن كليمنس هو الذي سوف ينقذها بنقل دمه إلى جسمها لتخليصها من الدم الفاسد والموبوء الذي خلفه دراكولا.
عند هذه النقطة المفصلية سوف يمضي مصاص الدماء في اصطياد ضحاياه في كل ليل وبشكل متتابع إلى درجة أنك سوف تتساءل مع طاقم السفينة، يا ترى من الذي سوف يكون التالي.
والملحوظ في مجمل أفلام السلسلة أنها لا تتعدى هذا الإطار في كون دراكولا يعتاش على دماء ضحاياه ويصطادهم في الليالي ثم إنه من الكائنات الليلية وأن ظهوره نهارا أو تعرضه لضوء الشمس سوف يحرقه وهو ما سوف يشتغل عليه كليمنس في مواجهته القاسية والمريرة وهو يشاهد أصحابه وهم يتساقطون الواحد بعد الآخر ومن بقي منهم حيا فإنه سوف يتلبس شخصية دراكولا أيضا ويقوم بنفس ما يقوم به فضلا عن تغير الشكل وابيضاض العينين وما إلى ذلك.
نجح المخرج وفريقه وخاصة التصوير والمونتاج في استخدام المكان بشكل متميز حتى لا تشعر أن الأحداث وقعت في إطار مساحة مكانية ضيقة هي أقبية السفينة بل في مساحات واسعة كما أنه وظّف طبقات الإضاءة المخفضة – على أساس أن أغلب الأحداث تقع ليلا- فضلا عن القطع المونتاجي السريع وكل ذلك منح الفيلم بناء جماليا وتعبيريا فيه نوع من الاختلاف والتميز عن تلك السلسلة الطويلة وهو ما يؤكده الناقد بيتر سوبزينسكي في موقع روجر ايبرت الشهير قائلا "إن المخرج قد ركز في المقام الأول على الجانب البصري، مما خلق جوًا متقلبًا ومسكونًا بالرعب طوال الوقت - حتى في المشاهد التي تدور أحداثها في النهار - وهو شكل سينمائي ساد معالجة هذا النوع الفيلمي واستند إلى الغرائبية والرعب والقتل المتسلسل، بل إن هذا الناقد يخلص إلى نتيجة مفادها أن هذا الفيلم هو أحد أفضل أفلام الرعب التي ظهرت منذ مدة من الزمن.
وعلى الرغم من كل ذلك البناء الدرامي المتصاعد المبني على فكرة الرعب والقتل المتسلسل إلا أن الفيلم لم يخل من انعطافات عاطفية مؤثرة وإنسانية ومنها مقتل الطفل توبي وهو حفيد القبطان والذي لم يفلح جده في إنقاذه من براثن دراكولا فضلا عن الدور الإيجابي والإنساني الذي بذلته تلك الفتاة الضحية في دفاعها المستميت عن أفراد الطاقم وسعيها للإيقاع بدراكولا وحرقه في وضح النهار.
بالطبع سوف يخلف الصراع من أجل البقاء وإحساس الشخصيات أنها مهددة بالموت في أية لحظة إلى مزيد من الصراعات وحتى بين أفراد الطاقم أنفسهم في التطير من الفتاة التي في ظنهم أنها هي التي جلبت البلاء أو في استهجان ما يقوم به كليمنس من جهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وصولا إلى الشعور بحالة من التطير ما بين التشبث الإيماني وبين اليأس من إمكانية الخلاص لاسيما وأن دراكولا كان يصطاد ضحاياه بانتظام وفي الأوقات التي يختارها بمباغتتهم وخاصة عندما يكونون لوحدهم.
سر الانجذاب لهذا النوع الفيلمي الذي ينتمي إلى أفلام الرعب هو تكريس حالة من الأنسنة على دراكولا خاصة وهو مختف ولا تظهر عليه بوادر إجرامية حتى يباغت ضحاياه، ومن جهة أخرى فإن مساحة الترقب وشغف المتابعة وحبس الأنفاس تشكل سمات أخرى دفعت العديد من المخرجين لتقديم تلك القصة بتنويعات ومعالجات وأشكال سينمائية متعددة إلى درجة أننا وصلنا إلى ما يقارب المائتي فيلم التي تعالج قصة دراكولا – مصاص الدماء على مر العصور.
....
إخراج/ اندري اوفريدال
إنتاج/ يونفيرسال.
قصة/ براغي شول
المصدر/ فصل كابتن لوغ من رواية برام ستوكر – 1897
سيناريو/ براغي شول
تمثيل/ ليام كونينغهام، كوري هاوكينس، ايسلنغ فرنسوازي
تقييم موقع أي أم دي بي / 6 من 10 نقاط تقييم روتن 67 ، تقييم كوكل حوالي 4 من 5 نقاط
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أفلام الرعب فضلا عن فیلم ا
إقرأ أيضاً:
أفلام أضاءت السينمات فى 2024
أضاءت عدد من الأفلام السينمائية خلال عام 2024 الشاشات وحققت نجاحات ضخمة على مدار فترة عرضها فى السينمات فى مصر والوطن العربى والمنصات الإلكترونية، تنوع 42 فيلما ما بين الأكشن والكوميدى والرومانسى بالإضافة إلى ظهور مميز لبطولات لوجوه الشباب الذى استطاع أن يحقق أرقاما قياسية ويخطف الجمهور مثل فيلم الحريفة الجزء الأول الذى أجبر القائمين على العمل لإنتاج جزء ثان طُرح منذ أيام فى السينمات.
ترصد «الوفد» أفلاما سينمائية الأكثر تأثيرا سواء جماهيريا أو فى شباك التذاكر على مدار عام 2024، بالإضافة إلى كشف أجندة الأعمال السينمائية فى رأس السنة الميلادية لعام 2025 والتى يبدأ خلاله العام السينمائى الجديد، كما أتاحت الفرص أمام تعدد جهات الإنتاج مما أعطى مساحة كافية لظهور أعمال جديدة بأفكار وتنوع مميز.
ويأتى فى مقدمة الأفلام الأكثر رواجا ونجاحا فى مصر والوطن العربى، فيلم «ولاد رزق 3.. القاضية» الذى حقق أرقاما وإيرادات قياسية خلال عام 2024، جعلته يتصدر شباك التذاكر؛ إذ حقق أكثر من 258 مليون جنيه، فيما لا يزال الفيلم يحقق تفاعلاً من جانب الجماهير، منذ انطلاق عرضه فى السينمات بالوطن العربى ومصر وحاليا عبر المنصات الرقمية.
انطلقت سلسلة أفلام «ولاد رزق» فى عام 2015 للجزء الأول، بطولة أحمد عز، وعمرو يوسف، فيما انضم فى الجزء الثالث النجم آسر ياسين، والفيلم من إخراج طارق العريان، وحقق نجاحا جماهيريا واسع النطاق وضع الفيلم على قمة الإيرادات فى الدول العربية ومصر.
وتدور أحداث فيلم «ولاد رزق 3» حول عودة شبح الماضى ليلقى بظلاله على ولاد رزق، مما يجبرهم على العودة إلى حياة الجريمة والسرقة مرة أخرى حتى ينجوا بأنفسهم، بعد أن اتخذوا عهدًا بألا يعودوا لتلك الممارسات مرة أخرى.
ثانى الأفلام المُتصدرة هذا العام، هو «إكس مراتى»، والذى حقق إيرادات بلغت حوالى 92 مليون جنيه منذ انطلاق عرضه فى الـ24 من يوليو الماضى. ينتمى العمل إلى نوعية الأفلام الكوميدية التى اشتهر بها النجم هشام ماجد خلال الفترة الأخيرة.
والفيلم شارك فى بطولته الفنان محمد ممدوح، والفنانة أمينة خليل، وخالد كمال، وعلى صبحى. وهو من إخراج معتز التونى.
أما عن المركز الثالث، فكان من نصيب فيلم «شقو»، الذى بلغت إيراداته 78 مليون جنيه، الأمر الذى دفع القائمين على العمل لتحضيرات إنتاج وتقديم جزء ثان من الفيلم الذى تدور أحداثه فى إطار اجتماعى أكشن، من بطولة عمرو يوسف، ومحمد ممدوح، وأمينة خليل، وتأليف وسام صبرى، وإخراج كريم السبكى.
أما عن البطولة المطلقة للوجوه الشابة، فنجح فيلم «الحريفة» فى وضع مكانته بالمرتبة الرابعة خلال عام 2024، وهو من الأفلام التى لفتت أنظار الجمهور بقوة، نظراً للتناول المختلف فى القصة، التى تدور أحداثها فى إطار درامى ورياضى أيضاً.
والفيلم حقق إيرادات بلغت 75 مليون جنيه، كما عرض مؤخراً الجزء الثانى منه فى دور السينما، وهو من بطولة نور النبوى، وكزبرة، وأحمد غزى، ونور حمدى، ومجموعة كبيرة من النجوم الشباب.
واختتمت الشاشة السينمائية عام 2024 بفيلم «الهوى سلطان»، الذى نال إعجاب الجمهور بشكلٍ كبير، وتدور أحداثه فى إطار رومانسى اجتماعى، واقتربت إيراداته من 70 مليون جنيه، وذلك فى أقل من 4 أسابيع من بداية عرضه بحسب وسائل إعلام مصرية، والفيلم من بطولة النجمة منة شلبى، والفنان أحمد داود، وأحمد خالد صالح، وجيهان الشماشرجى، ومن إخراج هبة يسرى، فى أولى تجاربها الإخراجية لفيلم روائى طويل.