لَمْ تنجُ بعض الحكومات العربيَّة من موجة حمَّى إنشاء الجامعات، خصوصًا بعد أن أصبحت أعداد الكُلِّيَّات والجامعات، مقارنةً بأعداد وكثافة السكَّان جغرافيًّا، من معايير تقييم تقدُّم الدوَل، وخصوصًا بعد استحلاء بعض القادة إطلاق أسمائهم على بعض الجامعات الجديدة. ليس في هذه الظاهرة خطأ بالمعنى الدقيق: فلا بأس بأن يطلقَ على جامعة اسم، قائد تاريخي عنوانًا لجامعة أو كُلِّيَّة جديدة، ولكن الإشكال يكمن في الكوادر الأكاديميَّة المؤهَّلة تأهيلًا رفيعًا لإدارة الجامعة الجديدة ولإدارة التدريسات والأبحاث فيها بكفاءة موائمة للاسم الوطني الكبير الذي تحمله تلك الجامعة.
لذا، نلاحظ أنَّ بعض الحكومات العربيَّة سقطت في أفخاخ «تبسيط» إنشاء الجامعات، فأخذت تؤسِّس هذه الجامعات كما تؤسِّس المدارس الابتدائيَّة أو الثانويَّة: عادَّةً أنَّ الأمْرَ لا يزيد عن بنايات وهياكل صفوف وإدارات، متناسية الكادر العلمي والأكاديمي المؤهَّل والقادر على تدبُّر «أمانة» آلاف الطالبات والطلبة المقبولين للدراسات الأوَّليَّة والعُليا.
وهكذا أخذت الجامعات العربيَّة الناشئة تتبرعم حتَّى في القرى النائيَّة وإذا كانت هذه ظاهرةً تستحقُّ الإطراء والتقدير، فإنَّها لا يُمكِن أن تكُونَ ظاهرةً صحيَّة بِدُونِ الأطقم التدريسيَّة والبحثيَّة عالية الكفاءة التي ينبغي أن تُتاحَ لتدويرِ عمل الجامعة الحقيقي والمُقدَّس.
أمَّا أن تتحوَّلَ عمليَّات إنشاء جامعات في كُلِّ مدينة وقرية إلى ظاهرة سياسيَّة، أو إلى مشروع ربحي يرنو للدعاية والإعلان فإنَّ النتائج لَنْ تكُونَ سوى مخيِّبة للآمال: «جامعات كثيرة ومخرجات فقيرة»! لِنلاحظ أنَّ حمَّى تأسيس الجامعات شمل حتَّى الجمعيَّات والاتِّحادات المهنيَّة في عالَمنا العربي!
وهذا هو منتهى الهدر والاستغفال للأجيال، لبالغ الأسف.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تحتل المركز39عالميا والأول مصريا وإفريقيا فى تصنيف التايمز
تواصل جامعة القاهرة تحقيق إنجازاتها على الصعيد العالمى، حيث أعلن الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس الجامعة، تحقيقها انجازا جديدا بتصدرها الجامعات المصرية والأفريقية في تصنيف التايمز النوعي " تصنيفات العلوم متعددة تخصصات Interdisciplinary Science Rankings”"، الصادر لأول مره في 21 نوفمبر 2024، وهو الأول من نوعه لقياس مساهمات الجامعات والتزامها بالعلوم متعددة التخصصات.
وأضاف د. محمد سامى عبد الصادق إنه وفق ماأعلنه تصنيف التايمز النوعي، فإن جامعة القاهرة جاءت في المركز 39 عالميًا من بين 749 جامعة من 92 دولة واقليم.
ووفقًا للنتائج، احتلت جامعة القاهرة المرتبة الأولي في مصر من بين 30 جامعة مصرية، وجاءت الأولي افريقيا، كما جاءت في المرتبة الثالثة عربيًا، متقدمة بذلك علي العديد من الجامعات العالمية المرموقة.
وأوضح الدكتور محمد سامي عبد الصادق، أن تصنيف التايمز النوعي الهدف الرئيسي منه اكتشاف أفضل الجامعات في جميع أنحاء العالم في مجال البحث العلمي متعدد التخصصات من خلال تصنيفات تايمز للتعليم العالي للعلوم المتعددة، وهو مشروع بالتعاون مع(Schmidt Science)، مضيفًا أنه تم تصنيف 749 جامعة من 92 دولة وإقليمة، كما يتضمن 11 مؤشرًا لتقييم المؤسسات عبر ثلاثة محاور رئيسية المدخلات (التمويل 19%)، والعمليات (مقاييس النجاح والمرافق والدعم الإداري والترويج 16%)، والمخرجات (المنشورات وجودة البحث والسمعة 65%).
وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن ما حققته الجامعة من إنجاز يعد تتويجًا للجهود المستمرة في تطوير منظومة البحث العلمي بالجامعة وتعزيز جودة الأبحاث ونشرها دوليًا، حيث شهدت الجامعة تقدمًا كبيرًا في ترتيبها العالمي على مدار السنوات الماضية نتيجة الاهتمام بكافة مجالات العلوم والنشر العلمي الدولي في المجلات العلمية المرموقة والمفهرسة عالميًا بما عزز مكانتها كجامعة رائدة في مجال التعليم والبحث العلمي على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
ومن جانبه، قال الدكتور محمود السعيد نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، إن هذا الإنجاز الجديد للجامعة يُعد انعكاسًا للتطور المستمر الذي تشهده الجامعة مما ساهم في تعزيز دورها كقوة بحثية رائدة على المستوى الإقليمي والدولي، وأنها تركز بشكل أساسي على البحث العلمي وتضعه على رأس أولوياتها، مشيرًا إلي هذه النتائج تأتي ضمن الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، التي تهدف إلى تعزيز النشر الدولي وتطوير سياسات البحث العلمي بما يضمن تنافسية الجامعات المصرية على الصعيد العالمي.