من المقرر الإعلان عن الشركات الفائزة في الجولة الثانية من المزايدات العامة على مناطق الهيدروجين الأخضر بسلطنة عمان في مارس القادم، إذ تتنافس الشركات حاليا على 3 فرص استثمارية في محافظة ظفار، وذلك بعد إعلان الحكومة عن تخصيص 50 ألف كيلومتر مربع في محافظتي الوسطى وظفار لمشروعات الهيدروجين الأخضر.
ومع دخول شركات أخرى لإنشاء مشروعات جديدة في قطاع الهيدروجين الأخير تتقدم سلطنة عمان بخطوات ثابتة لقيادة سوق الهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط، ولتصبح بذلك سادس أكبر مصدر للهيدروجين في العالم بحلول 2030.


وكانت وزارة الطاقة والمعادن قد وقعت عقودا في يونيو الماضي بقيمة ٣٠ مليار دولار لإنتاج نحو ٧٥٠ كيلو طن متري من الهيدروجين الأخضر سنويا.
ويرتكز جزء كبير من الاستراتيجية المستقبلية للطاقة في سلطنة عمان على الهيدروجين الأخضر الذي سينتج معظمه من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ نظرا لامتلاك عمان على أعلى كثافات الطاقة الشمسية في العالم، إذ إن نسب سطوع الشمس المرتفعة يمكنها توليد نحو 600 واط/ساعة لكل متر مربع. كما تتميز سلطنة عمان بموقع استراتيجي يمكنها من تحقيق هدفها الرامي إلى أن تكون مركزا مهما لتصدير الهيدروجين الأخضر في العالم، إذ تربط سلطنة عمان بين قارتي آسيا وإفريقيا، كما تقع بالقرب من أوروبا، وتقع في منتصف طرق التجارة العالمية، إضافة إلى امتلاك السلطنة مجموعة من المهارات والبنى الأساسية التي تلبي احتياجات مشروعات الهيدروجين، كونها استثمرت في أصول رئيسة مثل الموانئ وخطوط الأنابيب ومنشآت الإنتاج. وتسعى سلطنة عمان إلى إنتاج نحو مليون طن من الهيدروجين الأخضر في 2030، و8.5 مليون طن في 2050 بهدف الاعتماد على الهيدروجين في تنويع مصادر الطاقة، ورفع إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لتصل إلى 30% بحلول 2030، حتى تصل إلى 39% في 2040 وذلك لتحقيق الحياد الكربوني في منتصف القرن الحالي.
ويحقق إنتاج الهيدروجين الأخضر لسلطنة عمان عوائد مالية جيدة تسهم في الموازنة العامة للدولة بحلول 2030، إذ من المقرر تصدير ثلثي إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ نظرا لسعره المرتفع مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى التي قد تكون متاحة، ومن المتوقع أن يتم تحويل الهيدروجين إلى أمونيا للتغلب على مشكلة النقل، بحيث يتم تحويله مرة أخرى إلى هيدروجين في البلد المصدر إليه. كما سيوفر 3 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا من خلال استخدام ثلث إنتاج الهيدروجين الأخضر في الصناعات المحلية، إذ يبلغ إجمالي الطلب المتوقع على الهيدروجين الأخضر 8.8 ألف طن يوميا، إذ قد يسجل أعلى طلب له في المنطقة الصناعية في صحار بنسبة 45%، تليها الدقم بـ 28%، ثم صلالة بـ14%، وصور 9%، فمسقط 4%، وذلك وفقا لدراسة تحليلية أجريت لمعرفة مدى وجود إقبال على الهيدروجين محليا لدعم تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وتنشيط الصناعات المحلية.

وتأتي سلطنة عمان في المركز الثاني عربيا بعد مصر من ناحية عدد المشروعات المعلنة في قطاع الهيدروجين الأخضر بنحو 11 مشروعا، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بـ10 مشروعات تنوعت بين إنتاج الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق والأمونيا الخضراء والزرقاء. وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الرابع بـ9 مشروعات، تلتها المغرب بـ7 مشروعات، والجزائر بـ4 مشروعات، ثم موريتانيا بنحو 3 مشروعات، مع مشروعين في كل من جيبوتي والعراق، بجانب مشروع واحد في كل من قطر والأردن.
ويدخل الهيدروجين الأخضر في بعض الصناعات كمواد أولية مثل: الأسمدة الصناعية المعتمدة على اليوريا، وفي عمليات التكرير، كما يمكن الاستفادة من مشتقاته مثل: الميثانول والأمونيا في وسائل النقل البحري والجوي، والسيارات الثقيلة كالشاحنات. إضافة إلى استخداماته في الصناعات التي تتطلب درجة حرارة مرتفعة، ولا يمكن الوصول إليها بالطريقة الكهربائية مثل الحديد والفولاذ، والصلب والأسمنت والسيراميك والزجاج.
كما يستخدم الهيدروجين الأخضر في إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة، وهو هدف استراتيجي لكثير من الدول في الفترة الحالية، إذ وصلت بعض الدول إلى إنتاج 60% من شبكاتها الكهربائية عبر مصادر قليلة الانبعاثات الكربونية، وفي سلطنة عمان فإن النسبة تتراوح بين 2-5% من إنتاج الكهرباء عبر مصادر نظيفة في 2030 أما عن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان فمن المتوقع أن يصل إلى 1.6 دولار لكل كيلوجرام بحلول 2030، بينما يتوقع أن تصل إلى 1.7 دولار في الولايات المتحدة، و1.9 دولار في أستراليا وذلك وفقا لتقرير نشرته وكالة الطاقة الدولية.
ووفقا لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية، فإن إنتاج الهيدروجين الأخضر ينمو بشكل جيد منذ عام 2020 ولكن لا يزال إنتاجه لا يتجاوز 1% من إجمالي إنتاج الهيدروجين العالمي، في الوقت الذي تسعى الدول فيه إلى الوصول بهذه النسبة إلى 50% في 2030 لتحقيق الحياد الكربوني والحفاظ على البيئة. وبلغ إنتاج الهيدروجين الأخضر نحو 700 ألف طن بنهاية العام الماضي وهو ما يقل بصورة كبيرة جدًا عن الأهداف الإنتاجية المطلوبة بحلول عام 2030، التي تتراوح بين 70 و125 مليون طن سنويًا. ويعود أسباب انخفاض إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون إلى ارتفاع تكلفته مقارنة بالأنواع الأخرى، إذ يحتاج إلى محللات كهربائية تعمل بالطاقة المتجددة وما زالت هذه المحللات غالية الثمن. ولكن تشير التوقعات إلى انخفاض تكلفة المحللات الكهربائية مع تسريع الابتكارات في المجال خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي قد يرفع القدرة التنافسية والاقتصادية للهيدروجين الأخضر في المستقبل.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: إنتاج الهیدروجین الأخضر الهیدروجین الأخضر فی على الهیدروجین سلطنة عمان بحلول 2030

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد الاجتماعي.. رافعة لتمكين التنمية المحلية في سلطنة عمان

يشهد قطاع الاقتصاد الاجتماعي اهتماما عالميا متزايدا في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية، ويبرز كأحد النماذج البديلة التي تجمع بين الأهداف الاقتصادية والتنموية، مسهمًا في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي ومتطلبات التنمية، ورافدًا أساسيًا لدعم جهود التنمية المحلية، باعتباره قطاعًا ثالثًا مكملًا للقطاعين العام والخاص.

ويوضح مبارك بن خميس الحمداني باحث في علم الاجتماع والسياسات العامة في الحوار التالي ماهية الاقتصاد الاجتماعي، وأشكاله المختلفة، وأهميته ويناقش الفرص المتاحة لتفعيل هذا النوع من الاقتصاد في سلطنة عمان، ومدى إمكانية استثماره لدعم المجتمعات المحلية، وتعزيز التكافل الاجتماعي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية بأساليب مستدامة تعتمد على رأس المال الاجتماعي والتضامن المجتمعي.

ويضيف الحمداني أن الاقتصاد الاجتماعي كمصطلح هو حديث العهد في المناقشات العمومية، ولكنه قديم العهد على مستوى الممارسات والتنظيم، وأنه يسعى لتحقيق أهداف اجتماعية على حساب الربح المادي المباشر. مؤكدًا أن هذا النوع من الاقتصاد لا يعني بالضرورة التخلي عن الأرباح، لكنه يجعلها وسيلة لتحقيق أهداف أسمى مثل حل المشكلات الاجتماعية، ودعم الفئات ذات الاحتياج، وتنمية المجتمع، وتقديم خدمات اجتماعية ميسرة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الاقتصاد يتميز بإعادة استثمار الأرباح وضخها في الدورة الاجتماعية، مما يعزز من تأثيره المستدام.

أشكال وتطبيقات

وأوضح الحمداني أن التاريخ شهد أشكالًا متعددة من الممارسات الاقتصادية التي ترتبط بمفهوم الاقتصاد الاجتماعي، ومن أبرزها التعاونيات، التي لا تقتصر فقط على الجمعيات الاستهلاكية، وإنما هي مفهوم أوسع يجسد كل تنظيم اقتصادي يقوم على تعاون بين مجموعة من أفراد المجتمع لخدمة مجتمعاتهم، ومن أمثلتها الجمعيات التعاونية لدعم الزراعة والصيد، حيث لا يقتصر الدعم فيها على التمويل المالي فقط، بل يشمل توفير التيسيرات، وتخصيص الأراضي، وتوفير المعدات، وبناء القدرات، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للفئات المستهدفة وتحقيق قيمة اقتصادية للمجتمع المحلي والقطاعات المرتبطة به.

إلى جانب التعاونيات، تبرز المؤسسات غير الهادفة للربح كأحد الأشكال الرئيسية للاقتصاد الاجتماعي، حيث تنشط في قطاعات مثل الصحة، والتعليم، ورعاية الأطفال، وبناء القدرات، والعمل الإنساني، وتقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، ورعاية الفئات المحتاجة، مما يجعلها ركيزة أساسية في التنمية الاجتماعية.

اهتمام متزايد

يشير الحمداني إلى أن الاهتمام المتزايد عالميًا بالاقتصاد الاجتماعي يعود إلى خمسة عوامل رئيسية وهي التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، حيث يحقق هذا الاقتصاد معادلة تضمن تحقيق الأرباح دون الإضرار بالمجتمع، والابتكار الاجتماعي، إذ ينبع من احتياجات المجتمع ويسعى لحل المشكلات الاجتماعية بأساليب إبداعية، توظيف التضامن الاجتماعي، عبر تحويل المبادرات الفردية إلى تنظيمات ذات أثر اقتصادي واجتماعي مستدام، بالإضافة إلى التكامل مع العمليات الاقتصادية التقليدية، مما يجعله مسهمًا في نمو الناتج المحلي الاجتماعي، وتحقيق مؤشرات (سوسيو - اقتصادية) اجتماعية واقتصادية مهمة، مثل زيادة معدلات التشغيل، دعم الحرف، وتعزيز القوى المنتجة في المجتمع.

المساهمة الاقتصادية

وبيّن الحمداني أن الاقتصاد الاجتماعي يحقق على المستوى العالمي، مساهمة تتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول، مع نسب أعلى في الاقتصادات الأوروبية المتقدمة، كما استطاع هذا القطاع توظيف حوالي 6.5% من الأيدي العاملة في بعض دول الاتحاد الأوروبي، بينما تشير الدراسات إلى أن بإمكانه استيعاب ما بين 3-5% من القوى العاملة في الدول التي ينشط فيها، وهذا يشكل الأهمية الاقتصادية التي تشترط عدة محكات لضمان تحقيق العوائد المرجوة من هذا الشكل الاقتصادي.

ويرى الحمداني أن نجاح الاقتصاد الاجتماعي يتطلب تحقيق أربعة معايير أساسية كوجود تشريعات وسياسات داعمة، حيث تبنت بعض الدول قوانين خاصة بالاقتصاد التضامني أو الاجتماعي، بينما وضعت دول أخرى سياسات وطنية تحت ذات المسمى، وحددت بعضها بعض المعايير لأنشطة تحت مسمى القطاع الثالث أو القطاع غير الربحي، ويجري عالميًا اليوم تأطير العديد من الاستراتيجيات القُطرية لتنشيط القطاع الثالث باعتباره قطاعا موظفا، ومبتكرا، ومساهما في التنمية الاجتماعية.

وعن ثاني المحركات أشار إلى أهمية وجود تسهيلات وحوافز لهذه المؤسسات التي تنشط في مجال الاقتصاد الاجتماعي كالإعفاءات الضريبية، وتسهيلات الاستثمار، وحصص التدريب للقوى العاملة، مشددًا على ثالث المحركات وهي أهمية الاهتمام ببناء قدرات المؤسسات من ناحية رأس المال البشري، وتحديث الممارسات الإدارية، وإضافة المنظور الاقتصادي والحوكمي لعملياتها، وتدريب العاملين فيها على أسس قيادة وتعظيم العائد من هذا القطاع، بالإضافة إلى نشر الوعي الجمعي لتعزيز ثقافة الاقتصاد الاجتماعي وتشجيع إنشاء مؤسسات قائمة على هذا المفهوم في مختلف القطاعات التنموية.

فرص محلية

وأوضح أنه على المستوى المحلي هناك فرص عديدة يتيحها تنشيط الاقتصاد الاجتماعي في سلطنة عمان أهمها الاستثمار الأمثل في تنظيم موضوع (الجمعيات التعاونية الاستهلاكية)، والتي يمكن أن تسهم في ثلاث فوائد أساسية: أولًا تقديم المنتجات بأسعار ميسورة للمستهلكين في المجتمع المحلي، ودعم المنتجات المحلية وتوفير منصة للأسر المنتجة والمشروعات الناشئة لعرض منتجاتها وكذلك أصحاب الإنتاج المحلي من مزارعين وصيادين ومهتمين بالثروة الزراعية والحيوانية والسمكية والمنتجات المنبثقة منها، وثالثها تحقيق الأمن الاقتصادي في مفهومه الأشمل لحالة الاستهلاك المحلي والأمن الغذائي في مفهوم أضيق للمجتمعات المحلية من خلال توفير حماية من تقلبات الأسواق والأسعار.

وأشار إلى أن هناك فرصا لتحويل بعض الخدمات الحكومية إلى مؤسسات المجتمع المدني مع تمكين هذه المؤسسات وتأهيلها وتنمية قدراتها لتقديم تلك الخدمات بكفاءة عالية وجودة واستدامة وتنافسية، ومن تلك الخدمات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن وتقديم الاستشارات الأسرية والنفسية والقانونية، وبعض الخدمات المرتبطة بالرعاية الصحية الأولية، ويمكن كذلك توسيع نطاق عمل مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي المرتبطة برعاية الموهبة وتنميتها، ويمكِّن رأس المال الاجتماعي الذي يتكئ عليه المجتمع العُماني وحالة التضامن، بالإضافة إلى تمكين اللامركزية والانتقال نحو تنمية نوعية للمجتمعات المحلية كلها روافع يمكن أن تسهم في تحفيز حالة الاقتصاد الاجتماعي.

ممكن للتنمية المحلية

ويوكد الحمداني على أن الاقتصاد الاجتماعي يمكن أن يكون رافدًا أساسيًا لدعم جهود التنمية المحلية، باعتباره قطاعًا ثالثًا مكملًا للقطاعين العام والخاص. ولتحقيق ذلك، لا بد من توافر ثلاثة متطلبات رئيسية مثل تحفيز منظومة السياسات والتشريعات، لتكون داعمة وممكنة لهذا النوع من الاقتصاد، ومحاولة خلق ثقافة الابتكار الاجتماعي، التي تشجع المجتمع على تطوير حلول اقتصادية واجتماعية مبتكرة، بالإضافة إلى إعادة تعريف دور مؤسسات المجتمع المدني، بحيث تتحول إلى مؤسسات قطاع ثالث قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، بدلًا من التركيز على الأدوار التقليدية.

مقالات مشابهة

  • مفاوضات بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تستعرض آفاق التعاون مع بوتان في مشروع GMC
  • السيسي: تعزيز السلام بالشرق الأوسط لن يتحقق إلا بتسوية القضية الفلسطينية
  • على رأسها الولادات المبكرة.. ما أسباب وفيات حديثي الولادة بالشرق الأوسط؟
  • وليد جمال الدين: مصر مركز إقليمي للطاقة الخضراء.. و قناة السويس تقود التحول نحو الهيدروجين الأخضر
  • مشروعات تنموية في الجبل الأخضر بـ 4.5 مليون ريال
  • الاقتصاد الاجتماعي.. رافعة لتمكين التنمية المحلية في سلطنة عمان
  • من أربيل.. وكالة الصحافة الفرنسية تقيم معرضها الفوتوغرافي الأول بالشرق الأوسط
  • غداً.. انطلاق فعاليات أسبوع عُمان للمياه 2025
  • جمهورية الكونغو تسعى لزيادة إنتاج الكهرباء إلى 1500 ميجاوات بحلول عام 2030