إعصار "كوينو" يتجه نحو هونج كونج
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
يتوقع مرصد هونج كونج أن يصل إعصار "كوينو" إلى مسافة 400 كيلومتر، من هونج كونج يوم الجمعة المقبل.
وذكرت صحيفة "ستاندرد" التي تصدر في هونج كونج اليوم الأحد أنه في ظهر اليوم، كان مركز العاصفة الاستوائية "كوينو" ، على بعد حوالي 930 كيلومترا، شرق وشمال شرق مانيلا ومن المتوقع أن تتحرك نحو الشمال الغربي، بسرعة 12 كيلومترا في الساعة، لتعبر المياه شرق الفلبين وتزداد قوتها تدريجيا.
ويتوقع المرصد أن تتحول العاصفة الاستوائية "كوينو" إلى حالة إعصار بعد غد الثلاثاء وإلى إعصار شديد يوم الأربعاء، عندما تكون على مسافة 800 كيلومتر من هونج كونج.
الإعصار يطوق البلادويتوقع المرصد أيضًا أن يطوق الإعصار جنوب هونج كونج من ليلة الجمعة إلى وقت مبكر من صباح السبت.
وكانت إدارة الأرصاد الجوية المركزية في تايوان قد ذكرت في وقت سابق أنه من المتوقع أن تقترب العاصفة الاستوائية "كوينو" إلى أقصى حد من تايوان، في الفترة من الأربعاء حتى الجمعة المقبلين، أثناء مرورها عبر قناة "باشي"، لكن كيفية تأثيرها على الطقس لا يزال غير مؤكد.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم الوطني السعودي 93 هونج كونج هونج كونج هونج کونج
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (5)
سيرة الفلسفة الوضعية (5)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الأولي - علم اللاهوت ((Theology
مراحل علم اللاهوت
اشارة
قد لا يجد الباحث في نشأة وقيام المجتمعات البشرية، وألوان سلوكها، وضروب أفكارها، كبير عناء في اغتناء ثروة قارونية من الأفكار الغريبة والأفعال العجيبة، وكذللك التقاليد المتخلفة المثيرة، والعادات المبكية المضحكة. ومعظمها، ولا ريب، كانت نتاج تفاعل هذا الانسان البسيط مع بيئته الطبيعية التي يسكنها ويعيش فيها.
فقد رأي هذا الانسان القديم من فنون الطبيعة وأمرها العجب العجاب، فجلبت له واليه الحيرة، وأسكنته في كهوف الدهشة والقلق والخوف سنيناً وسنين. وأثارت فيه عدم الاطمئنان وايضاً فقدان التصالح الذاتي، وامتلأت دواخله بالضياع وبالتيهان وبالتخبطات، وسادته روح الخنوع والاستسلام وعدم المقاومة.
وفي خضم كل هذه الغرائب وكل تلك الحيرة، بدأ هذا البدائي في تفسير هذه المخاوف، وكل هذا القلق باختلاق تفسيرات فطيرة تتناغم مع ادراكه الفقير، فنسج الأساطير وصاغ الخرافات، فأبدع في التخيل ايما ابداع، وسرح مع الخيال بعيداً في أعماق الفضاءات، ولكنه لم ينجو.
والآن، نحاول، جنس محاولة، التفريق بين "الأسطورة" وبين "الخرافة"، لأن الانسان غلبه التمييز بينهما، وصعب عليه هذا التفريق، الذي نحن بصدده، بين هذه وبين تلك، وغالباً ما يمزج ويخلط بينهما، ويتناول ويتبادل المفردتين مع الآخرين، الذين من جنسه، بدون أدني اكتراث للفرق الكبير، ويجعل من هذه تلك، ومن تلك هذه. فيتداخل حابل هذه ويتشابك مع نابل تلك، وتطيش الغاية ويغيب المقصد من تلك ومن هذه، والحقيقة تقول بأن غاية الأولي تختلف عن هدف الثانية بالتأكيد، وهكذا.
فالأسطورة دائماً تحيط نفسها بهالة كبيرة من القداسة والقدسية، وبطلها وأبطالها دائماً وأبداً إله أو إلاه او آلهة من الآلهة، وهي لا تربط ذاتها بزمن من الأزمنة، ولا تحبس نفسها في مكان من الأمكنة.
وان كان ميلادها ماضياً، ولكنها حتماً هي حضور دائم في حاضرنا، وكذلك حاضرة بثقة في مستقبلنا، وأهلها أولئك الذين ينتمون الي منبعها الثقافي الأول، يعتقدون اعتقاداً جازماً في صدقها أو في صدق روايتها، ويعتقدون اعتقاداً حاسماً في حقيقتها، ويرون بانها رسالة سرمدية مُرسلة لبني البشر، كل البشر.
وقد قال عنها العلامة فراس السواح في كتابه القيم "الاسطورة والمعني"، تعريفاً: ((ان الأسطورة هي حكاية مقدسة، ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الانسان)).
ومن النماذج البسيطة للأسطورة يتحفنا "فراس السواح" في كتابه الجميل، المذكور سالفاً، بأسطورة "هلاك مدينة أور":
حيث يبدأ هذا النص السومري ببكائية للإله "نتجال"، إلهة مدينة أور، تندب فيها حظ مدينتها التي اتخذت الآلهة قراراً بتدميرها. أقتطف، والكلام للعلامة فراس، من مطلعها الأسطر التالية:
اليوم الذي كنت أخشى، يوم العاصفة
يوم العاصفة ذاك، قد كُتب على وقُدر
هبط على مثقلاً بالدمع
يوم العاصفة ذاك، قد كُتب على وقُدر
هبط على مثقلاً بالدمع، هبط على أنا الملكة
اليوم الذي كنت أرتعد منه، يوم العاصفة
يوم العاصفة ذاك، قد كُتب على وقُدر
هبط على مثقلاً بالدمع
جفا الرقاد وسادتي والأحلام
لأن الأسى المر قد قُدر على أرضي وشعبي
سعيت الي شعبي كما البقرة الي عجلها
فلم أستطيع نشله من الطين
لأن الحزن والأسى قد قُدرا عليها
ستُدمر "أور" فوق أساساتها
ستُفني "أور" في مكانها
حتى لو نشرت جناحي وطرتُ اليها
بعد المرثية الطويلة التي يفتتح بها النص، نجد الإله "نتجال" تسعى يائسة لدفع الكارثة عن مدينتها، وتستجدي مجمع الآلهة الذي انعقد لاتخاذ القرار الحاسم:
ثم توجهت بتصميم الي المجمع قبل انفضاضه
بينما كان آلهة الأنوتاكي * جلوساً يتعاهدون
جرجرت قدمي، فتحت ذراعي
ذرفت الدمع أمام "آن"،
بكيت بحرقة أمام "انليل"،
قلت لهما: عسى أور لا تُدمر،
عسى مدينتي أور لا تُدمر، قلت لهما،
ولكن "آن" لن يعطي دعائي أذاناً،
و"انليل" لم يثلج صدري بكلمة،
بل أصدرا الأوامر بهلاك المدينة،
أصدرا الأمر بهلاك أور،
وسيُفنى أهلها وفق القضاء النافذ.
وهكذا يصدر القرار من مجمع الآلهة بدمار المدينة وهلاك أهلها، ويعهد مجمع الآلهة الي "انليل"، رب العاصفة، بتنفيذ القرار.
وقبل أن يتحرك "انليل" لأداء مهمته، يقوم إله القمر "نانا"، المعبود في مدينة أور، بمحاولة أخيرة من جانبه للدفاع عن المدينة، ويبتهل الي أنليل بدعاء طويل يقتطف السواح العلامة منه بعض ابياته:
أي أبي انليل الذي أنجبني
أي ذنب جنته مدينتي حتى أدرت وجهك عنها؟
أي أبي انليل الذي أنجبني
أنشل مدينتي من وحشتها، ضمها اليك ثانية
أنشل معبدي من عزلته، ضمه اليك ثانية
دع اسمك يعلو في أور مجددا،
دع أهلها يرتعون في حماك مثلما كانوا.
ولكن "انليل" يجيبه بعد أن استمع اليه مطولاً، بأن قرار الآلهة لا رجعه عنه، وان البشر لم يعطوا ميثاقاً باستمرار الأحوال وراحة البال. لم تقترف أور ذنباً ولكن قد حُتم عليها القضاء:
أجاب "أنليل" ابنه قائلاً:
قلب المدينة يبكي، وناي القصب فيها ينوح
شعبها يقضي يومه في العويل والصراخ
أي نانا، أيها النبيل، عد لشأنك،
فإنك لن تقايض بالدمع شيئاً
حُكمنا لا مبدل لكلماته، حكم المجمع.
لقد مُنحت أور سلطاناً ولكنها لم تُمنح دواما
منذ القدم، منذ أن أرسيت البلاد الي يومها هذا،
من رأي منكم مُلكاً باقياً؟
كذا فسلطان أور قد أُجتث وولى.
أما أنت يا نانا، فدع الهم عنك وأهجر البلدا
بعد ذلك يشرع أنليل في مهمته مستخدماً العاصفة، سلاحه التقليدي الرهيب، وذلك في مقطع وصفي طويل يثير في النفس الرهبة والشفقة. وعندما يرفع أنليل غضبه عن المدينة كانت قد تحولت أنقاضاً:
جئت البشر مثل كسرات الجرار
كانت تملأ الطرقات
الجدران المتينة قد تهاوت،
والبوابات العالية والمسالك
قد تكدست فيها الأجداث.
في الشوارع العريضة التي شهدت الأعياد،
وفي المرابع الطلقة التي حفلت بالراقصين
تراكمت جثث الموتى
وملأ دم البلاد آبارها....
أما الخرافة فهي أكثر أنواع الحكاية التقليدية شبهاً بالأسطورة، ولكن، مع شيء قليل وبسيط من إمعان النظر وتدقيقه، فلا بد لنا من اكتشاف الفروق الواضحة والفرق بين النوعين.
دائماً، تعتمد الخرافة على عنصر الإدهاش والتشويق، وهي ثرية بالمبالغات وبالتهويلات، وأحداثها تحتل لها مكاناً هو أقرب الي الخيال منه الي الواقع، وتمتاز بسهولة حركة شخوصها أو شخصياتها بين المستوى الطبيعاني المنظور المريء، والمستوى الثاني وهو فوق الطبيعاني، وتتداخل علاقاتها مع كائنات ما ورائية متعددة ومتنوعة من الجن ومن العفاريت والأرواح الهائمة.
وقد يستضيف مسرح الخرافة بعض الآلهة، ولكنهم هنا يظهرون أشبه بالبشر المتفوقين المميزين، لا كآلهة سامية متعالية كما هو شأنهم في الأسطورة. فالخرافة لا تلبس لبوس القداسة بتاتاً واطلاقاً. ولكن ما يميزهما عن بعضهما البعض هو خيط رفيع ضعيف يُرى أحياناً ولا يُرى أحياناً كثيرة.
وكما ذكرنا أو كما قال السواح بأن الأسطورة تتمتع بالقدسية، وبسلطة عظيمة على عقول الناس ونفوسهم. وان السيطرة التي تمتعت بها الأسطورة في الماضي، لا يدانيها سوى سطوة العلم في العصر الحديث.
أما الخرافة، في الجانب الآخر، فلا قداسة لها أو فيها. وبالرغم من ذلك، فإننا واجدين الحدود بينهما ليست دائماً على ما نشتهي من الوضوح. وقد تشابه بعض الخرافات بعض الأساطير في الشكل وفي المحتوي أيضاً، الي درجة تثير الحيرة والالتباس، فنعجز عن التمييز والتفريق بينهما أي بين النوعين "خرافة وأسطورة"، ولكننا واجدين في معيار القداسة المخرج والحل الحاسم لتسمية الحكاية التقليدية بالخرافة أو لنعتها بالأسطورة.
ويعطينا العلامة السواح أمثلة من الحكايات التقليدية التي تم تصنيفها من قبل الغربيين ووضعوها في خانة الأساطير الاغريقية، بينما يجب وضعها في سلة الخرافات. ومن هذه الأمثلة، الحكايات التي تدور حول الأبطال الخرافيين من الرجال وأنصاف الآلهة، كبيرسيوس وجيسون وثيسيوس. فهذه جميعها حكايات لا تلفها القداسة، ولم يتناولها الاغريق سابقاً كأساطير تحمل رسالة سرمدية من أي نوع من الأنواع لبني البشر.
وإذا نبشنا في تراثنا، وفتشنا عن أمثلة قريبة منا ومن ثقافتنا العربية، لوجدناها في عدد غير قليل من الحكايات التقليدية "كسيف بن ذي يزن" و"الأميرة ذات الهمة"، وعدد محترم ومقدر من حكايات ألف ليلة وليلة.
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
*الأنوتاكي هم آلهة السماء ويقابلهم الايجيجي آلهة الأرض. ولكن الكلمة قد تستعمل للدلالة على جمع الآلهة من النوعين.
bakoor501@yahoo.com