معرض الصقور والصيد السعودي الدولي.. نافذةٌ حيةٌ على التراث والتقاليد التاريخية
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
يمثِّل معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، رافدًا اقتصاديًا وثقافيًا ومنصةً لتعزيز الوعي البيئي، تسعى إلى إيصال رسالة تتمثَّل في المحافظة والتوثيق للتراث والتقاليد التاريخية لثقافة الصيد بالصقور في المملكة، والسعي نحو تطوير المحتوى التعليمي والمعرفي، جنباً إلى جنب مع الاهتمام بموروث الصقارة وهواة تربية الصقور والمهتمين بأسلحة الصيد والرماية، والحفاظ عليها، وتعزيز هذا الإرث التاريخي الضارب في جذوره.
ويعدُّ المعرض الذي يقام سنويًا بمقر نادي الصقور السعودي في بلدة مَلهم شمال مدينة الرياض، فرصةً مهمةً للصقّارين وأصحاب الاهتمام بعالم الصيد والرحلات، ومحفزًا للمستثمرين في مجال الصقور للمشاركة فيه، إضافةً إلى حرص الشركات المتخصصة في أسلحة الصيد بأنواعها للتواجد بصحبة معروضات من معدات الصيد ومستلزماتها.
ويأتي المعرض في إطار سعي نادي الصقور السعودي نحو المُضي في تحقيق رؤيته المتمثلة في أن يكون الرائد الأول بمجال التطوير والإبداع في هواية الصيد بالصقور وتربيتها ورعايتها، وتهيئة بيئة آمنة لهواة الصيد لشراء أسلحة الصيد، من شركات أسلحة رائدة وفّرت في كلِّ نسخةٍ من نُسخ المعرض باقة مختارة من منتجاتها، حظيت بإقبال كبير من هواة الصيد.
كما يفتح معرض الصقور والصيد السعودي الدولي آفاقًا واسعةً في المجال السياحي، إذ بات قِبلةً للزوار من داخل المملكة وخارجها للتعرف علىالإرث الثقافي للصقور، ويتضمن أكثر من 20 جناحاً، مثل مستلزمات (تقنيات الصقور، الأغذية والمنتجات الخاصة بها، معدات التخييم الرحلات البرية والبحرية، أسلحة وأدوات الصيد، منطقة للفنون الحرف اليدوية والنحت (حياكة التراث)، الدراجات النارية والهوائية والمركبات، متحف "شلايل" الرقمي، منطقة الطهي البري، منطقة (صقَّار المستقبل) المخصصة للطفل، معرض الصور الفوتوغرافية، معرض الصقور التشكيلي الحي، جداريات الموزاييك، رحلة الصيد الافتراضي، مساحة الشعر العربي للاستماع للقصائد التي تتمحور حول الصيد والتراث العربي الأصيل، وعروض الألعاب النارية).
وأسهمت أربع نُسخ سابقة من المعرض في إتاحة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب والفتيات، لاستثمار طاقاتهم في مجال الأعمال الموسمية وإكسابهم الخبرات والمعرفة، علاوةً على ربطهم بثقافة أصيلة، حيث يؤكد مهتمون بتربية الصقور ورحلات الصيد أنَّ معرض الصقور والصيد السعودي الدولي أصبح حدثًا مهمًا ينتظره المهتمون ومحبو هذه الثقافة الممتدة، لما يتضمنه من أنشطة وفعاليات مختلفة من خلال أركانه المتعددة التي تجتمع جلَّها في إبراز تاريخ المملكة وأصالتها في مجالات عدة؛ منها الصيد بالصقور.
يشار إلى أن النسخة الخامسة من معرض الصقور والصيد السعودي الدولي تقام خلال الفترة من 5 – 14 أكتوبر المقبل، بحضور نحو 450 عارضاً في مختلف الفئات والمجالات.
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
حكيلي معرض من ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية
بيروت- ما إن تطأ قدمك عتبة "بيت بيروت" المؤلَّف من 3 طوابق في منطقة السوديكو، التي ترمز إلى الحرب الأهلية اللبنانية، حتى تبدأ رحلة عبر الزمن تعود بك 50 عاما إلى الوراء.
وفي الطابق الأول، تشدّك ملامح المكان المحفوظة بعناية، فترى نفسك وقد انتقلت إلى زمن الحرب الأهلية، داخل مبنى كان شاهدا صامتا على أحد أكثر فصول لبنان دموية.
وتصعد الدرج الحجري بخطى بطيئة، يلفّك هواء بارد يحمل في ذراته أصواتا وذكريات، تعيدك إلى الحقبة السوداء. وكل زاوية، وكل حائط، وكل تسجيل صوتي، يعيد سرد تجربة عاشها اللبنانيون بين الخوف والنجاة، واليوم تُنقل إلى الأجيال الجديدة من خلال معرض سمعي بصري مؤثّر.
"حكيلي" معرض تفاعلي افتُتح بمناسبة ذكرى 13 أبريل/نيسان (تاريخ اندلاع الحرب الأهلية عام 1975) ويُقام في "بيت بيروت" (مبنى بركات سابقا) المعروف خلال هذه الحرب كمركز قنص للمارة.
وقد اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 واستمرت حتى 1990، وشكّلت واحدة من أكثر النزاعات دموية وتعقيدًا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
وبدأت الحرب نتيجة تراكمات سياسية وطائفية واجتماعية، في ظل نظام سياسي هش قائم على المحاصصة الطائفية، وقد خلّفت أكثر من 150 ألف قتيل، ومئات آلاف الجرحى والمفقودين، كما تسببت في دمار واسع للبنية التحتية ونزوح داخلي كبير.
إعلانولا يكتفي المعرض بتوثيق الذاكرة، بل يفتح المجال للبنانيين كي يرووا الحرب بلغتهم وطريقتهم، وعبر شهادات حيّة وتجارب شخصية تُحاكي الواقع، وتُحفّز على التأمل والمساءلة.
وفي هذا الفضاء، الذي تحوّل من رمز للموت إلى منصّة للبوح والحياة، يُروى تاريخ الحرب لا من خلال كتب التاريخ بل عبر أصوات الناس وذكرياتهم التي ما تزال تنبض رغم مرور العقود.
وتقول منسقة العلاقات العامة بمعرض "حكيلي" سلمى أبو عساف للجزيرة نت "هدفنا إحياء الذاكرة، لا من باب النبش في الماضي، بل فهم أسباب اندلاع الحرب، وما الذي قادنا إليها؟ وماذا خلّفت من جراح وخسائر لا تزال تنزف فينا؟".
وتضيف "نطلّ من خلال صور ومحطات حيّة من الذاكرة الجماعية اللبنانية على اللحظات التي غيّرت مجرى حياتنا، ومن هذه الإضاءة نستخلص العِبَر".
ولم يكن اختيار المبنى صدفة، فهو -كما تقول سلمى- بل لأنه يحمل آثار الحرب ذاتها، وكان ذات يوم تحفة معمارية فريدة في الشرق الأوسط، لكن المفارقة المؤلمة أن هذا الجمال تحوّل في لحظة إلى أداة قتل.
وتوضح أن هذا المبنى ليس مجرد جدران وأروقة بل ذاكرة نابضة "أردناه شاهدا على ما عاشه اللبنانيون" كي يسترجع كلّ زائر لحظة مرّ بها شخصيّا، أو رواها له والداه أو أجداده "50 عامًا مرّت على الحرب، قد يُقال إنها انتهت، لكنها لا تزال حيّة فينا وبيننا".
وتتابع منسقة العلاقات العامة "في المعرض، لا يكتفي الزائر بمشاهدة الصور بل يسمع الحكايات تُروى بأصوات من عاشوا الحرب وسجّلوها بأنفسهم، هذه التسجيلات تُبثّ في أرجاء المعرض مرفقة بتأثيرات صوتية دقيقة تعيد الزائر لحظة بلحظة إلى زمن الحرب، وكأنّه يعيشها من جديد".
وتؤكد أن المعرض يتجاوز العرض البصري والسمعي ليقدم تجربة ملموسة خاصة أنه يحتوي على مقتنيات أصلية من تلك الحقبة و"لدينا مثلًا عيادة طبيب تركها عند اندلاع الحرب، الطبيب نجا وهرب لكن أدواته وممتلكاته بقيت متجمّدة في الزمن".
وتختم "خصصنا أيضا غرفة تجسد الجدة، تلك التي تروي الحكايات لأحفادها، وهذه الغرفة تنقل أجواء جيل بأكمله، وتفاصيل الأثاث والأدوات تعيد الزائر إلى لحظة شخصية، مألوفة، ومؤثرة من المستحيل أن يدخل أحد هذا المكان دون أن يجد شيئا يشبهه أو يشبه أهله".
تقول فدى البزري عن مشاركتها في المعرض "أشارك ضمن قسم بعنوان (ما بين العوالم) المستوحى من تجربتي في فيلم (خط التماس) حيث أستعيد مشاهد من الحرب اللبنانية كما رأيتها بعيني كطفلة، مستخدمة مجسمات ودمى تتحرك بأسلوب فني تعبيري يعيد تشكيل الذاكرة بطريقة بصرية ووجدانية".
إعلانوتضيف "إلى جانب هذه العناصر يتضمن العمل شهادات حيّة ومقابلات مع مقاتلين سابقين خاضوا الحرب بأنفسهم، أردت لهذا المشروع أن يكون مساحة لحوار بين الذاكرتين الشخصية والجماعية بين ما عشناه فعلا وما لم نتمكن من قوله بعد".
وتتابع فدى "هذه أول مرة أشارك في فعالية تُعنى بإحياء ذكرى الحرب اللبنانية، لطالما شعرت أن الحديث عن تلك الحرب بات أقرب إلى الفلكلور، كأنها قصة بعيدة تُروى من خارج التجربة، رغم أننا ما زلنا نعيش وجوها متجددة من الحروب حتى اليوم".
وتوضح أنها هذا العام شعرت بالحاجة للعودة إلى الماضي لا بدافع الحنين "بل لأننا في لبنان نراكم التجارب تلو التجارب من دون توقف، ومن دون أن نمنح أنفسنا لحظة لنتأمل أو نعبر بصدق عمّا مررنا به".
وتشير إلى أن مشاركتها في هذا المعرض محاولة للتصالح مع الذاكرة، لمنح الألم شكلًا يُروى ويُحكى، بدل أن يبقى مطويًّا في الداخل.
وتروي الحوائط والغرف في المبنى قصصا ممتدة عبر الزمن، وتقول الزائرة فرح كبريت -للجزيرة نت- وهي تتنقل بين أرجاء غرفة "الجدة" إنها عندما دخلت هذه الغرفة "استولى عليّ الفضول لاكتشاف المزيد".
وأضافت أن المعرض لم يركز على التفاصيل الملموسة فقط بل شمل كل شيء حتى الروائح. ففي كل زاوية "كنت أشم رائحة الماضي، وألمس الخزانة التي تحتفظ بأسرارها. وكنت أرى عن قرب ثيابًا وأغراضًا تعود إلى 50 عامًا مضت، كان ذلك شعورًا غريبًا مزيجًا من الحنين والدهشة، وكأن الزمن قد توقف للحظة ليعيد لنا ما فقدناه".
وبدورها ترى الزائرة مريم الحاج أن هناك أهمية كبيرة لهذه التجربة بعد مرور 50 عاما فـ"لا يمكننا أن نتجاهل الحديث عن الحرب الأهلية وما جرى خلالها، أشعر بالسعادة أننا نناقش اليوم هذه الذكريات في ظل ما نعيشه من أحداث، يجب أن نستذكر ما وقع في الماضي لنتعلم منه خاصة ونحن نعيش حربًا أخرى في الوقت الحالي".