وزير النقل: مؤتمر الرياض الاستثنائي يرسم ملامح تطور البريد العالمي
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
افتتح وزير النقل المهندس صالح بن ناصر الجاسر، اليوم، المؤتمر الاستثنائي للاتحاد البريدي العالمي بنسخته الرابعة وسط حضور دولي، وبمشاركة أكثر من 190 دولة حول العالم.
وأعرب المهندس الجاسر، في كلمة له خلال الحفل عن سعادة المملكة باستضافة هذا الحدث المهم، منوهاً باهتمام القيادة الرشيدة الكبير في تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد وتطوير معايير تقديم الخدمات البريدية ودعم التجارة الإلكترونية وتحفيز الاقتصاد الرقمي وتبني أفضل التقنيات المبتكرة في الخدمات البريدية واللوجستية.
وأكد دور رؤية المملكة 2030 في قيادة التحوّل الاستثنائي للصناعة البريدية في المملكة، مشيراً إلى إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في العام 2021، حيث شهدت منظومة النقل والخدمات اللوجستية في جميع قطاعاتها إصلاحات كبرى وقفزات نوعيّة في كفاءتها التشغيلية ومؤشرات أدائها ونمو أعمالها.
Le 4ème #UPUCongress extraordinaire s'ouvre à Riyad avec la participation de @UPU_DG & @SalehAlJasser
Au cours des 5 jours, #UPUEC23 examinera des propositions cruciales visant à accélérer le #DéveloppementPostal à l'échelle mondiale
En direct: https://t.co/oDTXXkL06G pic.twitter.com/4IxwRUOwW0— Union Postale Universelle (@upu_onu) October 1, 2023ترابط قطاع البريد
من جانبه أوضح المدير العام للاتحاد البريدي العالمي، ماساهيكو ميتوكي، أن المؤتمر الاستثنائي الذي تستضيفه المملكة يسعى إلى تعزيز الترابط في قطاع البريد والبحث عن فرص النمو في مختلف المجالات.
وقال "نُقيم هذا المؤتمر الاستثنائي للحديث عن مواضيع محددة وأساسية وجوهرية تتطلب منّا الكثير من المباحثات ومشاركة الأفكار للوصول إلى قرارٍ مشترك في بعض القضايا الإصلاحية للقطاع البريدي ومناقشة ضمّ أعضاءٍ جدد للاتحاد".
وأكد "الجاسر" أهمية مؤتمر الرياض الاستثنائي في خطّ ملامح التطور في الصناعة البريدية العالمية.
تشجيع التعاون بقطاع البريدومن المقرر أن يستمر المؤتمر في الرياض لمدة خمسة أيام من 1 إلى 5 أكتوبر الجاري، حيث يجمع قادة قطاع البريد والخبراء وأصحاب المصلحة من جميع أنحاء العالم، ليكون منصةً تعزز التكامل والمشاركة بين أعضاء الاتحاد لدراسة فرص توسيع العضوية لتشمل عدداً أكبر من الجهات الفاعلة في القطاع البريدي ومعالجة القضايا الملحة التي تواجه منظومة البريد العالمية.
وسيركز المؤتمر على موضوعات محورية مثل، تعزيز التكامل والمشاركة من خلال بناء منظومةٍ بريدية تتوحدّ فيها الجهود لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي وتقديم مفهوم المنظومة البريدية الواحدة وقدرتها على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على نطاق عالمي.
وسيدور الحديث حول إيجاد بيئة تشجع التعاون بين أصحاب المصلحة البريديين لتحقيق فائدة أكبر للمجتمع.
من كلمته الافتتاحية، معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية @SalehAlJasser متحدثاً عن أهمية #مؤتمر_الرياض_الاستثنائي في خطّ ملامح التطور في الصناعة البريدية العالمية. pic.twitter.com/h3l9DCfI8C— وزارة النقل والخدمات اللوجستية (@SaudiTransport) October 1, 2023ويناقش المؤتمر فرص التعاون المشترك لتعزيز القيمة لمستفيدي الخدمات البريدية والشركات والحكومات، ويستعرض التوجهات والآراء والاستراتيجيات المبتكرة لتوظيف التقنيات المتقدمة والحديثة في تطوير الخدمات والمنتجات البريدية وترسيخ نفعها وفائدتها على القطاعات ذات العلاقة.
كما سيبحث المؤتمر في إحداث التغير والتحوّل الجوهري على مختلف الأبعاد والمستويات المرتبطة بتعزيز التنمية والتنوع التي ستسهم في مرونة القطاع البريدي وقدرته على تجسيد مستهدفات ومنطلقات الاستدامة، وستشمل المواضيع المطروحة أوجه وسبل التنمية المستدامة للخدمات البريدية، وتعزيز التنوع داخل القطاع، والتكيّف الفعّال مع الاحتياجات المتجددة للمجتمعات.
ويُعد المؤتمر الاستثنائي الرابع حدثاً مهماً ومحورياً في تاريخ الاتحاد البريدي العالمي، حيث يسعى إلى رسم مستقبلٍ نحو قطاع بريدي أكثر شمولاً وابتكارًا واستدامة، وسيسهم المؤتمر في إعادة تشكيل وتطوير مستقبل الخدمات البريدية وتعزيز نموّه من خلال توظيف التقنيات الحديثة وتعزيز فرص الابتكار، ومناقشة فرص الانضمام للاتحاد لتحقيق مستهدفات التطوّر الاقتصادي واستدامة القطاع البريدي.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم الوطني السعودي 93 واس الرياض وزير النقل المؤتمر الاستثنائي للاتحاد البريدي العالمي مؤتمر البريد الاستثنائي الاتحاد البريدي العالمي المؤتمر الاستثنائی والخدمات اللوجستیة الخدمات البریدیة قطاع البرید
إقرأ أيضاً:
تجمع المهنيين: هل هو حفيد لمؤتمر الخريجين؟
عبد الله علي إبراهيم
(في مناسبة محاضرتي التي سأقدمها اليوم لشباب من الباحثين عن الحركة الوطنية)
كنت نسبت تجمع المهنيين الذي من وراء الحراك الماثل إلى كيانات نقابية ومهنية طبق الأصل سبقته في ثورة أكتوبر 1964 (جبهة الهيئات) وثورة إبريل 1985 (التجمع النقابي). واقترح عليّ أحد أصدقاء صفحتي على الفيسبوك أن اعتبر مؤتمر الخريجين (1938) باكورة هذه الكيانات. ولم "تقع" لي التزكية وقتها. ثم بدت لي وجاهة النسبة بعد إطلاع كثيف نوعاً ما على أدب الفترة: عرفات محمد عبد الله في كتابه "قل هذا سبيلي" وأحمد خير في "كفاح جيل". ووجدت منصور خالد أقربنا إلى استصحاب خبرة المؤتمر وأولنا في شاغلنا السياسي المعاصر في كتابه "حوار مع الصفوة". فخلص فيه إلى ضرورة أن نقع على مخرج سياسي مختلف استناداً لتجربة مؤتمر الخريجين (1938). فهو عنده القدوة من جهة أنه "فكرة تجمع في إطار جبهة أو مؤتمر أو تكتل ذي مبادئ محددة لأمد معقول ولنقل عشر أو سبع سنوات، مبادئ تعالج الوضع الاقتصادي والهيكل السياسي والحريات الأساسية والسياسة الخارجية". وقال إن استرداد هذه القدوة من الثلاثينات ليس عسيراً بالنظر إلى تجربة ميثاق ثورة أكتوبر بالرغم مما خلفته من سوء ظن وفقدان ثقة. ولم يعد منصور إلى فكرة قدوة مؤتمر الخريجين مرة ثانية.
كنت نسبت تجمع المهنيين الذي من وراء الحراك الماثل إلى كيانات نقابية ومهنية طبق الأصل سبقته في ثورة أكتوبر 1964 (جبهة الهيئات) وثورة إبريل 1985 (التجمع النقابي). كان المؤتمر جمعية ضمت الخريجين محدودي العدد بالطبع في زمانه ومن كافة التخصصات بمثابة نقابة ترعى شأنهم في ملابسات الاتفاقية الإنجليزية المصرية في 1936 التي أرادت الإحسان لصفوة السودانيين في خدمة الدولة. وهكذا فهمه الإنجليز، بل وجماعات مرموقة فيه. وهو نقابة في معنى خالف فيه طلائع تنظيم الأفندية السرية السياسة مثل لاتحاد السوداني (1921) التي برز منها خليل فرح واللواء الأبيض (1924). كان المؤتمر جمعية ضمت الخريجين محدودي العدد بالطبع في زمانه ومن كافة التخصصات بمثابة نقابة ترعى شأنهم في ملابسات الاتفاقية الإنجليزية المصرية في 1936 التي أرادت الإحسان لصفوة السودانيين في خدمة الدولة. وهكذا فهمه الإنجليز، بل وجماعات مرموقة فيه. وهو نقابة، ولكنها تشترك جميعاً في أنها منابر لطبقة حضرية جديدة على البلاد حصلت على مكانها بالكسب الحضري لا الإرث كما في طبقة الزعامة الطائفية والعشائرية الريفية. وما قَدمت هذه الطبقة إلى الوجود حتى عشمت في نزع قيادة السودانيين من طبقة الإرث التقليدية. ومن المؤسف أن ساء فهم صراعهما في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين خلال جدل الهوية في العقود الثلاثة الماضية. فحمل مناصرو الهوية الأفريقية استهجان أولئك الزعماء أن يقود البلاد رجل ظنين الأصل مثل علي عبد اللطيف محملاً عرقياً وهو محمل طبقي تلبس العرقية للمواتاة. فأكثر طبقة الأفندية كانت من أصول أولئك الزعماء أنفسهم.
متى قرأت كتاب هاورلد ماكمايكل "السودان الإنجليزي" (1934) بان لك أن المؤتمر كان في نظر المستعمرين تعبيرا عن طبقة حضرية مستجدة على النقيض من جمهرة السودانيين الذين زعمت قيادتهم. وكان كتاب ماكمايكل موضوع نظر دقيق من كل من عرفات في مجلة "الفجر" ومحمد أحمد المحجوب ومحمد عبد الحليم في "موت دنيا". ولهم ردود قيمة على مطاعنه في طبقتهم.
توقف ماكمايكل عند أصل الخريجين وغربتهم عن جمهرة الأهالي. فقال إن التعليم الذي جاء الإنجليز به كانت له نتائجه المضادة. نشأ به جيل جديد في المدينة كَلِف بشراء الملابس الأوربية الرخيصة، والجلوس في القهوة والتحدث في السياسة التي يرضعونها من شطر مصر وصحافتها التي جرأتهم على بريطانيا. وفشا بالنتيجة روح الشعور القومي فأمد القوميين بثقة في النفس بالنهوض بأعباء الحكم الذاتي ثقة لم يقم الدليل عليها آنذاك. فهي روح لا تقيم وزناً كبيراً للتجارب في حكم الأهالي، وتأمين الأمن والسلامة لهم. وهو ما قامت به بريطانيا الحامية القوية. وزاد بأن تلك الروح لا تحسب حساباً كبيراً لمصالح الأهالي ولا رغباتهم. ووصف أولئك الأهالي بأنهم قانعون بترك الأمور تجري مجراها. ويسيرون في وجوه حياتهم العادية دون أن تزعجهم أعاصير الجو السياسي. فظلت وتيرة حياتهم كما هي إلا من شعور بالأمن بفضل بريطانيا بعد ترويع المهدية لهم. فالواحد من الأهالي يزرع ويرعى، ويأتي بماشيته الأسواق، ويبعث بأولاده للمدارس، وتسمع شكاته إذا حاق به ظلم.
ووقفت الإدارة البريطانية بالمرصاد لهذا الكيان الحضري، مؤتمر الخريجين، الذي خرج من اليد. فكانت صرحت به في 1938 لكسب الخريجين بعد جفوتها لهم في أعقاب ثورة 1924 التي بدت لهم كجحود ممن علمهم الرماية فلما اشتد ساعده رماه. وأجبرها على ذلك منافستها لمصر. فخشيت إن لم تأذن للأفندية بمساحة للحركة تبعوا مصر زرافات ووحدانا. وتأخر صدام الإنجليز مع المؤتمر حتى 1942 عام تقديم مذكرته التي دعت إلى الحكم الذاتي المتدرج بإشراف بريطانيا ومصر. وهي المذكرة التي رفضها دوقلاس نيوبولد، السكرتير الإداري للحاكم العام، لأنها خارج اختصاص مؤتمر الخريجين "النقابي".
وكانت المذكرة ثمرة ظرف الحرب العالمية الثانية التي خدم المؤتمر فيها جهود الحكومة في الحرب منتظراً الجزاء. علاوة على أمل الحكم الذاتي الذي مناه "عهد الأطلنطي" (1941)، الذي صدر عن الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت ورئيس وزراء بريطانيا ونستون شيرشل، للشعوب المستعمرة متى انتصر الحلفاء على طغاة المحور النازيين. وتولت المذكرة لجنة المؤتمر المنتخبة في 1942 التي اتسمت بهمة كبيرة في العمل السياسي والتنظيمي والاصلاحي حتى وصفها أحمد خير المحامي ك"حكومة شعبية". فبجانب مطلبها للحكم الذاتي في المذكرة عارضت إرسال وحدات سودانية إلى ليبيا بدون إذن السودانيين. وفتحت المدراس، ورصدت جوائز للطلاب المتفوقين، ونظمت مباريات للمدارس الأهلية التي أنشأها المؤتمر، وكونت شركة مع بعض الرأسماليين. فرفعت سمعة المؤتمر حتى ارتفعت عضويته من 1400 قبل 1942 إلى 5820.
وارتعدت فرائص الاستعمار من المؤتمر الذي صار أمل الأمة. وهدته الحيلة لتكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان في 1943 كبؤرة تضم أهل الولاء الطويل له في القوى التقليدية في الطوائف وزعماء العشائر، فوضع بيدهم المجلس أداة لجذب السودانيين بعيداً عن المؤتمر. وقاطع المؤتمر ذلك المجلس وقرر فصل كل عضو فيه يقترب منه. وقال أحمد خير في "كفاح جيل" إن المجلس خرج على حال من "هزال الشخصية". فلم يجد ما يناقشه سوى تحريم الخفاض الفرعوني وتعاطي الخمور. وسخر أحمد خير من قرار حظر الخفاض بواسطة جماعة يعلم كل واحد منهم إنه لا قبل له بوقفه في خاصة أهله. واستنقذ الإنجليز أنفسهم من وكسة المجلس الاستشاري بخطة لمجلس آخر أكثر فاعلية هو الجمعية التشريعية (1948). ودفع الإنجليز إليه رغيتهم في احتواء تحركات جماهيرية بين المزارعين (إضراب 1946) وبدء الحركة النقابية في السكة الحدية في 1947. وخشي الإنجليز أن تكون هذه التحركات رصيداً للمؤتمر. وكان للمؤتمر بالفعل جسراً قوياً للحركتين في حين كان هو نفسه في سكرات الموت بعد استيلاء الأشقاء على لجنته التنفيذية في 1946 استيلاء جعله واجهة لهم.
وجدت نفسي بعد وقوفي على تاريخ المؤتمر الذي بين يديّ القارئ أرجح أن يكون المؤتمر هو تجمعنا الأول للمهنيين سبق جبهة الهيئات (1964) والتجمع النقابي (1985). فهو النقابة الأولى علماً بأن النقابة طارئة وهي ماعون تنظيم قوى المدينة الحديثة. فهي وسيلة المدينة وقواها المأجورة في الدواوين والمصانع للتعبير عن مصالحها في الأجور وما اتصل بها. وكثيراً ما ساقها هذا في طريق الثورة للتغيير من قوى "النظام القديم" الذي لم يتصالح بعد مع المدنية كحقيقة ديمغرافية واقتصادية واجتماعية وسياسية وجمالية. فهو ما يزال يراها بعيون ماكمايكل كخميرة عكننة معتزلة الأهالي الذين هم في ناحية وهي في ناحية
ibrahima@missouri.edu