أعاد تجدد الاشتباكات بين كوسوفو ذات الغالبية الألبانية والأقلية الصربية المتمركزة في شمال البلاد، تسليط الضوء على المشاكل العرقية والسياسية المستمرة بالمنطقة، بالرغم من مرور 15 عاما على استقلال بريشتينا عن صربيا، خاصة بعد حشد هذه الأخيرة لقواتها على الحدود.

وبعد سنوات من توقف الاقتتال، اندلعت، الأحد الماضي، مواجهات عنيفة بين شرطة كوسوفو ومجموعة مسلحة صربية، ما أسفر عن  مقتل عنصر من شرطة كوسوفو وثلاثة مسلّحين من الصرب، وتوقيف آخرين متورطين في الهجوم.

وأياما بعد هذا الهجوم، نشرت صربيا قوات مشاة وآليات مدرعة، تشمل دبابات ومدفعية، عند الحدود مع كوسوفو الإقليم الصربي السابق، فيما عبرت بريشتينا عن استعدادها الدفاع على أراضيها.

تاريخ طويل من التوترات 

وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا في عام 2008، في أعقاب حرب دامية بين عامي 1998 و1999 بين القوات الصربية والمتمردين الألبان الذين حاولوا الانفصال آنذاك عن جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية التي انقسمت في عام 2003 إلى صربيا والجبل الأسود.

وكانت الحرب التي دارت في سنوات التسعينيات وانتهت بتدخل من حلف شمال الأطلسي ضد بلغراد، تتويجا لعقود من التوترات العرقية بين الطائفتين الألبانية والصربية في منطقة البلقان.

وبعد مرور أكثر من عشرين عاما، ما يزال السلام القائم في كوسوفو "هشا" بحسب شبكة "سي إن إن"، حيث لا تزال صربيا ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو، كما تتهمها بإثارة أعمال العنف من خلال إساءة معاملة السكان من أصل صربي.

من جهتها، تنظر الأقلية الصربية التي تعيش في المناطق الشمالية لكوسوفو إلى نفسها باعتبارها جزءا من صربيا، وتعتبر بلغراد عاصمتها، وليس بريشتينا.

وعلى نحو متزايد، تطالب هذه الأقلية الصربية التي تمثل أقل من عُشر إجمالي عدد سكان كوسوفو، بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي الذي تتمتع به الأقاليم الشمالية التي تسكنها، وترد في بعض الأحيان بمقاومة عنيفة لتحركات بريشتينا التي تعتبرها مناهضة للصرب، وفقا لرويترز.

خلفيات التصعيد الأخير

وتعود التوترات الاخيرة في شمال كوسوفو إلى أشهر مضت؛ ففي ديسمبر الماضي، أقام صرب شمال كوسوفو عدة حواجز على الطرق وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة، بعد إلقاء القبض على شرطي صربي سابق، بزعم اعتدائه على أفراد شرطة في الخدمة خلال احتجاج، وفقا لرويترز.

كما يثير خلاف يتعلق بلوحات ترخيص السيارات خلافات أيضا، حيث تريد كوسوفو منذ سنوات من الصرب في الشمال أن يغيروا لوحات سياراتهم الصربية، التي يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل الاستقلال، إلى تلك الصادرة عن بريشتينا، ضمن سياستها الرامية إلى بسط سيطرتها على كامل أراضي كوسوفو.

وفي يوليو الماضي، أعلنت بريشتينا مهلة شهرين لتبديل اللوحات، مما أثار اضطرابات، قبل أن توافق لاحقا على تأجيل موعد التنفيذ إلى نهاية 2023.

واحتجاجا على التحول الوشيك، استقال رؤساء بلديات من العرق الصربي في الشمال، بالإضافة إلى قضاة و600 فرد شرطة هناك، في نوفمبر من العام الماضي، مما أحدث خللا في عمل المؤسسات وأثار فوضى في المنطقة.

وعادت التوترات لتتصاعد في مايو الماضي، بعد قرار رئيس الوزراء، ألبين كورتي، تعيين أربعة من الألبان على رأس مجالس محلية في أربع بلدات تقطنها غالبية من الصرب، بعدما قاطع هؤلاء الانتخابات التي أجريت في مناطقهم.

وأعقب القرار تظاهرات للأقلية الصربية، بينما قامت بلغراد بتوقيف ثلاثة من عناصر شرطة كوسوفو.

ووقعت صدامات بين الأخيرة ومتظاهرين من الصرب أثاروا أعمال شغب شهدت إصابة العشرات من قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي.

والأحد الماضي، تجددت الاشتباكات جديدة بين شرطة كوسوفو ونحو 30 صربيا مدججين بالسلاح اجتاحوا قرية بانيسكا في كوسوفو، وتحصنوا في دير أرثوذكسي صربي. وقُتل ثلاثة من المهاجمين وضابط شرطة.

تطورات جديدة

وأتت اشتباكات الأحد الماضي، بعد نحو أسبوع من فشل الجولة الأخيرة من مباحثات بين مسؤولين كوسوفيين وصرب استضافتها بروكسل بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، في تحقيق اختراق ضمن مسعى يهدف إلى تحسين العلاقات بين الطرفين.

ووجه رئيس كوسوفو، فيوسا، عثماني أصابع الاتهام إلى بلغراد لتحريضها على العنف الذي وقع،  الأحد.

بالمقابل، ينفي الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش هذه المزاعم، قائلا إن صربيا "لن تستفيد من شيء من شأنه أن يعرض موقفها للخطر في ظل المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأوروبي.

والجمعة، قالت الولايات المتحدة، إنها تراقب انتشارا مقلقا للجيش الصربي بطول حدود كوسوفو، مؤكدة أن "هذا الانتشار يزعزع استقرار المنطقة".

وأعرب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، جايك سوليفان، عن قلق الولايات المتحدة من نشر صربيا لتعزيزات عسكرية قرب حدود كوسوفو خلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء كوسوفو، البين كورتي.

وشدد سوليفان على استعداد واشنطن للعمل مع حلفائها لضمان حصول قوات حفظ السلام في كوسوفو التابعة للناتو على الموارد الضرورية لأداء مهامها، وفق بيان لـ"البيت الأبيض".

وأكد المسؤول الأميركي أن الحوار بين كوسوفو وصربيا برعاية الاتحاد الأوروبي هو الحل الوحيد لضمان الاستقرار في كوسوفو على المدى الطويل.

وطالبت كوسوفو، السبت، صربيا بسحب قواتها من الحدود المشتركة بينهما قائلة إنها مستعدة لحماية وحدة أراضيها.

وقالت حكومة كوسوفو في بيان "ندعو الرئيس فوتشيتش ومؤسسات صربيا إلى سحب جميع قواتها فورا من الحدود مع كوسوفو".

وأضافت "نشر قوات صربية بطول الحدود مع كوسوفو هو الخطوة المقبلة من صربيا لتهديد وحدة أراضي بلادنا".

بالمقابل، قال الرئيس الصربي،  بحسب صحيفة "فايننشال تايمز "، إنه لا يعتزم إصدار أمر لقواته بعبور الحدود إلى كوسوفو، لأن تصعيد الصراع من شأنه الإضرار بتطلعات بلجراد إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وأضاف فوتشيتش أن تحذيرات واشنطن الأخيرة "غير متناسبة مع انخفاض عدد القوات الصربية على الأرض"، مشيرا  "في العام الماضي كان لدينا 14 ألف رجل بالقرب من الخط الإداري، واليوم لدينا 7500 وسنخفض هذا العدد إلى 4000".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی شرطة کوسوفو فی کوسوفو

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يعتبر كوسوفو خاسرة أمام رومانيا رغم تعرضها للعنصرية

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) الاربعاء، اعتبارا منتخب كوسوفو خاسرا مباراته ضد رومانيا بنتيجة 0-3 ضمن دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم بعد رفض لاعبوها إكمال المباراة بعد أن هتف مشجعو أصحاب الأرض بإسم صربيا.

وقال الاتحاد القاري في بيان بان الاتحاد الكوسوفي "يعتبر مسؤولا عن عدم إكمال المباراة" وبالتالي اعتبره خاسرا 0-3.

وبهذه النتيجة، تأهلت رومانيا إلى المستوى الثاني في المسابقة متصدرة المجموعة، في حين يتعين على كوسوفو خوض الملحق كونها أنهت مبارياتها في المركز الثاني.

وغادر لاعبو كوسوفو أرض الملعب بعد الهتافات، ليوقف الحكم المباراة وكانت النتيجة 0-0.

واللافت أن "الويفا" تجاهل "عنصرية" الهتافات الرومانية، والتي تذكر الكوسوفيين بمجازر الصرب بحقهم.

استمر العداء بين كوسوفو وصربيا منذ الحرب بين القوات الصربية والمتمردين الألبان العرقيين في أواخر التسعينيات.

ولا يلعب المنتخبان الكوسوفي والصربي مع بعضهما البعض في بطولات الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) أو الاتحاد الدولي (فيفا).

وفتح فيفا إجراءات تأديبية بحق صربيا خلال كأس العالم 2022 في قطر، بعد أن علّق المنتخب علما في غرفة الملابس يصوّر كوسوفو كجزء من صربيا.

وانضمت كوسوفو إلى فيفا وويفا عام 2016.

وكانت مباراة الذهاب بين كوسوفو رومانيا في بريشتينا انتهت بفوز الأخيرة بثلاثة أهداف نظيفة.

UEFA decisions for Romania-Kosovo:

- Romania awarded a 3:0 forfeit win.
- €6,000 fine for FFK.
- €118,000 fine for Romania (xenophobic chants vs. Hungary, anthem disrespect, political messages, lasers, blocked stairs).
- Romania to play one match behind closed doors. pic.twitter.com/DmSXOkvh9K

— Kosovo Football ???????? (@FootballKosovo) November 20, 2024

مقالات مشابهة

  • قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
  • الاتحاد الأوروبي يعتبر كوسوفو خاسرة أمام رومانيا رغم تعرضها للعنصرية
  • التلفزيون المصري.. تاريخ طويل من الريادة الإعلامية في المنطقة العربية على مدى 64 عاما
  • التلفزيون المصري.. تاريخ طويل من الريادة الإعلامية بالمنطقة على مدى 64 عاما
  • دراسة: الجلوس لوقت طويل مرتبط بأمراض القلب حتى لو مارست الرياضة
  • بوريطة يستقبل رئيسة برلمان صربيا
  • اعتماد فوز رومانيا على كوسوفو بدوري الأمم الأوروبية
  • "يويفا" يعتبر منتخب رومانيا فائزاً أمام كوسوفو
  • «يويفا» يصفع رومانيا وكوسوفو بغرامات مالية ضخمة
  • الحضور الإسفيري ومواجهة التحديات الإعلامية والسياسية