عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، رواه الترمذي حديث حسن صحيح.

أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس أن ما كتبه الله فقد انتهى والصحف جفت من المداد ولم يبقى مراجعة، فما أصابك هو مقدر لك.

أى يا غلام احفظ الله، وذلك بحفظ شرعه ودينه بأن تمتثل لأوامره وتجتب نواهيه وأن تتعلم من دينه ومن شريعته ما تقوم به عباداتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله لأن كل هذا من حفظ الله.

قصة عجيبة لشجرة استظل تحتها سيدنا محمد "ﷺ" وباقية ليومنا هذا وصفة نبوية تخلي أولادك يصحوا للمدرسة بكل نشاط كل يوم من غير خناق

فالله تعالى ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه ولكن المراد حفظ دينه وشريعته، وهذا القول يدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله في بدنه وماله وأهله ودينه، وأهم الأشياء أن يحفظك الله في دينك، وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال.

المقصود من قول النبى: «احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»، وفي لفظ آخر" تجده أمامك" أى تجد الله أمامك يدلك على كل خير ويذود عنك كل شر، ولا سيما إن حفظت الله بالاستعانة به، فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكل عليه كان الله حسبه أي كافيه، ومن كان الله حسبه فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله.

والمراد من قول الرسول: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ»، أي لا تعتمد على أحد من الخلق، فإذا سالت فأسال الله بأن تقول "اللهم ارزقني"، فيأتيه الرزق من حيث لا يحتسب، لكن لو سأل الناس فربما يعطونه أو يمنعونه، والاستعانة طلب العون، فلا تطلب العون من أي إنسان إلا للضرورة القصوى، فإذا اضطر الإنسان إلى الاستعانة بالمخلوق فليجعل ذلك وسيلة وسببا لا ركنا تعتمد عليه، بل اجعل الركن الأصيل هو الله تعالى، وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله، ولهذا تكره المسألة لغير الله في قليل أو كثير.

اعتقاد خاطئ عند سماع قوله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء» بهذه العلامة يعرف النبي محمد أمته يوم القيامة اقتربت الساعة وعلى البشر الاستعداد للقاء الله .. الإفتاء توضح لن تتخيل.. قراءة 3 سور من القصار يجعلك تحصل على 2000 حسنة

والمقصود من قول النبي: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ»، أى أن الأمة لو اجتمعت كلها على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، فإذا وقع منهم نفع لك فاعلم أنه من الله لأنه هو الذي كتبه، وأيضا لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك".

فالإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقا بربه ومتكلا عليه لا يهتم بأحد لأنه يعلم أنهم لو اجتمع كل الخلق على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه، وحينئذ يعلق رجاءه بالله ويعتصم به ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ه الله الله ع على أن

إقرأ أيضاً:

كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم "كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عنْ رعِيَّتِهِ" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كثيرٌ من المشاهدات الحياتية تمر علينا خلال اليوم الواحد ولعلنا لا نلقي بالًا لكثير من هذه المواقف ولا نتمعن فيها باعتبارها مواقف مكررة أصبحت مألوفة في وقتنا الحاضر، ومع تسارع رتم الحياة نجدنا في كثير من الأحيان غير مبالين حتى لمجرد بذل محاولة في فهم السلوك البشري الذي اختلف كليًا عن السابق مع طغيان المدنية وسيطرتها على حياتنا بشكل شبه كامل جعلتنا أقرب للآلات منَّا للبشر الذين يشعرون ويعانون ويتعاطفون ويلقون بالهم للآخرين.

ترى شابًا يخرج للتنزه في مكان عام مرتديًا السروال القصير، وترى فتيات تتعالى ضحكاتهن في أحد الأماكن العامة المكتظة بالناس دون الشعور بالحرج، وآخر يرتدي سلسال في رقبته وأسورة في معصمه، وشاب عند مدخل أحد الجوامع يتقدم في الدخول كبار السن دون أن يُفسِح لهم، ومجموعة أخرى في سيارة يصدر منها صوت أغنية غربية بصوت عالٍ يسمعه كل من في الشارع، وآخرون في وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء ومُعرَّفات مختلفة يُطلقون العنان لأنفسهم ويكتبون عبارات مُسيئة وردود خارج سياق الذوق العام والقيم، وكثير من المشاهد التي انتشرت وأصبحت تؤذي العين والمشاعر في نفس الوقت وتقودنا للتساؤل هل هذا المجتمع يشبه مجتمعنا.

إنَّ ما نراه يُعطي مؤشرات تجعلنا مجبرين للوقوف عليها طويلًا وتجبرنا على مراجعة أنفسنا وطرح عديد الأسئلة في محاولة لفهم أسباب ما يحدث، هل قمنا بدورنا في تنشئة الأجيال الجديدة وفق سياق القيم والأخلاق التي كانت سائدة في مجتمعنا قبل أن تغزو التكنولوجيا الرقمية بيوتنا؟ كم من الوقت نقضيه في محاولة نقل هذه القيم لأبنائنا؟ هل وضعنا محددات للسلوك العام الذي لا يمكن التنازل عنه في تعاملنا معهم؟ هل قمنا بتحديد الخطوط العريضة والحمراء التي لا يجب الاقتراب منها؟

على كل مسلم إدراك أن دوره في الحياة أكبر من فكرة التكاثر؛ بل هي تتعدى ذلك لتصل إلى عمارة الأرض ونشر القيم الحميدة ومكارم الأخلاق وترسيخ مبادئ الإسلام السمحة وإخراج أجيال صالحة تحمل الرسالة وتنقلها للأجيال القادمة، وأن الحفاظ على استمرار الحياة وفق منهج الله تعالى وسننه المثلى لا يتأتى إلا من خلال تحقيق التربية الصحيحة التي تحفظ الأخلاق الفاضلة وتحافظ على القيم والمبادئ وتعظم دور الإنسان في هذا الشأن. دون إغفال ودون تهاون وتخاذل يدفع بالمجتمع لهاوية السقوط القيمي والأخلاقي كما سقطت أمم سابقة واندثرت حضارات كانت في يوم من الأيام رائدة.

كلكم راعٍ.. أوكل الله سبحانه وتعالى إليه مهمة عظيمة عليه أن يؤديها وفق ما شرع الله تعالى وإلا سوف يكون ذلك وبالا عليه يوم القيامة، وسوف يسأل عن رعيته من أسرة أو جماعة أو عاملين أو ممن جعل الله تعالى له عليهم سبيلًا، وأناط إليه مسؤوليتهم في كل جانب من جوانب الحياة، وعلى الإنسان أن يدرك إنما ذلك فضل الله عليه إذا أحسن كان له أجر عظيم وثواب جزيل، وهذا أمر ليس بصعب على من يعرف دوره بشكل سليم ويقوم به على نحو صحيح مستعينا بالله تعالى راجيًا أداء أمانته بكل إخلاص وصدق.

لقد ابتُليت المجتمعات بكثرة الموثرات التي يمكن أن تشكل تحديًا في سبيل الحفاظ على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الاجتماعية الصحيحة، وهذه المؤثرات تتعقد يومًا بعد يوم وتتطور بشكل متسارع، فلم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة قبل عشرون عامًا ولكنها اليوم تؤدي دورًا رئيسيًا في التأثير على المجتمعات وأحد مصادر تشتيت الأجيال وتقويض مساعي التربية القويمة والحفاظ على قيم المجتمع، وفي القريب سوف تضاف تقنيات أكثر صعوبة في الضبط وسوف تصبح هذه التقنيات أهم منابع السلوكيات الخاطئة التي تؤثر على أفراد المجتمع فتجعلهم جاهزين للتأثر واستقبال ما تحمله من أفكار وسلوكيات.

إنَّ مسؤولية الرعاية لا تنحصر في المنزل والعائلة وإنما تشمل كل فرد جعل أمره بين يدي الإنسان من مسؤولية وظيفية أو مسؤولية مجتمعية أيًا كان شكلها، وفي مجال الأسرة يشدد المتخصصون على أهمية معرفة أساليب التربية والتنشئة الصحيحة والإلمام بمبادئ السلوك البشري وكيفية حل مشكلاته وعلى رب الأسرة أن يقضي وقتاً أطول مع أبنائه وأن يكون النموذج الذي يحتذون به فلا يوجد أسلوب للتربية أنجع من التربية بالمُثل والنمذجة والقدوة الحسنة التي ينتقل من خلالها السلوك بكل سلاسة من الآباء إلى الأبناء.

علينا أن نحرص على القيام بدورنا؛ فهذه مسؤولية وأمانة وتأثير عدم القيام بها يتخطى الفرد ليضر المجتمع والوطن والمواطن الذي لا ذنب له سوى أن أحدهم قصر في أداء دوره وترك الحبل على الغارب لينتشر السلوك السيئ في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • تنفيذ حُكم القتل قصاصاً بمواطن قتل زوجته في مكة المكرمة
  • حديث عن عملية برية.. وأميركا تحذر نتانياهو من شن حرب في لبنان
  • الفتوى الإلكترونية: كان للرسول 120 ألف صحابيّ
  • ” الثورة نت” ينشر خِطَابُ قائد الثورة اِلسَّيِّدِ عَبْدِالمَلِكِ بِنْ بَدْرِ الدِّينِ الحُوثِي بمناسبة ذكرى المولد النبوي
  • فضل زيارة مقام النبي عليه السلام وروضته الشريفة
  • إمام مسجد الحسين: ميلاد سيدنا النبي هو أعظم حدث في تاريخ البشرية
  • كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته
  • كم كان عمر الرسول عندما نزل عليه الوحي؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هداية مولده صلى الله وسلم عليه وعلى آله للعالمين