سراقنا يحققون السبق على أقرانهم في بقية البلدان
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
آخر تحديث: 1 أكتوبر 2023 - 1:08 مبقلم:باسل عباس خضير السرقة والفساد وجهان لسلوك مشين ترفضه المجتمعاتوالأديان و نشاطهما لم يتوقف يوما في كل البلدان وهناك من يعتقد إنهما يرتبطان بالطبيعة البشرية حين يتغلب فيها الشر على الخير في النوايا والأفعال ، والسرقة في بلدنا ليست حديثة العهد وجذورها التاريخية تمتد لأمد غير معلوم ومن رموزها ( علي بابا ) الذي كان يطلقه المحتلون على البعض في 2003 وفي مواقف من تاريخ مجتمعنا كانوا يربطون بين الشجاعة والقدرة على السرقات ، والبعض كان يتخذ من السرقة لإثبات شيء ما لنفسه او لسد متطلباته وحاجاتهالأمر الذي يجعل من الكشف عن السراق ميسرا للسلطات ، ولان السرقة تتصل بالشر فإنها غالبا ما تتحول لعادة وإدمانلاسيما حين يفلت السارق من العقاب لمرة ومرات ، فالقوانين السماوية و الوضعية تضع جزاءات وعقوبات وقد خصها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بعدة مواد ووضع لها رادع ليحمي المجتمع من أعمال السراق ، ورغم كل ما قيل ويقال عن السرقات التي وصلت عقوبتها للإعدام إلا إنها لم تنقطع يوما ، وعلى وفق المؤشرات والإحصاءات فإنها تزداد وتتطور كما ونوعا لعدة أسباب أبرزها غياب الضمير وغفلة ( الناطور ) ، ولان السرقة شكلا من أشكال الفساد فان بلدنا قد تفوق في ممارستها من حيث الحجم والسرعة وبات يحتل مرتبة متقدمة عند المقارنة مع بقية البلدان ، وقد كشف مؤشر مدركاتالفساد في العالم (CPI) لعام 2022 الصادر هذا العام إن العراقاحتل المرتبة السابعة عربيا والـ 157 عالميا لأكثر الدول فسادابين 180 دولة مدرجة على قائمة منظمة الشفافية الدولية وهومن البلدان التي لم تحرز أي تقدم يذكر لمعالجة الفساد منذ عام2017 ، وحسب رئيسة منظمة الشفافية الدولية ( ديليا فيريراروبيو) فان الفساد جعل العالم مكاناً أكثر خطورة لأنالحكومات فشلت في إحراز تقدم ضده وممارساته تغذيالارتفاع في العنف والصراع وتعرض الناس للاخطار في كلمكان .
والسرقات الأكثر خطرا على الشعوب تتعلق بالسرقة من المالالعام تحت أي عنوان او مبرر او تبويب فهي ليست سرقة من فرد وإنما من شعب خاصة عندما يكون ذلك المال وسيلة الناس في الحياة ، وهي الأكثر شيوعا عندنا ولا نحتاج لبراهين لإثباتها فالدولة أنفقت أكثر من تريليون دولار خلال 20 سنة وأثرها محدود على التنمية فلا نزال لحد اليوم نحلم بالمترو وقطارات الإنفاق ونفتقر لأبسط المتطلبات من الاحتياجات ومعيشة الكفاف لنسبة مهمة من السكان ، وحسب ما يتم التصريح به علنا فان جزءا مهما من الإنفاق يذهب للسرقات ، وهناك من يسال كيف يمكن أن تستمر السرقات بهذا الحجم الكبير رغم تعدد أجهزة الرقابة والتفتيش ورغم امتلاك العراق لأكبر جهاز إداري في المنطقة والعالم من حيث عدد الموظفين ونسبتهم من السكان ، والجواب لا يحتاج إلى جهد كبير لأنهواضح ومعروف ، وهو إن نمط السرقات الذي يمارس في بلدنا وان كان حاله حال أي فساد في العالم ومكافحته والتصدي له موجود في النوايا وبعض الأفعال وفي الخطب والشعارات والحملات ، إلا إن السرقات عندنا تختلف عن مثيلاتها فالسرقة عندنا ليست جامدة وإنما تتصف بالدينامكية الحرة من حيث القدرة على التغير مع الظروف والمستجدات ، فقد بات بعضها مثل الكائن الحي ينمو ويتكيف وله عيون وأذان و انف و( كرون) كما إن لها ارتباطات وامتدادات لتكون محمية في الملمات ، وسابقا كانت معالم السرقات تغطى بأعمال غسيل الأموال وتهرب أموالها للخارج لتحويلها لمدخرات واستثمارات ، وحين ساءت الأمور في تلك الحاضنات بسبب الازمات التي تعرضت لها الدول او الرصد الدولي أخذت تتحول للداخل ، من خلال توظيف الأموال في أي نشاط سواء المخدرات او شراء العقاراتاو بتحويلها لأراضي وإعادة بنائها او تحويلها لإشكالاستثمارية مدرة للأموال لكسب الإيرادات التشغيلية والتضخم الذي يصنعونه في الأسواق وبفضل تلك الأعمال ( تورمت )أسعار العقارات . وقد يقول البعض إذا كانت الأموال تسرق ويصعب الرقابة عليها ومحاسبة مرتكبيها وإذا كانت معظم السرقات غير قابلة للتحويل الخارجي وباتت توظف باستثمارات في الداخل فلماذا لا نسهل الحال ونجعل من ذلك امتياز يستفاد منه الشعب؟! ، ولعل أصحاب هذا الرأي لا يدركون ما تتركه أموال السرقات من اثار على الأسواق والوضع العام ، فالمشاريع التي تنفذ من قبلهم غالبها استهلاكية ولا تعبر عن الاحتياج الفعلي للسكان وتتجه نحو الربح السريع من باب تغطية التكاليف المرتفعة فاغلب ما ينفذوه بأعلى الأسعار وأحيانا خارج معايير الجدوى والجودة والأمان لكي لا ينافسهم احد ، وحسب رواية احد دلاليالعقارات في مناطق بغداد فان هناك من يتصل به ويبلغه بشراء كل ما يعرض من العقارات وبأي سعر وبما لا يترك مجالا لغيره بالشراء ، كما إن تنفيذ المشاريع يتم سريعا وبشراء الذمم والرشاوى وخارج الضوابط لكي لا تتأخر او تتوقف الأعمال ، والبعض مما ينفذ لا يكون بالأسماء الحقيقية وإنما بأسماءالأقرباء والنسباء او بقية الأشخاص بضمانات ، وان جزءا مما ينفذ لا تذهب إدارته لأصحاب الخبرة والكفاءة والاختصاص وإنما ( للعتاكة ) الذين يديرون الأعمال بجشع وطمع بالمال مما يوقعهم بالأخطاء واغلبها تتم تغطيتها بإغراء غيرهم من صغار السراق بالمال او تخويفهم باسم المالك الحقيقي او تدخله إن تطور الحال ، والأمثلة الواقعية لذلك كثيرة ويتم تداولها من قبل الكثير حين يشيرون لذاك وهذا ولفلان ، وهناك مشاريع انشإتبعدة مليارات وإذا تم حساب العائد على الاستثمار او نقطة التعادل او بأية بوسيلة اقتصادية وعلمية لو جد إنها خاسرة وستبقى كذلك لسنوات ولكن تنفيذها تم لاستنفاذ ما يملكوهولتقليل سيولة الأموال في ظل فقر العمل المصرفي المحلي ، وان مخرجات السراق غالبا ما تنشا ظواهر وحالات اجتماعية ترفع من مستويات الفوارق الاجتماعية وتنمي الغلاء وتزرع اليأسوالإحباط في نفوس الآباء و الأبناء ، و انتشار السيارات الفارهة التي تشترى بعشرات الدفاتر وشيوع الإكسسواراتالباهظة من الساعات والعطور والمقتنيات وازدهار النواديوغيرها من الحالات . ليس هناك حاجة لمزيد من الاسترسال بالموضوع ، فالكثير من أبناء الشعب باتوا يدركون ويلاحظون هذه الأمور وليس بيدهم الحلول ، والبعض من هذه المظاهر باتت تتفاقم وتتفوق على إجراءات معالجتها لأنها تنمو بدرجات ومستويات أعلى من الحلول التي تكرس لها والتي غالبا ما يصطدم بعضها بعقبات في التنفيذ ، وعند النظر والتحليل لأغلب المشاكل والحوادث والحالات التي حصلت في البلاد منذ عقود او سنوات فان مسبباتها وتداعياتها والتغطية عليها تقع ضمن هذه الحدود ، وهي مسالة باتت معروفة ومن الممكن أن تتكرر هنا او هناك كما يمكن أن تتطور وتتعقد وتحقق السبق في كل الاشياء مادام أصل الموضوع بلا حلول .
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
اتفاق كوب29 لا تفي بمطالب الدول النامية
باكو"أ ف ب": انسحبت الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي اليوم من المشاورات مع رئاسة أذربيجان لمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في باكو، احتجاجا على مسودة اتفاق لا تفي بمطالبها للحصول على مساعدات مالية.
وسبب الاستياء مسودة نص نهائي لم ينشرها رسميا منظمو مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، لكنها عرضت على الدول في جلسة مغلقة اليوم .
وفي المشروع تلتزم الدول الغربية (أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا) بزيادة التزاماتها التمويلية للدول النامية من 100 إلى 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2035. لكن ذلك أقل من مطلب الدول النامية التي تطالب بضعف المبلغ على الأقل.
وتغيرت الأجواء بعد أن قاطع ممثلو البلدان النامية اجتماعا مع الرئاسة. وكان من المقرر عقد جلسة ختامية مساء بعد 24 ساعة من انتهاء مؤتمر الأطراف نظريا. لكن المندوبين كانوا يستعدون لليلة ثانية من التمديد من خلال تخزين المواد الغذائية.
وأعلن سيدريك شوستر من ساموا باسم مجموعة الدول الجزرية (Aosis) برفقة ممثل أفقر 45 دولة في العالم "لقد غادرنا.. نعتبر أنه لم يتم الاصغاء إلينا".
وصرح المبعوث الأميركي جون بوديستا "آمل أن تكون العاصفة قبل الهدوء".
و تحاول مسودة الاتفاق التوفيق بين مطالب الدول المتقدمة ولا سيما الاتحاد الأوروبي، ومطالب الدول النامية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال للتكيف مع مناخ أكثر تدميرا يتسبب به حرق البلدان المتطورة للنفط والفحم منذ أكثر من قرن.
وتطالب الدول الغربية منذ أشهر بتوسيع قائمة الأمم المتحدة، التي تعود إلى عام 1992، للدول المسؤولة عن تمويل المناخ، معتبرة أن الصين وسنغافورة ودول الخليج أصبحت أكثر ثراء منذ ذلك الحين.
لكن يبدو أن هذه البلدان حصلت على مرادها: فالمسودة تنص بوضوح على أن مساهماتها المالية ستظل "طوعية".
والجمعة اقترحت الدول الغنية زيادة التزاماتها المالية المخصصة للعمل المناخي إلى 250 مليارا بحلول العام 2035، لكن الدول الفقيرة رفضت ذلك.
ويطالب الأوروبيون بأن يكون هذا الرقم مصحوبا بتقدم آخر في نواح عدة لتسوية نهائية. ويسعى الاتحاد الأوروبي خصوصا إلى أهداف أكثر طموحا للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، لكنه يواجه معارضة من الدول المنتجة للنفط .
وقال أحد المفاوضين الأوروبيين "كان هناك جهد استثنائي من السعوديين حتى لا نحصل على شيء".
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك "لن نسمح بأن تتعرض البلدان الأكثر ضعفا، خصوصا الدول الجزرية الصغيرة، للاحتيال من قبل البلدان القليلة الغنية بالوقود الأحفوري والتي تحظى للأسف بالدعم في هذه المرحلة من الرئاسة" الأذربيجانية للمؤتمر، من دون تحديدها.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي فوبكه هوكسترا "نبذل كل ما في وسعنا لبناء جسور على كل المحاور وتحقيق نجاح. لكن من غير الواضح ما إذا كنا سننجح".
ودعت أكثر من 350 منظمة غير حكومية الدول النامية صباح اليوم للانسحاب من المفاوضات، قائلة إن عدم التوصل إلى اتفاق خير من التوصل إلى اتفاق سيئ.
وهي استراتيجية تتناقض مع الرسالة الطارئة التي وجهتها العديد من البلدان النامية. وشدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي لديه أولويات أخرى لمؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم العام المقبل، على "عدم تأجيل" مهمة باكو حتى عام 2025.
وقال الوزير الايرلندي إيمون ريان لوكالة فرانس برس "علينا أن نعطي الأمل للعالم، وأن نثبت أن التعددية ناجحة".
وقالت بيربوك إن أوروبا تريد "تحمل مسؤولياتها لكن عليها قطع وعود لا يمكنها الوفاء بها".
وتحدد المسودة النهائية بشكل منفصل هدف جمع 1,3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035 للدول النامية.
وسيشمل هذا المبلغ مساهمة قدرها 300 مليار دولار من البلدان المتقدمة ومصادر التمويل الأخرى (المتعددة الأطراف والخاصة والضرائب وبلدان الجنوب الأخرى...).
وقال برلمانيان أميركيان إنهما تعرضا لمضايقات في باكو. وتم اعتقال العديد من نشطاء البيئة الأذربيجانيين.
ورأى ألدن مايير أن لا أحد يريد تعليق مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لاستئنافه لاحقا "لان ذلك سيتطلب العمل لخمسة أشهر أخرى في ظل هذه الرئاسة".