دمشق-سانا

يكتب الأديب غسان حورانية القصة والأجناس الأدبية بانفعال وجداني صادق يعكس من خلالها هموم الإنسان وقضاياه ولا سيما في القصة القصيرة التي تعتبر من أكثر الأجناس قدرة على تصوير الواقع، وذلك بشكل فني يمتلك مكونات القص والأدب.

وفي حديث لـ سانا قال حورانية: إن الثقافة هي الأرضية المشتملة على المعرفة والمعتقدات والأدب والفن، وكل الخبرات الحياتية وهي صفة مكتسبة وقابلة للتطور بشكل مستمر، وأرى أن انفتاح المجتمع أو انعزاله يلعبان دوراً رئيساً في اكتساب المعرفة أو عدمها.

ورأى حورانية أن اكتساب الثقافة يحتاج إلى تفرّغ واستقرار نفسي يؤمنه الاستقرار المادي، وأن عدم الاستقرار هذا يؤثر حتى على المبدعين، فيضعف إنتاجهم، ويشمل تأثيره جميع شرائح المجتمع، فيحرمهم من القراءة والاطلاع والإبداع، وهذا ما نلحظه اليوم في مجتمعاتنا، ما يحتم على الأدباء أن يكونوا أبناء عصرهم، وأن يوظفوا إمكانياتهم الفكرية لخدمة هذا الجيل، في محاولة كتابة نصوص تحاكي الواقع وتقترب من ضمائر الناس.

وأضاف حورانية: إن القصة القصيرة ليست قطعة من الأحداث اليومية، ولا هي حدث عادي يخلو من الفكرة والإثارة، بل يجب أن تحوي القصة في مضمونها على لمعة أو بريق يخطف الأبصار، وأن يكتنفها الإبداع من كل جانب، وأن تنتهي نهاية مفاجئة.

وفيما يتعلق بتوقيت الكتابة أشار الأديب حورانية إلى أن الكاتب المحترف قادر على الكتابة في كل الأوقات، لكن المسألة تتعلق بتقديم الفكرة المناسبة، مبيناً أن أصعب ما في القصة وأهم شيء فيها هو الفكرة، وهي تفرض نفسها أحياناً بلا استئذان، فإن استطاع الكاتب أن يرتب أحداثها وتفاصيلها في مخيلته ترتيباً مناسباً تصبح كتابتها مسألة يسيرة.

وقال حورانية: اطلعت في الفترة الأخيرة على عدة روايات تحاكي الحرب الظالمة على سورية، أذكر منها مثلا، رواية “لا تبكِ يا بلدي الحبيب” للروائي الكبير الدكتور حسن حميد، رواية “المشردون” للأديب منصور حاتم، “أرض الحشر” و”موعد مع الشمس” للروائي محمد الطاهر، وهناك الكثير من الألم ما زال يعتصر قلوب الأدباء في وطننا الحبيب، ويتراكم في مخزونهم الفكري لا بد أنه سيتحول في قادم الأيام إلى قصص وروايات عظيمة.

ورأى الأديب حورانية أن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر على صفحاتها يعد سبباً كبيراً في تفشي تلك الفوضى التي تتحدث عنها، كما أن وجود بعض المنظمات غير المرخصة أو الوهمية، التي تمنح شهادات عالية في الأدب له دور سلبي في تلك الفوضى، والتردي الفكري الملازم لها، وهذه الظواهر أفرزت لنا مجموعة من الشبان المغرورين المتعالين على ما يوجه إليهم من نقد بنّاء لخدمة الأدب، وقد سمعت بعضهم يعرض عن الاستماع إلى آراء كبار النقاد والأدباء، مبررين رفضهم بأن هؤلاء الأدباء قد أكل الدهر عليهم وشرب، وأنه يجب أن يكون للأدب جيل جديد وأفكار جديدة علينا أن نصغي إليها، لكن ذلك لا ينفي وجود أقلام جيدة يسير أصحابها بخطى وئيدة ثابتة في الطريق الصحيح.

وعن دور النقد قال حورانية: أعتقد أن للنقد دوراً أساسياً في رفع شأن الأدب، وأنا لا أريد أن أوجه جل الاتهام إلى النقاد واتهمهم بالتقصير، يجب أن نعترف أن ارتفاع مستوى النقد يكون أحياناً مرتبطاً بارتفاع مستوى النص، وعندما تغيب النصوص الجيدة أو اللافتة للنظر التي تستحق الغوص في تفاصيلها يجد الناقد نفسه مضطراً أحياناً لتلبية رغبات بعض الكتّاب الذين يستجدون المديح.

وأوضح الأديب حورانية أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في إعلاء شأن الحالة الثقافية، وعلى الرغم من البرامج الثقافية العديدة والمنوعة التي تعنى بالشأن الثقافي فإني أعتقد أنه ما زال يقع على عاتق الإعلام مسؤولية البحث عن المبدعين الحقيقيين، وتسليط الضوء على نتاجهم الأدبي، والعمل على تكريم المبرزين منهم، وهذا حق طبيعي لهم، وليس تفضلاً عليهم، فإن الوطن يعرف بمبدعيه، وهذا يسهم في تحفيز الجيل الشاب على اقتناء أعمالهم، ويحفز الأدباء الجدد ذوي الخبرة القليلة أو المتخلفين على رفع وتيرة الإبداع لتحقيق مكانة متقدمة.

وختم حورانية بدعوة الرقابة إلى الاكتفاء بالإشارة إلى الكلمات أو العبارات التي يجدون فيها إساءة لجهة ما، لحذفها أو تصحيحها، بدلاً من رفض النص برمته إن كانت فيه قيمة فكرية، لأننا عند رفضنا لنص يحمل بعض بذور النجاح، فإننا ربما نعيق بذلك تقدّم موهبة لو أتيحت لها الرعاية المناسبة لارتقت عالياً سلم النجاح.

يذكر أن الأديب غسان حورانية عضو اتحاد الكتاب العرب وأمين سر جمعية القصة والرواية وله عدد من المؤلفات في القصة وأدب الأطفال، منها (القناع القط – أكل عشائي) وغيرها وللأطفال (ويبقى الليمون)، ونشر في العديد من الصحف والدوريات المحلية والعربية.

محمد خالد الخضر

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

حلقة التواصل الاجتماعي.. شراكة تؤسس إطارًا وطنيًا لبيئة رقمية آمنة

علي اللواتي : خلفيات فكرية متنوعة تسهم في التوصل إلى حلول مبتكرة

عادل الكندي : تعزيز الهوية الوطنية الرقمية وترسيخ القيم الأخلاقية

أحلام الحضرمية : حلول مبتكرة تضمن الاستخدام الأمثل للمنصات

عواطف اللواتية : مناقشة المرتكزات الأساسية لتحويل التوصيات إلى آليات تنفيذية

تواصل الحلقة التطويرية "نحو إطار وطني للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي"، التي تنظمها وزارة الإعلام بالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، فعالياتها حتى 25 فبراير الجاري، ويناقش المشاركون في الحلقة عددًا من المحاور الاستراتيجية المهمة التي تركز على تعزيز المواطنة الرقمية، وترسيخ الهوية العمانية في الفضاء الرقمي، وتصميم حلول مبتكرة للحد من تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على فئة الناشئة، كما تم التأكيد على أهمية تبني استراتيجيات وطنية شاملة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه الوسائل، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي حول المخاطر الرقمية.

ويواصل المشاركون العمل على تطوير آليات التعاون المشترك مع مختلف الجهات المعنية لتوفير حلول مستدامة تهدف إلى حماية المجتمع من المخاطر الرقمية، وتمكين الشباب والناشئة من التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل آمن وفعّال، مع الحفاظ على الهوية الوطنية في مواجهة التحديات الرقمية الحديثة.

وأكد علي بن محمد اللواتي، اختصاصي أول بدائرة شؤون المنتفعين في هيئة تنظيم الاتصالات، أن الحلقة ركزت على ثلاثة محاور رئيسية تمثلت في تبادل المعرفة، وتعزيز الشراكة، وتوحيد الجهود، مشيرًا إلى أن تبادل المعرفة كان من أبرز نتائج الحلقة، حيث سمح للمشاركين بالاطلاع على خلفيات فكرية متنوعة تسهم في التوصل إلى حلول أكثر كفاءة وابتكارًا.

كما أشار اللواتي إلى أهمية تعزيز الشراكة المؤسسية، لا سيما في مجال مشاركة البيانات والإحصائيات والدراسات، مما يعزز الشفافية ويوفر الوقت.

وفيما يخص توحيد الجهود، أكد اللواتي أن ذلك يسهم في استثمار أكثر لكفاءة الموارد، سواء كانت مالية أو معرفية أو زمنية، مما يضمن تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة والارتقاء بالمخرجات.

من جهته، قال عادل بن محمد الكندي، المدير المساعد بدائرة المواطنة في وزارة التربية والتعليم: إن الوزارة، بالتعاون مع فريق عمل وطني، تعمل حاليًا على إعداد مبادرة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مفاهيم المواطنة الرقمية لدى المتعلمين، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع الفضاء الرقمي بأمان ومسؤولية.

وأوضح الكندي أن المبادرة تهدف إلى إيجاد بيئة ملائمة لتعزيز المواطنة الرقمية بين المتعلمين والأسر، من خلال تطوير إطار عمل شامل بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، وذلك لضمان تكامل الجهود في هذا المجال الحيوي.

وأضاف: "نعمل على بناء إطار مؤسسي متكامل يسهم في توجيه السياسات التعليمية نحو تعزيز الوعي الرقمي بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية المتسارعة، ويساعد الأجيال القادمة على التعامل بكفاءة ومسؤولية مع البيئة الرقمية".

وأشار الكندي إلى أن المبادرة ستُعرض على الجهات المختصة للموافقة عليها تمهيدًا لاعتمادها رسميًا، معربًا عن أمله في أن تحظى بالدعم اللازم من الجهات المعنية، لما لها من دور حيوي في تعزيز الهوية الوطنية الرقمية وترسيخ القيم الأخلاقية في الاستخدام الرقمي.

من جهتها، قالت تهى بنت سعيد العبرية، رئيسة قسم العلاقات التدريبية الداخلية بمركز التدريب الإعلامي بوزارة الإعلام: إن الحلقة التطويرية "نحو إطار وطني للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي" تركز على عدة محاور رئيسية، من أبرزها محور "المواطنة الرقمية"، ويهدف هذا المحور إلى وضع أسس واضحة لتنظيم تفاعل الأسرة والناشئة مع وسائل التواصل الاجتماعي، بما يضمن الاستخدام الآمن والمسؤول، ويحد من المخاطر الناتجة عن الاستخدام غير الواعي لهذه الوسائل.

وأوضحت العبرية أن هذا المحور يسعى إلى تعزيز الوعي المجتمعي بالمواطنة الرقمية، وتطوير مهارات الأفراد في التعامل مع الفضاء الإلكتروني بوعي ومسؤولية، كما يهدف إلى ترسيخ القيم العمانية الأصيلة من خلال توفير محتوى تثقيفي وتعليمي يوجه الأفراد نحو ممارسات رقمية إيجابية، مما يسهم في بناء بيئة إلكترونية آمنة ومتزنة.

وأكدت أن إعداد وثيقة وطنية في هذا الشأن يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز الثقافة الرقمية الآمنة، وضمان تفاعل صحي ومتوازن مع منصات التواصل الاجتماعي، بما يخدم المصلحة العامة ويعزز الهوية الوطنية في العصر الرقمي.

وأكدت أحلام بنت أحمد الحضرميّة، مديرة التواصل والإعلام بهيئة الطيران المدني، أن مشاركة الجهات الحكومية والمعنية في الحلقة تعد خطوة استراتيجية نحو وضع آليات واضحة تضمن الاستخدام الأمثل لهذه المنصات من قبل جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأسر والناشئة، مما يعكس مبدأ الشراكة والتكامل بين المؤسسات الحكومية والجهات ذات العلاقة.

وأشارت الحضرميّة إلى أن مشاركة ممثلين من مختلف القطاعات يعزز النقاش حول هذا الموضوع الوطني الحيوي، مما يحسن من جودة المخرجات التي ستسهم في تحقيق الاستخدام الآمن والمسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي.

وأضافت: "مع الانتشار الواسع لهذه المنصات وإمكانية الوصول إليها من الجميع، يصبح من الضروري تعزيز الوعي المجتمعي بسبل التعامل المسؤول مع المحتوى الرقمي، سواء في إنتاجه أو استهلاكه"، والإطار الوطني المرتقب سيساعد في توجيه السياسات والمعايير اللازمة لضمان بيئة إلكترونية أكثر أمانًا وفعالية.

وفي السياق ذاته، أشادت الحضرميّة بالتفاعل الكبير الذي تشهده الحلقة، والتجاوب الملموس من المشاركين في مناقشة المرتكزات الأساسية، مشيرة إلى أن المبادرات التي ستنبثق عن هذه الحلقة ستسهم في تحويل التوصيات إلى آليات تنفيذية ملموسة، تعود بالنفع على المجتمع بمختلف شرائحه، وتسهم في تحقيق التكامل بين الجهات المعنية في هذا المجال.

وقالت عواطف بنت عبدالحسين اللواتية، الأخصائية الاجتماعية في جمعية الاجتماعيين العمانية: إن مشاركة الجمعية في هذه الحلقة تأتي انطلاقًا من دورها في المجتمع المدني، حيث تمثل الحلقة منصة حوارية مهمة لمناقشة القضايا المجتمعية المتعلقة بالاستخدام الرقمي ووضع حلول عملية لها، كما أن المناقشات تهدف إلى معالجة مشكلة الإدمان الرقمي، خاصة بين الناشئة والأسر، من خلال برامج متخصصة تساعد الأفراد على إعادة التوازن لحياتهم الرقمية، وتقليل الآثار السلبية المرتبطة بالاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي.

واختتمت اللواتية حديثها بالإشارة إلى أن المبادرات الوطنية القائمة تعتمد على البحث العلمي والدراسات الميدانية، وهي خطوة أساسية نحو وضع حلول مستدامة لحماية الأجيال القادمة من التأثيرات السلبية للإدمان الرقمي، وتعزيز التوازن الاجتماعي في المجتمع العماني.

مقالات مشابهة

  • نجوم الفوضى.. من مقاهي الفشل إلى منصات التحريض
  • 5 سنوات حبسا لمتهم روّج فيديو حاملا سيف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض ترهيب السكان
  • نقابة الصحفيين السودانيين تحذر من تزايد حملات التحريض الخطيرة التي تستهدف الصحفيين والصحفيات عبر منصات التواصل الاجتماعي
  • توقيف تيكتوكر بسبب نشر الرذيلة والإلحاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • الحبس سنتين مع الشغل لطالب هدد فتاة على موقع التواصل الاجتماعي بسوهاج
  • متابعة "رابور" بتهمة نشر مضامين مشينة في مواقع التواصل الاجتماعي
  • أمل الأنصاري تكشف طريقة تعاملها مع صديقاتها إذا تغيروا عليها.. فيديو
  • مسلسل لام شمسية يطرح حلولا للحد من استخدام طفلك لمواقع التواصل الاجتماعي
  • حلقة التواصل الاجتماعي.. شراكة تؤسس إطارًا وطنيًا لبيئة رقمية آمنة
  • شاب يهاجم المصلين داخل مسجد بساطور .. فيديو