عريسا الحمدانية يروّيان تفاصيل مأساوية عن الفاجعة: نحن أموات من الداخل
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
السومرية نيوز – محليات
كسر عريس الحمدانية صمته، وتحدث عن الحريق الذي خلف أكثر من 100 شخص، بما في ذلك 15 فردا من أسرته، و10 أفراد من عائلة عروسه. وقال العريس المذهول: "لقد رحل أقاربنا وأصدقاؤنا وأحباؤنا".
وأضاف أنه وعروسه كالأحياء الأموات بعد أن انتهى حفل زفافهما بمأساة حصدت ما لا يقل عن 100 ضيف في حريق ضخم.
وفقدت العروس حنين (18 عاما) عشرة من أفراد عائلتها بينهم والدتها وشقيقها، فيما فقد زوجها ريفان (27 عاما) 15 من أقاربه بعد أن اندلع حريق في حفل زفافهما بمحافظة نيوى مساء الثلاثاء الماضي.
الأحياء الأموات
وقال العريس في حديثه لـ"سكاي نيوز" الإنجليزية: "من الداخل نحن أموات، نحن مخدرون".
وأضاف ريفان أن عروسه "لا تستطيع التحدث" بعد الكارثة التي تركت والدها أيضًا في حالة حرجة.
A bride and groom have told Sky News they are "dead inside" after more than 100 people were killed when a fire broke out at their wedding in Iraq's Nineveh province.
Read more: https://t.co/8Kf68OesS2 pic.twitter.com/6swjKC50hN
وأصيب أكثر من 150 شخصا بسبب النيران والدخان الخانق أو أثناء التدافع للفرار من قاعة الاستقبال التي تحولت إلى حطام متفحم وأكوام من الأثاث الملتوي تحت سقف منهار جزئيا.
وأشار المسؤولون إلى أن الألعاب النارية الداخلية هي السبب المحتمل للحريق الذي أدى إلى تدافع مذعور عند الخروج.
وللعريس ريفان رأي آخر إذ يعتقد أن الحريق بدأ بطريقة ما في السقف وليس نتيجة شرارة انطلقت من الألعاب النارية "قد يكون تماسا كهربائيا لا أعرف، لكنه بدأ في السقف.. شعرنا بالحرارة وعندما سمعت صوت طقطقة نظرت إلى السقف".
ويتابع: "ثم بدأ السقف، الذي كان مصنوعا بالكامل من النايلون، في الذوبان.. ولم يستغرق الأمر سوى ثوانٍ".
ويقول ريفان إنه أثناء الرقص انقطعت الكهرباء، وعندما عادت الكهرباء "رأى نارا" في السقف، وعندها بدأ الناس "بالصراخ" و"الهرب".
وتحدث ريفان عن اللحظات الأولى التي أعقبت اندلاع الحريق وكيف تمكن هو وعروسه، التي لم تكن تستطع المشي بسبب ثوب زفافها، من الفرار خارجا. "أمسكتُ بزوجتي وبدأت في سحبها ومحاولة إخراجها من مدخل المطبخ. وبينما كان الناس يهربون، كانوا يدوسون عليها. وكانت ساقاها مصابتين".
ويشير ريفان إلى أن القاعة لم تكن تحتوي سوى على مطفأة حريق واحدة "لا تعمل". وتعني الكارثة الكثير بالنسبة للعريسين اللذين يؤكدان أنهما لم يعودا قادرين على البقاء في مسقط رأسهما.
مطفأة حريق واحدة "لا تعمل"
وتابع ريفان: "لقد رحل أقاربنا وأصدقاؤنا وأحباؤنا"، لقد قام الزوجان الآن بدفن أعمامهم وعماتهم وأبناء عمومتهم وهم ما زالوا ينتظرون سماع حالة والد حنين".
وقال الزوجان إنهما لن يكونا قادرين على العيش في مدينتهما بعد الآن، وإن سعادتهما "تدمرت".
وفي وصفه لكيفية سير الأحداث، قال إن اثنتين من الألعاب النارية الصغيرة أشعلتا عندما بدأ وعروسه في الرقص، وتلاهما أربع ألعاب نارية أخرى بعد بضع دقائق.
وقال ريفان إن والده طرح أسئلة حول مخاطر تسبب مثل هذه الألعاب النارية في حدوث شرارات يمكن أن "تهبط على ثوب العروس" و"تشتعل فيها النيران"، لكن أصحاب القاعة أخبروهم أن الألعاب النارية كانت كهربائية، لذلك "يمكنك وضع يدك أو حتى البلاستيك عليها ولن يحترق".
عن خسائر العروسين خلال الحادث يؤكد ريفان أن حنين فقدت والدتها واثنين من أعمامها وابنتي عمها، بالإضافة إلى أن والدها لا يزال في حالة حرجة.
"دفنا أحبابنا"
أما هو ففقد عمته، وخسر عمه سبعة من أفراد عائلته، فيما أصيبت أخته وزوجها بحروق.
وقال مارتن إدريس، (19 عاماً)، الذي كان يعمل في المطبخ عندما اندلع الحريق "اعتقدت أنه كان هناك انفجار.. كانت النيران تلتهم القاعة بأكملها".
واضاف: "عندما عدت إلى الداخل، رأيت جثث ثلاثة أطفال متفحمة"، مضيفاً أن "مخارج الطوارئ في المكان أثبتت أنها غير مناسبة لمئات الضيوف الذين يحاولون الهروب".
وأشارت التقارير الأولية ولقطات الفيديو التي لم يتم التحقق منها عبر الإنترنت إلى أن الألعاب النارية أشعلت زخارف السقف قبل أن تبتلع النيران مواد البناء شديدة الاشتعال.
نتائج التحقيق
وكشفت اللجنة المكلفة بالتحقيق بحادثة الحريق الذي اندلع في قاعة "الهيثم" للمناسبات بقضاء الحمدانية في محافظة نينوى، اليوم الاحد (1 تشرين الأوّل 2023)، نتائج تحقيقاتها بشأن الفاجعة، فيما أصدرت اللجنة توصيات عدة لإعفاء عدد من المسؤولين في محافظة نينوى.
وقال رئيس اللجنة التحقيقية بشأن حادثة الحمدانية وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في مؤتمر صحافي عقد بمقر الوزارة لكشف نتائج التحقيق بشأن الحادثة، ان " قاعة الهيثم للمناسبات تتسع لـ500 فقط وتحتوي على كميات سريعة الاشتعال، لافتا إلى وجود أقمشة داخل القاعة ساعدت سرعة على الحريق فضلا عن إن أرضية القاعة أيضاً سريعة الاشتعال".
وأضاف، ان" الحريق سببه مصدر ناري لامس مواد سريعة الاشتعال وتم اخلاء 600 شخص من داخل القاعة، مبينا ان" عدد ضحايا الحريق 107 إضافة إلى 82 جريحًا وهناك مقصرية من اصحاب قاعة العرس". من جانبه أعلن مستشار وزير الداخلية اللواء كاظم بوهان خلال المؤتمر، ان" حادث الحريق كان عرضياً، والألعاب النارية كانت السبب الرئيس للحريق".
بدوره أشار وزير الداخلية عبد الأمير الشمري خلال المؤتمر، إلى" استرجاع محتوى كاميرات المراقبة بعد إلقاء القبض على صاحب القاعة، لافتا الى ان" وجود اجهزة التبريد والمواد المشتعلة وعدم وجود مخارج طوارئ عجل سرعة انتشار النيران".
وأوصت اللجنة التحقيقية خلال المؤتمر، باعتبار ضحايا حادثة الحمدانية شهداء، واعفاء مدير بلدية قضاء الحمدانية، واعفاء مدير شعبة التنصيف السياحي في نينوى، فضلا عن التوصية باعفاء مدير مركز صيانة قضاء الحمدانية، وإعفاء مدير قسم الاطفاء في نينوى ومدير الدفاع المدني وتسجيل مجلس تحقيقي بحقهما".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الألعاب الناریة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب.. رئاسة بلا سياسة وسيارة بلا مقود!
من جماليّات مواقف ترامب على الساحتين الأمريكية والدولية أنه لاعب ولكنه يظن نفسه حَكَما. خرّيج بازار مثقل بأوزار من المصالح ولكنه يتوهم أنه قدّيس منافح عن القيم والفضائل.
ولهذا فلا سبيل لأن يدرك، وهو على هذه الحال من زيف الوعي، أن معظم النتائج لا تتوقف على ما يقرره هو، بل على طريقة تفاعل أو تضارب قرارات رجال السياسة والاقتصاد الآخرين مع قرارته في العاجل والآجل.
ولكن إذا كان هو لا يدرك فالأكيد أن مستشاريه وراسمي سياساته في «مؤسسة التراث» يدركون، بل يعلمون علم اليقين. ذلك أن هذا التلازم بين عقلانية القرارات الفردية المتعددة (أو القرارات الأحادية المتقلبة في حالة ترامب) وعشوائية العواقب الجماعية الناجمة عنها هي من المفارقات الإنسانية الكبرى التي أدى النظر المنهجي فيها، كما ذكرنا السبت الماضي، إلى نشأة «نظرية الألعاب» التي تتخذها العلوم الاجتماعية وسيلة لمحاولة نَمْذَجة الحالات التي يؤدي تفاعل المواقف الكثيرة أو تضارب المصالح المتنوعة فيها إلى نتائج غير مقصودة، ناهيك عن أن تكون محسوبة.
مسلك ترامب ليس عقلانيا. لهذا لم يعد موقف سويسرا بأي أثر إيجابي على اقتصادها
فلا عجب إذن أن يرى بعض الباحثين الأوروبيين أن ترامب دخل ملعب نظرية الألعاب هذه لاعبا هاويا تُعوِزه مهاراتُ المحترفين لأن الفوضى الناجمة عن الحرب التجارية التي شنها قد أنزلت بكثير من الدول محنةَ ما تسميه نظرية الألعاب هذه بـ«معضلة السجين». إنها معضلة شخصين معتقلين كل على حدة: يمكن لكل منهما أن يلتزم الصمت (التعاون) أو لأحدهما أن يشي بالآخر (الخيانة). إذا صمت كلاهما كانت العقوبة خفيفة، وإذا وشى كل منهما بالآخر كانت العقوبة ثقيلة على كليهما. أما إذا صمت أحدهما وتكلم الثاني، فإن العقوبة الثقيلة ستكون من نصيب الصامت والخفيفة من نصيب الواشي.
وهذه، كما ترى، معضلة محيرة لأن التزام أي طرف فيها بالتعاون (الصمت) إنما ينطوي على خطر وقوعه ضحية لخيانة (كلام) الآخرين. إلا أنه يمكن لهذا الخطر، حسب خبير نظرية الألعاب روبرت أكسلرود، أن يتناقص إذا طال زمن المعضلة، أي إذا ظلت اللعبة ُتلعب مرارا وتكرارا. ذلك أن التكرار يغير منطق اللعبة تغييرا كاملا لأنه يسمح للّاعب بأخذ الماضي في الحسبان وتذكّر الخيارات السابقة لشركائه، أو أعدائه، وتعديل سلوكه على هذا الأساس. وهكذا يمكن للتعاون أن ينشأ ويسود بين أفراد عقلانيين حتى في الحالات التي يكون إغراء الخيانة فيها قويا.
ولكن مسلك ترامب ليس عقلانيا. لهذا لم يعد موقف سويسرا بأي أثر إيجابي على اقتصادها رغم أنها قررت التعاون الكامل وغير المشروط مع ترامب لما آثرت عدم اتخاذ أي إجراء انتقامي بعد أن فرض عليها تعرفة جمركية بنسبة 32 بالمائة. لهذا يرى أكسلرود أن إدارة الخد الأيسر خطأ جسيم. فما الموقف الأنسب عنده إذن؟ إنه القصاص! أي نعم! ذلك أن هذا الموقف البشري الفطري، العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، يمثل استراتيجية ناجحة في جميع حالات معضلة السجين. فالقصاص موقف يتسم بوضوح تام يمكّن كل طرف من التوقع الصائب لرد فعل الأطراف الأخرى. كما أنه يلتزم تناسُبيّة راديكالية لا بديل عنها لإقناع مختلف الأطراف بجدوى الكف عن التصعيد والثبات على مواقف تعاونية على المدى البعيد.
ولكن خصوصية الحالة الترامبية، بما تحمله من مفاجآت وتقلبات، تقلل من القدرة التفسيرية لمعضلة السجين لترجّح، في المقابل، كفة ما تسميه نظرية الألعاب «لعبة الدجاجة» (أو لعبة الصقور والحمائم أو صراع الإرادات). وأشهر أمثلتها سباق بين سيارتين في اتجاهين متعاكسين تهجم فيه كل سيارة نحو الأخرى بأقصى سرعة، والذي يكبح أولا (بسبب الخوف) هو الذي يخسر السباق ويفقد ماء الوجه.
النتيجة: إذا لم يقرر أي من السائقيْن حرف مسار السيارة أو الضغط على الكابح فإن كليهما يهلك، ولا مجال لتكرار اللعب. فكيف السبيل إلى الفوز؟ يجيب الاقتصادي توماس شلنغ بأنه لا حاجة بك إلى الذكاء أو المكر، بل يكفي أن تنزع مقود السيارة وتلوح به! ذلك أن المنافس إذا رأى أنك لم تعد مسيطرا على سيارتك فإنه لن يجد بدا من الدوس على الكابح. وهكذا، فالذي يتمكن من إقناع الآخرين بأنه لن يغير مساره هو الذي يفوز حتى لو لم يَجُرّ فوزه إلا بلاء وخرابا. وهذه بالضبط هي لعبة النزق التي أراد ترامب بادئ الأمر فرضها على بقية العالم، ولكن سوء عمله لم يمهله فعادت تتقاذفه أمواج التردد والتقلب.
المصدر: القدس العربي