صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-23@00:29:08 GMT

ما جدوى العقوبات الأميركية…؟

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

ما جدوى العقوبات الأميركية…؟

 

ما جدوى العقوبات الأميركية…؟

د. فيصل محمد صالح

أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، والمعروف باسم «أوفاك» فرض عقوبات جديدة على شخص الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي، وشركتين تتبعان قوات «الدعم السريع»، لدورهم في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان.

ويعد هذا هو القرار الثالث منذ بدء الحرب، إذ فُرضت عقوبات على شركات تتبع «الدعم السريع»، وفي مرة ثانية اتجهت العقوبات نحو الرجل الثاني في الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات «الدعم السريع» وشقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي».

في تبرير أسباب اتخاذ هذه العقوبات، قال التصريح الصحافي الصادر عن «أوفاك» إن كرتي «قاد الجهود الرامية لعرقلة تقدم السودان نحو التحول الديمقراطي الكامل، بما في ذلك من خلال تقويض الحكومة الانتقالية السابقة التي يقودها المدنيون وعملية الاتفاق الإطاري، الأمر الذي أسهم في اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) في 15 أبريل (نيسان) 2023. ويعمل هو وغيره من الإسلاميين السودانيين المتشددين على عرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) ومعارضة جهود المدنيين السودانيين المبذولة لاستعادة التحول الديمقراطي في السودان».

إذن، فقد صُنِّف كرتي لكونه مسؤولاً عن، أو متواطئاً، أو شارك أو حاول الانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان. وقال البيان إن الكيانين المدرجين اليوم هما شركات تابعة لقوات «الدعم السريع» تدر إيرادات من الصراع في السودان وتسهم فيه… وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان إي. نيلسون، إن «إجراء اليوم يحاسب أولئك الذين أضعفوا الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي وديمقراطي في السودان». «سنواصل استهداف الجهات الفاعلة التي تديم هذا الصراع لتحقيق مكاسب شخصية.

أثارت الخطوة كعادتها عدداً من الأسئلة عن أسباب فرض العقوبات، وماذا تعنيه ومدى جدواها، خصوصاً أن السودان، دولة وحكومة وأشخاصاً، له تاريخ طويل مع العقوبات الأميركية.

عرف السودان العقوبات الأميركية على مراحل عدة، كان أولها في بداية التسعينات، حين ظهرت الميول الأصولية لنظام الترابي – البشير، في ذلك الوقت، واحتضانه رموز المتطرفين الإسلاميين من كل دول العالم، وفُرضت العقوبات تحت قوانين مكافحة الإرهاب، وشُددت العقوبات أكثر من مرة بعد عدد من العمليات الإرهابية.

وجاءت الحزمة الثانية من العقوبات بعد تصاعد القتال في دارفور، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وازدياد الانتهاكات بحق السكان المدنيين. وشكلت هذه العقوبات المزدوجة على البلاد حصاراً محكماً، خصوصاً بعد أن فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات مماثلة على الحكومة السودانية. تأثر الاقتصاد السوداني بهذه العقوبات بشكل كبير، وتعطلت بعض القطاعات الاقتصادية والصناعية والخدمية بسبب عدم توافر قطع الغيار، وانقطعت المساعدات الأجنبية المباشرة من الدول الغربية، كما تأثر القطاع المصرفي بشكل كبير بعد تعطل عمليات التجارة الخارجية وتحويلات البنوك الأجنبية.

ويعد علي كرتي من القيادات الفاعلة في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ولعب أدواراً سياسية واقتصادية وأمنية في نظام البشير، وتولى فترة وزارة الخارجية، وهو في الوقت نفسه من أغنى رجال الأعمال في السودان. وقد تولى قيادة التنظيم بعد سقوط النظام، وظل مختفياً فترة طويلة، ثم ظهر في أنشطة سياسية واجتماعية عديدة بعد انقلاب العسكر على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وتدعم العقوبات الأميركية على كرتي المعلومات التي تقول إنه على صلة قوية بالفريق البرهان، ويقود التيار الداعي لاستمرار الحرب ورفض التفاوض.

لكن التساؤل الملح لدى كثير من المتابعين هو ما جدوى هذه العقوبات، وهل تخلق تأثيراً كبيراً على مجريات الأوضاع السياسية في السودان.

الواضح أن التأثير الكبير لهذه القرارات يقع في الجانب السياسي أكثر منه في الاقتصادي، فمن المؤكد أن علي كرتي وبحكم معرفته السياسية، ليست له علاقات أو ارتباطات اقتصادية بمصارف ومصالح اقتصادية أميركية، وبالتالي لن تتأثر مصالحه الاقتصادية والتجارية كثيراً، لكن الرسالة السياسية وراء العقوبات هي المهمة.

الموقف الأميركي هنا يدعم الاتجاه الذي يحمّل الحركة الإسلامية مسؤولية تسميم الأجواء خلال الفترة الانتقالية وتهيئتها لوضع الحرب، ثم تبني الاتجاه الداعي لاستمرار الحرب، وعرقلة كل جهود التفاوض للوصول لحلول سلمية. وإذا كانت مفاوضات منبر جدة في وضع الانطلاق فإن هذه الرسالة تحمل تحذيراً واضحاً للطرف الذي يمكن أن يضع العقبات أمام التفاوض، أو يمارس ضغوطاً على الطرف الحكومي ليمتنع عن المشاركة، وربما يتعدى الأمر ليوصل للطرف الحكومي رسالة تدعو لفض التحالف مع مجموعة كرتي قبل أن تطول العقوبات الجميع.

الوسومأمريكا الإسلاميين الدعم السريع العقوبات علي كرتي فيصل محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا الإسلاميين الدعم السريع العقوبات علي كرتي

إقرأ أيضاً:

السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجا على استضافتها اجتماعا للدعم السريع

استدعت الخارجية السودانية سفيرها لدى كينيا كمال جبارة للتشاور، احتجاجا على استضافة نيروبي اجتماعا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، في حين أكدت كينيا أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها المجموعات في السودان إلى الدول المجاورة لإيجاد حلول لأزماتها.

وقال وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد علي الإعيسر إن "زمن التدخلات الخارجية في الشؤون السودانية انتهى".

وأضاف "نحن فقط كشعب من يحدد مصيره ويصنع قراراته بما يتماشى مع طموحات سودانية وطنية خالصة، بعيدا عن التدخلات الخارجية، ودون إملاءات فتح الأبواب مجددا لمن ساهموا في صناعة الظروف الصعبة التي مر بها بلدنا وشعبنا في الأعوام القليلة الماضية، والتي ما زلنا ندفع فاتورتها غاليا بالدماء والموت والتهجير القسري".

واستنكرت الحكومة السودانية الثلاثاء استضافة كينيا اجتماعا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، واعتبرت ذلك "تشجيعا لتقسيم الدول الأفريقية وخروجا عن قواعد حسن الجوار".

وجاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية بعد ساعات من انعقاد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بعنوان "تحالف السودان التأسيسي" في العاصمة الكينية نيروبي.

إعلان

وشارك في الاجتماع عدد من قادة الحركات المسلحة وقوى سياسية معارضة، بينهم رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، وعبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، ورئيس "الحركة الشعبية- شمال" عبد العزيز الحلو.

ويهدف المؤتمر إلى تشكيل حكومة موازية في السودان، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية مخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

فعالية نظمتها قوات الدعم السريع في كينيا لإعلان حكومة موازية في السودان (رويترز) انتهاك للقانون الدولي

وأعربت الخارجية السودانية -في بيانها- عن أسفها على استضافة كينيا هذا الاجتماع، واصفة ذلك بأنه "تنكّر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي".

وأضافت الوزارة أن الهدف المعلن من الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه خلال الاجتماع هو "إقامة حكومة موازية في جزء من أراضي السودان"، مما يشجع على "تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها الداخلية".

كما انتقدت الوزارة السماح لقيادات قوات الدعم السريع بممارسة النشاط السياسي والدعائي العلني في كينيا، في وقت تُتهم فيه هذه القوات بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في السودان.

وذكر البيان أن قوات الدعم السريع ارتكبت "مجزرة بشعة" خلال الأيام الماضية في قرى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان، راح ضحيتها 433 مدنيا.

وأشارت الخارجية السودانية إلى أن استضافة كينيا قوات الدعم السريع "تشجيع لاستمرار هذه الفظائع والمشاركة فيها". وشددت على أن "خطوة الحكومة الكينية لا تتعارض فقط مع قواعد حسن الجوار، بل تناقض أيضا التعهدات التي قدمتها كينيا على أعلى مستوى بعدم السماح بقيام أنشطة عدائية ضد السودان على أراضيها".

واعتبرت أن هذه الخطوة "إعلان عداء لكل الشعب السوداني"، داعية المجتمع الدولي إلى "إدانة هذا المسلك من الحكومة الكينية".

وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه السودان حربا طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

إعلان

وفي سياق متصل، أشارت الخارجية السودانية إلى أن "هذه التظاهرة الدعائية (اجتماعات نيروبي) لن يكون لها أي أثر على أرض الواقع"، مؤكدة أن القوات المسلحة السودانية، بدعم من الشعب، تواصل تقدمها لتحرير الأراضي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.

الموقف الكيني

في المقابل، قالت الحكومة الكينية إن الأزمة في السودان تتطلب اهتماما إقليميا وعالميا عاجلا.

وأوضحت أنه بفضل دورها كمحرك للسلام في المنطقة وحول العالم، تظل كينيا في طليعة البحث عن حلول للأزمة الإنسانية في السودان، مشيرة إلى أنها "التزمت بتقديم مليوني دولار للمبادرات العالمية والإقليمية للمساهمة في تخفيف الوضع الإنساني الحرج في السودان".

وفي بيان وقّعه موساليا مودافادي، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، قالت كينيا إنها "أرست تاريخا من تسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة من الدول المجاورة والإقليمية، من خلال توفير منصات تفاوضية محايدة أسفرت عن اتفاقيات سلام تم توقيعها في كينيا".

كما أكدت "أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها المجموعات في السودان إلى الدول المجاورة لإيجاد حلول لأزماتها من خلال المساعي الحميدة".

وأشارت إلى أنه "في يناير/كانون الثاني 2024، اجتمعت الأطراف وأصحاب المصلحة في النزاع السوداني في إحدى الدول المجاورة لرسم مسار نحو حوار شامل وعودة إلى الحكم المدني".

وقالت إن "تقديم قوات الدعم السريع والمجموعات المدنية السودانية لخريطة طريق، إضافة إلى القيادة المقترحة في نيروبي، يتماشى مع دور كينيا في الوساطة من أجل السلام، الذي يلزمها بتوفير منصات غير منحازة للأطراف المتنازعة للوصول إلى حلول".

انقسامات سياسية

من جهة أخرى، انقسمت القوى السياسية في السودان بين مؤيدين ومعارضين لتشكيل حكومة موازية. فبينما تدعم قوى سياسية قوات الدعم السريع، ترفض أخرى هذا التوجه بما في ذلك "تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية"، التي كانت تمثل أكبر تحالف مدني معارض بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.

إعلان

وأعلنت التنسيقية، في فبراير/شباط الماضي، رفضها فكرة الحكومة الموازية، مما أدى إلى انقسامها إلى مجموعتين، إحداهما تدعم مؤتمر نيروبي.

وتزامنت اجتماعات المعارضة في كينيا مع تراجع سيطرة قوات الدعم السريع في عدة مناطق لصالح الجيش السوداني، خاصة في ولايات الوسط (الخرطوم والجزيرة) والجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان).

وفي ولاية الخرطوم، التي تضم 3 مدن رئيسية، تمكن الجيش من السيطرة على 90% من مدينة بحري شمالا، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان غربا، و60% من مدينة الخرطوم، في حين لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أحياء شرقي وجنوبي العاصمة.

مقالات مشابهة

  • قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد
  • الدعم السريع تستعد لإعلان ميثاق لتشكيل حكومة موازية بالسودان
  • حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟
  • الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
  • الخرطوم تتهم كينيا بتهديد وحدة السودان بسبب استضافة اجتماعات لقادة الدعم السريع
  • السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجا على استضافتها اجتماعا للدعم السريع
  • حكومة السودان تدخل تعديلات دستورية والدعم السريع يبحث تشكيل حكومة موازية
  • السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجاً على استضافة اجتماعات لقوات الدعم السريع
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
  • هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟