«مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا»، هكذا كان يردد مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فى كثير من المحافل الدولية التى حرص خلالها مُعلم الأجيال على إثبات مدى وطنية الأقباط وترابطهم بهذا البلد وتناغمهم فى الحياة الاجتماعية باعتبارهم نسيجا واحدا لا يفترق.

ولم تكن الشعارات والكلمات الرنانة هى الدليل على محبة بطريرك الأقباط لهذا الوطن، بل كانت هناك مواقف حازمة ولقطات مؤثرة حفظها التاريخ للدور البارز الذى لعبه البابا شنودة فى المشهد السياسى المصرى على مدار عقود.

 

احتفال الكنائس فى ذكرى انتصارات أكتوبر

وعادة ما تدق الكنائس القبطية ظهر يوم 6 أكتوبر سنويًا أجراسها فى ربوع مصر احتفالًا بهذه الذكرى المجيدة التى تعيد إلى الأذهان لمحات تاريخية ومشاهد مؤثرة جسدها بابا الأقباط آنذاك، والذى عرف بقوة مواقفه وحبه الجم لوطنه ولم تقف الكنيسة مكتوفة الأيدى فى هذه الملحمة التاريخية، بل أثبت الأقباط أنهم جزء أصيل فى نسيج هذا البلد وشاركت أبناء الوطن متكاتفون فى العبور من هذه المحنة التى انتصرت فيها مصر بجهود وتلاحم شعبها.

 

مساهمات تاريخية للكنيسة المصرية

لعبت الكنيسة المصرية دورًا كبيرًا فى توفير المساعدات المالية من خلال جمع التبرعات بأوقات القداسات والاجتماعات، كما كلف البابا شنودة قبل إعلان الحرب نيافة الأنبا صموئيل، أسقف الخدمات، ليكون الجسر الذى ينقل خلاله هذه التبرعات إلى وزير الأوقاف وأخذت هذه الخطوة عنوانًا «من الكنائس القبطية إلى الجندى المصرى الباسل»، ووصلت مساعدات الكنيسة خلال الحرب حسبما ذكرت الكتب التاريخية نحو 100 ألف بطانية تم إرسالها لوزارة الشئون الاجتماعية، وما يقرب من 30 ألف جهاز طبى لنقل الدم تم إرساله لوزارة الصحة المصرية.

 

جهود الكنيسة فى دعم المجتمع بالحرب

وحين أعلنت الدولة نبأ اندلاع حرب أكتوبر 1973، عقد البابا اجتماعًا سريعًا بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية شارك فيه الآباء الكهنة فى القاهرة وهدف خلاله مناقشة الدور الرعوى والوطنى خلال أزمة الحرب كما أمر باقامة «صلاة من أجل مصر» تدق أجراسها فى كافة الكنائس القبطية بمختلف المحافظات، وأن يساهموا فى تقديم المساعدات اللازمة للأسر والمواطنين وعرض ما قدمته كل إيبارشية فى تقرير يومى يعرض على قداسة البابا لمتابعة الأمر عن قرب.

وأصدر البابا فور انتهاء هذا الاجتماع عدد من القرارات حول دور الكنيسة الوطنى، ووضعت محاور رئيسية تجب فى أولى اهتمامها بالدفاع المدنى وتدريب الشباب عليه، وجعل من كنيسة مارجرجس بالجيوشى التى تقبع فى منطقة شبرا، مركزًا للدفاع المدنى، وقامت الكنائس بتقديم العظات التى تهدف لتوعية الشعب وتدريبهم على التعامل مع الحرب.

 

الدور العالمى لقداسة البابا

وعمل البابا على تنظيم لجنة خارجية للإعلام تهدف للمخاطبة العالمية وذلك فى محاولة منه لدعم الموقف المصرى العالمى، كما حرص على زيارة المصابين فى المستشفيات العسكرية بصورة دورية عدة مرات ويسجل التاريخ أنه ظل يحافظ على دورية الزيارة وتفقد المصابين بمحافظات مصر لسنوات.

وكانت الكنائس حينها بمثابة البيت الأمن الذى يحتضن حاجة المواطنين فى الحرب، وخصصت أدوارها السفلية من أجل استضافة المصابين وقت الغارات، وفرت كافة الاحتياجات اللازمة المتوفرة لديها بالإسعافات الأولية، وظل البابا يكتب خلال الحرب عدة مقالات حماسية ووطنية يحث فيها الجنود بالصمود أمام العدو، وكان يزور الجبهة عدة مرات لتشجيعهم عن قرب وليطمئنهم عن ما يقومون به من دور جليل.

 

احتفال الكنيسة بذكرى الانتصار الأولى

وبعد الانتصار فى حرب أكتوبر خلال الاحتفال بالذكرى الأولى أقام البابا مؤتمرًا شعبيًا حضره أبناء الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين، بالكنيسة القبطية فى العباسية وأعلن فيها قرار دق أجراس الكنائس بالذكرى السنوية الساعة الثانية ظهرًا فى مختلف الإيبارشيات المصرية، بل أوصى بإقامة قداسات إلهية على جميع شهداء الوطن.

 

البابا فى الجبهة لدعم الجنود

وحينها تم تداول صور لقداسة البابا شنودة الثالث وهو على الجبهة خلال تفقده لأحوال الجنود، بل انتشر حينها خطاباته وتوصياته للوقوف مع الوطن وصلاته من أجل هذا البلد وشعبها والمرور من نفق العتمة إلى نور الانتصار.

ظل البابا يتردد على المستشفيات العسكرية والمدنية، واشتهرت زيارته إلى محافظة السويس يوم الأحد الموافق 24 مارس 1974م، والتى شهدت إقامة القداس الإلهى بكنيسة العذراء وعقبها زيارة الجنود ولقاء القادة المشاركين فى المعركة وزار أسر الشهداء المسلمين والمسيحيين ولم يترك منزلًا حزينًا على فقيده دون مواساته.

 

مساعدات أقباط المهجر فى الأزمة

ويُدون التاريخ الموقف الذى لعبه البابا فى حث وتشجيع الأقباط بالمهجر للمشاركة فى معاونة وطنهم الأم، بل ظل يطالبهم بإرسال المساعدات والأدوية والمعاونات وتوزيعهم على المستشفيات.

* دور الرهبان فى الحرب

كان هناك دور كبير للرهبان والراهبات الأقباط خلال حرب أكتوير، فقد برز دور راهبات «قلب يسوع» بالمستشفيات والعمل الميدانى والتمريض وشهدت مرحلة فريدة اجتمع فيها الأقباط بمختلف الطوائف المسيحية الموجودة فى مصر آنذاك للمشاركة فى هذه المرحلة ومساعدة الوطن فى العبور من مرحلة دقيقة تلاحم فيها أبناء هذا البلد من أجل ترابط وحماية ترابها من الاعتداء، ومن أجل استرداد أراضيها، فى صورة عكست مدى عزم وقوة هذا الشعب وتلاحم أطيافه الذى أعطى للعالم درسًا فى حب الوطن.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكنائس أجراس ذاكرة ذاكرة التاريخ التاريخ المصري حرب اكتوبر الأقباط مصر قداسة البابا البابا شنودة بابا الاسكندرية حرص الكرازة المرقسية البابا شنودة هذا البلد من أجل

إقرأ أيضاً:

41 مختطفا إسرائيليا قتلوا في قطاع غزة منذ بداية حرب أكتوبر 2023

#سواليف

أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”، يوم السبت، بأن 41 مختطفا قتلوا في #الأسر منذ 7 أكتوبر 2023 بعضهم على يد حماس والبعض بنيران إسرائيلية وفي بعض الحالات بسبب غير معروف.

وقالت الصحيفة إن تحليلها استند لتقارير الطب الشرعي والتحقيقات العسكرية في وفاتهم، فضلا عن مقابلات مع أكثر من عشرة جنود ومسؤولين إسرائيليين، ومسؤول إقليمي كبير وسبعة من أقارب #الرهائن.

وذكرت الصحيفة أن الخسائر والأهم من ذلك حجمها، أصبحت محور نقاش محتدم داخل المجتمع الإسرائيلي حول ما إذا كان من الممكن إعادة المزيد من الناس أحياء إذا تم التوصل إلى هدنة في وقت أقرب.

مقالات ذات صلة مدعوون للامتحان التنافسي / أسماء 2025/03/09

وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو أكد منذ فترة طويلة أن القوة العسكرية وحدها هي القادرة على إجبار حماس على تحرير الرهائن، فيما أكد معارضو نتنياهو أنه كلما طالت الحرب زادت احتمالات إعدام الرهائن على يد حماس أو قتلهم في غارات إسرائيلية.

ووفق المصدر ذاته، اكتسبت المناقشة صدى أكبر في الأيام الأخيرة مع احتمال العودة إلى #الحرب منذ انتهاء الهدنة الأخيرة.

وبينت “نيويورك تايمز” أن الحكومة الإسرائيلية قلبت هذه العملية رأسا على عقب مؤخرا باقتراح إطار عمل جديد رفضته حماس على الفور، والذي يدعو إلى تمديد الهدنة لمدة سبعة أسابيع، حيث تفرج الحركة خلال هذه الفترة عن نصف الرهائن الأحياء وتعيد رفات نصف القتلى.

ومن بين الرهائن التسعة والخمسين الذين يُعتقد أنهم ما زالوا محتجزين في غزة، قالت الحكومة الإسرائيلية إن 24 فقط ما زالوا على قيد الحياة.

ومن بين 251 شخصا اختطفوا في أكتوبر 2023 والتي أشعلت الحرب في القطاع، تم تبادل أكثر من 130 شخصا أحياء مقابل معتقلين فلسطينيين كما استعاد الجيش الإسرائيلي جثث أكثر من 40 آخرين تم نقل العديد منهم قتلى إلى غزة أثناء الهجوم فيما سلمت حماس ثماني جثث كجزء من أحدث اتفاق لوقف إطلاق النار.

وبحسب مسؤولين إسرائيليين، قُتل عدد قليل من الرهائن على الأرجح في الأيام الأولى من الحرب، قبل أن يتسنى التوصل إلى هدنة، لكن كثيرين آخرين لقوا حتفهم منذ انهيار وقف إطلاق النار القصير الأول في نوفمبر 2023 واستمر القتال في حرب أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

ورغم أن إسرائيل وحماس اقتربتا من التوصل إلى اتفاق آخر لوقف إطلاق النار في يوليو، فقد انهارت المحادثات واستغرق الأمر خمسة أشهر أخرى للتوصل إلى اتفاق مماثل إلى حد كبير للاتفاق الذي نوقش في الصيف.

ويقول خصوم نتنياهو السياسيون وبعض أقارب الرهائن إن أشهر القتال الإضافي على الرغم من تدهور حماس وحلفائها، أدت إلى مقتل المزيد من الرهائن وفشلت في نهاية المطاف في هزيمة حماس.

وقال يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي حتى نوفمبر 2024 في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي: “كان بإمكاننا استعادة المزيد من الرهائن في وقت سابق وبثمن أقل”.

ورغم أن مكتب نتنياهو رفض التعليق على الأمر، فإنه لطالما ألقى باللوم على حماس في فشل التوصل إلى هدنة، زاعما في المقابل أن الضغط العسكري المستمر حتى تحقيق النصر الكامل، من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الظروف المحددة التي قتل فيها الرهائن، لكنه قال في بيان إنه نفذ العمليات مع اتخاذ العديد من الاحتياطات لحماية الأسرى.

وأضاف البيان أنه “يعرب عن حزنه العميق لكل حادث قتل فيه رهائن أثناء أسرهم ويبذل كل ما في وسعه لمنع مثل هذه الحوادث”، كما قال الجيش إنه يطلع عائلات الرهائن بانتظام على حالة أحبائهم.

وأفاد مسؤولون إسرائيليون والنتائج العامة للتحقيقات العسكرية بأن سبعة رهائن أعدموا على يد خاطفيهم عندما اقترب جنود إسرائيليون، كما لقي أربعة آخرون حتفهم في غارات جوية إسرائيلية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي علنا أن ثلاثة رهائن قتلوا على أيدي جنود إسرائيليين ظنوا أنهم مسلحون فلسطينيون، كما قتل أحدهم برصاصة في تبادل لإطلاق النار.

ولا تزال الظروف المحيطة بمقتل 26 آخرين غير قاطعة.

ويعتقد الكثيرون أن الحكومة كانت مهتمة بمحاربة حماس أكثر من إنقاذ أحبائهم.

#قتلى في #غارات_جوية

عندما ضربت إسرائيل مركز قيادة تحت الأرض لحماس في نوفمبر 2023، قتلت الضربة اثنين من قادة حماس بمن فيهم أحمد الغندور، وهو جنرال في حماس قالت إسرائيل إنه ساعد في تنظيم الهجوم في أكتوبر.

وبعد شهر، اكتشف جنود مشاة إسرائيليون كانوا يجوبون موقع الضربة جثث ثلاثة ضحايا أحدهم إسرائيلي اختطف من مهرجان موسيقي في السابع من أكتوبر، وجنديان تم أسرهما في قاعدة عسكرية قريبة.

وبعد أن خلص الجيش في نهاية المطاف في مارس 2024 إلى أن الغارة الجوية قتلت رهائن، لم يخبر أقاربهم بذلك لعدة أشهر، ثم سمح لأقارب الضحايا برؤية تقرير الطب الشرعي والذي أشار إلى أن الرجال ربما اختنقوا بالغازات السامة.

وسرعان ما بدأت مايان شيرمان والدة أحد الضحايا، حملة عامة للضغط على الجيش للاعتراف بأن الغازات انبعثت خلال انفجار ناجم عن صاروخ إسرائيلي.

ولم يعترف الجيش بمقتل الرجال في إحدى غاراته الجوية إلا في شهر سبتمبر 2024 ولم يكشف عن السبب الدقيق للوفاة.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس يستقبل مجمع كهنة إيبارشية 6 أكتوبر وأسرهم
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل مجمع كهنة إيبارشية 6 أكتوبر وأسرهم
  • الشعب الجمهوري: يوم الشهيد ذكرى عطرة سجلها التاريخ بحروف من نور
  • برلمانية: شهداء مصر رموز خالدة في ذاكرة الوطن ووجدان الأمة
  • الوفد: دماء الشهداء سطرت تاريخًا حافلًا بالبطولات في صفحات التاريخ بأحرف من نور
  • أول من رفض زيارة القدس.. الكنيسة تحيي ذكرى رجل الصلاة «البابا كيرلس السادس»
  • 41 مختطفا إسرائيليا قتلوا في قطاع غزة منذ بداية حرب أكتوبر 2023
  • 54 عاما على رحيله.. الكنيسة القبطية تحيي ذكرى البابا كيرلس السادس
  • بوتين يستحضر التاريخ ويذكّر ماكرون بحملة نابليون على روسيا
  • الكنيسة تحيي ذكرى رحيل البابا كيرلس السادس.. الأحد المقبل