بعد قره باغ.. الأرمن يخشون أذربيجان "الجائعة"
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
بعد اشتباك حدودي قرب قريته تيغه بأرمينيا في أبريل (نيسان) الماضي، قاد جيرام سيارته إلى الحقول، حيث كانت عائلته تمارس الزراعة منذ عقود وتحتفظ بمنحلة صغيرة.
ثد تتجرأ أذربيجان بعد انتصار قره باغ على المطالبة بمزيد من التنازلات
لكنه عندما اقترب من المكان سمع صوت رصاص. كان الأذريون يطلقون النار عليه من مواقعهم الجديدة، في التلال المحيطة.
وهناك أيضاً صمويل هيوسانتس، الذي خسر 70 هكتاراً من القمح، الذي انكبت عائلته على زراعته منذ عقود. ويقول وهو يرتدي ملابس مغبرة، على الطريق التي مر عليها آلاف اللاجئين من قره باغ إلى أرمينيا: "لقد أخذوا كل ما استطاعوا.. هذه القرية تعاني".
“…a revanchist Azerbaijan emboldened by its victory in Nagorno-Karabakh, now eyeing a land corridor to Turkey or even annexing entire regions of what hawks in Baku have begun to call ‘western Azerbaijan.’ In fact, that land is Armenia,” ✍️s @Andrew__Roth https://t.co/kmQWsVYt57
— Simon Maghakyan (@simonforco) September 30, 2023
وتقول صحيفة "غارديان" البريطانية في تحقيق لها عن قره باغ إنه بالكاد يمكن ملاحظة ما حصل في الهجوم الخاطف للقوات الأذربيجانية على الإقليم الانفصالي، حيث قتل المئات وفر عشرات الآلاف، بعدما اقتربت أذربيجان من "إعادة دمج" أراضيها، في عملية يقول الأرمن إنها حملة من التطهير العرقي.
لكن بلدة تيغه تقع في أراضي أرمينيا، وكان حادث أبريل قبل هذه الحرب تمهيداً لسلسلة من الحوادث الحدودية، وقضم الأراضي كمقدمة للجزء التالي من الأزمة: أذربيجان المنتقمة تتطلع الآن بعد انتصارها في قره باغ، إلى ممر بري يربط أراضيها بتركيا، أو حتى ضم أراضٍ بكاملها فيما بدأ الصقور في باكو يصفونه بـ"أذربيجان الغربية"، في إشارة إلى أرمينيا.
وقال ستيفان مايستر، رئيس المركز من أجل النظام والحوكمة في أوروبا الشرقية وروسيا وآسيا الوسطى في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية،: "بداية، كان الأمر كله يتمحور حول قره باغ وتحسين موقعهم التفاوضي، وتهديد وحدة أراضي أرمينيا، من أجل ردعها عن دعم أرمن قره باغ.. الآن وبعد السيطرة على الإقليم، لا يريدون أي اتفاق مع الحكومة الأرمينية. من الممكن أن يندفعوا إلى الأمام والقول، حسناً، لقد أخذنا بعض الأراضي وسنأخذ المزيد منها، أو السيطرة فقط على كامل منطقة سيونيك".
وأضاف: "إنه جزء من النهج المتطرف.. أنت جائع ولا تتوقف عن الأكل، إذا لم يرسم لك أحد خطاً أحمر"، مؤكداً أنه حض الحكومات الغربية على درس فرض عقوبات على باكو.
Benyamin Poghosyan: "“The destruction of Karabakh will allow Azerbaijan to focus all its forces – military, diplomatic, political – in Armenia’s direction,”https://t.co/XMfKERPyxs
— Harry Istepanian (@HarryIstepanian) September 30, 2023
وليست لدى جيرام أية شكوك باندلاع حربٍ أخرى. ويشير إلى التلال القريبة قائلاً: "يمكن رؤية الأذريين وهم يتخذون مواقع هناك، وهنالك الأقوى هو من يفرض القواعد".
بعد خسارة الحرب في 2020، وقّع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان مع أذربيجان اتفاقاً لوقف إطلاق النار برعاية روسيا، ما منح ممراً برياً عبر أرمينيا إلى ناخيتشفان، الجيب الأذري، ومنه إلى تركيا الحليف الأقرب لأذربيجان. والممر الذي يمتد على طول سكة للحديد في جنوب أرمينيا، كان من المفترض أن يحرسه جهاز حرس الحدود الروسي.
لكن البرلمان الأذري عقد جلسات استماع مؤخراً حول غرب أذربيجان، وهو مصطلح وحدوي، بدأ الرئيس إلهام علييف يستخدمه علناً، ويرمز خصوصاً إلى منطقة سيونيك، حيث تقع بلدة تيغه.
ويدرك كل مواطن محلي أنه سيناله الأذى بطريقة ما. ويمسك صمويل، وهو راعٍ، بعصاه الطويلة ويرسم خريطة في ممر موحل، قائلاً: "هنا تقع أذربيجان وهنا تقع تركيا، وفقط منطقة سيونيك، حيث نحن الآن، تقع بينهما".
وصمويل الذي كان يملك قطيعاً من 500 غنمة، يقول إنه فقد أراضي الرعي بعد حرب 2020، وأجبر على بيع قطيعه باستثناء 30 غنمة. ويروي أنه فقد عيناً في القتال في التسعينات، عندما أصابت شظية الجزء الأيسر من وجهه. ويضيف أن أرمينيا مغلوب على أمرها من قبل أذربيجان وعدد من الحلفاء الدوليين بينهم روسيا. ويستطرد قائلاً: "قريباً لن يتبقى أي أرميني".
وكما يرى بنيامين بوغوسيان، الزميل الباحث في السياسة الخارجية في معهد أبحاث السياسات التطبيقية بأرمينيا، فإن فرار سكان قره باغ إلى أرمينيا قد يزيل عقبة أساسية أمام توقيع الدولتين على معاهدة سلام.
ورئيس البرلمان الأرميني سبق أن قال إن الجانبين يقتربان من "فرصة تاريخية للتوقيع على اتفاق سلام".
لكن بوغوسيان، يرى أن من المحتمل أن تتجرأ أذربيجان بعد انتصار قره باغ على المطالبة بمزيد من التنازلات، بما في ذلك الممر الموصل إلى ناخيتشفان.
وقال "إن تدمير قره باغ سيسمح لأذربيجان بتركيز كل قوتها-العسكرية والديبلوماسية والسياسية- على أرمينيا.. يمكنهم التوغل في اتجاه أو اثنين.. ومن ثم القول لأرمينيا إذا ما كانت تريد عودة القوات الأذرية إلى مواقعها قبل الحرب، فإنه يتعين عليها الموافقة على فتح الطرق لربط أذربيجان وناخيتشفان".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة قره باغ قره باغ
إقرأ أيضاً:
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه العسكر
في السوربون حيثُ كان يدرس مبتعثًا من الجامعة السورية بسبب تفوقه في كلية الحقوق وكلية الشريعة خلع معروف الدواليبي الجبة والعمامة التي كان يرتديها بصحبة رفيقه الأقرب مصطفى الزرقا، وارتدى البدلة الإفرنجية لكنه لم يخلع أفكاره ومبادئه وتوجهاته ولم يلبس أفكار الاستشراق بل كان دائم المجابهة لأفكار أساتذته المغلوطة عن الإسلام.
ومن شدة مجابهته للمغالطات الاستشراقية التي تثار في المحاضرات استدعته إدارة الجامعة وطالبته بكتابة أطروحته في المواضيع التي يثور فيها نقاش دائم بينه وبين أساتذته، فما كان منه إلا أن تقدم بأطروحة دكتوراه بعنوان "الاجتهاد في الشريعة الإسلامية" يرد فيها على كثيرٍ مما كان يدور من نقاشات بينه وبينهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"موجز تاريخ الحرب" كما يسطره المؤرخ العسكري غوين دايرlist 2 of 2محاكمة "الاستغراب".. قراءات نقدية متعددة لمشروع حسن حنفي الفكريend of listوهو يقول عن أطروحته هذه: "فُرض علي الموضوع من قِبل جامعة باريس، بعد أن نقدت الكثير مما جاء في كتبهم الجامعية".
وفي باريس كان الحاج أمين الحسيني مفتي القدس في السجن الفرنسي سببًا في أزمة بين فرنسا من جهة وأميركا وبريطانيا من جهة ثانية إذ كانت أميركا وبريطانيا تطالبان فرنسا بتسليمه لبريطانيا، لكن الدواليبي عمل جاهدًا على منع ذلك واستغل فرصة زيارة الملك المغربي محمد الخامس إلى باريس وتوسط له عن طريق أحد رجال الأعمال المغاربة وأقنعه بأن يطرح قضية تسليم الحسيني مع شارل ديغول، وفعلًا كان ذلك ووعد ديغول الملك المغربي بعدم تسليم الحاج أمين الحسيني.
الدوليبي كان له دور في الإفراج عن مفتي القدس أمين الحسيني (مواقع التواصل)بل أكثر من ذلك؛ فبعد إخراج الحاج أمين من السجن بأوامر من ديغول أقدمَ الدواليبي على مخاطرة كبيرة إذ قام بتزوير جواز سفر للحاج أمين الحسيني وضع عليه صورته ليقوم بتهريبه من فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى مصر على متن طائرة أميركية.
وبعد أن نال الدواليبي شهادة الدكتوراه من السوربون رجع إلى سوريا ليبدأ مرحلة جديدة من الحياة الزاخرة بالمشاكسات.
حلبي في البرلمانفي عام 1947م انتخب الدواليبي في البرلمان ممثلا لمدينته حلب وبقي محتفظًا بتمثيل حلب في البرلمان من تلك السنة حتى عام 1963م، أي حتى انقلاب البعث على الحكم.
وكان الدواليبي مرشح الإخوان المسلمين رغم أنه لم يكن على ارتباط تنظيمي معهم إلا أن صلته بهم كانت وثيقة واستمرت عقب ذلك.
في 1948 انقسمت الكتلة الوطنية التي ينتمي لها الدواليبي إلى حزبين مناطقيين هما: حزب الشعب في حلب وحزب الوطن في دمشق، وبناء على هذا التقسيم المناطقي كان الدواليبي أحد أعمدة حزب الشعب الحلبي مع رشدي الكخيا الذي خلف سعد الله الجابري في زعامة حلب، وبعد تشكيل حزب الشعب غدا الدواليبي يعمل باسمه وتحت لافتته وبذلك نال دعمًا كبيرًا أوصله إلى رئاسة البرلمان.
في مواجهة الانقلاب العسكريفي الشدائد تظهر معادن الرجال، وفي الانقلابات تظهر أصالة السياسيين ومبدئيتهم.
ومع بدء عصر الانقلابات أثبت الدواليبي معدنًا نادرًا وشراسة كبيرة في مواجهة الاستبداد العسكري.
أطاح حسني الزعيم بالحياة الدستورية بانقلاب عسكري وجمّد الحياة السياسية، واعتقل الرئيس شكري القوتلي، وأعلن حلّ الأحزاب، غير أن الدواليبي عندئذ أفصح عن نفسه وكشف عن شخصيته القيادية الفذة عندما أعلن باسم حزب الشعب رفضه للانقلاب ومجابهته لتعطيل الحياة السياسية.
حسني الزعيم أطاح بالحياة الدستورية في سوريا بانقلاب عسكري على الرئيس شكري القوتلي (مواقع التواصل)ما هي إلا أشهر قليلة حتى قام سامي الحناوي بانقلابه على حسني الزعيم بعد أن حشد الحزبان "الشعب والوطن" الرأي العام ضد الانقلاب وكان الدواليبي الأكثر تأثيرًا وحضورًا.
أعاد الحناوي الحياة السياسية لسوريا وأجريت انتخابات البرلمان ليفوز الدواليبي عن حلب مرة أخرى بدعم جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة البعثيين والشيوعيين، وشكل خالد العظم الحكومة ليكون الدواليبي وزيرًا للاقتصاد، ثم وزيرًا للدفاع فيها.
الشيخ الأحمربقي الدواليبي على عهد المشاكسة، ففي عام 1950م شهدت الوزارة أبرز موقف صعد فيه نجم الدواليبي دوليًّا بشكل كبير، وذلك في اجتماع رؤساء الوفود العربية في الدورة 12 للجامعة العربية حين أدلى بتصريح لجريدة المصري الوفدية التي نشرته بخط عريض على صفحتها الأولى وقال فيه:
"أعلن بصفتي الشخصية، لا بوصفي وزيرًا للدفاع، أنه في استمرار الضغط الأميركي على العرب، لجعلهم يسيرون في سياسة لن تنتهي إلا بتهويد بقية أبناء الأمة العربية، فإني أقترح إجراء استفتاء في العالم العربي، ليعرف الملأ ما إذا كان العرب يفضلون ألف مرة أن يصبحوا جمهورية سوفياتية، على أن يكونوا طعمة لليهود".
كان لهذا التصريح دوي كبير في المحافل الغربية وتناقلته الصحافة الأميركية والأوروبية بشكلٍ واسع مع إطلاق وصف "الشيخ الأحمر" على الدواليبي.
من جديد في مواجهة العسكرفي معركة انتخابية شرسة تعكس الصراع بين العسكر والسياسيين فاز الدواليبي برئاسة البرلمان على النائب عبد الباقي نظام الدين مرشح أديب الشيشكلي رئيس الأركان والشخصية العسكرية الأقوى في البلاد بفارق كبير في الأصوات، وأصبح رئيسًا للبرلمان عام 1951م.
كلف الرئيس هاشم الأتاسي معروف الدواليبي بتشكيل الحكومة، فيما رآه الشيشكلي استهدافًا مباشرًا له وللعسكر معه وتحديًا لسلطته وأعلن اعتراضه الصريح على تكليف الدواليبي برئاسة الوزراء.
لم يعبأ الدواليبي بهذا الاعتراض وشكل الوزارة وأعلن تولّيه وزارة الدفاع بنفسه، وفي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م وفي اليوم نفسه عقد اجتماع ضم الرئيس هاشم الأتاسي ورئيس الوزراء معروف الدواليبي مع رئيس الأركان أديب الشيشكلي الذي أعلن بشكل صريحٍ رفضه تولّي الدواليبي وزارة الدفاع، وطالب بحلّ الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تنسجم مع توجهات الجيش، وانتهى الاجتماع العاصف دون أن يرضخ الأتاسي أو الدواليبي لإملاءات الشيشكلي.
الدواليبي تعرض لتحقيق قاس في سجن المزة وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء (مواقع التواصل)في صباح اليوم التالي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م فاجأ أديب الشيشكلي الجميع بانقلاب عسكري جديد هو الانقلاب الرابع في تاريخ سوريا الحديث والانقلاب الثاني لأديب الشيشكلي، واعتقل رئيس الوزراء معروف الدواليبي وأعضاء الوزارة جميعًا ووضعهم في سجن المزة.
تعرض الدواليبي لتحقيقٍ قاسٍ في سجن المزة، وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء، لكنه رفض ذلك وأبى أن يقدم أية وثيقة تدل على رضوخه للانقلاب العسكري أو قبوله به.
ولم تملك سلطات الانقلاب إلا إخراجه بعد بضعة أشهر من السجن إلى الحدود اللبنانية ليغادر البلاد حتى إسقاط انقلاب أديب الشيشكلي عام 1954م والذي كان أول انقلاب يسلم قادته الحكم فيه لسلطة مدنية فيما عُرف بربيع الديمقراطية، وعاد الرئيس هاشم الأتاسي ليكمل فترته الرئاسية، وكلف صبري العسلي بتشكيل الوزارة ليكون معروف الدواليبي وزير الدفاع فيها.
وهكذا تقلب الدواليبي في الوزارات؛ فكان وزير الخارجية في حكومة ما بعد الانفصال وأثبت كفاية كبيرة وقيادة شجاعة لافتة لأنظار الشعوب العربية كلها لما كان يتمتع به من جرأة في الموقف وتبنٍٍّ لقضايا الأمة وتطلعات شعوبها وعلى رأسها قضية فلسطين.
إلى أن وقع الانقلاب البعثي عام 1963م وأيقن الدواليبي أن سوريا دخلت نفقًا مظلمًا طويل الأمد، وأنها غدت مكانًا غير آمن له غادرها لتنتهي حقبةُ الدواليبي في صناعة التاريخ السوري ليستقبلَ حياة سياسية بعيدة عن سوريا، ومنذ عام 2004م يرقد الدواليبي في البقيع في المدينة المنورة عقب 94 سنة كانت تاريخ وطن توّاق للحرية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.